ماليزيا (ادب في)
Malaysia - Malaisie
ماليزيا
ماليزيا Malaysia هي إحدى دول جنوب شرقي آسيا، مساحتها 329750 كم2، وعدد سكانها 25200000 نسمة عام 2003، عاصمتها كوالا لامبور Kuala Lumpur. تقع على بعد 200كم تقريباً شمال خط الاستواء. وتتجاور ماليزيا في حدودها البرية مع مملكة بروناي Brunei من جهة (381 كم)، ومع إندونيسيا (1178 كم) ومع تايلاند ( 506 كم). ويبلغ طول سواحلها 4675كم. تعد ماليزيا مملكة دستورية فدرالية مؤلفة من ثلاث ولايات فدرالية ومن 13 إقليماً يطلق على كل منها اسماً محلياً هو نيغري Negeri. وهي عضو في منظمة أمم جنوب شرق آسيا ASEAN. الملك الحالي هو تنكوسيد سراج الدين T.S.Sirajuddin ورئيس وزرائه عبد الله أحمد بدوي A.A.Badawi (2005).
لمحة تاريخية:
كانت شبه الجزيرة الماليزية منذ عصور ما قبل التاريخ والعصر البرونزي معبراً ومستقراً لعدة شعوب تعيش على الجمع والالتقاط أو على الزراعة المتنقلة فوق الأرض المحروقة brûlis، كما كانت ماليزيا على مر العصور مفترقاً تاريخياً مهماً تلاقت فيه أهم حضارات جنوب شرق آسيا الهندية والصينية والعربية الإسلامية. فقد تأثرت ماليزيا بالحضارة الهندية وتفاعلت معها منذ فجر التاريخ وحتى القرن الرابع عشر الميلادي، شأنها في ذلك شأن كمبوديا وجاوة. كما كان للحضارة العربية الإسلامية، منذ مطلع القرن الرابع عشر، دور كبير طبع بطابعه الخاص جوانب كثيرة من الحضارة الماليزية، يدل على ذلك العثور على بعض الكتابات المدونة بأحرف عربية تعود إلى عام 1303م، كما تم على يدهم تأسيس مدينة «مَلَقَة» Malacca التي أضحت أهم الموانئ في جنوبي البلاد واعتنق أميرها الدين الإسلامي واتخذ لنفسه لقب سلطان Sultan. وفي عام 1511م سقطت مدينة ملقة في أيدي البرتغاليين ثم سيطر عليها الهولنديون عام 1641م، وأخيراً وقعت تحت سيطرة التاج البريطاني عام 1795، ومع ذلك فقد ظلت تجارة البلاد في أيدي التجار الآسيويين من أصول مختلفة وخاصة العرب منهم، واحتلها اليابانيون بين عامي 1941- 1945م خلال الحرب الثانية. ثم أنشأ البريطانيون اتحاد الملايو (الذي ضم تسع سلطنات ماليزية)، وأخيراً نالت استقلالها ضمن مجموعة الكومنولث (رابطة الشعوب البريطانية) عام 1957.
والجدير بالذكر أن ماليزيا لا تتمتع بوحدة جغرافية واضحة المعالم، ذلك لأنها تضم مجموعتين متباينتين تبايناً كبيراً في عدد السكان هما:
- المجموعة الأولى: يطلق عليها اسم ماليزيا الغربية وتشمل شبه الجزيرة الماليزية (الملايو)، مساحتها 131000كم وعدد سكانها نحو 20 مليون نسمة.
- المجموعة الثانية: ويطلق عليها اسم ماليزيا الشرقية وتشمل سراواك Sarawak و صباح Sabah اللتين تمثلان الجزء الشمالي من جزيرة بورنيو Borneo، ولايزيد عدد سكان هذه المجموعة على 5 مليون نسمة.
وقد ظلت جميع الأجزاء المكونة لماليزيا فترة طويلة من الزمان مأهولة بأعداد قليلة من السكان الأصليين البدائيين، ويؤلف السكان الأصليون في الوقت الحاضر نحو 50% من سكان البلاد، إضافة إلى أعداد أخرى من أصول إندونيسية وهندية وصينية وعربية وغيرها. وكان التجار العرب من أوائل الوافدين الذين استقروا في تلك البلاد منذ القرن الرابع عشر، وكان لهم أثر كبير في حضارة السكان الأصليين واعتناق معظمهم الدين الإسلامي. وقد بدأ الأوربيون منذ القرن السادس عشر يتطلعون إلى السيطرة على خطوط التجارة بين الهند وجنوب شرقي آسيا من جهة وبين أوربا من جهة، وانتزاع الهيمنة على تلك الخطوط من أيدي التجار العرب. وهكذا فقد تناوب كل من البرتغاليين والهولنديين والإنكليز في السيطرة على مضيق ملقة Malacca المهم والذي أصبح حالياً من أهم المعابر التجارية الإجبارية باتجاه الصين.
التضاريس: تمتد شبه الجزيرة الماليزية، التي تمثل القسم الغربي من ماليزيا، من الشمال الغربي باتجاه الجنوب الشرقي بطول 750كم وعرض أقصاه 360 كم. وتمتاز بتضاريس قليلة الارتفاع؛ إذ إن 14% من مساحتها فقط تتجاوز ارتفاعاته 600م. وتتمثل تضاريسها بثماني سلاسل جبلية طولانية متجاورة تمتد من الشمال إلى الجنوب، وأهمها السلسلة الخامسة التي يبلغ ارتفاع أعلى قممها 2189م (قمة جبل تاهان Mount Tahan). ولايقل ارتفاع هذه السلسلة عن 1000م. وباتجاه الشرق والجنوب تبدأ الارتفاعات بالتناقص، كما تصبح ذات خصائص مورفولوجية هضبية ذات قمم مستديرة تفصل بينها منخفضات واسعة؛ تتناثر فيها التلال الشاهقة التي لا تتناسب في خصائصها المورفومترية مع خصائص الشبكة النهرية الحالية، وتمتاز هذه الشبكة بأنهار متعرجة وبطيئة الجريان. وقد كان لطبيعة الصخور في هذه المنطقة دور مهم في تنوع أشكال تضاريسها، فالقمم الغرانيتية المدورة تتجاور أيضاً مع مظاهر الكارست المرتبطة بالصخور الكلسية التي تعود إلى الحقب البيرمي (الزمن الأول) حيث تُشاهد المغاور والكهوف والمسلات وغيرها من المظاهر الكارستية.
وأهم السهول الساحلية، السهل الساحلي الغربي بعرض متوسط مقداره 30كم ويصل أحياناً إلى 65كم، أما السهل الساحلي الشرقي فيمثل في حقيقته مجموعة من الدلتات والسهول الصغيرة والمستنقعات والجبال الساحلية المنخفضة. في حين أن القسم الشرقي من مملكة ماليزيا المؤلف من سارواك وصباح يتكون في ساراواك من سهل ساحلي يراوح عرضه بين 30 و60كم، وتشكل المستنقعات 30% من مساحته إضافة إلى سلسلة من التلال المنخفضة تتاخم حدود ساراواك مع بورنيو الإندونيسية. وتتميز هذه المنطقة بخصائص مورفولوجية تجعل من الصعب التوغل فيها بسبب كثرة المستنقعات والرواسب الرملية التي تتجمع في الدلتات الساحلية إضافة إلى بعض الشلالات في عالية الأنهار. وتبلغ مساحة إقليم ساراواك 125000كم.
أما إقليم صباح فتبلغ مساحته 76000كم ويتميز بالخصائص الجيومورفولوجية نفسها لإقليم ساراواك، مما يؤدي إلى ضآلة الكثافة السكانية في هذا الإقليم الذي يضم مع إقليم ساراواك 15% فقط من سكان المملكة.
المناخ: يمتاز المناخ في ماليزيا بخصائص استوائية يفرضها الموقع الفلكي، كما أن الموقع الجغرافي يؤدي في الوقت نفسه إلى سيادة المؤثرات البحرية والموسمية. فالحرارة مرتفعة دوماً (27 -30 درجة) ترافقها معدلات هطل ورطوبة مرتفعة. تتباين بتباين الخصائص المورفولوجية. ومن الصعب ملاحظة فصل جفاف حقيقي، ومع هذا يمكن تقسيم السنة إلى فترتين تتمايزان فليلاً، الأولى شتوية من تشرين ثاني/نوڤمبر إلى شباط/فبراير، والثانية صيفية من آب/أغسطس إلى تشرين أول/أكتوبر.
السكان: ظلت مملكة ماليزيا بقسميها الغربي والشرقي شبه فارغة من السكان ردحاً طويلاً من الزمان. فحتى عام 1937 كان عدد السكان الأصليين في المملكة لايتجاوز 42% من العدد الإجمالي للسكان، علماً أن نصفهم كان قد ولد خارج حدود المملكة. ولم تتجاوز نسبة السكان الأصليين 50% من عدد السكان إلا مع مطلع النصف الثاني من القرن العشرين. ويمثل الصينيون 30% من عدد السكان كما يمثل الهنود 10%. واقل أجزاء ماليزيا كثافة سكانية هي إقليم ساراواك و إقليم صباح (ماليزيا الشرقية) التي تضم 15% من السكان فقط علما أن هذين الإقليمين يمثلان 60% من مساحة المملكة. ومع هذا يمكن إعطاء الرقم الإجمالي للكثافة السكانية في المملكة والذي لايزيد على 77 ن/كم. ومن الممكن تفسير ضالة الكثافة السكانية في بعض أجزاء ماليزيا بالخصائص المناخية الاستوائية الرطبة وما يترتب عليها من تشكلات نباتية غابية كثيفة وأدغال ساحلية من المانغروف Mangrove والمستنقعات.
كان لتأسيس مملكة ماليزيا دور كبير في فرض الهيمنة الديموغرافية للسكان الأصليين الناطقين باللغات الأصلية الماليزية، إضافة إلى فرض نوع من الهيمنة السياسية لهؤلاء أكدها وأقرها الدستور الفيدرالي للمملكة.
أهم المدن الماليزية هي العاصمة كوالا لامبور التي يبلغ عدد سكانها مع الضواحي نحو أربعة ملايين نسمة. اتسعت اتساعاً كبيراً في السنوات الأخيرة لتتجاوز الحدود الإدارية لولاية سيلانغور Selangor، وتشمل قسماً كبيراً من حوض وادي نهر كلانغ Kelang الذي يصب في مضيق ملقة والذي يمثل عند المصب أهم مرافئ البلاد.
وترتبط كوالا لامبور الحديثة بشبكة من الطرق البرية السريعة مع سنغافورة في الجنوب ومع تايلند في الشمال، ومع بقية أجزاء المملكة الأخرى. إضافة إلى شبكة متطورة من السكك الحديدية ومترو الأنفاق. وتشتهر العاصمة بمعالم مهمة أهمها متحف الحضارة الإسلامية وبرج بيتروناس Petronas الذي دُشِّن عام 1998م، والذي كان يمثل بارتفاعه البالغ 452م أعلى برج في العالم إلى أن بُني برج تايبي في تايوان عام 2004 والذي يفوقه بالارتفاع.
وعلى الرغم من وجود العديد من المدن المهمة في المملكة إلا أن مدينة ملقة Malacca التراثية والتاريخية تستحق شيئا من الاهتمام، فهي عاصمة إقليم بندر ملقة، وتطل على المضيق التجاري المهم الذي اتخذ من اسمها مسمى له. يبلغ عدد سكان المدينة حوالي 700000 نسمة نصفهم من الماليزيين الأصليين، ويمثل الصينيون 40% من سكان المدينة. وقد ظلت ملقة من عام 1826م حتى عام 1946م تحت إشراف شركة الهند الشرقية الإنكليزية وإدارتها. وقد ظلت هذه المدينة الواقعة مقابل سومطرة الإندونيسية تمارس سيطرة كبيرة على مضيق ملقة التجاري.
في ختام الحديث عن السكان يُجدد القول: إن مملكة ماليزيا تتفوق على دول جنوب شرقي آسيا كافة بازدهارها ورخائها. فهي الأولى بينها من حيث الناتج الفردي الخام، كما تتربّع على سدة العديد من الصناعات في المنطقة، كما تتميز بشبكة مواصلات ممتازة وبنظام إداري متطور لا يهدده شيء سوى بعض التوترات العرقية التي لاتزال جاثمة على صدر المملكة مهددة استقرارها وازدهارها.
الحياة الاقتصادية: تشتهر ماليزيا بغناها بعدد من الثروات الباطنية مثل الذهب والقصدير والحديد والبوكسيت. فقد اكتشفت مناجم القصدير بالقرب من العاصمة على الساحل الغربي لشبه الجزيرة الماليزية، وعلى الرغم من عدم ضخامة الاحتياطي من هذا الفلز فقد ظلت ماليزيا تتبوأ المرتبة الأولى في العالم في إنتاج القصدير. أما خامات الحديد فقد اكتشفت حديثاً على الشواطئ الشرقية لماليزيا و تتميز بغناها بالحديد (68%)، إلا أنها تصدر بشكل خام وخاصة إلى اليابان. أما الغاز والبترول فقد اكتشفا مؤخراً في عرض البحر أمام السواحل الشرقية للبلاد. أما في مجال الزراعة فلماليزيا شهرة كبيرة في مجال الزراعات المدارية، كما أن نمط الزراعة الريفية المنزلية مازال واسع الانتشار فيها. وأهم الزراعات الغذائية المعيشية هي زراعة الأرز إلا أن هذه الزراعة لا تغطي اكثر من 400000 هكتار، كما أنها تُمارس في ظروف طبيعية صعبة وخاصة في السهول الشرقية وفي الأجزاء الشمالية من السهول الغربية. ومن الزراعات الغذائية الأخرى جوز الهند التي لا تزيد المساحات التي تزرع فيها على 250000 هكتار.
ومن أهم الزراعات الصناعية زراعة شجرة الهيفيا (الكاوتشوك) والتي تغطي اكثر من 5.1 مليون هكتار على شكل استثمارات زراعية تراوح مساحة القسم الأكبر منها بين 40 و 200 هكتار. وأهم مناطق زراعتها هي السواحل الغربية للبلاد، كما تزرع أيضاً في بعض أجزاء من ماليزيا الشرقية: ساراواك وصباح. يضاف إلى الحاصلات الزراعية الآنفة الذكر إنتاج الأخشاب المدارية والاستوائية المتعددة الأنواع والخصائص.
وأخيراً لابد من الإشارة إلى القفزة الهائلة لماليزيا في مجال الصناعة، مما جعلها تحتل مكانة كبيرة بين دول (نمور) جنوب شرقي آسيا وخاصة في مجال الصناعات الإلكترونية مما جعل من ماليزيا بلداً متخصصاًَ في صناعة أنصاف النواقل التي تمثل الركيزة الأساسية في الصناعة المعلوماتية والحواسيب، يُضاف إلى ذلك أن ماليزيا دخلت أخيراً في مجال صناعة السيارات التي أضحت بفضل جودتها وأسعارها المعتدلة صناعة تنافس نظيراتها في دول الشرق والغرب (بروتون Proton).
محمد إسماعيل الشيخ
Malaysia - Malaisie
ماليزيا
ماليزيا Malaysia هي إحدى دول جنوب شرقي آسيا، مساحتها 329750 كم2، وعدد سكانها 25200000 نسمة عام 2003، عاصمتها كوالا لامبور Kuala Lumpur. تقع على بعد 200كم تقريباً شمال خط الاستواء. وتتجاور ماليزيا في حدودها البرية مع مملكة بروناي Brunei من جهة (381 كم)، ومع إندونيسيا (1178 كم) ومع تايلاند ( 506 كم). ويبلغ طول سواحلها 4675كم. تعد ماليزيا مملكة دستورية فدرالية مؤلفة من ثلاث ولايات فدرالية ومن 13 إقليماً يطلق على كل منها اسماً محلياً هو نيغري Negeri. وهي عضو في منظمة أمم جنوب شرق آسيا ASEAN. الملك الحالي هو تنكوسيد سراج الدين T.S.Sirajuddin ورئيس وزرائه عبد الله أحمد بدوي A.A.Badawi (2005).
كانت شبه الجزيرة الماليزية منذ عصور ما قبل التاريخ والعصر البرونزي معبراً ومستقراً لعدة شعوب تعيش على الجمع والالتقاط أو على الزراعة المتنقلة فوق الأرض المحروقة brûlis، كما كانت ماليزيا على مر العصور مفترقاً تاريخياً مهماً تلاقت فيه أهم حضارات جنوب شرق آسيا الهندية والصينية والعربية الإسلامية. فقد تأثرت ماليزيا بالحضارة الهندية وتفاعلت معها منذ فجر التاريخ وحتى القرن الرابع عشر الميلادي، شأنها في ذلك شأن كمبوديا وجاوة. كما كان للحضارة العربية الإسلامية، منذ مطلع القرن الرابع عشر، دور كبير طبع بطابعه الخاص جوانب كثيرة من الحضارة الماليزية، يدل على ذلك العثور على بعض الكتابات المدونة بأحرف عربية تعود إلى عام 1303م، كما تم على يدهم تأسيس مدينة «مَلَقَة» Malacca التي أضحت أهم الموانئ في جنوبي البلاد واعتنق أميرها الدين الإسلامي واتخذ لنفسه لقب سلطان Sultan. وفي عام 1511م سقطت مدينة ملقة في أيدي البرتغاليين ثم سيطر عليها الهولنديون عام 1641م، وأخيراً وقعت تحت سيطرة التاج البريطاني عام 1795، ومع ذلك فقد ظلت تجارة البلاد في أيدي التجار الآسيويين من أصول مختلفة وخاصة العرب منهم، واحتلها اليابانيون بين عامي 1941- 1945م خلال الحرب الثانية. ثم أنشأ البريطانيون اتحاد الملايو (الذي ضم تسع سلطنات ماليزية)، وأخيراً نالت استقلالها ضمن مجموعة الكومنولث (رابطة الشعوب البريطانية) عام 1957.
والجدير بالذكر أن ماليزيا لا تتمتع بوحدة جغرافية واضحة المعالم، ذلك لأنها تضم مجموعتين متباينتين تبايناً كبيراً في عدد السكان هما:
- المجموعة الأولى: يطلق عليها اسم ماليزيا الغربية وتشمل شبه الجزيرة الماليزية (الملايو)، مساحتها 131000كم وعدد سكانها نحو 20 مليون نسمة.
- المجموعة الثانية: ويطلق عليها اسم ماليزيا الشرقية وتشمل سراواك Sarawak و صباح Sabah اللتين تمثلان الجزء الشمالي من جزيرة بورنيو Borneo، ولايزيد عدد سكان هذه المجموعة على 5 مليون نسمة.
وقد ظلت جميع الأجزاء المكونة لماليزيا فترة طويلة من الزمان مأهولة بأعداد قليلة من السكان الأصليين البدائيين، ويؤلف السكان الأصليون في الوقت الحاضر نحو 50% من سكان البلاد، إضافة إلى أعداد أخرى من أصول إندونيسية وهندية وصينية وعربية وغيرها. وكان التجار العرب من أوائل الوافدين الذين استقروا في تلك البلاد منذ القرن الرابع عشر، وكان لهم أثر كبير في حضارة السكان الأصليين واعتناق معظمهم الدين الإسلامي. وقد بدأ الأوربيون منذ القرن السادس عشر يتطلعون إلى السيطرة على خطوط التجارة بين الهند وجنوب شرقي آسيا من جهة وبين أوربا من جهة، وانتزاع الهيمنة على تلك الخطوط من أيدي التجار العرب. وهكذا فقد تناوب كل من البرتغاليين والهولنديين والإنكليز في السيطرة على مضيق ملقة Malacca المهم والذي أصبح حالياً من أهم المعابر التجارية الإجبارية باتجاه الصين.
جبل كينابالو Kinabalu |
وأهم السهول الساحلية، السهل الساحلي الغربي بعرض متوسط مقداره 30كم ويصل أحياناً إلى 65كم، أما السهل الساحلي الشرقي فيمثل في حقيقته مجموعة من الدلتات والسهول الصغيرة والمستنقعات والجبال الساحلية المنخفضة. في حين أن القسم الشرقي من مملكة ماليزيا المؤلف من سارواك وصباح يتكون في ساراواك من سهل ساحلي يراوح عرضه بين 30 و60كم، وتشكل المستنقعات 30% من مساحته إضافة إلى سلسلة من التلال المنخفضة تتاخم حدود ساراواك مع بورنيو الإندونيسية. وتتميز هذه المنطقة بخصائص مورفولوجية تجعل من الصعب التوغل فيها بسبب كثرة المستنقعات والرواسب الرملية التي تتجمع في الدلتات الساحلية إضافة إلى بعض الشلالات في عالية الأنهار. وتبلغ مساحة إقليم ساراواك 125000كم.
أما إقليم صباح فتبلغ مساحته 76000كم ويتميز بالخصائص الجيومورفولوجية نفسها لإقليم ساراواك، مما يؤدي إلى ضآلة الكثافة السكانية في هذا الإقليم الذي يضم مع إقليم ساراواك 15% فقط من سكان المملكة.
المناخ: يمتاز المناخ في ماليزيا بخصائص استوائية يفرضها الموقع الفلكي، كما أن الموقع الجغرافي يؤدي في الوقت نفسه إلى سيادة المؤثرات البحرية والموسمية. فالحرارة مرتفعة دوماً (27 -30 درجة) ترافقها معدلات هطل ورطوبة مرتفعة. تتباين بتباين الخصائص المورفولوجية. ومن الصعب ملاحظة فصل جفاف حقيقي، ومع هذا يمكن تقسيم السنة إلى فترتين تتمايزان فليلاً، الأولى شتوية من تشرين ثاني/نوڤمبر إلى شباط/فبراير، والثانية صيفية من آب/أغسطس إلى تشرين أول/أكتوبر.
نهر توتوه Tutoh قرب مولو Mulu | نهر ساراواك |
كان لتأسيس مملكة ماليزيا دور كبير في فرض الهيمنة الديموغرافية للسكان الأصليين الناطقين باللغات الأصلية الماليزية، إضافة إلى فرض نوع من الهيمنة السياسية لهؤلاء أكدها وأقرها الدستور الفيدرالي للمملكة.
أهم المدن الماليزية هي العاصمة كوالا لامبور التي يبلغ عدد سكانها مع الضواحي نحو أربعة ملايين نسمة. اتسعت اتساعاً كبيراً في السنوات الأخيرة لتتجاوز الحدود الإدارية لولاية سيلانغور Selangor، وتشمل قسماً كبيراً من حوض وادي نهر كلانغ Kelang الذي يصب في مضيق ملقة والذي يمثل عند المصب أهم مرافئ البلاد.
المسجد الجامع في كوالا لامبور أحد أشهر المساجد في ماليزيا |
وعلى الرغم من وجود العديد من المدن المهمة في المملكة إلا أن مدينة ملقة Malacca التراثية والتاريخية تستحق شيئا من الاهتمام، فهي عاصمة إقليم بندر ملقة، وتطل على المضيق التجاري المهم الذي اتخذ من اسمها مسمى له. يبلغ عدد سكان المدينة حوالي 700000 نسمة نصفهم من الماليزيين الأصليين، ويمثل الصينيون 40% من سكان المدينة. وقد ظلت ملقة من عام 1826م حتى عام 1946م تحت إشراف شركة الهند الشرقية الإنكليزية وإدارتها. وقد ظلت هذه المدينة الواقعة مقابل سومطرة الإندونيسية تمارس سيطرة كبيرة على مضيق ملقة التجاري.
في ختام الحديث عن السكان يُجدد القول: إن مملكة ماليزيا تتفوق على دول جنوب شرقي آسيا كافة بازدهارها ورخائها. فهي الأولى بينها من حيث الناتج الفردي الخام، كما تتربّع على سدة العديد من الصناعات في المنطقة، كما تتميز بشبكة مواصلات ممتازة وبنظام إداري متطور لا يهدده شيء سوى بعض التوترات العرقية التي لاتزال جاثمة على صدر المملكة مهددة استقرارها وازدهارها.
الحياة الاقتصادية: تشتهر ماليزيا بغناها بعدد من الثروات الباطنية مثل الذهب والقصدير والحديد والبوكسيت. فقد اكتشفت مناجم القصدير بالقرب من العاصمة على الساحل الغربي لشبه الجزيرة الماليزية، وعلى الرغم من عدم ضخامة الاحتياطي من هذا الفلز فقد ظلت ماليزيا تتبوأ المرتبة الأولى في العالم في إنتاج القصدير. أما خامات الحديد فقد اكتشفت حديثاً على الشواطئ الشرقية لماليزيا و تتميز بغناها بالحديد (68%)، إلا أنها تصدر بشكل خام وخاصة إلى اليابان. أما الغاز والبترول فقد اكتشفا مؤخراً في عرض البحر أمام السواحل الشرقية للبلاد. أما في مجال الزراعة فلماليزيا شهرة كبيرة في مجال الزراعات المدارية، كما أن نمط الزراعة الريفية المنزلية مازال واسع الانتشار فيها. وأهم الزراعات الغذائية المعيشية هي زراعة الأرز إلا أن هذه الزراعة لا تغطي اكثر من 400000 هكتار، كما أنها تُمارس في ظروف طبيعية صعبة وخاصة في السهول الشرقية وفي الأجزاء الشمالية من السهول الغربية. ومن الزراعات الغذائية الأخرى جوز الهند التي لا تزيد المساحات التي تزرع فيها على 250000 هكتار.
ومن أهم الزراعات الصناعية زراعة شجرة الهيفيا (الكاوتشوك) والتي تغطي اكثر من 5.1 مليون هكتار على شكل استثمارات زراعية تراوح مساحة القسم الأكبر منها بين 40 و 200 هكتار. وأهم مناطق زراعتها هي السواحل الغربية للبلاد، كما تزرع أيضاً في بعض أجزاء من ماليزيا الشرقية: ساراواك وصباح. يضاف إلى الحاصلات الزراعية الآنفة الذكر إنتاج الأخشاب المدارية والاستوائية المتعددة الأنواع والخصائص.
وأخيراً لابد من الإشارة إلى القفزة الهائلة لماليزيا في مجال الصناعة، مما جعلها تحتل مكانة كبيرة بين دول (نمور) جنوب شرقي آسيا وخاصة في مجال الصناعات الإلكترونية مما جعل من ماليزيا بلداً متخصصاًَ في صناعة أنصاف النواقل التي تمثل الركيزة الأساسية في الصناعة المعلوماتية والحواسيب، يُضاف إلى ذلك أن ماليزيا دخلت أخيراً في مجال صناعة السيارات التي أضحت بفضل جودتها وأسعارها المعتدلة صناعة تنافس نظيراتها في دول الشرق والغرب (بروتون Proton).
محمد إسماعيل الشيخ