حكواتي
Al-hakawati - Al-hakawati
الحكواتي
يعد الحكواتي راوياً ومنفذاً لقصص أبطال العرب والمسلمين لما فيها من بطولات ومكارم أخلاقية حميدة يسردها الحكواتي في مجتمعات عامة الناس من رواد المقاهي. فكان الحكواتي يقوم مقام فرقة مسرحية أو فيلم سينمائي (قبل نشأتهما) لسرد أحداث القصص التي يرويها. فهو مصدر مهم في نشر الثقافة الشعبية في المجتمعات ذات الثقافات المحدودة.
كان الرواة في الجاهلية ينتشرون في الأسواق العربية ينشدون وينقلون أشعاراً لشعراء معينين في الحرب والحكمة وتصوير الحياة، أو في مشاهدات حقيقية لأحداث غريبة، أو بطولات مشهودة. وبعد أن انتشر الإسلام بقي الرواة على حالهم، وكانوا يقومون بما تقوم به الصحافة اليوم.
وفي عصور الانحطاط، وأوائل عصر النهضة، ظهر جيل جديد من الرواة يسمى «الحكواتية» - مفردها حكواتي، وهي لهجة شعبية دمشقية - راحوا يقصون على مسامع جمهور أمي أو شبه أمي، حكايات عن الشاعر عنترة العبسي، أو الزير أبي ليلى المهلهل، أو حمزة البهلوان، أو السيرة الهلالية أو غيرها. كان الحكواتي يجلس على مرتفع خشبي صغير أمام رواد المقهى يقرأ السير بأسلوب خطابي تمثيلي يجسد المقروء قدر الإمكان. وكان الرواد يتحزبون لأبطال السير، وكثيراً ما كان يحدث الشجار بينهم بسبب حماستهم لبطل ضد آخر، أو بسبب الانفعال من لهجة الحكواتي التمثيلية الذي كان يصعّد الأحداث في السيرة التي يقصها عليهم، فيمدح بطلاً ويذم آخر، فينقسم مستمعوه إلى فريقين متضادين بين مؤيد ومعارض لأحد أبطال القصة. ويبلغ الحماس أشده بين رواد المقهى فيتراشقون بالألفاظ الغليظة، وبالمقاعد أحياناً. وكان الحكواتي، في هذه الحال، يفصل بين الفريقين بأن يضرب، ترهيباًً، بعصا طويلة يحملها بيده على منضدته أو منضدة أحد الفريقين المتخاصمين. وكثيراً ما كان الحكواتي يتوقف عن متابعة الإلقاء عند موقف عنيف في القصة ليستثير مستمعيه ويشوقهم إلى معرفة تفاصيل الحدث الذي توقف عنده، على أمل اللقاء في اليوم التالي لسرد بقية أحداث الرواية.
وعلى امتداد ما يزيد على قرن، كان الحكواتية يروون في مقاهي دمشق وحلب والقاهرة وبغداد والقدس، وربما بيروت، بواقع حكواتي في كل مقهى. لكن هؤلاء انتهوا اليوم باستثناء قلة منهم، لشيوع وسائل تمثيلية أكثر تطوراً. ويبدو أن أداءهم كان يدخل فيما يسمى «الظواهر المسرحية» التي سدت مسد المسرح قبل ظهوره العلني في البلاد العربية والإسلامية، كالأداء في ظواهر مسرحية أخرى مثل مسرح الدمى، ومسرح خيال الظل، وصندوق الدنيا.
ويحاول من بقي من الحكواتية في مقاهي دمشق مثل مقهى النوفرة (شرقي الجامع الأموي)، تطوير أدائه التمثيلي بارتداء الطربوش والعباءة، والضرب بالسيف على منضدة، مع شيء من الغناء وتفخيم النطق.
عادل أبو شنب
Al-hakawati - Al-hakawati
الحكواتي
يعد الحكواتي راوياً ومنفذاً لقصص أبطال العرب والمسلمين لما فيها من بطولات ومكارم أخلاقية حميدة يسردها الحكواتي في مجتمعات عامة الناس من رواد المقاهي. فكان الحكواتي يقوم مقام فرقة مسرحية أو فيلم سينمائي (قبل نشأتهما) لسرد أحداث القصص التي يرويها. فهو مصدر مهم في نشر الثقافة الشعبية في المجتمعات ذات الثقافات المحدودة.
كان الرواة في الجاهلية ينتشرون في الأسواق العربية ينشدون وينقلون أشعاراً لشعراء معينين في الحرب والحكمة وتصوير الحياة، أو في مشاهدات حقيقية لأحداث غريبة، أو بطولات مشهودة. وبعد أن انتشر الإسلام بقي الرواة على حالهم، وكانوا يقومون بما تقوم به الصحافة اليوم.
وفي عصور الانحطاط، وأوائل عصر النهضة، ظهر جيل جديد من الرواة يسمى «الحكواتية» - مفردها حكواتي، وهي لهجة شعبية دمشقية - راحوا يقصون على مسامع جمهور أمي أو شبه أمي، حكايات عن الشاعر عنترة العبسي، أو الزير أبي ليلى المهلهل، أو حمزة البهلوان، أو السيرة الهلالية أو غيرها. كان الحكواتي يجلس على مرتفع خشبي صغير أمام رواد المقهى يقرأ السير بأسلوب خطابي تمثيلي يجسد المقروء قدر الإمكان. وكان الرواد يتحزبون لأبطال السير، وكثيراً ما كان يحدث الشجار بينهم بسبب حماستهم لبطل ضد آخر، أو بسبب الانفعال من لهجة الحكواتي التمثيلية الذي كان يصعّد الأحداث في السيرة التي يقصها عليهم، فيمدح بطلاً ويذم آخر، فينقسم مستمعوه إلى فريقين متضادين بين مؤيد ومعارض لأحد أبطال القصة. ويبلغ الحماس أشده بين رواد المقهى فيتراشقون بالألفاظ الغليظة، وبالمقاعد أحياناً. وكان الحكواتي، في هذه الحال، يفصل بين الفريقين بأن يضرب، ترهيباًً، بعصا طويلة يحملها بيده على منضدته أو منضدة أحد الفريقين المتخاصمين. وكثيراً ما كان الحكواتي يتوقف عن متابعة الإلقاء عند موقف عنيف في القصة ليستثير مستمعيه ويشوقهم إلى معرفة تفاصيل الحدث الذي توقف عنده، على أمل اللقاء في اليوم التالي لسرد بقية أحداث الرواية.
وعلى امتداد ما يزيد على قرن، كان الحكواتية يروون في مقاهي دمشق وحلب والقاهرة وبغداد والقدس، وربما بيروت، بواقع حكواتي في كل مقهى. لكن هؤلاء انتهوا اليوم باستثناء قلة منهم، لشيوع وسائل تمثيلية أكثر تطوراً. ويبدو أن أداءهم كان يدخل فيما يسمى «الظواهر المسرحية» التي سدت مسد المسرح قبل ظهوره العلني في البلاد العربية والإسلامية، كالأداء في ظواهر مسرحية أخرى مثل مسرح الدمى، ومسرح خيال الظل، وصندوق الدنيا.
ويحاول من بقي من الحكواتية في مقاهي دمشق مثل مقهى النوفرة (شرقي الجامع الأموي)، تطوير أدائه التمثيلي بارتداء الطربوش والعباءة، والضرب بالسيف على منضدة، مع شيء من الغناء وتفخيم النطق.
عادل أبو شنب