بنو حسنويه أسرة كردية أقامت إمارة لنفسها في النصف الثاني من القرن الرابع للهجرة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بنو حسنويه أسرة كردية أقامت إمارة لنفسها في النصف الثاني من القرن الرابع للهجرة

    حسنويه (بن)

    Banu Hasnawayh - Banu Hasnawayh

    حسنويه (بنو-)
    (نحو 348-406هـ/959-1015م)

    بنو حسنويه أسرة كردية متنفذة استطاعت أن تقيم لنفسها في النصف الثاني من القرن الرابع للهجرة /العاشر الميلادي إمارة مستقلة ذاتياً امتد سلطانها إلى مناطق شاسعة من غربي إيران والجزيرة العليا.
    مؤسس الأسرة أبو الفوارس حسنويه بن حسين البرزيكاني زعيم فخذ وقائد عسكر من قبيلة بَرزِيكان الكردية يعرفون بالبرزينية، وكانت القبيلة تخضع لحكم البويهيين[ر] وتتحكم قبل ذلك بعقود من الزمن بعدد من القلاع والحمايات في غربي إيران و أطراف دينور وهمدان ونهوند والصامغان إلى حد شهرزور، ويتزعمها خالا حسنويه ونداد وغانم ابنا أحمد وهما من فخذ آخر يعرف بالعيشانية. وقد مات ونداد سنة 349هـ/960م وخلفه في الزعامة ابنه عبد الوهاب الذي وقع في أسر بعض الثوار فتسلمه حسنويه منهم وضم أملاكه وقلاعه إليه. ومات غانم بعد أخيه بعام، وقام ابنه ديسم مقامه في قلعة قسنان، إلى أن أزاله أبو الفتح ابن العميد[ر] واستصفى قلاعه. وبذلك انتقلت زعامة القبيلة كلها إلى حسنويه بن حسين الذي استطاع بحسن تدبيره تارة وبالقوة تارة أخرى أن يوسع حدود أملاكه في بلاد كردستان ومنطقة قرميسين من إقليم الجبل وشيد لنفسه هناك قلعة سرماج، وحظي بمباركة ركن الدولة حسن بن بويه ورضاه، فأطلق يده في بسط سيطرته على أكراد المنطقة لما قدمه من مساعدة له في صراعه مع السامانيين[ر] وحلفائهم، وشجع ذلك حسنويه على التمادي والوقوف في وجه حاكم همدان سهلان بن مسافر وامتناعه عن تأدية ما عليه من التزامات مالية إليه. ولما أراد ابن العميد وزير ركن الدولة إرسال قوة لتأديبه خشية تفاقم أمره مات قبل أن يتحرك الجيش، ومال خليفته أبو الفتح بن العميد إلى مفاوضة حسنويه بدلاً من محاربته، ومنحه استقلالاً مالياً في مقابل تأديته خمسين ألف دينار وعدد كبير من الخيول والماشية سنوياً. وتوصل حسنويه بدوره إلى مصالحة سهلان بن مسافر ومصاهرته، فصفت أموره وازداد نفوذه.
    ولما احتدم الصراع بين عز الدولة بختيار بن معز الدولة أحمد بن بويه وابن عمه عضد الدولة خسرو بن ركن الدولة، انحاز حسنويه إلى بختيار ووعده بالعون وأن يسير إليه بنفسه، ولكنه خشي عاقبة الأمر مع عضد الدولة فاكتفى بإرسال ابنيه عبد الرزاق وبدر إلى بختيار في نحو ألف فارس، واعتذر عن عدم حضوره لارتباطه مع فخر الدولة علي بن ركن الدولة صاحب الري وهمدان في أمور الجبل، وفي سنة 373 أضاف أصفهان إلى منطقة نفوذه. ولما قرر بختيار التوجه إلى بغداد عاد ابنا حسنويه إلى أبيهما.
    توفي حسنويه بن حسين الكردي في سنة 396هـ/979م في سرماج، وكان مجداً حسن السياسة والسيرة، ضابطاً لأمره، منع أصحابه من التلصص، وبنى بالدينور جامعاً بالحجارة المهندمة، وكان كثير الصدقة بالحرمين مهتما بأمر الحجيج في الطريق إلى مكة. ترك أموالاً كثيرة، وسبعة أولاد ذكور هم: عبد الرزاق وأبو العلاء وأبو النجم بدر وعاصم وأبو عدنان وبختيار وعبد الملك، وقد افترق أولاده من بعده فبعضهم انحاز إلى فخر الدولة وبعضهم إلى أخيه عضد الدولة. وكان بختيار بن حسنويه بقلعة سرماج ومعه الأموال والذخائر، فكاتب عضد الدولة ورغب في طاعته، ثم تلون عنه وتغير، فسير عضد الدولة إليه جيشاً فحصره وأخذ قلعته وكذلك قلاع إخوته جميعها، واصطنع من بينهم أبا النجم بدر بن حسنويه وقواه بالرجال فضبط تلك النواحي وكف عادية من بها من الأكراد، واستقام أمر بدر حاكماً على بلاده باسم مؤيد الدولة بن ركن الدولة البويهي. ولكن إخوة بدر شقوا عصا الطاعة عليه وعلى البويهيين، واستمال عاصم بن حسنويه أكراد الجبل فسير إليه عضد الدولة عسكراً أوقعوا به وبمن معه وأسروه، وأدخل عاصم همدان على جمل حيث سجن أو قتل، وتم التخلص من بقية أولاد حسنويه إلا بدراً فإنه أُقِرَّ على عمله.
    وفي سنة 373هـ عصا محمد بن غانم البرزيكاني بناحية كوردر من أعمال قم على فخر الدولة، فأرسل فخر الدولة إلى أبي النجم بدر بن حسنويه يأمره بإصلاح الحال، ففعل وراسل محمداً فاصطلح معه، وبقي إلى سنة 375 هـ إلى أن سار إلى محمد جيش لفخر الدولة وأخذه أسيراً ومات في الأسر.
    بعد وفاة عضد الدولة سنة 372هـ ومؤيد الدولة سنة 373هـ ونشوب صراع بين ورثة آل بويه على السلطة، وتولي شرف الدولة بن عضد الدولة السلطة ببغداد، أرسل هذا الأخير سنة 377 هـ جيشاً بقيادة قراتكين الجهشياري لقتال بدر بن حسنويه لمساندته عمه فخر الدولة، واجتمع العسكران على واد بقرميسين فانهزم بدر أول الأمر، ثم كر من جديد وقتل من جيش قراتكين مقتلة عظيمة ونجا قراتكين بنفسه، وقويت شوكة بدر بعد ذلك فاستولى على أعمال الجبل وما والاها، وغدا بعد موت فخر الدولة سنة 378هـ وصياً على وريثه مجد الدولة رستم وساعده على رد هجمات محمود الغزنوي[ر] على ممتلكاته، كما تقرب من بهاء الدولة الحاكم البويهي الجديد في بغداد، الذي أوصى به لدى الخليفة القادر بالله، فمنحه سنة 388هـ/998م لقب ناصر الدين والدولة، وصار في جملة ممتلكاته سابورخواست ودينور ونهوند وأسدأباد وبارجرد ومناطق من الأهواز إضافة إلى قرميسين وحلوان وشهرزور، وطار صيته لما كان يهتم به من فرض الأمن وإقامة العدل فيما تحت يده وتوفير راحة الحجاج وشق الطرق وتشجيع التجارة، ويكثر الإنفاق على العرب البدو بطريق مكة ليكفوا عن أذى الحجاج. وقد عثر على قطع نقود من عصره تدل على أنه سك النقود باسمه. ومع كل ذلك فقد حملت إليه سنوات حكمه الأخيرة متاعب جمة منها الصراع الذي ظل قائما بين أمراء آل بويه ومن والاهم من الحكام، فكلما انحاز بدر إلى فئة منهم أثار عليه غضب الفئات الأخرى، إضافة إلى العداء المستحكم بين البرزينية والقبائل الكردية الأخرى وخاصة الشاذنجانية إلى الغرب من قرميسين وحلوان التي كان العنازيون أبرز أسرها، وقد طردهم بدر من ديارهم ولجأ زعيمهم أبو الفتح بن عناز إلى بني عقيل في الجزيرة العليا في سنة 397هـ. كذلك واجه بدر بن حسنويه تمرد ابنه هلال عليه سنة 400هـ وتمكنه منه، ولكن بدراً استرد ملكه بمعونة جيش بعث به بهاء الدولة.
    وفي سنة 405هـ/1014م خرج بدر لقتال جماعة من الأكراد المتمردين فاغتاله بعضهم وهو قائم على صخرة، وكان طاهر بن هلال بن بدر هاربا من جده بنواحي شهرزور فبادر إلى المطالبة بملكه ودارت الحرب بينه وبين شمس الدولة أبي طاهر بن فخر الدولة صاحب همدان فأُسر طاهر وسجن وأخذ ماله. وكان أبوه هلال سجيناً لدى سلطان الدولة أبي شجاع بن بهاء الدولة فأطلقه وسير معه العساكر ليستعيد ما أخذه شمس الدولة، ولما التقى العسكران انهزم أصحاب هلال وأسر هو وقتل، وبعد عام قتل ابنه على يد أبي الشوك بن أبي الفتح بن عناز، وانتهت بذلك دولة بني حسنويه ولم يبق لورثتهم سوى قلعتهم سرماج التي سقطت في يد إبراهيم إينال السلجوقي بعد موت أخرهم سنة 439هـ/1047م.
    محمد وليد الجلاد
يعمل...
X