ستاينبك (جون ـ)
(1902 ـ 1968)
ولد الروائي الأمريكي جون ستاينبك (شتاينبك) John Steinbeck في بلدة سَلايناس Salinas في كاليفورنيا، وكان الابن الثالث والذكر الوحيد بين أربعة أطفال لعائلة من الطبقة الوسطى المحافظة. كان والداه يؤمنان بتثقيف أطفالهما، فارتادوا المسرح بصحبتهم، واقتنوا كثيراً من الأعمال الأدبية، فقرأ جون في طفولته «موت آرثر» Morte d’ Arthur لمالوري[ر] Malory فكان لها أكبر الأثر في حياته الأدبية. درس الأدب الإنكليزي في جامعة ستانفورد دون الحصول على الدرجة الجامعية. تزوج ثلاث مرات كان آخرها من إلين سكوت Elaine Scott عام 1950 ورزقا بولدين. توفي في نيويورك حيث كان يعيش من وقت لآخر منذ عام 1944، ودفن في مسقط رأسه.
ظهر اهتمام ستاينبك بالقراءة والكتابة في سن مبكرة، إذ بدأ محرراً لصحيفة مدرسته الثانوية وكتب فيها عدة مقالات وقصصاً قصيرة نالت إعجاب أساتذته. واستمر في الكتابة في الجامعة ونشر مقالات في مجلة «ستانفورد سبكتيتر»Stanford Spectator. كان ستاينبك شخصاً كثير البحث والتجوال، فلقد عمل بعد دراسته الثانوية في مهن مختلفة، وسافر متجولاً في وادي سَلايناس، مما أكسبه خبرة في الحياة انعكست في رواياته.
احترف ستاينبك الكتابة عام 1927ونُشرت أول مقالة له في مجلة «سموكرز كومبانيون» The Smoker’s Companion. نشر روايته الأولى «كأس من ذهب» Cup of Gold عام 1929، لكنه لم يستطع أن يكسب عيشه من الكتابة. ونشر روايته «تورتيّا فلات» (1935) Tortilla Flatبعد أن رُفضت من قبل عدة ناشرين. والرواية مجموعة قصص محكية من قبل سكان المنطقة من المكسيكيين. ثم نشر رواية «عن الفئران والرجال» (1937) Of Mice and Men، وهي واحدة من ثلاث روايات أطلق عليها ستاينبك اسم «روايات مسرحية»، وقال: إنها محاولة لكتابة رواية يمكن تمثيلها أو مسرحية يمكن قراءتها. وكانت مسرحية ناجحة، تكرر عرضها في مسرح ميوزيك بوكس Music Box في نيويورك مئتين وسبع مرات، تتحدث عن صداقة بين رجلين مختلفين تماماً، يتصرف أحدهما كأب للآخر الذي يمتلك عقلية طفل وجسد رجل، فيبقى بحاجة للمراقبة والحنان والعطف. ويُظهر ستاينبك بعمق وتحليل نافذ مشكلة التناقض بين الحالة العقلية المتخلفة لدى شخصية ليني Lennie وقوته الجسدية. وبالأسلوب نفسه كتب «الاحتراق الساطع» (1950) Burning Bright التي لم تلق نجاحاً يُذكر.
كانت «عناقيد الغضب» (1939)Grapes of Wrath من أهم روايات ستاينبك، ونال عليها جائزة بوليتزر وجائزة الكتاب الوطنية. وهي رواية ملحمية تحكي قصة أجيال من عائلة كبيرة عانت الفقر في فترة الركود الاقتصادي depression في الولايات المتحدة، فقررت أن تهاجر إلى كاليفورنيا التي طالما حلمت بها، لكنها تكتشف أن الحياة هناك أشد قسوة، إذ تتعرض للخداع والاستغلال. فموضوع الرواية هو الصراع من أجل العيش، مقدماً في إطار سياسي اجتماعي إنساني. كما اشتهرت له رواية «اللؤلؤة» (1947) The Pearl التي أصبحت جزءاً من المناهج الدراسية نظراً لموضوعها الأخلاقي الوعظي الرفيع، إذ تتحدث عن كينو Kino الغطاس المكسيكي الفقير الذي يصطاد لؤلؤة ثمينة تغير مجرى حياته، فيبدأ الناس بالاهتمام بابنته المريضة بسبب اللؤلؤة، ويسيطر الطمع عليه فيخسر ابنته في النهاية ويرمي اللؤلؤة في البحر إلى غير رجعة. وقد استخدم ستاينبك مسقط رأسه والرحلات التي قام بها خلفية لأهم رواياته، فركز على تلك الطبقة الكادحة من العمال المكسيكيين الموسميين ليثير يقظة الشعب الأمريكي تجاه الفقراء المعدمين الذين يعملون في الأرض، ويهاجرون من ولاية إلى أخرى طلباً للرزق، فيقعون فريسةً في معسكرات تجمع المهاجرين، حيث يُستغلون كأيدٍ عاملة رخيصة، ولكنهم يتمكنون بتماسكهم من التغلب على محنتهم. ولقد عالجت روايته «شتاء سخطنا» (1961) The Winter of Our Discontent الموضوع نفسه، إلا أنها لم تلق النجاح الذي حظيت به «عناقيد الغضب»، لكنها عدّت من الروايات المهمة التي أظهرت بجلاء معرفة ستاينبك العميقة والواسعة بمجتمعه وتصويره النافذ لتدهور القيم الإنسانية والأخلاقية فيه. ومن مؤلفاته الأخرى الروايتان: «شرقي عَدْن» East of Eden، و«عاش زاباتا» (1952) Viva Zapata ، أما «بحر كورتِز» (1942) Sea of Cortez، و«يوميات روسية» (1948) A Russian Journal ، و«رحلات مع تشارلي في البحث عن أمريكا» (1962) Travels with Charley in Search of America فتُصنّف في أدب الرحلات.
انخرط ستاينبك في أواسط حياته في العمل السياسي، فعمل مراسلاً صحفياً لصحيفة» نيويورك هيرالد تريبيون» New York Herald Tribune في أثناء الحرب العالمية الثانية، فكتب عدة مقالات وروايتين عن الحرب، لكنهما لم تعدا من أفضل أعماله، ثم كتب رواية «شارع السردين المعلب» (1945) Cannery Row التي صاغها في ستة أسابيع. اتجه بعد ذلك إلى كتابة حوارات (سيناريوهات) لأفلام سينمائية حققت نجاحاً كبيراً.
وصف ستاينبك بأنه كاتب اجتماعي وواقعي، يضمّن أعماله الكثير من الموضوعات المهمة مثل: التماسك العائلي والاجتماعي والاحتجاج الاجتماعي والسياسي، وتأثير البيئة بكل أشكالها في الإنسان. وقد أعلن في خطابه عند تسلمه جائزة نوبل عام 1962 هدفه كروائي بقوله: «إن المهمة الأساسية للكاتب لم ولن تتغير، فواجبه أن يظهر أخطاءنا المؤلمة وفشلنا في التركيز على أحلامنا الجريئة بهدف الإصلاح».
عندما توفي جون ستاينبك كان واحداً من أكثر الروائيين الأمريكيين شعبية وشهرة، فقد كان لأعماله تأثير عميق في مجتمعه، وحولت معظم رواياته إلى أفلام سينمائية لاقت نجاحاً كبيراً. وكتب عنه الناقد جيه باريني Jay Parini الذي كتب سيرته الذاتية قائلاً: «إنه الكاتب الذي يبقى باستمرار مصدر اهتمام القراء والمثقفين في جميع العصور ومن جميع المستويات».
ريما الحكيم
(1902 ـ 1968)
ولد الروائي الأمريكي جون ستاينبك (شتاينبك) John Steinbeck في بلدة سَلايناس Salinas في كاليفورنيا، وكان الابن الثالث والذكر الوحيد بين أربعة أطفال لعائلة من الطبقة الوسطى المحافظة. كان والداه يؤمنان بتثقيف أطفالهما، فارتادوا المسرح بصحبتهم، واقتنوا كثيراً من الأعمال الأدبية، فقرأ جون في طفولته «موت آرثر» Morte d’ Arthur لمالوري[ر] Malory فكان لها أكبر الأثر في حياته الأدبية. درس الأدب الإنكليزي في جامعة ستانفورد دون الحصول على الدرجة الجامعية. تزوج ثلاث مرات كان آخرها من إلين سكوت Elaine Scott عام 1950 ورزقا بولدين. توفي في نيويورك حيث كان يعيش من وقت لآخر منذ عام 1944، ودفن في مسقط رأسه.
ظهر اهتمام ستاينبك بالقراءة والكتابة في سن مبكرة، إذ بدأ محرراً لصحيفة مدرسته الثانوية وكتب فيها عدة مقالات وقصصاً قصيرة نالت إعجاب أساتذته. واستمر في الكتابة في الجامعة ونشر مقالات في مجلة «ستانفورد سبكتيتر»Stanford Spectator. كان ستاينبك شخصاً كثير البحث والتجوال، فلقد عمل بعد دراسته الثانوية في مهن مختلفة، وسافر متجولاً في وادي سَلايناس، مما أكسبه خبرة في الحياة انعكست في رواياته.
احترف ستاينبك الكتابة عام 1927ونُشرت أول مقالة له في مجلة «سموكرز كومبانيون» The Smoker’s Companion. نشر روايته الأولى «كأس من ذهب» Cup of Gold عام 1929، لكنه لم يستطع أن يكسب عيشه من الكتابة. ونشر روايته «تورتيّا فلات» (1935) Tortilla Flatبعد أن رُفضت من قبل عدة ناشرين. والرواية مجموعة قصص محكية من قبل سكان المنطقة من المكسيكيين. ثم نشر رواية «عن الفئران والرجال» (1937) Of Mice and Men، وهي واحدة من ثلاث روايات أطلق عليها ستاينبك اسم «روايات مسرحية»، وقال: إنها محاولة لكتابة رواية يمكن تمثيلها أو مسرحية يمكن قراءتها. وكانت مسرحية ناجحة، تكرر عرضها في مسرح ميوزيك بوكس Music Box في نيويورك مئتين وسبع مرات، تتحدث عن صداقة بين رجلين مختلفين تماماً، يتصرف أحدهما كأب للآخر الذي يمتلك عقلية طفل وجسد رجل، فيبقى بحاجة للمراقبة والحنان والعطف. ويُظهر ستاينبك بعمق وتحليل نافذ مشكلة التناقض بين الحالة العقلية المتخلفة لدى شخصية ليني Lennie وقوته الجسدية. وبالأسلوب نفسه كتب «الاحتراق الساطع» (1950) Burning Bright التي لم تلق نجاحاً يُذكر.
كانت «عناقيد الغضب» (1939)Grapes of Wrath من أهم روايات ستاينبك، ونال عليها جائزة بوليتزر وجائزة الكتاب الوطنية. وهي رواية ملحمية تحكي قصة أجيال من عائلة كبيرة عانت الفقر في فترة الركود الاقتصادي depression في الولايات المتحدة، فقررت أن تهاجر إلى كاليفورنيا التي طالما حلمت بها، لكنها تكتشف أن الحياة هناك أشد قسوة، إذ تتعرض للخداع والاستغلال. فموضوع الرواية هو الصراع من أجل العيش، مقدماً في إطار سياسي اجتماعي إنساني. كما اشتهرت له رواية «اللؤلؤة» (1947) The Pearl التي أصبحت جزءاً من المناهج الدراسية نظراً لموضوعها الأخلاقي الوعظي الرفيع، إذ تتحدث عن كينو Kino الغطاس المكسيكي الفقير الذي يصطاد لؤلؤة ثمينة تغير مجرى حياته، فيبدأ الناس بالاهتمام بابنته المريضة بسبب اللؤلؤة، ويسيطر الطمع عليه فيخسر ابنته في النهاية ويرمي اللؤلؤة في البحر إلى غير رجعة. وقد استخدم ستاينبك مسقط رأسه والرحلات التي قام بها خلفية لأهم رواياته، فركز على تلك الطبقة الكادحة من العمال المكسيكيين الموسميين ليثير يقظة الشعب الأمريكي تجاه الفقراء المعدمين الذين يعملون في الأرض، ويهاجرون من ولاية إلى أخرى طلباً للرزق، فيقعون فريسةً في معسكرات تجمع المهاجرين، حيث يُستغلون كأيدٍ عاملة رخيصة، ولكنهم يتمكنون بتماسكهم من التغلب على محنتهم. ولقد عالجت روايته «شتاء سخطنا» (1961) The Winter of Our Discontent الموضوع نفسه، إلا أنها لم تلق النجاح الذي حظيت به «عناقيد الغضب»، لكنها عدّت من الروايات المهمة التي أظهرت بجلاء معرفة ستاينبك العميقة والواسعة بمجتمعه وتصويره النافذ لتدهور القيم الإنسانية والأخلاقية فيه. ومن مؤلفاته الأخرى الروايتان: «شرقي عَدْن» East of Eden، و«عاش زاباتا» (1952) Viva Zapata ، أما «بحر كورتِز» (1942) Sea of Cortez، و«يوميات روسية» (1948) A Russian Journal ، و«رحلات مع تشارلي في البحث عن أمريكا» (1962) Travels with Charley in Search of America فتُصنّف في أدب الرحلات.
انخرط ستاينبك في أواسط حياته في العمل السياسي، فعمل مراسلاً صحفياً لصحيفة» نيويورك هيرالد تريبيون» New York Herald Tribune في أثناء الحرب العالمية الثانية، فكتب عدة مقالات وروايتين عن الحرب، لكنهما لم تعدا من أفضل أعماله، ثم كتب رواية «شارع السردين المعلب» (1945) Cannery Row التي صاغها في ستة أسابيع. اتجه بعد ذلك إلى كتابة حوارات (سيناريوهات) لأفلام سينمائية حققت نجاحاً كبيراً.
وصف ستاينبك بأنه كاتب اجتماعي وواقعي، يضمّن أعماله الكثير من الموضوعات المهمة مثل: التماسك العائلي والاجتماعي والاحتجاج الاجتماعي والسياسي، وتأثير البيئة بكل أشكالها في الإنسان. وقد أعلن في خطابه عند تسلمه جائزة نوبل عام 1962 هدفه كروائي بقوله: «إن المهمة الأساسية للكاتب لم ولن تتغير، فواجبه أن يظهر أخطاءنا المؤلمة وفشلنا في التركيز على أحلامنا الجريئة بهدف الإصلاح».
عندما توفي جون ستاينبك كان واحداً من أكثر الروائيين الأمريكيين شعبية وشهرة، فقد كان لأعماله تأثير عميق في مجتمعه، وحولت معظم رواياته إلى أفلام سينمائية لاقت نجاحاً كبيراً. وكتب عنه الناقد جيه باريني Jay Parini الذي كتب سيرته الذاتية قائلاً: «إنه الكاتب الذي يبقى باستمرار مصدر اهتمام القراء والمثقفين في جميع العصور ومن جميع المستويات».
ريما الحكيم