غايوس سالوستيوس كريسبوسG.Sallustius Crispus مؤرخ وسياسي روماني شهير، عاش في القرن الأول قبل الميلاد (86ـ34ق.م)، وعاصر يوليوس قيصر (100ـ 44ق.م).
ولد سالوست لأسرة من العامة غير أرستقراطية، وشبّ على مناصرة الحزب الديمقراطي، وحتى في كتاباته كان يقوم بالكشف عن فساد رجال الحزب الأرستقراطي وعدم كفايتهم، وقام بالرد على الدعاية ضد يوليوس قيصر، لأنه من أصدقائه وأنصاره الحميمين، ويؤيد سياسته وتصرفاته كلها.
تولى سالوست كثيراً من الوظائف، وكان أول منصب شغله هو نقيب العامة، ثم أصبح عضواً في مجلس الشيوخ، وطرد منه عام 50ق.م بتهمة أخلاقية، ولكن صديقه قيصر ساعد على اختياره نقيباً مرة ثانية عام 48ق.م، ثم قائداً لإحدى الفرق. وفي عام 46ق.م تمّ اختياره بريتوراً ( قاضياً)، وفي عام 45ق.م عيّن حاكماً على ولاية إفريقيا الجديدة (منطقة نوميدية أي الجزائر اليوم). وفي سنة جمع ثروة طائلة، فاتهم عند عودته إلى روما بنهب الولاية، ومع ذلك لم يُقاضَ. بل اشترى ضيعة كبيرة، زينها بحدائق غناء، عرفت باسمه، وعاش حياة صخب، لكنه اعتزل الحياة العامة بعد مقتل يوليوس قيصر، وعاش السنوات العشرة الأخيرة من حياته منـزوياً.
صنف عدداً من المؤلفات باللغة اللاتينية، أهمها: «حرب يوغورتا» Bellum Iugurtinum و«حرب كاتيلينا» Bellum Catilinae، كتبها مابين 43ـ41ق.م ، و«التاريخ» Historiae في خمسة أجزاء، لم يصل منه سوى فقرات، ورسائل سياسية إلى قيصر، ورسائل تخيلية في البلاغة والخطابة، يبرهن فيها على أن البلاغة هي قوام التعليم عند الرومان، وأن التمرن على الخطابة ضروري لكل من يعمل بالمحاماة أو السياسة.
يؤخذ على سالوست اعتماده الكبير على مصادر أدبية في كتابة بعض كتبه، وتشويه بعض الحقائق والتواريخ في بعضها الآخر، وعدم مراعاته التسلسل الزمني للحوادث، وعدم دقة معلوماته الجغرافية. ولكن مع ذلك كان فريداً بين المؤرخين الرومان في منهجه، من حيث عزوفه عن أسلوب (طريقة) الحوليات، وإقباله على كتابة بحث مطول في موضوع واحد، وولعه في الموازنة بين الشخصيات، وأخذه بمذهب ثوكيديدس [ر] الواقعي، ومقاييس بوليبيوس [ر] في معالجة مادته التاريخية. تميزت آثاره بالحيوية وروعة البيان والصياغة اللغوية الجيدة والكتابة الشيّقة. ومحاولته تحليل الأحداث وردها إلى أسبابها الاجتماعية والسياسية، دون أن ينسى إبراز العوامل النفسية وإعطاءها الدور الأساسي في تفسير الأحداث. واتبّع خطوة علمية في منهج البحث التاريخي في بعض أعماله، من حيث جمع المعلومات في مكان الحدث، فقد ذُكر أنه جمع معلوماته في إفريقيا لكتابه «حرب يوغورتا».
كان الهدف من معظم كتبه: وصف أعمال الشعب الروماني، لأنها تبدو جديرة بالتخليد بحسب أقواله، ومن هنا تأتي مكانة وأهمية سالوست في التأريخ الروماني، ففي كتابه «حرب يوغورتا» (116ـ105ق.م) يُعرِّف بالملك النوميدي يوغورتا وكيفية استيلائه على السلطة، ومحاربة الرومان له وأسره وضم مملكته (نوميديا). وفي كتابه «حرب كاتيلينا» يصوّر مؤامرة كاتيلينا الشهيرة (64ـ62ق.م)، ويكشف عن فساد رجال الحزب الأرستقراطي، ويصف انحلال الطبقة الأرستقراطية الحاكمة. وفي كتابه «التاريخ» يؤرخ عن الجمهورية الرومانية ما بين 78ـ67ق.م، وهي السنوات التي أعقبت موت الزعيم الأرستقراطي سولا Sylla، والتي تعد أشهر فترة للحركة الديمقراطية.
غطاس نعمة
ولد سالوست لأسرة من العامة غير أرستقراطية، وشبّ على مناصرة الحزب الديمقراطي، وحتى في كتاباته كان يقوم بالكشف عن فساد رجال الحزب الأرستقراطي وعدم كفايتهم، وقام بالرد على الدعاية ضد يوليوس قيصر، لأنه من أصدقائه وأنصاره الحميمين، ويؤيد سياسته وتصرفاته كلها.
تولى سالوست كثيراً من الوظائف، وكان أول منصب شغله هو نقيب العامة، ثم أصبح عضواً في مجلس الشيوخ، وطرد منه عام 50ق.م بتهمة أخلاقية، ولكن صديقه قيصر ساعد على اختياره نقيباً مرة ثانية عام 48ق.م، ثم قائداً لإحدى الفرق. وفي عام 46ق.م تمّ اختياره بريتوراً ( قاضياً)، وفي عام 45ق.م عيّن حاكماً على ولاية إفريقيا الجديدة (منطقة نوميدية أي الجزائر اليوم). وفي سنة جمع ثروة طائلة، فاتهم عند عودته إلى روما بنهب الولاية، ومع ذلك لم يُقاضَ. بل اشترى ضيعة كبيرة، زينها بحدائق غناء، عرفت باسمه، وعاش حياة صخب، لكنه اعتزل الحياة العامة بعد مقتل يوليوس قيصر، وعاش السنوات العشرة الأخيرة من حياته منـزوياً.
صنف عدداً من المؤلفات باللغة اللاتينية، أهمها: «حرب يوغورتا» Bellum Iugurtinum و«حرب كاتيلينا» Bellum Catilinae، كتبها مابين 43ـ41ق.م ، و«التاريخ» Historiae في خمسة أجزاء، لم يصل منه سوى فقرات، ورسائل سياسية إلى قيصر، ورسائل تخيلية في البلاغة والخطابة، يبرهن فيها على أن البلاغة هي قوام التعليم عند الرومان، وأن التمرن على الخطابة ضروري لكل من يعمل بالمحاماة أو السياسة.
يؤخذ على سالوست اعتماده الكبير على مصادر أدبية في كتابة بعض كتبه، وتشويه بعض الحقائق والتواريخ في بعضها الآخر، وعدم مراعاته التسلسل الزمني للحوادث، وعدم دقة معلوماته الجغرافية. ولكن مع ذلك كان فريداً بين المؤرخين الرومان في منهجه، من حيث عزوفه عن أسلوب (طريقة) الحوليات، وإقباله على كتابة بحث مطول في موضوع واحد، وولعه في الموازنة بين الشخصيات، وأخذه بمذهب ثوكيديدس [ر] الواقعي، ومقاييس بوليبيوس [ر] في معالجة مادته التاريخية. تميزت آثاره بالحيوية وروعة البيان والصياغة اللغوية الجيدة والكتابة الشيّقة. ومحاولته تحليل الأحداث وردها إلى أسبابها الاجتماعية والسياسية، دون أن ينسى إبراز العوامل النفسية وإعطاءها الدور الأساسي في تفسير الأحداث. واتبّع خطوة علمية في منهج البحث التاريخي في بعض أعماله، من حيث جمع المعلومات في مكان الحدث، فقد ذُكر أنه جمع معلوماته في إفريقيا لكتابه «حرب يوغورتا».
كان الهدف من معظم كتبه: وصف أعمال الشعب الروماني، لأنها تبدو جديرة بالتخليد بحسب أقواله، ومن هنا تأتي مكانة وأهمية سالوست في التأريخ الروماني، ففي كتابه «حرب يوغورتا» (116ـ105ق.م) يُعرِّف بالملك النوميدي يوغورتا وكيفية استيلائه على السلطة، ومحاربة الرومان له وأسره وضم مملكته (نوميديا). وفي كتابه «حرب كاتيلينا» يصوّر مؤامرة كاتيلينا الشهيرة (64ـ62ق.م)، ويكشف عن فساد رجال الحزب الأرستقراطي، ويصف انحلال الطبقة الأرستقراطية الحاكمة. وفي كتابه «التاريخ» يؤرخ عن الجمهورية الرومانية ما بين 78ـ67ق.م، وهي السنوات التي أعقبت موت الزعيم الأرستقراطي سولا Sylla، والتي تعد أشهر فترة للحركة الديمقراطية.
غطاس نعمة