حقل مغنطيسي
Magnetic field - Champ magnétique
الحقل المغنطيسي
عند تقريب مغنطيس[ر] من إبرة مغنطيسية، يُلاحظ أن الإبرة تنحرف عن موضعها وتستقر في اتجاه آخر، ويُقال إن هناك حقلاً مغنطيسياً magnetic field، ناجماً عن المغنطيس، يؤثر في الإبرة المغنطيسية ويحرفها بحيث تشير إلى جهة هذا الحقل في النقطة المدروسة.
عرف الإغريق القدماء المغنطيسية[ر] في عام 600ق.م باكتشاف الفلز الطبيعي المسمى المغنيتيت magnetite الذي يجذب إليه الحديد، وأثبتوا أن الحديد نفسه يصبح قادراً على جذب قطع الحديد الأخرى عند ملامسته لهذا الفلز، أي يتمغنط. بعد ذلك، وفي القرن11م، استخدم الصينيون المغنطيس في صناعة إبرة البوصلة. إن إبرة البوصلة القادرة على الدوران بحرية حول محور شاقولي تسعى لتأخذ منحى الشمال - الجنوب المغنطيسي بسبب وقوعها تحت تأثير الحقل المغنطيسي الأرضي[ر] الذي ينشأ في باطن الكرة الأرضية نتيجة العمليات التي تحصل في نواتها السائلة. إن الفكرة العامة عن كون الكرة الأرضية مغنطيساً ضخماً ظهرت عند وليم هيلبرت في أثناء عمله في قصر الملكة الإنكليزية إليزابيث عام 1600م.
لاحظ أورستد Oersted، في بداية القرن التاسع عشر الميلادي، انحراف الإبرة المغنطيسية الواقعة في جوار سلك مستقيم يمر فيه تيار كهربائي مستمر، واستنتج أن التيارات الكهربائية تولد حقولاً مغنطيسيةً في الفضاء المحيط بها. إن اكتشاف أورستد كان أول عملية ربط بين الظواهر الكهربائية والمغنطيسية، وعلى الأخص، الربط بين منشأ الحقول المغنطيسية والشحنات المتحركة.
تُوصف الحقول المغنطيسية بوساطة خطوط الحقل المغنطيسي، على غرار وصف الحقل الكهربائي بخطوط الحقل الكهربائي[ر]. لمعرفة خطوط الحقل المغنطيسي، تُنثر كمية من برادة الحديد على لوح من الورق المقوَّى (الكرتون) وُضع عليه قضيب مغنطيسي، أو اخترقه تيار كهربائي ذو أشكال هندسية مختلفة، فيلاحظ أن قطع البرادة تتوجّه على طول خطوط الحقل لتعطي شكل تلك الخطوط، أما جهتها فتحدد بوساطة إبرة مغنطيسية توضع في نقاط الحقل المختلفة. تتوضع الإبرة بحيث تخترقها خطوط الحقل من قطبها الجنوبي إلى قطبها الشمالي. عندئذٍ، تُرسم خطوط الحقل ويشار إلى جهتها بسهم صغير يدل على جهة الحقل في النقطة المدروسة. يبين (الشكل-1) نماذج خطوط الحقل المغنطيسي الناجم عن بعض المغانط والتيارات.
تختلف خطوط الحقل المغنطيسي عن خطوط الحقل الكهربائي[ر] الناتجة عن الشحنات الساكنة من حيث أنها ليست بذات بداية أو نهاية ويُقال إنها خطوط مغلقة سواء كان الحقل ناتجاً من التيارات المستمرة، أو من مغنطيس دائم[ر]. إن خطوط الحقل المغنطيسي، الناجمة عن المغنطيس، تبدو لأول وهلة كأنها تبدأ وتنتهي عند طرفيه. لكنها، في الحقيقة، تستمر داخل المغنطيس نفسه بسبب وجود الحقل المغنطيسي المكروسكوبي داخل المادة والذي ينشأ عن حركة الجسيمات المكروسكوبية المشحونة.
تُعّد الأجسام الممغنطة والتيارات الكهربائية والأجسام المشحونة المتحركة منابعَ للحقل المغنطيسي المكروسكوبي. إن جميع هذه المنابع، على اختلاف أنواعها، ذات طبيعة واحدة لأن الحقل المغنطيسي ينشأ نتيجةً لحركة الجسيمات المكروسكوبية المشحونة( إلكترونات وبروتونات وأيونات) من جهة، وبسبب امتلاك هذه الجسيمات عزوماً مغنطيسية ذاتية (سبينية) من جهة أخرى.
تستخدم خطوط الحقل لوصف الحقل المغنطيسي في نقاط الحقل المختلفة، ذلك أنه في كل نقطة من هذه الخطوط تكون متجهة حقل التحريض المغنطيسي على طول المماس لخط الحقل في تلك النقطة. ففي الأماكن التي تكون فيها قيم الحقل كبيرة تتقارب فيها خطوط الحقل، ويقال إن التدفق المغنطيسي، الذي يقدر بواحدة الفيبر Weber، كبيرٌ.أما في الأماكن التي يكون فيها الحقل ضعيفاً فإن خطوط الحقل تتباعد ويكون التدفق المغنطيسي صغيراً.
من جهة أخرى، الحقل المغنطيسي هو حقل قوة تُؤثر في الشحنات الكهربائية المتحركة وفي الأجسام التي تمتلك عزوماً مغنطيسية، بغض النظر عن حالة حركتها. في هذه الحالة، تحدد قيمة متجهة حقل التحريض المغنطيسي ، القوة التي تؤثر في شحنة كهربائية متحركة، وعلى الأجسام التي لها عزوم مغنطيسية، في النقطة المدروسة من الحقل. يُعبر عن شدة حقل التحريض المغنطيسي بواحدة التسلا Tesla التي ترتبط بواحدة التدفق بالعلاقة الآتية:
تبين التجربة، أن الحقول المغنطيسية تحقق مبدأ الانضمام superposition بمعنى أن الحقل المغنطيسي المحصل في نقطة ما، يساوي المجموع المتّجه للحقول المغنطيسية العنصرية في تلك النقطة.
تنشأ الحقول المغنطيسية المتغيرة من الحقول الكهربائية المتغيرة مع الزمن. وبالمقابل، عندما يتغير الحقل المغنطيسي مع الزمن ينشأ الحقل الكهربائي. أدخل الفيزيائي الإنكليزي فارادي Faraday عام 1845م مفهوم الحقل المغنطيسي وعدّ أن الأفعال المتبادلة الكهربائية والمغنطيسية تتحقق بوساطة حقل مادي واحد. أما الوصف الكامل للأفعال المتبادلة بين الحقول الكهربائية والمغنطيسية، فجاء على يد الفيزيائي الإنكليزي ماكسويل Maxwell عام 1873م الذي وضع النظرية الكلاسيكية للحقل الكهرطيسي وأوجد مجموعة من المعادلات، تحمل اليوم اسمه، يمكن بحلها تعيين الحقلين المغنطيسي والكهربائي.
تعتمد جميع التقنيات الكهربائية والراديوية والإلكترونية على استخدام الحقول المغنطيسية الضعيفة والمتوسطة (ضعيفة حتى 500 أورستد ومتوسطة من 500 حتى 40 كيلوأورستد) التي يمكن الحصول عليها بوساطة المغانط الدائمة والكهربائية والملفات غير المبردة ومغانط النواقل الفائقة. أما الحصول على الحقول المغنطيسية الشديدة (40 كيلوأورستد حتى 1 ميغاأورستد) فيتطلب استخدام ملفات النواقل الفائقة والملفات المبرَّدة بالماء والملفات النبضية. للحصول على الحقول الفائقة الشدة ( أشدّ من 1 ميغاأورستد) تُستخدم المولدات المغنطيسية الانفجارية التي تعتمد طريقةَ الانفجار الموجَّه في حقل مغنطيسي نبضي.
يستخدم الحقل المغنطيسي إلى جانب الحقل الكهربائي في كثير من الأدوات وأجهزة القياس مثل أنابيب التلفاز ورواسم الاهتزاز وذلك لتحقيق انحراف حزمة الإلكترونات المنبعثة بحيث تسقط على أماكن محددة من الشاشة. استخدم طومسون Thompson عام 1897م مثل هذه الأنابيب في حساب نسبة شحنة الإلكترون إلى كتلته وحساب سرعة الإلكترون أيضاً. يستخدم التفاعل بين الحقل المغنطيسي والشحنات المتحركة في توليد الأشعة السينية من الشحنات المُسَرَّعة إلى سرعات عالية جداً، ويستخدم في مطياف الكتلة mass-spectrometer الذي يفصل نظائر العنصر الواحد بعضها عن بعض بعد تأيينها. يُستخدم الحقل المغنطيسي المتغير أيضاً في مسرعات الجسيمات المشحونة مثل البيتاترون betatron الذي يمكن بوساطته تسريع الإلكترونات إلى سرعة قريبة جداً من سرعة الضوء في الخلاء، فيستفاد منها في إصدار الأشعة السينية وأشعة شبيهة بأشعة غاما، التي تستخدم على نطاق واسع في الدراسات والبحوث النووية، وفي عمليات التعقيم الطبية والزراعية وغيرها. أما الأشعة السينية القاسية فتستخدم في الصناعة لكشف عيوب القطع المعدنية المصنعة. تستخدم الحقول المغنطيسية والكهربائية أيضاً في مسرعات الجسيمات المسماة السيكلوترون cyclotron والسينكروترون synchrotron.
عصام الجغامي
Magnetic field - Champ magnétique
الحقل المغنطيسي
عند تقريب مغنطيس[ر] من إبرة مغنطيسية، يُلاحظ أن الإبرة تنحرف عن موضعها وتستقر في اتجاه آخر، ويُقال إن هناك حقلاً مغنطيسياً magnetic field، ناجماً عن المغنطيس، يؤثر في الإبرة المغنطيسية ويحرفها بحيث تشير إلى جهة هذا الحقل في النقطة المدروسة.
عرف الإغريق القدماء المغنطيسية[ر] في عام 600ق.م باكتشاف الفلز الطبيعي المسمى المغنيتيت magnetite الذي يجذب إليه الحديد، وأثبتوا أن الحديد نفسه يصبح قادراً على جذب قطع الحديد الأخرى عند ملامسته لهذا الفلز، أي يتمغنط. بعد ذلك، وفي القرن11م، استخدم الصينيون المغنطيس في صناعة إبرة البوصلة. إن إبرة البوصلة القادرة على الدوران بحرية حول محور شاقولي تسعى لتأخذ منحى الشمال - الجنوب المغنطيسي بسبب وقوعها تحت تأثير الحقل المغنطيسي الأرضي[ر] الذي ينشأ في باطن الكرة الأرضية نتيجة العمليات التي تحصل في نواتها السائلة. إن الفكرة العامة عن كون الكرة الأرضية مغنطيساً ضخماً ظهرت عند وليم هيلبرت في أثناء عمله في قصر الملكة الإنكليزية إليزابيث عام 1600م.
الشكل (1) نماذج خطوط الحقل المغنطيسي الناجمة عن بعض المغانط والتيارات |
تُوصف الحقول المغنطيسية بوساطة خطوط الحقل المغنطيسي، على غرار وصف الحقل الكهربائي بخطوط الحقل الكهربائي[ر]. لمعرفة خطوط الحقل المغنطيسي، تُنثر كمية من برادة الحديد على لوح من الورق المقوَّى (الكرتون) وُضع عليه قضيب مغنطيسي، أو اخترقه تيار كهربائي ذو أشكال هندسية مختلفة، فيلاحظ أن قطع البرادة تتوجّه على طول خطوط الحقل لتعطي شكل تلك الخطوط، أما جهتها فتحدد بوساطة إبرة مغنطيسية توضع في نقاط الحقل المختلفة. تتوضع الإبرة بحيث تخترقها خطوط الحقل من قطبها الجنوبي إلى قطبها الشمالي. عندئذٍ، تُرسم خطوط الحقل ويشار إلى جهتها بسهم صغير يدل على جهة الحقل في النقطة المدروسة. يبين (الشكل-1) نماذج خطوط الحقل المغنطيسي الناجم عن بعض المغانط والتيارات.
تختلف خطوط الحقل المغنطيسي عن خطوط الحقل الكهربائي[ر] الناتجة عن الشحنات الساكنة من حيث أنها ليست بذات بداية أو نهاية ويُقال إنها خطوط مغلقة سواء كان الحقل ناتجاً من التيارات المستمرة، أو من مغنطيس دائم[ر]. إن خطوط الحقل المغنطيسي، الناجمة عن المغنطيس، تبدو لأول وهلة كأنها تبدأ وتنتهي عند طرفيه. لكنها، في الحقيقة، تستمر داخل المغنطيس نفسه بسبب وجود الحقل المغنطيسي المكروسكوبي داخل المادة والذي ينشأ عن حركة الجسيمات المكروسكوبية المشحونة.
تُعّد الأجسام الممغنطة والتيارات الكهربائية والأجسام المشحونة المتحركة منابعَ للحقل المغنطيسي المكروسكوبي. إن جميع هذه المنابع، على اختلاف أنواعها، ذات طبيعة واحدة لأن الحقل المغنطيسي ينشأ نتيجةً لحركة الجسيمات المكروسكوبية المشحونة( إلكترونات وبروتونات وأيونات) من جهة، وبسبب امتلاك هذه الجسيمات عزوماً مغنطيسية ذاتية (سبينية) من جهة أخرى.
تستخدم خطوط الحقل لوصف الحقل المغنطيسي في نقاط الحقل المختلفة، ذلك أنه في كل نقطة من هذه الخطوط تكون متجهة حقل التحريض المغنطيسي على طول المماس لخط الحقل في تلك النقطة. ففي الأماكن التي تكون فيها قيم الحقل كبيرة تتقارب فيها خطوط الحقل، ويقال إن التدفق المغنطيسي، الذي يقدر بواحدة الفيبر Weber، كبيرٌ.أما في الأماكن التي يكون فيها الحقل ضعيفاً فإن خطوط الحقل تتباعد ويكون التدفق المغنطيسي صغيراً.
من جهة أخرى، الحقل المغنطيسي هو حقل قوة تُؤثر في الشحنات الكهربائية المتحركة وفي الأجسام التي تمتلك عزوماً مغنطيسية، بغض النظر عن حالة حركتها. في هذه الحالة، تحدد قيمة متجهة حقل التحريض المغنطيسي ، القوة التي تؤثر في شحنة كهربائية متحركة، وعلى الأجسام التي لها عزوم مغنطيسية، في النقطة المدروسة من الحقل. يُعبر عن شدة حقل التحريض المغنطيسي بواحدة التسلا Tesla التي ترتبط بواحدة التدفق بالعلاقة الآتية:
تبين التجربة، أن الحقول المغنطيسية تحقق مبدأ الانضمام superposition بمعنى أن الحقل المغنطيسي المحصل في نقطة ما، يساوي المجموع المتّجه للحقول المغنطيسية العنصرية في تلك النقطة.
تنشأ الحقول المغنطيسية المتغيرة من الحقول الكهربائية المتغيرة مع الزمن. وبالمقابل، عندما يتغير الحقل المغنطيسي مع الزمن ينشأ الحقل الكهربائي. أدخل الفيزيائي الإنكليزي فارادي Faraday عام 1845م مفهوم الحقل المغنطيسي وعدّ أن الأفعال المتبادلة الكهربائية والمغنطيسية تتحقق بوساطة حقل مادي واحد. أما الوصف الكامل للأفعال المتبادلة بين الحقول الكهربائية والمغنطيسية، فجاء على يد الفيزيائي الإنكليزي ماكسويل Maxwell عام 1873م الذي وضع النظرية الكلاسيكية للحقل الكهرطيسي وأوجد مجموعة من المعادلات، تحمل اليوم اسمه، يمكن بحلها تعيين الحقلين المغنطيسي والكهربائي.
تعتمد جميع التقنيات الكهربائية والراديوية والإلكترونية على استخدام الحقول المغنطيسية الضعيفة والمتوسطة (ضعيفة حتى 500 أورستد ومتوسطة من 500 حتى 40 كيلوأورستد) التي يمكن الحصول عليها بوساطة المغانط الدائمة والكهربائية والملفات غير المبردة ومغانط النواقل الفائقة. أما الحصول على الحقول المغنطيسية الشديدة (40 كيلوأورستد حتى 1 ميغاأورستد) فيتطلب استخدام ملفات النواقل الفائقة والملفات المبرَّدة بالماء والملفات النبضية. للحصول على الحقول الفائقة الشدة ( أشدّ من 1 ميغاأورستد) تُستخدم المولدات المغنطيسية الانفجارية التي تعتمد طريقةَ الانفجار الموجَّه في حقل مغنطيسي نبضي.
يستخدم الحقل المغنطيسي إلى جانب الحقل الكهربائي في كثير من الأدوات وأجهزة القياس مثل أنابيب التلفاز ورواسم الاهتزاز وذلك لتحقيق انحراف حزمة الإلكترونات المنبعثة بحيث تسقط على أماكن محددة من الشاشة. استخدم طومسون Thompson عام 1897م مثل هذه الأنابيب في حساب نسبة شحنة الإلكترون إلى كتلته وحساب سرعة الإلكترون أيضاً. يستخدم التفاعل بين الحقل المغنطيسي والشحنات المتحركة في توليد الأشعة السينية من الشحنات المُسَرَّعة إلى سرعات عالية جداً، ويستخدم في مطياف الكتلة mass-spectrometer الذي يفصل نظائر العنصر الواحد بعضها عن بعض بعد تأيينها. يُستخدم الحقل المغنطيسي المتغير أيضاً في مسرعات الجسيمات المشحونة مثل البيتاترون betatron الذي يمكن بوساطته تسريع الإلكترونات إلى سرعة قريبة جداً من سرعة الضوء في الخلاء، فيستفاد منها في إصدار الأشعة السينية وأشعة شبيهة بأشعة غاما، التي تستخدم على نطاق واسع في الدراسات والبحوث النووية، وفي عمليات التعقيم الطبية والزراعية وغيرها. أما الأشعة السينية القاسية فتستخدم في الصناعة لكشف عيوب القطع المعدنية المصنعة. تستخدم الحقول المغنطيسية والكهربائية أيضاً في مسرعات الجسيمات المسماة السيكلوترون cyclotron والسينكروترون synchrotron.
عصام الجغامي