محمد سالم النبهاني: في حال لم يصل المسرح إلى بعض الناس فلنذهب نحن إليهم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • محمد سالم النبهاني: في حال لم يصل المسرح إلى بعض الناس فلنذهب نحن إليهم

    محمد سالم النبهاني: في حال لم يصل المسرح إلى بعض الناس فلنذهب نحن إليهم


    "الدن" فرقة مسرحية عمانية رائدة أسسها أطفال منذ قرابة ثلاثين عاما.
    الأحد 2023/01/15
    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    القادم يجب أن يكون أكثر احترافية

    تسعى فرقة مسرح الدن للثقافة والفن منذ تأسيسها في عام 1994 إلى أن تكون فرقة مسرحية عربية هامة تحمل اسم سلطنة عمان عاليا، واليوم تكافأ الفرقة على نجاحها بتتويج سلطاني يحمل اسم السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب، فكيف تأسست الفرقة وعلى يد من؟ وكيف حظيت بتلك الجائزة؟ للحديث عن كل ذلك قابلت “العرب” محمد سالم النبهاني مؤسس ورئيس الفرقة وأجرت معه الحوار التالي.

    العرب: نبدأ الحوار مع المسرحي العماني محمد سالم النبهاني مؤسس ورئيس فرقة الدن من جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب التي توجت بها الفرقة، مبروك هذا الإنجاز، حبذا لو أخبرتنا بشيء من التفصيل عن هذه الجائزة، هل هي مسابقة عربية أم محلية؟ وهل هناك دائما جائزة للمسرح والفرق المسرحية؟

    محمد سالم النبهاني: جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب هي جائزة سنوية وتخصص عاما للإنتاج المحلي، ويتنافس فيه العمانيون فقط، بينما تخصص العام الذي يليه للإنتاج العربي حيث يتنافس فيه العمانيون مع إخوانهم العرب، ومجالات التنافس في كل عام تتناوب ما بين الثقافة والفنون والآداب وما بين الشعر والرواية والموسيقى والغناء، وفي كل عام هناك ثلاثة مجالات يتم التنافس فيها، وتمنح للفائزين الثلاثة بالإضافة إلى وسام السلطان قابوس جائزة مالية تتضاعف قيمتها في حال كانت الجائزة عربية.

    هذه هي الدورة التاسعة للجائزة بعدما توقفت في العامين 2020 و2021 بسبب جائحة كورونا، وكانت الجائزة من نصيب فرقة مسرح الدن عن فرع الفنون، وتحديدا عن مسرحية “قرن الجارية”، وهذه الجائزة تعتبر بالنسبة إلى الفرقة نقلة نوعية نتمنى ألا نتراجع بعدها أبدا.
    أطفال مؤسسون



    الفرقة تأسست في نهاية 1994، حيث أطلقها ثمانية أطفال بشغف ذاتي وقادوها عبر سنوات إلى النجاح والتطور


    العرب: بحسب معلوماتي لا يوجد في السلطنة حتى الآن معهد عال للفنون المسرحية، ومع ذلك في العام 1994 تأست فرقة مسرح الدن في قرية تحمل نفس الاسم من قبل مجموعة من الشباب، فهل فعلا كان هؤلاء الشباب في مرحلة الدراسة الإعدادية والثانوية فقط؟

    محمد سالم النبهاني: بالفعل لا يوجد معهد عال للفنون المسرحية في سلطنة عُمان، ويقتصر الموضوع على ابتعاث عدد من الطلبة والطالبات إلى الخارج لدراسة المسرح، تحديدا دولة الكويت أو جمهورية مصر العربية أو سوريا، أما بالنسبة إلى الفرقة فقد تأسست في نهاية العام 1994، وكانت انطلاقتها من قبل ثمانية أطفال كنت أحدهم، وكنا في الصف السابع تحديدا، من قرية الدن التي تقع في ولاية سمائل، وهي إحدى الولايات العمانية القريبة من العاصمة مسقط.

    كنا نمارس هواية التمثيل وكانت تغيب عنا الكثير من تفاصيل المسرح، استمر هذا العمل البسيط وتطور مع الأيام، كما تطور مع تطور الملتحقين بعضوية الفرقة سواء كانوا من طلبة المدارس أو لاحقا من طلبة الكليات والمعاهد وحتى الموظفين، واستمر نشاط الفرقة داخل الولاية وعلى مستوى السلطنة ثم انتقل إلى الدول العربية ودول الخليج. البداية كانت بسيطة لكن الحلم كان كبيرا جدا، وكان التحدي أمامنا يكمن في قدرتنا على تقديم ما هو مختلف عما هو معروف ومنتشر في تلك المرحلة في قريتنا البسيطة، ولله الحمد إصرارنا الكبير على المشروع المستند إلى الشغف والذي بدأ قبل 28 عاما مازال مستمرا حتى اليوم ونأمل أن يستمر.

    العرب: ملفت للنظر كيف استطاع هؤلاء الفتية اليافعون من قرية بسيطة أن يفكروا في المسرح، دون حتى وجود معهد للمسرح، فمن أين سمعوا بالمسرح؟ هل كانت هناك عروض مسرحية محلية في السلطنة أو هل كانت تزور السلطنة فرق وعروض عربية حتى تعلق هؤلاء الشباب بالمسرح ورغبوا في تأسيس فرقة، وكيف حصلوا على الترخيص؟

    محمد سالم النبهاني: الانطلاقة كما ذكرنا سابقا كانت من قرية بسيطة، وفي الفترة التي انطلقت خلالها الفرقة كان البث التلفزيوني محدودا (بضع ساعات)، وكنا نشاهد ونحن أطفال في مراحل الدراسة الابتدائية ما يقدم على شاشة التلفزيون سواء رسوم متحركة أو مسلسلات، وكان لحضور المسلسلات العربية أو العمانية القليلة في تلك الفترة الأثر الكبير علينا كفرقة أو على أي مشاهد، باعتبار أنه لا يوجد خيار آخر.

    كنا نتابع مسلسلات سورية ومصرية وعراقية وأردنية في فترة من الفترات، وكنا نشاهد مقاطع من مسرحيات، كل ما سبق أثر فينا، بالإضافة إلى أنه في مرحلة سابقة من دراستنا الابتدائية كانت بعض المدارس تقدم عروضا مسرحية، لم تكن عروضا مسرحية بالمعنى الحرفي بقدر ما هي مشاهد قصيرة. هذا بالإضافة إلى القراءة حيث كنا مهتمين بقراءة النصوص، سواء منها النصوص المسرحية المترجمة أو النصوص الخليجية.

    في تلك الفترة ساهمت كل التراكمات السابقة في جعل هؤلاء الأطفال يفكرون في تأسيس فرقة مسرحية، ولكننا لم نكن نعرف أننا سننطلق إلى الأمام بسرعة البرق، كما أن المسرح أصبح بالنسبة إلينا بديلا عن كرة القدم التي كانت منتشرة آنذاك.

    أما بالنسبة إلى الترخيص فقد تقدمت الفرقة بطلبه، وهو يُمنح للفرق كي تمارس نشاطها المسرحي، وكنا في تلك الفترة الفرقة رقم ستة أو ثمانية على ما أذكر، بمعنى أننا كنا من الفرق العشر الأولى التي تم ترخيصها في السلطنة. ولأن الفرق كانت قليلة جدا، كان هناك تحفيز وتشجيع لها لتستمر، ولكن التحفيز كان فقط معنويا وليس ماديا، بحيث تقوم الفرقة برعاية ودعم نفسها بنفسها من خلال اشتراكات الأعضاء أو مساهمات الأعضاء أو من خلال التبرعات والهبات، وهذا الأمر وحده كان يشكل نوعا من التحدي ولكنه في نفس الوقت كان دليلا على ثباتنا وقوتنا، فالاعتماد على النفس (ما يقدمه شباب الفرقة إلى الفرقة) والإحساس بالمسؤولية دون الارتباط بجهة وأن كل ما يدفعنا إلى العمل هو شغفنا…، كل ذلك ساعدنا على الاستمرار حتى اليوم.
    اشتغال مسرحي خاص



    مسرح قريب من الناس


    العرب: على سيرة الدخل المالي وعدم وجود دعم، تقوم الفرقة اليوم بدور يتجاوز العروض المسرحية، فهي تقيم بعض الورش الاحترافية، إلى جانب تأسيسها لمهرجان الدن المسرحي، الذي كانت تدعو إليه الفرق العربية والنجوم العرب، كيف استطاعت الفرقة القيام بكل ذلك دون دعم الدولة والجهات الرسمية؟

    محمد سالم النبهاني: تقدم الفرقة بداية عروضا مسرحية قريبة من ذائقة الجمهور، وهناك شباك تذاكر يساهم بقدر بسيط في دعم الفرقة، كما أن العرض يتنقل من مدينة إلى أخرى ومن ولاية إلى ولاية، وفي بعض الأحيان تتواصل بعض الجهات الحكومية أو الخاصة مع الفرقة لتقديم عرض ما في فعالية أو محفل ما، هذا بحد ذاته يؤمّن للفرقة الدخل المادي، بالإضافة إلى الجهات أو الشركات الداعمة لمهرجان الدن المسرحي في دوراته الثلاث السابقة وحتى القادمة والتي نأمل إقامتها في هذا العام.

    الدن تعتمد بشكل كبير على كُتّاب الفرقة من أعضائها أو الكتّاب العمانيين عموما أو حتى الكتّاب العرب بدرجة ثالثة

    الفرقة تستثمر أيضا نجاحها ومكانتها وجهدها الإعلامي الكبير في استقطاب رعاة وداعمين للمهرجان مقابل خدمات معينة، وبالنسبة إلى الورش لدينا نشاط إعلامي يقدم إنتاج الأفلام والتسويق وغير ذلك، كما أن هذا النشاط والإنتاج الإعلامي الذي تقدمه الفرقة إلى الشركات الراعية يدفعان هذه الشركات إلى تقديم دعم مالي بشكل مباشر أو عن طريق التكفل ببعض خدمات المهرجان سواء كانت على صعيد إيجاد مكان لإقامة العروض أو توفير فندق لإقامة الضيوف. وكأن العملية تبادلية، نقدم لهم خدمه مقابل دعمهم.

    العرب: حصلت فرقة الدن المسرحية على عدة جوائز سواء داخل السلطنة أو خارجها، والملفت أن 90 في المئة من النصوص كتبت خصيصا للفرقة، والأجمل أن معظم هذه النصوص يمكن توليفها لتناسب أي بلد عربي، كما حصل مؤخرا في عرضكم “لقمة عيش” الذي قدم في دمشق، من أين تستقي الفرقة أفكار نصوصها؟

    محمد سالم النبهاني: الفرقة تعتمد اعتماد كبيرا على كتّاب الفرقة أو الكتّاب العمانيين أو حتى الكتّاب العرب بدرجة ثالثة، والحقيقة أننا لم نبدأ بالكتاب العرب، وهذا ليس تقليلا من شأنهم فهم أساتذتنا ونأخذ منهم ما يناسب حاجتنا لنص بعينه، لكننا نعمل بنظام الورش لتأليف النص أو إعداده، فالكاتب لا ينزوي بفكرته لينتج النص وإنما يعد البروفة الأولى، وهذا ما حصل حتى في مسرحية “قرن الجارية”؛ فالمسودة الأولى للعمل تطورت خلال بروفات الطاولة وأثناء بروفات أداء الممثلين على الخشبة لأن الكاتب كان هو نفسه المعد والمخرج، فظهر النص متوائما مع العرض، وهذا ما حدث أيضا حين استعنا بنص لكاتب بحريني ولكننا أقلمناه ليأخذ هويتنا (هوية فرقة الدن).

    من سمات اشتغالنا على العروض أن تقدم بطريقة تكون قريبة من الجمهور وفيها أكبر عدد من الممثلين وتعتمد على المجاميع، وإذا كانت كوميدية فيجب أن تكون كوميديا راقية وعميقة ولا تستهدف الضحك لمجرد الضحك؛ في مسرحية “لقمة عيش” اختلف النص الأصلي عن النص الذي قدم على الخشبة، كما استعنا بالكاتبة العمانية الدكتورة آمنة الربيع في عملين، الجسر والبئر، وهي من الكاتبات المهمات، ونحن نعتقد أن الموروث العماني أو الحكاية العمانية أو الإرث العماني يصلح للتصدير والتقديم في الخارج.
    مشاريع كثيرة



    أعمال الفرقة حققت نجاحا باهرا


    العرب: بالعودة إلى أرشيف الفرقة وجدت أنه قبل ترخيص الفرقة كانت على عاتقك محمد سالم النبهاني الكتابة والإخراج، ولكنك مؤخرا اكتفيت بدورك الإداري، ما السبب؟

    محمد سالم النبهاني: نعم إدريس النبهاني وأنا بدأنا ككتّاب، لكن ما كنا نكتبه كان مجرد مشاهد واسكتشات مسرحية، ثم اتجهت إلى الإخراج، ومنذ 2010 تفرغت لإدارة الفرقة وأنا مستمتع جدا بهذا الدور، وما يميز الفرقة هو اعتمادها على التخصص فمنذ السنوات الأولى للفرقة كنا نعرف من يصلح ككاتب ومن يصلح كمخرج وكنا نقوم بتقسيم الأعمال على هذا الأساس.

    العرب: بعد الجائزة وهذا التكريم لم يعد واردا أن تتراجع الفرقة خطوة إلى الوراء، فما هو جديدكم؟

    محمد سالم النبهاني: الجائزة تشريف وتكليف كبير وتلقي على عاتقنا جميعا حملا كبيرا، فالقادم يجب أن يكون أثقل وأكثر احترافية واهتماما ومواكبا لتطورات العالم؛ أعتقد أن المسؤولية كبيرة ويجب أن نبقى على الثوابت التي أوصلتنا إلى هذا النجاح.

    لدينا مخططات لعروض مسرحية كثيرة من أهمها إعادة عرض “قرن الجارية” المتوج بجائزة السلطان قابوس، كما أننا حصلنا على مباركة من وزير الثقافة والرياضة والشباب لتنظيم الدورة الرابعة من مهرجان الدن المسرحي على أن يكون دوليا، كما نأمل في أن يرى النور للمرة الثانية مهرجان “سندان لمسرح الشارع”، وهو مهرجان محلي ساهم في صناعة مسرح الشارع العماني الذي هو نشاط متحرك بين المدن والكليات والجامعات، وسنعيد عرض مسرحية الأطفال “أصابع جميل” في عروض محلية وعربية.

    ولدينا أيضا مشاريع كثيرة ونتمنى أن يسعفنا الوقت لتقديمها، فأنا أؤمن شخصيا بأنه على عاتق المسرحي رسالة يجب أن يوصلها، وفي حال لم يكن المسرح متيسرا لبعض الناس الوصول إليه، فلنذهب نحن إليهم.


    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    لمى طيارة
    كاتبة سورية
يعمل...
X