اجازه
Al-ejaza - Al-ejaza
الإجازة
الإجازة: لغة: الإذن، والاستجازة: طلب طالب العلم من أستاذه، وشيخه أن يجيزه بمسموعياته ومروياته، التي حصل عليها، وأن يأذن له بالنقل عنه، فالطالب مجازٌ له، والأستاذ مجيزٌ.
ولاتمنح الإجازة إلا لماهر في صنعته، أو متقن لمعارفه. وينبغي للمجيز (أو من أنابه) أن يكتب الإجازة، أو يصدق على صحتها، أو يتلفظ بها «أمام شهود» أو يقتصر على الكتابة «مراسلة» مع قصد الإجازة.
تطور الإجازة:
اعتمد العرب في جاهليتهم على «الرواية» والاستظهار لأشعارهم وأنسابهم، وأخبارهم. شأنهم شأن الأمم المجاورة لهم.
وفي أواخر العهد الأموي، ومطلع العهد العباسي،حين بدأ العرب تدوين علومهم وآدابهم حتى منتصف القرن الثاني، كان للرواية السيادة في آداب الجاهلية وآداب صدر الإسلام.
وكان الشعر ديوان العرب يحمله الرواة ويستظهرونه، ويستصوبونه، ويتزيدون فيه أحياناً. وكان رواة الشعر يستجيزون الشعراء رواية شعرهم، وأغلب الرواة شعراء مجيدون، مثل «زهير بن أبي سلمى» و«الحطيئة» و«أبي ذؤيب» وغيرهم (الشكل 1).
وكانت الرواية وسيلة لتناقل الأخبار، والأنساب. وتتبع الحدث وفصيح للغة. وقد اهتم الناس بالرواة، وتتبعوا أنباءهم. حتى إن معاوية بن أبي سفيان دعا إليه عبيد بن شرية الجرهمي المعمر ليدون أخبار من سلف.
وكذلك فاخرت العرب بأنسابها. وتخصص أناس برواية الأنساب. كأبي بكر الصديق، وعقيل بن أبي طالب، ودغفل النسابة، أما رواة القرآن، وحفظته في صدر الإسلام فهم كثيرون كزيد بن ثابت ومعاذ بن جبل وأبيِّ بن كعب وأبي الدرداء وعبد الله بن مسعود وأنس بن مالك وعبد الله بن عباس والخلفاء الراشدين وغيرهم. فلما قل عددهم في مجاهدة الأعداء جمعت المصاحف واستنسخت ووزعت في الأمصار، ومنع الناس من القراءة غيباً إلا من أجيز.
ولم يدون الحديث الشريف في زمن الرسول وصدر الإسلام، خوفاً من اختلاط ألفاظه بألفاظ القرآن. قال الرسولe: «لاتكتبوا عني شيئاً إلا القرآن. ومن كتب عني شيئاً غير القرآن فليمحه». وكتب بعض الصحابة كعبد الله بن عمر الحديث النبوي كما سمعه.
وكان الناس يتناقلون الحديث، ولهذا كثرت الأحاديث الكاذبة والموضوعة أو المروية على المعنى لا بألفاظ النبي e، فانبرى لجمع الأحاديث الصحيحة علماء غيورون، ووضعوا قواعد أصول الحديث، والجرح، والتعديل، ومناهج رواية الحديث وأصوله وأسانيده.
وكذلك اللغة فكان العرب في الجاهلية وصدر الإسلام، فصحاء السجية إلى أن خالطهم الأعاجم وسكان المدن، وكثر النحل فيهم. فراح علماء اللغة يدونون فصيحها، ويقعِّدون قواعدها وعلومها ويدرسونها طلابهم ومريديهم ويجيزونهم بالنقل عن الأساتذة والشيوخ والتعلم منهم.
واتخذ العلماء والأدباء نساخاً لهم يملون عليهم من معارفهم، ويجيزونهم بالنسخ، والكتابة، كالجاحظ (ت 255هـ) الذي قدم للوزير العباسي عبد الملك بن الزيات نسخة من كتاب سيبويه كتبها الفراء وقابلها الكسائي. وصححها الجاحظ بنفسه. وكان حنين بن إسحاق كاتب أجازه يعرف بالأزرق، كما كتب الربيع بن سليمان لأستاذه الإمام الشافعي (ت 204هـ) كتاب الرسالة، وكتب الجوزجاني لأستاذه الرئيس ابن سينا بعض كتبه التي أملاها عليه. وكثرت الإجازات، والسماعات في القرن السادس الهجري، والسابع الهجري، لكثرة نشوء المدارس ودور الحديث والقرآن، وخاصة في بلاد الشام ومصر، ومثل ذلك الإجازة بالإفتاء والتدريس.
أما المهن والحرف فقد دعت الضرورة إلى إعطاء الأطباء والصيادلة إجازة بممارسة هذه المهنة ومراقبتها لخطورة ممارسة هذه المهنة سياسياً واجتماعياً وصحياً.
وقد لجأ بعض الخلفاء العباسيين إلى إنشاء فرق لمرافقتهم سمّوا بالفتيان كما لاحظ الرحالة ابن بطوطة، وكانوا منقسمين أقساماً وفق حرفهم: كالحلاقين والبزازين وغيرهم، ولكل فئة منهم «شيخ كار» يشرف عليهم، ويعطونه من كسبهم. ولهم زاوية لطيفة يجتمعون فيها. ولايمارس أحد منهم مهنته إلا بإجازة من «شيخ الكار» والمعروف أن العرب سبقوا الغرب في مفهوم الإجازة وأهميتها بزمن طويل.
وظل منح الإجازات العلمية في أوربة بيد الكرسي البابوي حصراً، حتى القرن الثالث عشر الميلادي، حين منح البابا غريغوريوس التاسع جامعة باريس إعفاءات عدة، ومنها: الحق في منح الإجازة العلمية، ووضع الأنظمة من قبل الأساتذة. وكان للحروب الصليبية دور في نقل كثير من العلوم الإسلامية، وتقاليد الفروسية والفتوة، ونظام الحرف والمهن، المتبع في المشرق إلى أوربة. كما كان لحضارة الأندلس دور في منح الإجازات العلمية من جامعاتها لعدد من الباباوات والعلماء الأوربيين الذين درسوا في معاهدها ومساجدها، ومن أشهر المدارس التي كانت تمنح مثل هذه الإجازات: المدرسة العمرية في دمشق، والجامع الأزهر، وبيت الحكمة في القاهرة، والمدرسة النظامية والمدرسة المستنصرية في بغداد، ومسجد القيروان في تونس، وجامع الزيتونة في تونس، وجامع القرويين في فاس ومسجد قرطبة في الأندلس، وكذلك المدرسة العصرونية والمسجد الأموي بدمشق، ومدارس بخارى وسمرقند ونيسابور ومساجدها، وغيرها كثير في العالم الإسلامي. وقد تطورت الإجازات في العصر الحديث حتى أصبحت كلمة «إجازة نامة» في اللغة الحديثة تدل على الشهادات الدراسية، وكثر التخصص في العلوم والفنون والآداب والطب والصيدلة وغيرها. وأصبحت الإجازة التربوية والتعليمية ضرورة في التربية، والتعليم لتأهيل حاملها للتعليم خاصة.
وهناك «الإجازة المطلقة الحرة» التي لايستهدف حاملها مهنة التعليم: كالحقوق والعلوم السياسية والاقتصادية وغيرها. وهناك إجازة لممارسة المحاماة، والمرافعة أمام المحاكم.
والإجازة درجة ضرورية للحصول على شهادات الدراسات العليا. وهي «دبلوم الدراسات العليا» و«الماجستير» و«دكتوراه الحلقة الثالثة» ثم الدكتوراه. والنظام المتبع في سورية لمنح الإجازات الجامعية أن مدتها الدراسية أربع سنوات بعد الثانوية العامة في العلوم النظرية والإنسانية، أما الهندسة بأنواعها والصيدلة فمدتها خمس سنوات دراسية بعد الثانوية العامة، والطبابة ست سنوات، ويشترط بعد الحصول على الإجازة سنتان للدراسات العليا (الماجستير) في سائر العلوم والآداب، وسنة للدبلوم التربوي. كما يشترط سنتان على الأقل بعد الحصول على دبلوم الدراسات العليا (الماجستير) للدكتوراه العلمية والأدبية. ولايحق الحصول على شهادات الدراسات العليا إلا بعد الحصول على الإجازة الدراسية. وتعادل الإجازة السورية في مواد الآداب والعلوم والتربية في النظام التعليمي الأنكلو سكسوني شهادة «معلم علوم» (Master of Art) M.A.
Al-ejaza - Al-ejaza
الإجازة
الإجازة: لغة: الإذن، والاستجازة: طلب طالب العلم من أستاذه، وشيخه أن يجيزه بمسموعياته ومروياته، التي حصل عليها، وأن يأذن له بالنقل عنه، فالطالب مجازٌ له، والأستاذ مجيزٌ.
ولاتمنح الإجازة إلا لماهر في صنعته، أو متقن لمعارفه. وينبغي للمجيز (أو من أنابه) أن يكتب الإجازة، أو يصدق على صحتها، أو يتلفظ بها «أمام شهود» أو يقتصر على الكتابة «مراسلة» مع قصد الإجازة.
تطور الإجازة:
اعتمد العرب في جاهليتهم على «الرواية» والاستظهار لأشعارهم وأنسابهم، وأخبارهم. شأنهم شأن الأمم المجاورة لهم.
(الشكل -1) |
وكان الشعر ديوان العرب يحمله الرواة ويستظهرونه، ويستصوبونه، ويتزيدون فيه أحياناً. وكان رواة الشعر يستجيزون الشعراء رواية شعرهم، وأغلب الرواة شعراء مجيدون، مثل «زهير بن أبي سلمى» و«الحطيئة» و«أبي ذؤيب» وغيرهم (الشكل 1).
وكانت الرواية وسيلة لتناقل الأخبار، والأنساب. وتتبع الحدث وفصيح للغة. وقد اهتم الناس بالرواة، وتتبعوا أنباءهم. حتى إن معاوية بن أبي سفيان دعا إليه عبيد بن شرية الجرهمي المعمر ليدون أخبار من سلف.
وكذلك فاخرت العرب بأنسابها. وتخصص أناس برواية الأنساب. كأبي بكر الصديق، وعقيل بن أبي طالب، ودغفل النسابة، أما رواة القرآن، وحفظته في صدر الإسلام فهم كثيرون كزيد بن ثابت ومعاذ بن جبل وأبيِّ بن كعب وأبي الدرداء وعبد الله بن مسعود وأنس بن مالك وعبد الله بن عباس والخلفاء الراشدين وغيرهم. فلما قل عددهم في مجاهدة الأعداء جمعت المصاحف واستنسخت ووزعت في الأمصار، ومنع الناس من القراءة غيباً إلا من أجيز.
ولم يدون الحديث الشريف في زمن الرسول وصدر الإسلام، خوفاً من اختلاط ألفاظه بألفاظ القرآن. قال الرسولe: «لاتكتبوا عني شيئاً إلا القرآن. ومن كتب عني شيئاً غير القرآن فليمحه». وكتب بعض الصحابة كعبد الله بن عمر الحديث النبوي كما سمعه.
وكان الناس يتناقلون الحديث، ولهذا كثرت الأحاديث الكاذبة والموضوعة أو المروية على المعنى لا بألفاظ النبي e، فانبرى لجمع الأحاديث الصحيحة علماء غيورون، ووضعوا قواعد أصول الحديث، والجرح، والتعديل، ومناهج رواية الحديث وأصوله وأسانيده.
وكذلك اللغة فكان العرب في الجاهلية وصدر الإسلام، فصحاء السجية إلى أن خالطهم الأعاجم وسكان المدن، وكثر النحل فيهم. فراح علماء اللغة يدونون فصيحها، ويقعِّدون قواعدها وعلومها ويدرسونها طلابهم ومريديهم ويجيزونهم بالنقل عن الأساتذة والشيوخ والتعلم منهم.
واتخذ العلماء والأدباء نساخاً لهم يملون عليهم من معارفهم، ويجيزونهم بالنسخ، والكتابة، كالجاحظ (ت 255هـ) الذي قدم للوزير العباسي عبد الملك بن الزيات نسخة من كتاب سيبويه كتبها الفراء وقابلها الكسائي. وصححها الجاحظ بنفسه. وكان حنين بن إسحاق كاتب أجازه يعرف بالأزرق، كما كتب الربيع بن سليمان لأستاذه الإمام الشافعي (ت 204هـ) كتاب الرسالة، وكتب الجوزجاني لأستاذه الرئيس ابن سينا بعض كتبه التي أملاها عليه. وكثرت الإجازات، والسماعات في القرن السادس الهجري، والسابع الهجري، لكثرة نشوء المدارس ودور الحديث والقرآن، وخاصة في بلاد الشام ومصر، ومثل ذلك الإجازة بالإفتاء والتدريس.
أما المهن والحرف فقد دعت الضرورة إلى إعطاء الأطباء والصيادلة إجازة بممارسة هذه المهنة ومراقبتها لخطورة ممارسة هذه المهنة سياسياً واجتماعياً وصحياً.
وقد لجأ بعض الخلفاء العباسيين إلى إنشاء فرق لمرافقتهم سمّوا بالفتيان كما لاحظ الرحالة ابن بطوطة، وكانوا منقسمين أقساماً وفق حرفهم: كالحلاقين والبزازين وغيرهم، ولكل فئة منهم «شيخ كار» يشرف عليهم، ويعطونه من كسبهم. ولهم زاوية لطيفة يجتمعون فيها. ولايمارس أحد منهم مهنته إلا بإجازة من «شيخ الكار» والمعروف أن العرب سبقوا الغرب في مفهوم الإجازة وأهميتها بزمن طويل.
وظل منح الإجازات العلمية في أوربة بيد الكرسي البابوي حصراً، حتى القرن الثالث عشر الميلادي، حين منح البابا غريغوريوس التاسع جامعة باريس إعفاءات عدة، ومنها: الحق في منح الإجازة العلمية، ووضع الأنظمة من قبل الأساتذة. وكان للحروب الصليبية دور في نقل كثير من العلوم الإسلامية، وتقاليد الفروسية والفتوة، ونظام الحرف والمهن، المتبع في المشرق إلى أوربة. كما كان لحضارة الأندلس دور في منح الإجازات العلمية من جامعاتها لعدد من الباباوات والعلماء الأوربيين الذين درسوا في معاهدها ومساجدها، ومن أشهر المدارس التي كانت تمنح مثل هذه الإجازات: المدرسة العمرية في دمشق، والجامع الأزهر، وبيت الحكمة في القاهرة، والمدرسة النظامية والمدرسة المستنصرية في بغداد، ومسجد القيروان في تونس، وجامع الزيتونة في تونس، وجامع القرويين في فاس ومسجد قرطبة في الأندلس، وكذلك المدرسة العصرونية والمسجد الأموي بدمشق، ومدارس بخارى وسمرقند ونيسابور ومساجدها، وغيرها كثير في العالم الإسلامي. وقد تطورت الإجازات في العصر الحديث حتى أصبحت كلمة «إجازة نامة» في اللغة الحديثة تدل على الشهادات الدراسية، وكثر التخصص في العلوم والفنون والآداب والطب والصيدلة وغيرها. وأصبحت الإجازة التربوية والتعليمية ضرورة في التربية، والتعليم لتأهيل حاملها للتعليم خاصة.
وهناك «الإجازة المطلقة الحرة» التي لايستهدف حاملها مهنة التعليم: كالحقوق والعلوم السياسية والاقتصادية وغيرها. وهناك إجازة لممارسة المحاماة، والمرافعة أمام المحاكم.
والإجازة درجة ضرورية للحصول على شهادات الدراسات العليا. وهي «دبلوم الدراسات العليا» و«الماجستير» و«دكتوراه الحلقة الثالثة» ثم الدكتوراه. والنظام المتبع في سورية لمنح الإجازات الجامعية أن مدتها الدراسية أربع سنوات بعد الثانوية العامة في العلوم النظرية والإنسانية، أما الهندسة بأنواعها والصيدلة فمدتها خمس سنوات دراسية بعد الثانوية العامة، والطبابة ست سنوات، ويشترط بعد الحصول على الإجازة سنتان للدراسات العليا (الماجستير) في سائر العلوم والآداب، وسنة للدبلوم التربوي. كما يشترط سنتان على الأقل بعد الحصول على دبلوم الدراسات العليا (الماجستير) للدكتوراه العلمية والأدبية. ولايحق الحصول على شهادات الدراسات العليا إلا بعد الحصول على الإجازة الدراسية. وتعادل الإجازة السورية في مواد الآداب والعلوم والتربية في النظام التعليمي الأنكلو سكسوني شهادة «معلم علوم» (Master of Art) M.A.