مارشال (مشروع)
Marshall Plan - Plan Marshall
مارشال (مشروع ـ)
مشروع مارشال The Marshall Plan مبادرة تقدَّم بها وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية جورج مارشال في أثناء محاضرة ألقاها في جامعة هارفرد في حزيران/يونيو1947 وعُرفت فيما بعد باسم مشروع مارشال، وكان الهدف المعلن هو مساعدة أوربا في إعادة إعمار ما دمرته الحرب العالمية الثانية، واستعداد الولايات المتحدة للمساهمة المالية في هذا البرنامج على أن تتقدم الدول الأوربية أو عدد منها بطلب على شكل برنامج للتعاون فيما بينها.
في ضوء المبادرة اجتمعت 16 دولة أوربية في باريس، وأنشأت ما عُرف بالمنظمة الأوربية للتعاون الاقتصادي(O.E.E.C) Organization for European Economic Cooperation. وهذه الدول الأعضاء هي: بريطانيا - فرنسا - إيطاليا - ألمانيا الغربية - هولندا - بلجيكا- لوكسمبورغ - النمسا - اليونان - النروج - إيرلندا- السويد - تركيا - البرتغال - إيسلندا. وقد حُددت أهدافها في تنشيط النمو الاقتصادي، وتوفير الاستقرار المالي, وتدعيم التعاون الاقتصادي فيما بينها، مع طلب المساعدة من الحكومة الأمريكية.
وفي نيسان 1948 وافق الكونغرس الأمريكي على مشروع مارشال لمساعدة أوربا باسم قانون الإنعاش الأوربي European Recovery Act.
وقد تضمن المشروع معونات على شكل هبات نقدية وعينية فضلاً عن قروض ميسرة، وبلغ حجم تمويله في الفترة 1948- 1951 نحو 13 مليار دولار.
تباينت الآراء حول دوافع وأغراض الولايات المتحدة من وراء هذا المشروع، وذلك خلافاً للهدف المعلن وهو مساعدة أوربا في إعادة الإعمار. ويمكن تلمس هذه الدوافع والأغراض في ضوء ما أفرزته الحرب العالمية الثانية التي انتهت في العام 1945 من نتائج اقتصادية وسياسية واجتماعية على مجتمعات أوربا من جهة، وعلى وضع الولايات المتحدة كطرف مشارك في هذه الحرب من جهة أخرى، على شتى الصعد:
أولاً ـ على الصعيد الاقتصادي: دمار اقتصادي وخراب في البنى التحتية لبلدان أوربا مما جعلها بحاجة إلى استثمارات كبيرة لاستعادة توازنها الاقتصادي وتحقيق الانتعاش من جديد، في حين خرجت الولايات المتحدة من الحرب قوة صناعية مسيطرة في العالم، وجعلت منها أكبر مصدر استثمار، وتوسعت وتجددت صناعتها، وأصبحت تبحث عن أسواق خارجية لتصريف منتجاتها. ولم تكن أوربا تستطيع الاستجابة , بسبب النقص في قدراتها الشرائية عند انتهاء الحرب مما أعطاها مؤشرات لبداية كساد اقتصادي في العام 1947 نتيجة تخفيض مشتريات الدولار في أسواق أوربا، وخفض الطلب فيما وراء البحار، ولذلك فقد جاء مشروع مارشال استجابة لحاجة الاقتصاد الأمريكي، وضرورة إنعاش وتنشيط الاقتصاد الأوربي ونمو أسواقها أمام منتجات الصناعة الأمريكية.
لقد كانت الحرب ونتائجها والدعوة إلى إعمار أوربا سبباً لاستعادة الاقتصاد الأمريكي عافيته منذ الأزمة المالية التي عصفت به عام 1929.
ثانياً ـ على الصعيد السياسي: شهدت نتائج الحرب العالمية الثانية مواجهة بين الغرب الرأسمالي والدول الشيوعية أدت إلى قيام معسكرين متصارعين، ووصلت إلى حد إعلان الحرب الباردة[ر] التي أصبحت استراتيجية كلا القطبين في الساحة الدولية، وهذا ما أدى إلى تقسيم أوربا إلى رأسمالية متحالفة مع الولايات المتحدة واشتراكية متحالفة مع الاتحاد السوڤييتي. وكانت الأحزاب الشيوعية قد حققت مواقع قوية ذات تأثير داخل أوربا الغربية، خاصة في فرنسا وإيطاليا ولذلك فقد أدركت الولايات المتحدة أن استمرار الأوضاع الاقتصادية المنهارة سيساعد الحركات الشيوعية، ويجعلها تتقدم في السيطرة على نظم الحكم بطريقة ديمقراطية وكان المشروع ينطوي على هدف سياسي يتمثّل في إحباط الشيوعية ومحاربة الحركات اليسارية.
ثالثاً ـ على الصعيد الاجتماعي: كان هدف المشروع امتصاص البطالة التي يمكن أن تكوّن مناخاً ملائماً لحركات اليسار والأحزاب الشيوعية كي تنشط وتدعم مواقعها في بلدان أوربا الرأسمالية. كما أن توافر قدرة شرائية وتحويل هذه المجتمعات من مستهلكة إلى منتجة، يحقق تنافساً قوياً مع أوربا الاشتراكية.
وكما تباينت الآراء بصدد دوافع هذا المشروع، فإنها تباينت بصدد الآثار والنتائج التي حققها؛ فمنها من رأى أنه حقق نجاحاً في استعادة القدرة الإنتاجية لأوربا وضبط مخاطر التضخم وإحياء التجارة الحرة بين الدول الأوربية، حيث زاد إنتاجها في نهاية عام 1951، أي نهاية المشروع بمقدار الثلث عما كان عليه.
وذهبت آراء أخرى إلى أن مشروع مارشال لم يكن سوى عامل مساعد على تحقيق النمو الاقتصادي إذ إن القدرات الأوربية الذاتية هي التي أدت إلى نجاح مشروع إعادة الإعمار وتنشيط النمو الاقتصادي.
فالاستثمارات الأوربية المحلية بلغت 80 -90% من حجم الاستثمارات في معظم هذه الدول غير أن المشروع قد دفع باتجاه توجيه التطورات الاقتصادية اللاحقة في دول غرب أوربا نحو حرية التجارة والتعاون الإقليمي, والإسراع بتحرير التجارة وإزالة القيود الجمركية، وبذلك أسهم في وضع أساس النظام الاقتصادي الرأسمالي القائم على حرية التجارة وحرية انتقال رؤوس الأموال، وهذا ما أدى لاحقاً إلى تكوين اتحاد المدفوعات الأوربية وتدعيم فكرة التجارة متعددة الأطراف والابتعاد عن فكرة المقايضة واتفاقات الدفع.
وقد أدى تدعيم فكرة التعاون الإقليمي والتنسيق في السياسات المالية والاقتصادية بين الدول الأوربية إلى إنشاء السوق الأوربية المشتركة التي تطورت نحو الاتحاد الأوربي، بفضل التطلع نحو خلق كتلة اقتصادية وسياسية قوية في الساحة الدولية.
سامي هابيل
Marshall Plan - Plan Marshall
مارشال (مشروع ـ)
مشروع مارشال The Marshall Plan مبادرة تقدَّم بها وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية جورج مارشال في أثناء محاضرة ألقاها في جامعة هارفرد في حزيران/يونيو1947 وعُرفت فيما بعد باسم مشروع مارشال، وكان الهدف المعلن هو مساعدة أوربا في إعادة إعمار ما دمرته الحرب العالمية الثانية، واستعداد الولايات المتحدة للمساهمة المالية في هذا البرنامج على أن تتقدم الدول الأوربية أو عدد منها بطلب على شكل برنامج للتعاون فيما بينها.
في ضوء المبادرة اجتمعت 16 دولة أوربية في باريس، وأنشأت ما عُرف بالمنظمة الأوربية للتعاون الاقتصادي(O.E.E.C) Organization for European Economic Cooperation. وهذه الدول الأعضاء هي: بريطانيا - فرنسا - إيطاليا - ألمانيا الغربية - هولندا - بلجيكا- لوكسمبورغ - النمسا - اليونان - النروج - إيرلندا- السويد - تركيا - البرتغال - إيسلندا. وقد حُددت أهدافها في تنشيط النمو الاقتصادي، وتوفير الاستقرار المالي, وتدعيم التعاون الاقتصادي فيما بينها، مع طلب المساعدة من الحكومة الأمريكية.
وفي نيسان 1948 وافق الكونغرس الأمريكي على مشروع مارشال لمساعدة أوربا باسم قانون الإنعاش الأوربي European Recovery Act.
وقد تضمن المشروع معونات على شكل هبات نقدية وعينية فضلاً عن قروض ميسرة، وبلغ حجم تمويله في الفترة 1948- 1951 نحو 13 مليار دولار.
تباينت الآراء حول دوافع وأغراض الولايات المتحدة من وراء هذا المشروع، وذلك خلافاً للهدف المعلن وهو مساعدة أوربا في إعادة الإعمار. ويمكن تلمس هذه الدوافع والأغراض في ضوء ما أفرزته الحرب العالمية الثانية التي انتهت في العام 1945 من نتائج اقتصادية وسياسية واجتماعية على مجتمعات أوربا من جهة، وعلى وضع الولايات المتحدة كطرف مشارك في هذه الحرب من جهة أخرى، على شتى الصعد:
أولاً ـ على الصعيد الاقتصادي: دمار اقتصادي وخراب في البنى التحتية لبلدان أوربا مما جعلها بحاجة إلى استثمارات كبيرة لاستعادة توازنها الاقتصادي وتحقيق الانتعاش من جديد، في حين خرجت الولايات المتحدة من الحرب قوة صناعية مسيطرة في العالم، وجعلت منها أكبر مصدر استثمار، وتوسعت وتجددت صناعتها، وأصبحت تبحث عن أسواق خارجية لتصريف منتجاتها. ولم تكن أوربا تستطيع الاستجابة , بسبب النقص في قدراتها الشرائية عند انتهاء الحرب مما أعطاها مؤشرات لبداية كساد اقتصادي في العام 1947 نتيجة تخفيض مشتريات الدولار في أسواق أوربا، وخفض الطلب فيما وراء البحار، ولذلك فقد جاء مشروع مارشال استجابة لحاجة الاقتصاد الأمريكي، وضرورة إنعاش وتنشيط الاقتصاد الأوربي ونمو أسواقها أمام منتجات الصناعة الأمريكية.
لقد كانت الحرب ونتائجها والدعوة إلى إعمار أوربا سبباً لاستعادة الاقتصاد الأمريكي عافيته منذ الأزمة المالية التي عصفت به عام 1929.
ثانياً ـ على الصعيد السياسي: شهدت نتائج الحرب العالمية الثانية مواجهة بين الغرب الرأسمالي والدول الشيوعية أدت إلى قيام معسكرين متصارعين، ووصلت إلى حد إعلان الحرب الباردة[ر] التي أصبحت استراتيجية كلا القطبين في الساحة الدولية، وهذا ما أدى إلى تقسيم أوربا إلى رأسمالية متحالفة مع الولايات المتحدة واشتراكية متحالفة مع الاتحاد السوڤييتي. وكانت الأحزاب الشيوعية قد حققت مواقع قوية ذات تأثير داخل أوربا الغربية، خاصة في فرنسا وإيطاليا ولذلك فقد أدركت الولايات المتحدة أن استمرار الأوضاع الاقتصادية المنهارة سيساعد الحركات الشيوعية، ويجعلها تتقدم في السيطرة على نظم الحكم بطريقة ديمقراطية وكان المشروع ينطوي على هدف سياسي يتمثّل في إحباط الشيوعية ومحاربة الحركات اليسارية.
ثالثاً ـ على الصعيد الاجتماعي: كان هدف المشروع امتصاص البطالة التي يمكن أن تكوّن مناخاً ملائماً لحركات اليسار والأحزاب الشيوعية كي تنشط وتدعم مواقعها في بلدان أوربا الرأسمالية. كما أن توافر قدرة شرائية وتحويل هذه المجتمعات من مستهلكة إلى منتجة، يحقق تنافساً قوياً مع أوربا الاشتراكية.
وكما تباينت الآراء بصدد دوافع هذا المشروع، فإنها تباينت بصدد الآثار والنتائج التي حققها؛ فمنها من رأى أنه حقق نجاحاً في استعادة القدرة الإنتاجية لأوربا وضبط مخاطر التضخم وإحياء التجارة الحرة بين الدول الأوربية، حيث زاد إنتاجها في نهاية عام 1951، أي نهاية المشروع بمقدار الثلث عما كان عليه.
وذهبت آراء أخرى إلى أن مشروع مارشال لم يكن سوى عامل مساعد على تحقيق النمو الاقتصادي إذ إن القدرات الأوربية الذاتية هي التي أدت إلى نجاح مشروع إعادة الإعمار وتنشيط النمو الاقتصادي.
فالاستثمارات الأوربية المحلية بلغت 80 -90% من حجم الاستثمارات في معظم هذه الدول غير أن المشروع قد دفع باتجاه توجيه التطورات الاقتصادية اللاحقة في دول غرب أوربا نحو حرية التجارة والتعاون الإقليمي, والإسراع بتحرير التجارة وإزالة القيود الجمركية، وبذلك أسهم في وضع أساس النظام الاقتصادي الرأسمالي القائم على حرية التجارة وحرية انتقال رؤوس الأموال، وهذا ما أدى لاحقاً إلى تكوين اتحاد المدفوعات الأوربية وتدعيم فكرة التجارة متعددة الأطراف والابتعاد عن فكرة المقايضة واتفاقات الدفع.
وقد أدى تدعيم فكرة التعاون الإقليمي والتنسيق في السياسات المالية والاقتصادية بين الدول الأوربية إلى إنشاء السوق الأوربية المشتركة التي تطورت نحو الاتحاد الأوربي، بفضل التطلع نحو خلق كتلة اقتصادية وسياسية قوية في الساحة الدولية.
سامي هابيل