شفْتشينكو (تاراس ـ)
(1814 ـ 1861)
تاراس شفْتشينكو Taras Shevchenkoشاعر ورسام ومفكر ديمقراطي ثوري أوكراني. ولد في قرية مورينتسي Morinzyبمحافظة كييف Kiev لأب فلاح قن. تيتم صغيراً، وتعلم القراءة والكتابة على يد قندلفت قروي، وعمل خادماً منذ الطفولة في بيت سيده، الذي انتقل معه إلى سان بطرسبورغ Petersburg في عام 1831. وتعلم هناك الرسم وتعرّف عدداً من الرسامين والأدباء الكبار الذين افتدوه بالمال وحرروه من ربقة القنانة. انتسب إلى أكاديمية الفنون في بطرسبورغ عام 1838، واستمرت دراسته حتى عام1844، زار في خلالها وطنه مرة واحدة. عزم على الإقامة الدائمة في أوكرانيا عام 1845؛ وانتسب هناك إلى الجمعية السياسية السرية «أخوية كيريل وميثودي» فاعتقل عام 1847 ونفي إلى محافظة أورينبورغ Orenburg ليخدم بصفة مجند، ومُنع من الكتابة والرسم، وبعد عامٍ أُلحق بصفته رساماً ببعثة لدراسة بحر آرال. اتصل في المنفى بعدد من الثوريين البولونيين والروس البيراشفسكيين. حصل على إذن بالسفر إلى أوكرانيا عام 1859، لكنه اعتقل مجدداً بتهمة التحريض الثوري، وأجبر على العودة إلى بطرسبورغ، حيث توفي وشيّعه جمهور غفير وكبار المفكرين والأدباء الأوكرانيين والروس والبولونيين، ونُقلت رفاته إلى مثواه الأخير في إحدى ضواحي مدينة كانيف Kaniv في أوكرانيا.
بدأ شفتشينكو كتابة الشعر وصدر ديوانه الأول الموسوم بعنوان «الشاعر المغني» The Bard ت(1840)، وكان صدوره إيذاناً ببدء مرحلة جديدة في تطور الأدب الأوكراني من حيث الشكل والمضمون، وغلب عليه الطابع الإبداعي (الرومنسي) مع وجود نزعة واقعية، ثم صار رائد المدرسة الواقعية - النقدية في أدب بلاده.
وقف شفتشينكو معظم أعماله على تمجيد الحرية، ودعا في قصائده القصصية وأشعاره الغنائية إلى الكفاح ضد الاستبداد ونظام القنانة، مستلهماً أحداث الماضي كما في قصيدتيه «ليلة تاراسوف» The Night of Tarassov ت(1839) و«غايداماكي» The Haidamaks ت(1841) اللتين تغنى فيهما بانتفاضتي القوزاق في القرن السابع عشر والفلاحين الأوكرانيين في القرن الثامن عشر للخلاص من سيطرة الإقطاعيين البولونيين والروس، وفي قصيدة «الزنديق» The Heretic ت(1845) التي تحكي عن نضال التشيكيين ضد الأباطرة الألمان. ومن أبرز قصائده الهجائية التي يفضح فيها النظام القيصري قصيدة «الحلم» The Dream ت(1844)، كما صور في قصيدته «القفقاس» The Caucasus ت(1845) نضال الشعوب الأخرى ضد الاضطهاد. وحفل شعره بالدفاع عن المظلومين والمضطهدين، ولا سيما النساء الفلاحات اللواتي يتعرضن للخداع والإهانة، ويبرز ذلك في قصائد كثيرة أشهرها «كاتَرينا» Katarina ت(1838)، و«الأجيرة» The Maid ت(1843).
من أشهر قصائد شفتشينكو التي كتبها بعد العودة من المنفى «المؤمنون حديثاً»The Epistle ت(1857) استوحى فيها أحداثًا من حياة المسيحيين الأوائل ليمجد مآثر الثوريين والديسمبريين. وكتب العديد من المقطوعات الشعرية الوجدانية عبرت عن همومه وعواطفه وأمانيه وتوقه إلى الحرية، وحبه الجارف للوطن والشعب. وتحول كثير من هذه الأشعار إلى أغان شعبية واسعة الانتشار، ومنها قصيدة «الوصية» The Legacy ت(1845) التي لُحّنت وغدت نشيداً شعبياً. لم يقتصر إبداعه على معالجة قضايا وطنه بل تعداها إلى التعبير والتعاطف مع جميع السلاف والشعوب المضطهدة في روسيا القيصرية وفي العالم.
يعد شفتشينكو عميد الأدب الأوكراني الجديد وواضع أسس اللغة الأدبية الأوكرانية المعاصرة. وقد جمع في شعره بين التقاليد الشعرية الشعبية والتجديد الإبداعي الأصيل، وأغنى الإيقاعات الغنائية الشعبية وارتقى بها إلى مستوى فني رفيع. نوّع الأوزان الشعرية ومزج بينها على نحو غير مسبوق، كما وسّع آفاق الأدب الثقافية والفكرية مدخلاً إليه عناصر تاريخية ومعاصرة من حياة الشعوب الأوربية وآدابها، وقد ترجمت أعماله إلى العديد من لغات العالم.
كتب شفتشينكو في سنوات النفي قصصاً باللغة الروسية، تشابه موضوعاتها ما ضمنه في قصائده، ويغلب على بعضها طابع السيرة الذاتية، كما كتب «يوميات» Journalتشهد على سعة معارفه واطلاعه على الثقافة المحلية والعالمية وتعكس نظرته السياسية والجمالية. يعد رائد الفن التشكيلي الأوكراني الجديد، وقد اتبع في أعماله منهج الواقعية النقدية، فأبرز أهمية الفن التشكيلي الاجتماعية، وأبدع عدداً كبيراً من اللوحات والرسوم المنفذة بتقنيات مختلفة، وبرع في الرسم المطبوع حفراً على النحاس. ومن أشهر أعماله المنفذة بالحفر المطبوع مجموعة رسومه «أوكرانيا الجميلة» (1844)، و«أمثولة الابن الضال» (1856-1857) وهي سلسلة رسومه لشخصيات معروفة. وقد كان لمجمل أعماله أكبر الأثر في مسيرة الأدب والفن التشكيلي الأوكرانيين.
عدنان جاموس
(1814 ـ 1861)
تاراس شفْتشينكو Taras Shevchenkoشاعر ورسام ومفكر ديمقراطي ثوري أوكراني. ولد في قرية مورينتسي Morinzyبمحافظة كييف Kiev لأب فلاح قن. تيتم صغيراً، وتعلم القراءة والكتابة على يد قندلفت قروي، وعمل خادماً منذ الطفولة في بيت سيده، الذي انتقل معه إلى سان بطرسبورغ Petersburg في عام 1831. وتعلم هناك الرسم وتعرّف عدداً من الرسامين والأدباء الكبار الذين افتدوه بالمال وحرروه من ربقة القنانة. انتسب إلى أكاديمية الفنون في بطرسبورغ عام 1838، واستمرت دراسته حتى عام1844، زار في خلالها وطنه مرة واحدة. عزم على الإقامة الدائمة في أوكرانيا عام 1845؛ وانتسب هناك إلى الجمعية السياسية السرية «أخوية كيريل وميثودي» فاعتقل عام 1847 ونفي إلى محافظة أورينبورغ Orenburg ليخدم بصفة مجند، ومُنع من الكتابة والرسم، وبعد عامٍ أُلحق بصفته رساماً ببعثة لدراسة بحر آرال. اتصل في المنفى بعدد من الثوريين البولونيين والروس البيراشفسكيين. حصل على إذن بالسفر إلى أوكرانيا عام 1859، لكنه اعتقل مجدداً بتهمة التحريض الثوري، وأجبر على العودة إلى بطرسبورغ، حيث توفي وشيّعه جمهور غفير وكبار المفكرين والأدباء الأوكرانيين والروس والبولونيين، ونُقلت رفاته إلى مثواه الأخير في إحدى ضواحي مدينة كانيف Kaniv في أوكرانيا.
بدأ شفتشينكو كتابة الشعر وصدر ديوانه الأول الموسوم بعنوان «الشاعر المغني» The Bard ت(1840)، وكان صدوره إيذاناً ببدء مرحلة جديدة في تطور الأدب الأوكراني من حيث الشكل والمضمون، وغلب عليه الطابع الإبداعي (الرومنسي) مع وجود نزعة واقعية، ثم صار رائد المدرسة الواقعية - النقدية في أدب بلاده.
وقف شفتشينكو معظم أعماله على تمجيد الحرية، ودعا في قصائده القصصية وأشعاره الغنائية إلى الكفاح ضد الاستبداد ونظام القنانة، مستلهماً أحداث الماضي كما في قصيدتيه «ليلة تاراسوف» The Night of Tarassov ت(1839) و«غايداماكي» The Haidamaks ت(1841) اللتين تغنى فيهما بانتفاضتي القوزاق في القرن السابع عشر والفلاحين الأوكرانيين في القرن الثامن عشر للخلاص من سيطرة الإقطاعيين البولونيين والروس، وفي قصيدة «الزنديق» The Heretic ت(1845) التي تحكي عن نضال التشيكيين ضد الأباطرة الألمان. ومن أبرز قصائده الهجائية التي يفضح فيها النظام القيصري قصيدة «الحلم» The Dream ت(1844)، كما صور في قصيدته «القفقاس» The Caucasus ت(1845) نضال الشعوب الأخرى ضد الاضطهاد. وحفل شعره بالدفاع عن المظلومين والمضطهدين، ولا سيما النساء الفلاحات اللواتي يتعرضن للخداع والإهانة، ويبرز ذلك في قصائد كثيرة أشهرها «كاتَرينا» Katarina ت(1838)، و«الأجيرة» The Maid ت(1843).
من أشهر قصائد شفتشينكو التي كتبها بعد العودة من المنفى «المؤمنون حديثاً»The Epistle ت(1857) استوحى فيها أحداثًا من حياة المسيحيين الأوائل ليمجد مآثر الثوريين والديسمبريين. وكتب العديد من المقطوعات الشعرية الوجدانية عبرت عن همومه وعواطفه وأمانيه وتوقه إلى الحرية، وحبه الجارف للوطن والشعب. وتحول كثير من هذه الأشعار إلى أغان شعبية واسعة الانتشار، ومنها قصيدة «الوصية» The Legacy ت(1845) التي لُحّنت وغدت نشيداً شعبياً. لم يقتصر إبداعه على معالجة قضايا وطنه بل تعداها إلى التعبير والتعاطف مع جميع السلاف والشعوب المضطهدة في روسيا القيصرية وفي العالم.
يعد شفتشينكو عميد الأدب الأوكراني الجديد وواضع أسس اللغة الأدبية الأوكرانية المعاصرة. وقد جمع في شعره بين التقاليد الشعرية الشعبية والتجديد الإبداعي الأصيل، وأغنى الإيقاعات الغنائية الشعبية وارتقى بها إلى مستوى فني رفيع. نوّع الأوزان الشعرية ومزج بينها على نحو غير مسبوق، كما وسّع آفاق الأدب الثقافية والفكرية مدخلاً إليه عناصر تاريخية ومعاصرة من حياة الشعوب الأوربية وآدابها، وقد ترجمت أعماله إلى العديد من لغات العالم.
كتب شفتشينكو في سنوات النفي قصصاً باللغة الروسية، تشابه موضوعاتها ما ضمنه في قصائده، ويغلب على بعضها طابع السيرة الذاتية، كما كتب «يوميات» Journalتشهد على سعة معارفه واطلاعه على الثقافة المحلية والعالمية وتعكس نظرته السياسية والجمالية. يعد رائد الفن التشكيلي الأوكراني الجديد، وقد اتبع في أعماله منهج الواقعية النقدية، فأبرز أهمية الفن التشكيلي الاجتماعية، وأبدع عدداً كبيراً من اللوحات والرسوم المنفذة بتقنيات مختلفة، وبرع في الرسم المطبوع حفراً على النحاس. ومن أشهر أعماله المنفذة بالحفر المطبوع مجموعة رسومه «أوكرانيا الجميلة» (1844)، و«أمثولة الابن الضال» (1856-1857) وهي سلسلة رسومه لشخصيات معروفة. وقد كان لمجمل أعماله أكبر الأثر في مسيرة الأدب والفن التشكيلي الأوكرانيين.
عدنان جاموس