لطالما انتشرت الصورة النمطية للسكرتيرة التي تحاول إبراز جسدها للحصول على ترقية أو الرئيس الذكر المتسلط على أتباعه. لكن يبدو أن دراسة حديثة ستغير المفاهيم وتدل على أن الرجال في مواقع التبعية الأقل سلطة هم في الواقع من يلجؤون للمغازلة واستخدام التلميحات الجنسية وقد يصل الأمر إلى مضايقة الرؤساء بمثابة طريقة لإثبات رجولتهم وقوتهم لتحقيق مكاسب شخصية في العمل.
شاركت أستاذة كلية هاس للأعمال لورا غراي في كتابة الورقة البحثية الجديدة التي نُشرت في مجلة Organizational Behavior and Human Decision Processes، وتناقش التصور القائل إن الرجال الذين يشغلون مناصب قوية هم الأكثر عرضة لاتباع السلوك الجنسي الاجتماعي الذي يمكن أن يتطور إلى تحرش. تقدم الدراسة منظورًا جديدًا لديناميكيات القوة في مكان العمل.
تركز الدراسات وأوراق البحث في هذا المجال على الرجال في موقع السلطة. لكن عبر عدة دراسات، كُشف كذب هذه الصورة النمطية القائلة إن السلوك الجنسي الاجتماعي لا يفعله سوى الرجال ذوو القوة والمناصب العُليا والتي تفسر أن القوة بطريقة ما مثيرة جنسيًا وتجعلهم يستغلون الآخرين.
قالت غراي الدكتورة في علم النفس والتي تدرس سلوكيات الجنسين: «في الواقع وجدنا أن الرجال الذين غالبًا ما يكونون غير واثقين من موقعهم في العمل يلجؤون إلى السلوك الجنسي غير المرغوب ليبدوا أكثر ذكورية وقوة حتى عندما يعلمون أنه مسيء للمرأة».
درس الباحثون في سلسلة من التجارب المخبرية وعبر الإنترنت، العلاقة بين الهوية الجنسية الاجتماعية (كيف يحدد الناس جاذبيتهم الجنسية) وكيف يمكن أن تؤدي إلى زيادة السلوك الجنسي في العمل وهذا يشمل المغازلة والتلميحات الجنسية والتحرش.
وجد الباحثون أن الرجال ليسوا فقط أكثر عرضة من النساء للانخراط في مثل هذا السلوك لتحقيق مكاسب شخصية، ولكن الرجال في المناصب الأقل سلطة غالبًا ما يصفون أنفسهم على أنهم مغازلون ساحرون ويتمتعون بجاذبية جنسية ويظهرون سلوكًا جنسيًّا ليبدوا بهيئة أكثر قوة.
الصورة النمطية عن المغازلة
نشر بحث سابق يتناول السلطة الاجتماعية أنه من المرجح للنساء أن ينخرطن في السلوك الجنسي الاجتماعي عندما يتواجدون في مناصب أدنى من غيرهم. تقول غراي: «إن هذه الأفكار تعود إلى الصورة النمطية القديمة عن النساء. على سبيل المثال، قد ترفع السكرتيرة في المكتب تنورتها وتغازل رئيسها للحصول على معاملة أفضل». ناقشت إحدى الأوراق البحثية أن النساء ذوات السلطة المنخفضة هن من يغازلن في العمل لأنهن الأكثر استفادة. الأمر الذي شجع غراي وفريقها لوضع اختبار تجريبي في سلسلة من ست دراسات.
أظهرت تجاربهم التي أُجريت مع مشاركين مغايري الجنس (محبين للجنس الآخر) أنه عندما يُطلب من الناس تعريف أنفسهم، فإن الأشخاص الذين يتباهون أنهم يملكون هوية جنسية اجتماعية قوية قد تكون بمثابة مؤشر على كيفية تصرفهم في العمل. كتب الباحثون أن هذا التصور الذاتي بوصفه مغازلة مهم لفهم ما يعتقده المتحرشون وكيف يتعاملون مع أنفسهم ما يفسر كيف يبررون سلوكهم الاجتماعي الإشكالي.
درس الباحثون أيضًا الاختلافات بين الرجال والنساء في استخدامهم استراتيجيات المغازلة ووجدوا أن الرجال -وليس النساء- يضايقون زملائهم في العمل بما في ذلك الرؤساء عندما يدركون أن لديهم القليل من القوة ويريدون الظهور بصورة أقوى. وأشاروا إلى أن معدلات السلوك الجنسي الاجتماعي قد تختلف باختلاف التوجه الجنسي. وهي قضية لم تُكتشف في عينة الباحثين لأن الأغلبية العظمى كانوا مغايري الجنس.
التجارب
أُتيحت للمشاركين فرصة لطرح أسئلة غير ملائمة جنسيًا لشخص من الجنس الآخر في إحدى التجارب في أثناء اجتماع التعارف عبر الإنترنت. إذ يُعطى المشاركون سؤالين ويجب أن يسأل الطرف الآخر سؤالًا واحدًا منهما. السؤال الأول عما إذا كان يواجه نزاعًا في مكان العمل (سؤال موجه)، والسؤال الثاني إذا كان لديهم علاقة في مكان العمل (سؤال جنسي اجتماعي). سجل الباحثون عدد المرات التي اختار فيها المشاركون الأسئلة الجنسية الاجتماعية، ووجدوا أن الرجال أظهروا سلوكًا جنسيًا اجتماعيًا أكثر من النساء ولكن ذلك فقط عندما سعوا إلى تعزيز الذات. على سبيل المثال، عندما يريدون الظهور متميزين أو أقوياء أو مسيطرين. ارتبط هذا الاختلاف بين الجنسين بمدى قوة تعريف هؤلاء الرجال لأنفسهم على أنهم مغازلون.
شارك الباحثون مع أكثر من 200 طالب جامعي لإجراء دراسة حول كيفية تأثير الهوية الجنسية الاجتماعية على العمل الجماعي. أُخبر المشاركين أنه قبل الاجتماع مع شركائهم شخصيًا للعمل على المهام سيتبادلون المعلومات الشخصية (الجنس وأهداف الحياة والسمات الشخصية والجاذبية)، وسيكتبون هذه الملفات الشخصية بخط اليد. كتبوا أيضًا مقالًا مفتوحًا عن تجاربهم السابقة القيادية قبل تلقي الملف الشخصي لشريكهم.
أُخبر الطلاب أنهم سيعملون مع شريكهم في سلسلة من المهام التي يحددها الرئيس، وبناءً على إجاباتهم السابقة سيأخذون منصب الرئيس أو المرؤوس.
في الواقع، عُين المشاركون عشوائيًا وطوبقوا مع شريك من الجنس الآخر -لكن لن يلتقوا شخصيًا أبدًا حتى لا يُمنحوا فرصة للتحرش-. ثم طُلب من المشاركين الاختيار من بين مجموعة من الأسئلة الجنسية الاجتماعية -المستخدمة في الدراسة السابقة- التي يريدون طرحها عند الالتقاء بشريكهم. ووجد الباحثون أن الطلاب الذكور الذين قيل لهم إنهم سيخضعون لرئيسة في الفريق اختاروا الأسئلة الجنسية الاجتماعية أكثر من الرؤساء الذكور والرؤساء الإناث والإناث المرؤوسات من قبل الذكور.
قالت غراي: «هذه النتائج كانت مفاجئة تمامًا لأنها تدحض الصورة النمطية بأن النساء ذوات القوة المنخفضة أكثر عرضة لاستخدام المغازلة وسيلةً للتعويض عن موقعهن الأقل قوة».
في تجربة مخبرية أخرى، أجريت مع طلاب جامعيين استكشف الباحثون ديناميكيات القوة (الطرق التي يمكن للشركاء اتباعها للتأثير على بعضهم). قرأ المشاركون سيناريو افتراضي بين ديفيد البالغ من العمر 26 عامًا ورئيسته الجديدة فانيسا البالغة من العمر 27 عامًا. عندما التقيا أول مرة لتناول القهوة، طلب ديفيد من فانيسا وصف الفريق العظيم. قالت فانيسا: «الفريق العظيم هو الذي يتسم بالعاطفة والتعاون والراغب في العمل الجاد. الشغف مهم جدًا».
أجاب ديفيد بطريقتين، الأولى كانت: «شغف؟ يمكنني بالتأكيد أن أقدم لك شغفًا. هل سبق لك العمل مع شخص أردت مواعدته؟ لدي فضول لمعرفة من تريه جذابًا». أما الطريقة الثانية كانت: «العمل الجاد؟ يمكنني بالتأكيد أن أقدم لك أخلاقيات عمل قوية. هل سبق لك العمل مع شخص واعتقدتي أنه جيد في عمله؟ ينتابني الفضول لمعرفة ما الذي يريحك عند التعامل مع الأشخاص؟».
عند سؤال الطلاب عن كلا الإجابتين، وجد الطلاب أن إجابة ديفيد الأولى كانت مغازلة وذكورية وقوية عند مقارنتها بالإجابة الثانية. كتب الباحثون: «لقد وجدنا دعمًا لفكرة أن بدء الرجال ذوي السلطة المنخفضة السلوك الجنسي الاجتماعي تجاه النساء ذوات السلطة العُليا قد يؤثر في التصورات الاجتماعية للسلطة». مشيرين أيضًا إلى أن السلوك الجنسي الاجتماعي لديفيد قد يساعد على تقليص فجوة القوة بينه وبين فانيسا.
لا يدور هذا البحث حول ما إذا كانت المغازلة جيدة أم سيئة. وتلاحظ غراي التي درست سابقًا آثار استخدام النساء المغازلة كوسيلة لإظهار القوة أثناء المفاوضات. وحذرت أن الدراسة لا تنفي أن الأشخاص الذين يشغلون مناصب قوية لا يكونون متحرشين جنسيين. في الواقع، تعتبر المضايقات من قبل الرئيس سيئة لأنها يمكن أن تتضمن مقايضة. على سبيل المثال، إخبار شخص ما أنه إذا وافق على الخروج في موعد سيحصل على ترقية أو ميزة أخرى.
قالت غراي: «أظهرت الأبحاث السابقة أن النوع الأكثر شيوعًا من المضايقات في مكان العمل يحدث بين الزملاء الذين يتمتعون بسلطة متساوية نسبيًا.
يمكن التعرض للمضايقات في العمل بغض النظر عن المنصب في التسلسل الهرمي. مع ذلك، وجد بحثنا أن الاتجاه الوحيد الذي يظهر اختلافًا بين الجنسين هو بين المرؤوسين الذين يوجهون سلوكًا جنسيًّا اجتماعيًّا تجاه الرؤساء، ونرى أن الرجال ينخرطون في هذا السلوك أكثر من النساء».
نستنتج من الورقة البحثية أنه عندما يصف المرء نفسه بالمغازل من الممكن أن نتنبأ بمجموعة كبيرة من سلوكياته. تقع بعض السلوكيات في المقياس الجيد نسبيًا، لكن البعض الآخر مُسيء جدًا ويصف معظم الناس هذه التصرفات على أنها مضايقات.
قالت غراي: «لدى الناس عمومًا نظرة إيجابية لكون الأشخاص مغازلين أو ساحرين أو يتمتعون بجاذبية جنسية، ولكن عندما نتعامل مع هذه الهوية على أنها شيء إيجابي فإنها تؤدي إلى تعزيز أنماط سلوكية معينة وربما تتطور لتكون مسيئة. وعندها يستخدم الناس هذه الهوية عذرًا لتبرير تصرفاتهم».
شاركت أستاذة كلية هاس للأعمال لورا غراي في كتابة الورقة البحثية الجديدة التي نُشرت في مجلة Organizational Behavior and Human Decision Processes، وتناقش التصور القائل إن الرجال الذين يشغلون مناصب قوية هم الأكثر عرضة لاتباع السلوك الجنسي الاجتماعي الذي يمكن أن يتطور إلى تحرش. تقدم الدراسة منظورًا جديدًا لديناميكيات القوة في مكان العمل.
تركز الدراسات وأوراق البحث في هذا المجال على الرجال في موقع السلطة. لكن عبر عدة دراسات، كُشف كذب هذه الصورة النمطية القائلة إن السلوك الجنسي الاجتماعي لا يفعله سوى الرجال ذوو القوة والمناصب العُليا والتي تفسر أن القوة بطريقة ما مثيرة جنسيًا وتجعلهم يستغلون الآخرين.
قالت غراي الدكتورة في علم النفس والتي تدرس سلوكيات الجنسين: «في الواقع وجدنا أن الرجال الذين غالبًا ما يكونون غير واثقين من موقعهم في العمل يلجؤون إلى السلوك الجنسي غير المرغوب ليبدوا أكثر ذكورية وقوة حتى عندما يعلمون أنه مسيء للمرأة».
درس الباحثون في سلسلة من التجارب المخبرية وعبر الإنترنت، العلاقة بين الهوية الجنسية الاجتماعية (كيف يحدد الناس جاذبيتهم الجنسية) وكيف يمكن أن تؤدي إلى زيادة السلوك الجنسي في العمل وهذا يشمل المغازلة والتلميحات الجنسية والتحرش.
وجد الباحثون أن الرجال ليسوا فقط أكثر عرضة من النساء للانخراط في مثل هذا السلوك لتحقيق مكاسب شخصية، ولكن الرجال في المناصب الأقل سلطة غالبًا ما يصفون أنفسهم على أنهم مغازلون ساحرون ويتمتعون بجاذبية جنسية ويظهرون سلوكًا جنسيًّا ليبدوا بهيئة أكثر قوة.
الصورة النمطية عن المغازلة
نشر بحث سابق يتناول السلطة الاجتماعية أنه من المرجح للنساء أن ينخرطن في السلوك الجنسي الاجتماعي عندما يتواجدون في مناصب أدنى من غيرهم. تقول غراي: «إن هذه الأفكار تعود إلى الصورة النمطية القديمة عن النساء. على سبيل المثال، قد ترفع السكرتيرة في المكتب تنورتها وتغازل رئيسها للحصول على معاملة أفضل». ناقشت إحدى الأوراق البحثية أن النساء ذوات السلطة المنخفضة هن من يغازلن في العمل لأنهن الأكثر استفادة. الأمر الذي شجع غراي وفريقها لوضع اختبار تجريبي في سلسلة من ست دراسات.
أظهرت تجاربهم التي أُجريت مع مشاركين مغايري الجنس (محبين للجنس الآخر) أنه عندما يُطلب من الناس تعريف أنفسهم، فإن الأشخاص الذين يتباهون أنهم يملكون هوية جنسية اجتماعية قوية قد تكون بمثابة مؤشر على كيفية تصرفهم في العمل. كتب الباحثون أن هذا التصور الذاتي بوصفه مغازلة مهم لفهم ما يعتقده المتحرشون وكيف يتعاملون مع أنفسهم ما يفسر كيف يبررون سلوكهم الاجتماعي الإشكالي.
درس الباحثون أيضًا الاختلافات بين الرجال والنساء في استخدامهم استراتيجيات المغازلة ووجدوا أن الرجال -وليس النساء- يضايقون زملائهم في العمل بما في ذلك الرؤساء عندما يدركون أن لديهم القليل من القوة ويريدون الظهور بصورة أقوى. وأشاروا إلى أن معدلات السلوك الجنسي الاجتماعي قد تختلف باختلاف التوجه الجنسي. وهي قضية لم تُكتشف في عينة الباحثين لأن الأغلبية العظمى كانوا مغايري الجنس.
التجارب
أُتيحت للمشاركين فرصة لطرح أسئلة غير ملائمة جنسيًا لشخص من الجنس الآخر في إحدى التجارب في أثناء اجتماع التعارف عبر الإنترنت. إذ يُعطى المشاركون سؤالين ويجب أن يسأل الطرف الآخر سؤالًا واحدًا منهما. السؤال الأول عما إذا كان يواجه نزاعًا في مكان العمل (سؤال موجه)، والسؤال الثاني إذا كان لديهم علاقة في مكان العمل (سؤال جنسي اجتماعي). سجل الباحثون عدد المرات التي اختار فيها المشاركون الأسئلة الجنسية الاجتماعية، ووجدوا أن الرجال أظهروا سلوكًا جنسيًا اجتماعيًا أكثر من النساء ولكن ذلك فقط عندما سعوا إلى تعزيز الذات. على سبيل المثال، عندما يريدون الظهور متميزين أو أقوياء أو مسيطرين. ارتبط هذا الاختلاف بين الجنسين بمدى قوة تعريف هؤلاء الرجال لأنفسهم على أنهم مغازلون.
شارك الباحثون مع أكثر من 200 طالب جامعي لإجراء دراسة حول كيفية تأثير الهوية الجنسية الاجتماعية على العمل الجماعي. أُخبر المشاركين أنه قبل الاجتماع مع شركائهم شخصيًا للعمل على المهام سيتبادلون المعلومات الشخصية (الجنس وأهداف الحياة والسمات الشخصية والجاذبية)، وسيكتبون هذه الملفات الشخصية بخط اليد. كتبوا أيضًا مقالًا مفتوحًا عن تجاربهم السابقة القيادية قبل تلقي الملف الشخصي لشريكهم.
أُخبر الطلاب أنهم سيعملون مع شريكهم في سلسلة من المهام التي يحددها الرئيس، وبناءً على إجاباتهم السابقة سيأخذون منصب الرئيس أو المرؤوس.
في الواقع، عُين المشاركون عشوائيًا وطوبقوا مع شريك من الجنس الآخر -لكن لن يلتقوا شخصيًا أبدًا حتى لا يُمنحوا فرصة للتحرش-. ثم طُلب من المشاركين الاختيار من بين مجموعة من الأسئلة الجنسية الاجتماعية -المستخدمة في الدراسة السابقة- التي يريدون طرحها عند الالتقاء بشريكهم. ووجد الباحثون أن الطلاب الذكور الذين قيل لهم إنهم سيخضعون لرئيسة في الفريق اختاروا الأسئلة الجنسية الاجتماعية أكثر من الرؤساء الذكور والرؤساء الإناث والإناث المرؤوسات من قبل الذكور.
قالت غراي: «هذه النتائج كانت مفاجئة تمامًا لأنها تدحض الصورة النمطية بأن النساء ذوات القوة المنخفضة أكثر عرضة لاستخدام المغازلة وسيلةً للتعويض عن موقعهن الأقل قوة».
في تجربة مخبرية أخرى، أجريت مع طلاب جامعيين استكشف الباحثون ديناميكيات القوة (الطرق التي يمكن للشركاء اتباعها للتأثير على بعضهم). قرأ المشاركون سيناريو افتراضي بين ديفيد البالغ من العمر 26 عامًا ورئيسته الجديدة فانيسا البالغة من العمر 27 عامًا. عندما التقيا أول مرة لتناول القهوة، طلب ديفيد من فانيسا وصف الفريق العظيم. قالت فانيسا: «الفريق العظيم هو الذي يتسم بالعاطفة والتعاون والراغب في العمل الجاد. الشغف مهم جدًا».
أجاب ديفيد بطريقتين، الأولى كانت: «شغف؟ يمكنني بالتأكيد أن أقدم لك شغفًا. هل سبق لك العمل مع شخص أردت مواعدته؟ لدي فضول لمعرفة من تريه جذابًا». أما الطريقة الثانية كانت: «العمل الجاد؟ يمكنني بالتأكيد أن أقدم لك أخلاقيات عمل قوية. هل سبق لك العمل مع شخص واعتقدتي أنه جيد في عمله؟ ينتابني الفضول لمعرفة ما الذي يريحك عند التعامل مع الأشخاص؟».
عند سؤال الطلاب عن كلا الإجابتين، وجد الطلاب أن إجابة ديفيد الأولى كانت مغازلة وذكورية وقوية عند مقارنتها بالإجابة الثانية. كتب الباحثون: «لقد وجدنا دعمًا لفكرة أن بدء الرجال ذوي السلطة المنخفضة السلوك الجنسي الاجتماعي تجاه النساء ذوات السلطة العُليا قد يؤثر في التصورات الاجتماعية للسلطة». مشيرين أيضًا إلى أن السلوك الجنسي الاجتماعي لديفيد قد يساعد على تقليص فجوة القوة بينه وبين فانيسا.
لا يدور هذا البحث حول ما إذا كانت المغازلة جيدة أم سيئة. وتلاحظ غراي التي درست سابقًا آثار استخدام النساء المغازلة كوسيلة لإظهار القوة أثناء المفاوضات. وحذرت أن الدراسة لا تنفي أن الأشخاص الذين يشغلون مناصب قوية لا يكونون متحرشين جنسيين. في الواقع، تعتبر المضايقات من قبل الرئيس سيئة لأنها يمكن أن تتضمن مقايضة. على سبيل المثال، إخبار شخص ما أنه إذا وافق على الخروج في موعد سيحصل على ترقية أو ميزة أخرى.
قالت غراي: «أظهرت الأبحاث السابقة أن النوع الأكثر شيوعًا من المضايقات في مكان العمل يحدث بين الزملاء الذين يتمتعون بسلطة متساوية نسبيًا.
يمكن التعرض للمضايقات في العمل بغض النظر عن المنصب في التسلسل الهرمي. مع ذلك، وجد بحثنا أن الاتجاه الوحيد الذي يظهر اختلافًا بين الجنسين هو بين المرؤوسين الذين يوجهون سلوكًا جنسيًّا اجتماعيًّا تجاه الرؤساء، ونرى أن الرجال ينخرطون في هذا السلوك أكثر من النساء».
نستنتج من الورقة البحثية أنه عندما يصف المرء نفسه بالمغازل من الممكن أن نتنبأ بمجموعة كبيرة من سلوكياته. تقع بعض السلوكيات في المقياس الجيد نسبيًا، لكن البعض الآخر مُسيء جدًا ويصف معظم الناس هذه التصرفات على أنها مضايقات.
قالت غراي: «لدى الناس عمومًا نظرة إيجابية لكون الأشخاص مغازلين أو ساحرين أو يتمتعون بجاذبية جنسية، ولكن عندما نتعامل مع هذه الهوية على أنها شيء إيجابي فإنها تؤدي إلى تعزيز أنماط سلوكية معينة وربما تتطور لتكون مسيئة. وعندها يستخدم الناس هذه الهوية عذرًا لتبرير تصرفاتهم».