الشهابي (يحيى ـ)
(1917 ـ 2003)
شاعر وإعلامي سوري، وهو سليل عائلة عريقة الأصل، وعندما سئل في عام 1979 عن أصل لقب الأمير الذي يحمله، أجاب: «يوم جاء خالد بن الوليد لفتح دمشق، رافقه ابن عمه الحارث بن شهاب وأفراد قبيلته من بني مخزوم. وقد قاتل الحارث مع خالد واستشهد عند الباب الشرقي لدمشق. بعد ذلك أعطى خالد أفراد القبيلة لقب الإمارة بالوراثة، حيث حكموا حوران، وكانت عاصمتهم مدينة الشهبا، كما يرجع إليهم اسم تل شهاب، وقد امتد حكمهم إلى لبنان، وأصبحوا أمراء على وادي التيم».
تلقى الأمير يحيى تعليمه في مدارس دمشق، ثم درس الحقوق في جامعتها وتخرج فيها عام 1939. وكان في أثناء دراسته يعمل معلماً في قرية جوبر القريبة من دمشق، وقد أصدر عن تجربته هذه كتاباً بعنوان «مذكرات معلم في قرية»، كما بدأ بنظم الشعر منذ يفاعته، ففي عام 1933 أرسل قصيدة إلى «مجلة السمير» التي أحدثها الشاعر إيليا أبو ماضي في نيويورك، وكانت تنطق بلسان «الرابطة القلمية» التي حرر فيها جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وغيرهما من أدباء المهجر، وكان عنوان القصيدة «العقل»، فنشرها أبو ماضي مع نصيحة ألا يعود إلى الشعر قبل أن يتجاوز العشرين من عمره، إلا أنه لم يلتزم بالنصيحة، فنشر في عام 1935 ديوانه الأول «سراب» وفي عام 1936 ديوانه الثاني والأخير «شهابيات»، وهو يرى نفسه في شعره قريباً من أسلوب وروح أبي ماضي، لكنه توقف بعد «شهابيات» عن نظم الشعر والتفت إلى التعريف به وبالشعراء العرب في كثير من المقالات الصحفية التي نشرها في مجلات عربية، مثل «الرسالة» و«الرواية» المصريتين، كما كتب، إضافة إلى ذلك، عدداً من المقالات النقدية الساخرة بتوقيع: «إبليس» في مجلة «عصا الجنة» التي كان يصدرها نشأت التغلبي في دمشق.
سافر يحيى الشهابي في عام 1941 إلى فرنسا، حيث درس الترجمة مدة عامين في جامعة السوربون، عاد بعدها إلى دمشق، وتزوج عام 1945، وله ابن وحيد هو مازن. أما سيرته مع الإذاعة فتعود إلى عام 1938،عندما افتتحت سلطة الاحتلال الفرنسي محطة إذاعية في ساحة النجمة في دمشق، لايغطي بثها سوى دمشق. وبمحض المصادفة قدَّم الشهابي ذات يوم بدلاً من صديقه نشأت التغلبي نشرة الأخبار بالفرنسية ثم بالعربية، فأُعجب به مدير الإذاعة الفرنسي وتعاقد معه، واستمر يحيى الشهابي يعمل في هذه المحطة حتى عام 1945، حينما قامت القوات الفرنسية بقصف دمشق والمجلس النيابي، فأضرب هو والتغلبي عن العمل، فحكمت عليهما السلطات الفرنسية بالإعدام، فهرب التغلبي إلى حمص، أما الشهابي فقد أنقذه جندي سنغالي كان يحرس مبنى الإذاعة، وكان الشهابي يساعده على التفقه بشؤون الدين. وعقب الاستقلال أسست الحكومة السورية الإذاعة الوطنية، وفي صباح يوم الجلاء في السابع عشر من نيسان عام 1946 انطلق صوت يحيى الشهابي مفتتحاً بث الإذاعة، قائلاً: «أيها الشعب الكريم، يا شعب البطولات والتضحية، هذه إذاعتك، إذاعة الجمهورية السورية من دمشق، إذاعة القومية العربية، إذاعة كل العرب، تنقل صوتها إليك في أعيادك، الإذاعة السورية من دمشق تتحدث إليك». وكان مقر الإذاعة السورية الجديد يومذاك في أول شارع بغداد، وكانت الإذاعة تابعة لإدارة البرق والبريد، ولا تتجاوز ميزانيتها 35 ألف ليرة سورية، بما في ذلك رواتب الموظفين والعاملين. ومنذ ذلك الحين بدأ الشهابي برنامجه الأسبوعي «في دوحة الشعر» الذي كان يقدمه بنفسه بصوته الرخيم المميز، وقد استمر البرنامج حتى عام 1994 محافظاً على شعبيته وشهرته في أنحاء الوطن العربي كافة.
في أثناء عمله الطويل في الإذاعة السورية عمل الشهابي على تقديم عدد كبير من الفنانين الذين صاروا نجوماً فيما بعد على مستوى الوطن العربي، وكان من أبرزهم المطربة فيروز والأخوين عاصي ومنصور الرحباني الذين تعاقد معهم على العمل كل يوم أحد، مما أدى إلى انتشار سمعتهم عربياً.
وبين عامي 1952و1954 انتُدب الشهابي للعمل في إذاعة الأمم المتحدة في نيويورك، فأشرف على تنظيم البرنامج العربي اليومي وبثه، وقد كان يستغرق ساعتين، متضمناً الأخبار وبرامج متنوعة، ذات طابع ثقافي وعلمي وسياسي. وهناك توطدت علاقته الشخصية مع أدباء المهجر العرب، وعند عودته إلى دمشق عُين الشهابي، بناء على طلبه، مديراً عاماً بالوكالة للإذاعة السورية، كيلا يبتعد عن العمل الإذاعي المباشر، واستمر في عمله هذا حتى عام 1960، وفي أثناء الوحدة بين سورية ومصر، وحينما صار مديراً عاماً لهيئة الإذاعة والتلفزيون في الإقليم الشمالي، أنشأ محطة للإرسال التلفزيوني في جبل قاسيون، وكلَّف صباح قباني الإشراف على برامجه، وأوفد عدداً من المذيعين والمذيعات والإعلاميين والفنيين للتدرب في إيطاليا وألمانيا وأمريكا، كما أشرف على بناء وتأسيس مبنى الإذاعة والتلفزيون في ساحة الأمويين.
شغل الشهابي، إضافة إلى عمله الإعلامي، مناصب عدة، منها مفتش دولة في الهيئة العامة للرقابة والتفتيش، كما عمل في التدريس في كلية الصحافة في دمشق وفي المركز العربي للتدريب الإذاعي والتلفزيوني.
وفي عام 1967 صدر للشهابي بإشراف مجمع اللغة العربية «معجم المصطلحات الأثرية بالعربية والفرنسية». ومن مخطوطاته غير المنشورة بعد «معجم مصطلحات الإذاعة والتلفزيون»، و«الأدباء البوهيميون في الأدب العربي» و«العرب والشعوب».
نبيل الحفار
(1917 ـ 2003)
تلقى الأمير يحيى تعليمه في مدارس دمشق، ثم درس الحقوق في جامعتها وتخرج فيها عام 1939. وكان في أثناء دراسته يعمل معلماً في قرية جوبر القريبة من دمشق، وقد أصدر عن تجربته هذه كتاباً بعنوان «مذكرات معلم في قرية»، كما بدأ بنظم الشعر منذ يفاعته، ففي عام 1933 أرسل قصيدة إلى «مجلة السمير» التي أحدثها الشاعر إيليا أبو ماضي في نيويورك، وكانت تنطق بلسان «الرابطة القلمية» التي حرر فيها جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وغيرهما من أدباء المهجر، وكان عنوان القصيدة «العقل»، فنشرها أبو ماضي مع نصيحة ألا يعود إلى الشعر قبل أن يتجاوز العشرين من عمره، إلا أنه لم يلتزم بالنصيحة، فنشر في عام 1935 ديوانه الأول «سراب» وفي عام 1936 ديوانه الثاني والأخير «شهابيات»، وهو يرى نفسه في شعره قريباً من أسلوب وروح أبي ماضي، لكنه توقف بعد «شهابيات» عن نظم الشعر والتفت إلى التعريف به وبالشعراء العرب في كثير من المقالات الصحفية التي نشرها في مجلات عربية، مثل «الرسالة» و«الرواية» المصريتين، كما كتب، إضافة إلى ذلك، عدداً من المقالات النقدية الساخرة بتوقيع: «إبليس» في مجلة «عصا الجنة» التي كان يصدرها نشأت التغلبي في دمشق.
سافر يحيى الشهابي في عام 1941 إلى فرنسا، حيث درس الترجمة مدة عامين في جامعة السوربون، عاد بعدها إلى دمشق، وتزوج عام 1945، وله ابن وحيد هو مازن. أما سيرته مع الإذاعة فتعود إلى عام 1938،عندما افتتحت سلطة الاحتلال الفرنسي محطة إذاعية في ساحة النجمة في دمشق، لايغطي بثها سوى دمشق. وبمحض المصادفة قدَّم الشهابي ذات يوم بدلاً من صديقه نشأت التغلبي نشرة الأخبار بالفرنسية ثم بالعربية، فأُعجب به مدير الإذاعة الفرنسي وتعاقد معه، واستمر يحيى الشهابي يعمل في هذه المحطة حتى عام 1945، حينما قامت القوات الفرنسية بقصف دمشق والمجلس النيابي، فأضرب هو والتغلبي عن العمل، فحكمت عليهما السلطات الفرنسية بالإعدام، فهرب التغلبي إلى حمص، أما الشهابي فقد أنقذه جندي سنغالي كان يحرس مبنى الإذاعة، وكان الشهابي يساعده على التفقه بشؤون الدين. وعقب الاستقلال أسست الحكومة السورية الإذاعة الوطنية، وفي صباح يوم الجلاء في السابع عشر من نيسان عام 1946 انطلق صوت يحيى الشهابي مفتتحاً بث الإذاعة، قائلاً: «أيها الشعب الكريم، يا شعب البطولات والتضحية، هذه إذاعتك، إذاعة الجمهورية السورية من دمشق، إذاعة القومية العربية، إذاعة كل العرب، تنقل صوتها إليك في أعيادك، الإذاعة السورية من دمشق تتحدث إليك». وكان مقر الإذاعة السورية الجديد يومذاك في أول شارع بغداد، وكانت الإذاعة تابعة لإدارة البرق والبريد، ولا تتجاوز ميزانيتها 35 ألف ليرة سورية، بما في ذلك رواتب الموظفين والعاملين. ومنذ ذلك الحين بدأ الشهابي برنامجه الأسبوعي «في دوحة الشعر» الذي كان يقدمه بنفسه بصوته الرخيم المميز، وقد استمر البرنامج حتى عام 1994 محافظاً على شعبيته وشهرته في أنحاء الوطن العربي كافة.
في أثناء عمله الطويل في الإذاعة السورية عمل الشهابي على تقديم عدد كبير من الفنانين الذين صاروا نجوماً فيما بعد على مستوى الوطن العربي، وكان من أبرزهم المطربة فيروز والأخوين عاصي ومنصور الرحباني الذين تعاقد معهم على العمل كل يوم أحد، مما أدى إلى انتشار سمعتهم عربياً.
وبين عامي 1952و1954 انتُدب الشهابي للعمل في إذاعة الأمم المتحدة في نيويورك، فأشرف على تنظيم البرنامج العربي اليومي وبثه، وقد كان يستغرق ساعتين، متضمناً الأخبار وبرامج متنوعة، ذات طابع ثقافي وعلمي وسياسي. وهناك توطدت علاقته الشخصية مع أدباء المهجر العرب، وعند عودته إلى دمشق عُين الشهابي، بناء على طلبه، مديراً عاماً بالوكالة للإذاعة السورية، كيلا يبتعد عن العمل الإذاعي المباشر، واستمر في عمله هذا حتى عام 1960، وفي أثناء الوحدة بين سورية ومصر، وحينما صار مديراً عاماً لهيئة الإذاعة والتلفزيون في الإقليم الشمالي، أنشأ محطة للإرسال التلفزيوني في جبل قاسيون، وكلَّف صباح قباني الإشراف على برامجه، وأوفد عدداً من المذيعين والمذيعات والإعلاميين والفنيين للتدرب في إيطاليا وألمانيا وأمريكا، كما أشرف على بناء وتأسيس مبنى الإذاعة والتلفزيون في ساحة الأمويين.
شغل الشهابي، إضافة إلى عمله الإعلامي، مناصب عدة، منها مفتش دولة في الهيئة العامة للرقابة والتفتيش، كما عمل في التدريس في كلية الصحافة في دمشق وفي المركز العربي للتدريب الإذاعي والتلفزيوني.
وفي عام 1967 صدر للشهابي بإشراف مجمع اللغة العربية «معجم المصطلحات الأثرية بالعربية والفرنسية». ومن مخطوطاته غير المنشورة بعد «معجم مصطلحات الإذاعة والتلفزيون»، و«الأدباء البوهيميون في الأدب العربي» و«العرب والشعوب».
نبيل الحفار