برسي بيش شِلي Percy Bysshe Shelley شاعر غنائي ودرامي وأحد رواد الحركة الإبداعية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • برسي بيش شِلي Percy Bysshe Shelley شاعر غنائي ودرامي وأحد رواد الحركة الإبداعية

    شِلي (برسي بيش ـ)
    (1792ـ1822)

    برسي بيش شِلي Percy Bysshe Shelley شاعر غنائي ودرامي وأحد رواد الحركة الإبداعية (الرومنسية) في الأدب الإنكليزي. كان الثائر والمتمرد الأزلي، مثله مثل مَن سبقوه ومهدوا له الطريق فيما عرف بـ «ما قبل الإبداعية» Preromanticism: برنز Burnsوبليك Blake ومن ثم وردزوورث Wordsworthوكولرِدج Coleridge وأخيراً معاصراه بايرونByron وكيتس Keats.
    ولد شِلي في بلدة هورشام Horshamجنوبي إنكلترا لعائلة نبيلة غنية، وكانت وفاته في ليريتشي Lerici في إيطاليا التي أقام فيها آخر سني حياته القصيرة. درس في كلية إيتُن Eton المتميزة ثم في جامعة أكسفورد، وقد كان لطبيعته المختلفة عن أقرانه وغرابة أطواره واهتمامه بالعلوم والسياسة دور في نشأته وتعليمه وآرائه المتطرفة. أولى اهتماماً خاصاً بكتَّاب عصر التنوير، مثل: أنطوان دي كوندورسيه Antoine de Condorcet ووليم غودوين William Godwin الذي نادى في كتاباته بضرورة الثورة والتوزيع العادل للثروات. تعرف شِلي في أكسفورد توماس جفرسون هوغ T.J.Hoggوكتبا معاً رسالة بعنوان «ضرورة الإلحاد»The Necessity of Atheism ت(1811) وزَّعاها على الكنائس والكليات، مما أدى إلى طردهما من الجامعة وإلى خلاف حاد مع أبيه المحافظ، زاد من حدته هروبه وزواجه فتاة من العامة لا تتجاوز السادسة عشرة من عمرها تدعى هارييت وستبروك Harriet Westbrook والتي استقر وإياها في منطقة البحيرات الإنكليزية، حيث تعرّف الشاعرين وردزوورت وكولردج، وانكب على القراءة ودراسة الأدب الكلاسيكي.
    تعرف شِلي في عام 1812 وليم غودوين، الذي كان كتابه «استفسار حول العدالة السياسية» An Enquiry Concerning Political Justice ت(1793) منارة أضاءت مسيرة الشاعر الشاب، وكان لعلاقتهما الأثر الأبرز في حياته وفكره؛ فقد انفصل شِلي عن زوجته وأبدى اهتماماً بابنة غودوين «ماري»، وهرب وإياها إلى فرنسا عام 1814 ثم إلى سويسرا وإيطاليا، ثم تزوجا عام 1816 بعد انتحار زوجته الأولى، ورزق من زوجتيه عدة أطفال توفوا جميعاً في صغرهم عدا واحداً.
    كتب شِلي قصيدته الطويلة الأولى «الملكة ماب» Queen Mab عام 1813، وضمَّنها برنامجه ومواقفه الأساسية وآراءه التحررية، فلم يجرؤ أحد على تولي طباعتها، ففعل ذلك بنفسه ووزعها على أصدقائه. ثم كتب «آلاستور أو روح الوحدة» Alastor; or,The Spirit of Solitude، استوحاها من رحلة قام بها في نهر التيمز، وتحكي قصة شاب حالم مغامر يبحث عن الجمال المثالي، وأيضاً قصيدته الكبيرة «ترنيمة إلى الجمال الفكري»Hymn to Intellectual Beauty التي يمكن أن تعد تقريراً حول حالة الشاعر النفسية والفكرية.
    بعد استقرار شِلي في إيطاليا بدءاً من عام 1818 كتب جلَّ وأفضل مؤلفاته، فظهرت «بروميثيوس طليقاً» Prometheus Unbound ت(1820)، وهي دراما غنائية في أربعة فصول كتبها بين عامي 1818 ـ 1819، وقام بناؤها على أساس مسرحية أسخيلوس «بروميثيوس مقيداً»Prometheus Bound، وقد عدَّها الشاعر إعلاناً لاستقلال الإنسان، ومن أفضل ما كتبه، جمع فيها بين فلسفة أفلاطون ومبادئ الثورة الفرنسية وآخر ما توصلت إليه النظريات العلمية، ويعرّف في مقدمتها المتمرد: أنه أنموذج للكمال الأخلاقي تدفعه «أنقى وأسمى الدوافع للوصول إلى أفضل وأنبل النتائج». وتحكي المسرحية قصة البطل الذي وهب النار للبشر ومعاقبة الآلهة له على فعلته، وهي أيضاً قصة الصراع الأزلي بين الخير والشر، والبحث عن الحب والجمال والحقيقة، والدعوة إلى التمرد على السلطة التي تسحق الإنسان، وأهزوجة لانتصار هذا الإنسان على الطغيان بأشكاله كافة.
    كتب شِلي أيضاً «آل تشنشي» The Cenci ت(1820)، وهي مأساة شعرية في خمسة فصول، تحكي قصة عائلة تشنشي الرومانية، التي جرت حوادثها في نهاية القرن السادس عشر، حول إساءة رب العائلة الطاغية فرانشيسكو تشنشي لأفراد عائلته، وخاصة ابنته بياتريشه، والعقاب الذي يلقاه بتحريض منها، وتواطؤ الكنيسة في طمس الحقيقة، وتسمو شخصية بياتريشه فيها إلى مصاف أهم الشخصيات التراجيدية النسائية. وبغرض إعطاء القصة المصداقية، ادعى شِلي أن المخطوطة الأصلية التي بنى على أساسها هذا المؤلف وصلت إليه عن طريق أحد الأصدقاء، ومع ذلك لم تلق المسرحية أي نجاح؛ إذ إنها كتبت لتقرأ لا لتمثل.
    كتب شِلي قصائد طويلة أخرى منها «روحٌ من روحي» Epipsychidion ت(1821)نحت عنوانها من اليونانية، حول فتاة إيطالية أدخلها أهلها الدير قسراً، ورأى فيها مثالاً وتوأماً روحياً لـه، كما كتب «أدونيس»Adonais إثر وفاة الشاعر كيتس، وهي واحدة من أهم الرثائيات في الشعر الإنكليزي، إذ رأى شِلي أن النقاد هم قتَلَةُ كيتس. كتب أيضاً قصيدة «اليونان» Hellas حول كفاح اليونان من أجل الاستقلال، وتتميز بأغاني الجوقة فيها. ومن قصائده القصيرة المعروفة «أوزيماندياس» Ozymandias و«إلى قُبَّرة»To a Skylark و«أود إلى الريح الغربية» Ode to the West Wind.
    كتب شِلي النثر أيضاً ونادى في مقالته «نظرة فلسفية إلى الإصلاح» The Philosophical View of Reform ت(1820)بضرورة التغيير السياسي والاقتصادي في إنكلترا، إلا أنها لم تُنشر إلا بعد قرن من الزمن. ولعل نظريته في الشعر التي ضمنها مقالته «دفاع عن الشعر» A Defence of Poetry ت(1821)، والتي لم تنشر إلا في عام 1841، أهم كتاباته النثرية، وتعبر عن توجهه الذي قال بقدرة الشعر على تغيير البشرية.
    كان لحياة شِلي الخاصة، ودعوته إلى الثورة والإصلاح وإلى أخذ الثورة الفرنسية مثالاً يحتذى دور رئيس في نبذه من بيئته الإنكليزية الرجعية المحافظة، بل المتحجرة، فحورب ودُفع به وأمثاله إلى المنفى. كان أفلاطونياً مثالياً باحثاً عن جمهوريته الفاضلة، وصل إلى الذروة في رؤيته لكمال الإله «الواحد» في «آدونيس» وفي نظرته إلى الطبيعة المتجددة، الآخذة المعطاء، «المدمرة ـ الحافظة» عبر صوره البلاغية في «أود إلى الريح الغربية». ويكتنف شعره ألوان هذه الطبيعة، وأصواتها بلغته ذات الأطياف والأجراس التي قورنت بسمفونية موسيقية في «بروميثيوس طليقاً». وكان شِلي سيد الوزن والقافية، ووضع اللغة في خدمة الشعر في قصائده الطويلة والقصيرة على اختلاف أشكالها التي ابتكر منها الكثير.
    توفي شِلي وصديق له إثر غرق قاربه مقابل ساحل ليفورنو Livorno في إيطاليا، بعد أن عاش حياة حافلة عابثة عاصفة. وبحضور بايرون وبعض الأصدقاء أحرقت رفاته على شاطىء البحر، ثم دفنت في المقبرة البروتستنتية في روما إلى جانب صديقه كيتس.
    طارق علوش

يعمل...
X