عاصي الزند
علي الراعي
ربما قلة هي التي تعرف ماهية فن (الموّال)، أو ما يُعرف بـ (العتابا)، وثمة من يُطلق عليه اسماً أكثر حميمية (بيتاً من العتابا)، بكلِّ ما لـ(البيت) من استطالات في التأويل في الذاكرة الجمعية..
وبيت العتابا؛ هو أحد فنون الزجل الأكثر شعبية، من بين (16) نوعاً من فنون الزجل، ذلك البيت الذي يتألف من أربعة أشطر، الثلاثة الأولى منها تنتهي بجناس، أي أنها تنتهي بالكلمة ذاتها، لكن بمعنى مُختلف، فيما الشطر الأخير، فقد ينتهي بنوعين؛ إما بالباء الساكنة حصراً، أو بـ(نا)، والثاني يصير نوع الموّال (ميجنا)، وثمة كورس يُردد هذه الميجنا.. بمعنى هو فنٌّ صارم في قواعده، وبكلمات لا تتجاوز العشر، لكنه من التكثيف والاختزال بحيث يُغني عن رواية، وهو غالباً يحكي قصة، وتتنوّع هذه القصة، من قصة قهرٍ عتيق، وحتى قصة حب وغزل.. صحيح أنّ تسعين بالمئة من مواويل العتابا باللهجة المحكية، غير أنه يستطيع بعض الشعراء أن يكتبوه فصيحاً، ولا إبداع في هذا الكون يوازي موّال العتابا سوى فن (الهايكو) الياباني..
مع ذلك ليس غرض هذه الزاوية، التعريف بماهية الموّال، ولكن أشيرُ إليه لاستخدامه بطريقة لافتة في شارة مسلسل (الزند – ذئب العاصي)، وهنا ربما قلة التي تعرف قوّال العتابا ابن منطقة الغاب (برهوم رزق)، الذي غنت المغنية (نوف) مواويله في شارة المسلسل، واستغرب هنا عدم مشاركة صاحب المواويل نفسه في أداء الشارة!!
أشيرُ هنا إلى (الموّال – الشارة)، باعتبارنا نشاهد مسلسلاً يكادُ ومن أولى حلقاته، يأخذ منحى العمل الفني الذي يسعى للاكتمال ويمكن الوقوف عنده مطولاً من حيث التقنية والإتقان على الصعد كلّها: الإخراج، النص، والتمثيل، والمشهدية السينمائية التي تُقدمها عين سامر البرقاوي مُخرجاً، وسيناريو عمر أبو سعدة، وتمثيل النجم تيم حسن في أحدث انعطافاته كممثل مختلف، في مسيرة فنية لافتة..
هنا سيكون المكان (موارباً)، ففي النظرة الأولى؛ تجري الأحداث في قرى وادي العاصي بريف حمص، غير أن خلط اللهجات من قبل تيم حسن، من اللاذقية، إلى جبلة، فالغاب، وريف طرطوس وحمص وحماة، – من جهتي – اعتبرها توسيعاً لبؤرة المكان لتشمل سورية كلها، وربما ثمة من وجد في الأمر سلبية، غير أنني أرى عكس ذلك تماماً..
أما لجهة الزمان، وهنا كانت – ضربة المعلم – فهي سورية زمن أفظع احتلال عرفته البشرية، وهو زمن الاحتلال العثماني البغيض، الذي غفلت عنه الدراما السورية زمناً طويلاً منذ المسلسل – الإيقونة – (أخوة التراب)، وهنا لا بأس أن نشير لمسلسلٍ آخر، وهو وإن كان بصناعة سورية كإخراج وتمثيل، غير أنه من إنتاج العربية السعودية، وتحديداً من إنتاج أهم محطاتها الفضائية الـ(m b c)، السعودية التي استقبلت مدنها مؤخراً الشاعر الأكثر جدلاً في العالم العربي أدونيس كاستقبال الزعماء، وهذا أمر لافت في الذهنية السعودية، أظن سيُبنى عليه الكثير..
هنا سنشهد أحداثاً ومثيولوجيا، وقصصاً لن يغيب عنها (بطل سيغاتا)، غيفارا ذلك الزمان (أبو علي شاهين)، الذي ألهمَ الكتّاب رواياتٍ، والشعراءَ قصائد، والمخرجين أفلاماً، حتى دخل اسمه كمفردة في الأغنية الشعبية، كما يفتحُ المسلسل نوافذه صوب أيقونات سينمائية عالمية، ولابدّ لمن حضر (العرّاب)، أن يجد مُعادلاً لبطله في عودته الثأرية عندما يقفُ (عاصي الزند)، على مرمى نظر من قصر (الآغا نورس)، وهنا أشير للرائعين: أنس طيارة، ومجد فضة، ونانسي خوري، وللحديث بقية..
هامش
…………..
موّال:
عا داري أنت يا ولفي تلفيك؛
بذراعي الأيمن الأيسر تلفيك،
ومهما كان يا جسمي تلف فيك؛
بتشفى عند ضمّ الآحباب.
علي الراعي
ربما قلة هي التي تعرف ماهية فن (الموّال)، أو ما يُعرف بـ (العتابا)، وثمة من يُطلق عليه اسماً أكثر حميمية (بيتاً من العتابا)، بكلِّ ما لـ(البيت) من استطالات في التأويل في الذاكرة الجمعية..
وبيت العتابا؛ هو أحد فنون الزجل الأكثر شعبية، من بين (16) نوعاً من فنون الزجل، ذلك البيت الذي يتألف من أربعة أشطر، الثلاثة الأولى منها تنتهي بجناس، أي أنها تنتهي بالكلمة ذاتها، لكن بمعنى مُختلف، فيما الشطر الأخير، فقد ينتهي بنوعين؛ إما بالباء الساكنة حصراً، أو بـ(نا)، والثاني يصير نوع الموّال (ميجنا)، وثمة كورس يُردد هذه الميجنا.. بمعنى هو فنٌّ صارم في قواعده، وبكلمات لا تتجاوز العشر، لكنه من التكثيف والاختزال بحيث يُغني عن رواية، وهو غالباً يحكي قصة، وتتنوّع هذه القصة، من قصة قهرٍ عتيق، وحتى قصة حب وغزل.. صحيح أنّ تسعين بالمئة من مواويل العتابا باللهجة المحكية، غير أنه يستطيع بعض الشعراء أن يكتبوه فصيحاً، ولا إبداع في هذا الكون يوازي موّال العتابا سوى فن (الهايكو) الياباني..
مع ذلك ليس غرض هذه الزاوية، التعريف بماهية الموّال، ولكن أشيرُ إليه لاستخدامه بطريقة لافتة في شارة مسلسل (الزند – ذئب العاصي)، وهنا ربما قلة التي تعرف قوّال العتابا ابن منطقة الغاب (برهوم رزق)، الذي غنت المغنية (نوف) مواويله في شارة المسلسل، واستغرب هنا عدم مشاركة صاحب المواويل نفسه في أداء الشارة!!
أشيرُ هنا إلى (الموّال – الشارة)، باعتبارنا نشاهد مسلسلاً يكادُ ومن أولى حلقاته، يأخذ منحى العمل الفني الذي يسعى للاكتمال ويمكن الوقوف عنده مطولاً من حيث التقنية والإتقان على الصعد كلّها: الإخراج، النص، والتمثيل، والمشهدية السينمائية التي تُقدمها عين سامر البرقاوي مُخرجاً، وسيناريو عمر أبو سعدة، وتمثيل النجم تيم حسن في أحدث انعطافاته كممثل مختلف، في مسيرة فنية لافتة..
هنا سيكون المكان (موارباً)، ففي النظرة الأولى؛ تجري الأحداث في قرى وادي العاصي بريف حمص، غير أن خلط اللهجات من قبل تيم حسن، من اللاذقية، إلى جبلة، فالغاب، وريف طرطوس وحمص وحماة، – من جهتي – اعتبرها توسيعاً لبؤرة المكان لتشمل سورية كلها، وربما ثمة من وجد في الأمر سلبية، غير أنني أرى عكس ذلك تماماً..
أما لجهة الزمان، وهنا كانت – ضربة المعلم – فهي سورية زمن أفظع احتلال عرفته البشرية، وهو زمن الاحتلال العثماني البغيض، الذي غفلت عنه الدراما السورية زمناً طويلاً منذ المسلسل – الإيقونة – (أخوة التراب)، وهنا لا بأس أن نشير لمسلسلٍ آخر، وهو وإن كان بصناعة سورية كإخراج وتمثيل، غير أنه من إنتاج العربية السعودية، وتحديداً من إنتاج أهم محطاتها الفضائية الـ(m b c)، السعودية التي استقبلت مدنها مؤخراً الشاعر الأكثر جدلاً في العالم العربي أدونيس كاستقبال الزعماء، وهذا أمر لافت في الذهنية السعودية، أظن سيُبنى عليه الكثير..
هنا سنشهد أحداثاً ومثيولوجيا، وقصصاً لن يغيب عنها (بطل سيغاتا)، غيفارا ذلك الزمان (أبو علي شاهين)، الذي ألهمَ الكتّاب رواياتٍ، والشعراءَ قصائد، والمخرجين أفلاماً، حتى دخل اسمه كمفردة في الأغنية الشعبية، كما يفتحُ المسلسل نوافذه صوب أيقونات سينمائية عالمية، ولابدّ لمن حضر (العرّاب)، أن يجد مُعادلاً لبطله في عودته الثأرية عندما يقفُ (عاصي الزند)، على مرمى نظر من قصر (الآغا نورس)، وهنا أشير للرائعين: أنس طيارة، ومجد فضة، ونانسي خوري، وللحديث بقية..
هامش
…………..
موّال:
عا داري أنت يا ولفي تلفيك؛
بذراعي الأيمن الأيسر تلفيك،
ومهما كان يا جسمي تلف فيك؛
بتشفى عند ضمّ الآحباب.