يطلق اسم السفينة ship على كل عائمة أو مركب يطفو على سطح الماء ومعد للملاحة أو النقل أو القطر أو الصيد أو النزهة أو أي أغراض أخرى، مع إمكانية تحركه على الماء من دون التقيد بالحجم ومادة البناء وطريقة التسيير والغرض الذي يتحرك من أجله. ويشمل ذلك ملحقات السفينة الضرورية المكملة لها من مخطاف ومرساة وأذرع ومجاذيف وأشرعة وروافع وقوارب نجاة وتجهيزات.
الطفو ـ دافعة أرخميدس
الطفو هو بقاء جسم أو جزء منه ظاهراً فوق سطح سائل عند إلقائه فيه. ويتعلق الطفو بوزن الجسم وكثافته وشكله والحجم المغمور منه وكثافة السائل المغمور فيه. فلو ألقيت كرة معدنية صماء في الماء لغاصت فوراً، ولكنها تطفو على السطح لو طُرِّقت حتى أصبحت على شكل دورق أو قارورة، وقد استنتج العالم اليوناني أرخميدسArchimedes عام 250ق.م قانوناً عن الطفو نصه: «إن الجسم المغمور في وسط سائل أو غاز يفقد ظاهرياً جزءاً من وزنه يساوي وزن الجزء (الحجم) المزاح من السائل، أي إن الجسم المغمور يطفو بقوة دفع إلى الأعلى تساوي وزن السائل الذي يزيحه»، وعليه: إذا كان وزن الجسم أقل من وزن الماء المزاح فيطفو، أما إذا كان وزنه أكبر من وزن الماء المزاح فيغطس.
نشأة السفن وتطورها وأنواعها
عرف الإنسان الكثير من خصائص الماء واستخدمه لمصلحته، فقد لاحظ كيف تطفو جذوع الأشجار على سطح الماء في الأنهار والبحيرات والبحر، واستفاد من هذه الظاهرة لركوبها أو تحميل أمتعته عليها، وجمع الجذوع وربطها بعضها إلى بعض بألياف الشجر، وجوّف بعضها فكان منها القارب ثم السفينة. وقد ورد ذكر السفينة في الكتب السماوية، كسفينة نوح عليه السلام، وأطلقت عليها أسماء مختلفة كالمَرْكب والفُلْك، واستخدمها قدماء المصريين في نهر النيل، والفينيقيون والفايكنغ في تجارتهم وغزواتهم، وبنيت معرفتهم بالسفن على الخبرة والتجربة. وأخذ حجم السفن يزداد، وتعددت مهامها ووسائط دفعها، ودخلت في بنيتها المعادن. وفي عام 1787 أنزل البريطاني جون ولكنسون John Wilkinsonأول قارب معدني في نهر السين. وتطورت بعد ذلك السفن المعدنية باستخدام المعادن بأنواعها، وأدخلت بعدها اللدائن والألياف المعالجة وزاد تخصصها، ورافقها التطور التقني فاستخدمت فيها أحدث الوسائل في التسيير والملاحة والدفع والسيطرة و الاتصال والكشف على السطح أوفي العمق أو الجو. وتحولت السفينة إلى مدينة عائمة أو مطار أو منصة نفط متنقلة، وصُنِّفت بحسب الاستعمال أو قوى الدفع.
تصنيف السفن بحسب استعمالها
ـ القوارب: وهي أصل السفن، ومازال منها ما هو خشبي أو معدني أو مطاطي أو مصنوع من الألياف المعالجة، وتستعمل للأعمال الخفيفة والصغيرة وأعمال الخدمة.
ـ زوارق وسفن الصيد: صممت بمختلف الأحجام لتوائم مختلف طرائق الصيد، وفقاً لعملها قرب الشواطئ أوفي أعالي المحيطات لتصطاد مختلف الأحياء المائية وتحتفظ بها في براداتها أو تعلبها.
ـ زوارق وسفن النزهة: وهي مراكب الراحة والمتعة للتنزه والتمتع إضافة إلى الإمكانات الضرورية للإبحار في مختلف الأحواض المائية.
ـ سفن البحوث العلمية: وهي سفن مجهزة بالوسائل العلمية الضرورية لبحوث البحار والمحيطات والأحياء المائية ودراسة القيعان والأعماق والتنقيب عن المعادن والنفط وغيرها. سفن النقل: وهي مراكب مخصصة لنقل مختلف الحمولات والمواد في مستودعاتها، أوفي حاويات على سطحها أوفي عنابرها «الدوكمة» (مواد سائبة من غير عبوات) كالفوسفات والكبريت والحبوب، وكذلك سفن التحميل الذاتي (الرارا والرورو) (الشكل ـ 2).
ـ سفن الركاب: وتتنوع من السفن السياحية الصغيرة والنقل الشاطئي إلى سفن كبيرة في أعالي البحار، وهذه تعد مدينة متنقلة، لاحتوائها على جميع مستلزمات الراحة والترفيه والعمل، من ملاعب ومسارح ومسابح ونواد وغرف نوم وصالات وغيرها (الشكل ـ3).
ـ ناقلات النفط: وهي سفن مخصصة لنقل النفط ومشتقاته تبدأ حمولتها من بضع مئات إلى بضعة آلاف الأطنان وتستطيع عبور الممرات المائية الطبيعية والصنعية، إلى الناقلات العملاقة التي تحمل 400 ألف طن وتحتاج إلى أعماق كبيرة للإبحار والرسو (الشكل ـ4).
ـ السفن الحربية: وتتدرج من الزوارق المسلحة الصغيرة إلى الزوارق الكبيرة فكاسحات الألغام وسفن الإنزال والفرقاطات وسفن الحراسة والمدمرات والطرادات والبوارج (سابقاً) وحاملات الطائرات والسفن المسيرة بالطاقة النووية إضافة إلى الغواصات والطائرات المائية والبرمائيات وغيرها (الشكل ـ5).
ـ السفن المساعدة: وهي التي تقوم بأعمال الدفع والقطر والتموين والمساعدة والإطفاء والإنقاذ والإسعاف والرباط وغيرها (الشكل6).
تصنيف السفن وفقاً لقوى الدفع
بدأ المجداف وسيلة دفع وإرجاع وتوجيه أولي، ثم ساعدته الدفة وتعددت المجاديف بالسفن لتصبح على عدة صفوف بعضها فوق بعض من الجانبين [ر. الغليون]. كذلك استخدم الجر بالحبل بوساطة الحيوانات على ضفاف الأنهار وأطراف البحيرات. ثم سخرت الرياح باستخدام الأشرعة التي تطورت وتعددت وشاع استخدامها وزاد تخصصها، ثم أدخلت المراجل البخارية عام 1802 لتدير المحارة أو المروحة الدافعة الغاطسة في مؤخرة السفينة، فتدفع الماء إلى الخلف وتسير السفينة (الباخرة) إلى الأمام، ومع عكس حركة المحارة أو شفراتها يصبح في الإمكان تغيير جهة الحركة. وقد يكون للسفينة الواحدة أكثر من محارة. وفي مرحلة لاحقة استخدمت العنفات ومحركات الاحتراق الداخلي (عام 1886)، ولتخفيف احتكاك بدن السفينة بالماء استخدمت الأجنحة المائية لتكسبها سرعة أكبر، ثم حدث تطور آخر بتسيير السفن على وسادة هوائية فظهرت الطوافة hovercraft، واستخدم النفث في الدفع، وأخيراً زودت السفن بالمحركات النووية لتمنحها قوة دفع أكبر ومدة إبحار طويلة جداً (الشكل ـ 7)
بنية السفينة وتقسيماتها
الأساس في بناء السفينة هو مبدأ العمود الفقري والأضلاع، وقد اعتمدت الخبرة في بناء القوارب والسفن الخشبية والشراعية فجعلت لها القرينة السفلية، وهي العارضة الطولية الأساسية keel التي تحصر الأضلاع بينها وبين القرينة العلوية والوسطى لتشكل الهيكل الأساسي للسفينة. ويقوى جزء المقدمة المسمى الجؤجؤ أو القيدومة وجزء المؤخرة ويسمى الكوثل أو القصبة. وتجهز المؤخرة لتركب عليها المحارة (المروحة)، ولتثبت عليها الدفة (السكان). تكسى الأضلاع بالألواح لتشكل بدن السفينة، ولم يخرج المبدأ العام في بناء السفن الحديثة عن هذه القاعدة، غير أن بناء السفن اليوم غدا علماً قائماً بذاته يختص بتصميم الأجزاء المختلفة بالسفينة وجمعها وتركيبها بطريقة علمية واقتصادية مع مراعاة خفة الوزن واستغلال الحجم والفراغات وتماسك الأجزاء وصلاحية العمل في البحار بما يتفق والقواعد الدولية وشروط هيئات التسجيل والتفتيش والإشراف البحري (منها شركة لويدز لتسجيل السفن Lloyds register of shipping، وكذلك مراعاة الإجهادات الطوليةlongitudinal stresses والعرضية transversalوالضغط الداخلي والخارجي داخل الماء وخارجه في مختلف كثافات المياه مع دراسة التوازن ومركز الثقل G ومركز ثقل الجزء الظاهر GM(الميتاسنتر). كما ينشأ للسفن قاع مزدوج وأسطح تمنع نفوذ الماء وقواطع bulkheads وفواصل تقسم السفينة أقساماً ملائمة لأماكن الإعاشة والتخزين والمهمات والشحن والأجهزة والوقود والمنشآت العلوية والروافع والأوناش والمداخن والملاعب والمسابح ومهابط الطائرات وغيرها. ويراعى فيها كذلك ترك قواطع عرضية محكمة ضد الماء transverse water tight bulkheads ويحدد عددها بحسب طول السفينة ومهمتها، وتضمن هذه القواطع طفواً إيجابياً للسفينة في حال تضرر قطاع منها، كما توفر حماية الحمولة من السطح الحر في ناقلات النفط والثبات القتالي للسفن الحربية (الشكل ـ8).
ملاحة السفن
تسير السفن في البحر في مستوى واحد تجاوزاًَ هو سطح البحر المحدب، وضمن سائل هو ماء البحر، وهي بذلك تكتسب طبيعة خاصة للتوقف والرسو بمساعدة مرساة (مخطاف) تثبتها إلى القاع أو بأربطة تشدها إلى الأرصفة أو إلى عوامة طافية في الماء. تعتمد حركة السفينة على محارة واحدة أو أكثر في مؤخرتها وعلى جانبيها أحياناً. تؤمن الدفة دوران السفينة وتغيير اتجاهها، وللسفن عزم عطالة واضح وتتأثر كثيراً بالتيارات المائية والرياح.
تعتمد الملاحة البحرية على علم المثلثات الكروية لا المثلثات المستوية الفيثاغورثية، كون السفينة تبحر على سطح الكرة الأرضية المحدب، وتقدر المسافات في البحار بالميل البحري وهو وسطياً 1856 م، أما السرعة فتقدر بالعقدة، وهي ميل بحري في الساعة. وتؤخذ الاتجاهات بمساعدة البوصلات المغنطيسية والجيروسكوبية والإلكترونية، بعد أن كانت تعتمد على النجوم والشمس والفَلَك وحساباته وأدواته. وقد أدخلت بعدها تقنيات الراديو الاتجاهي والسواتل والتقنيات الحديثة المتطورة في أعالي البحار والمحيطات. واعتمدت الملاحة الشاطئية (المساحلة) والمنارات والعلامات البرية في أول الأمر، ثم تطورت لتعتمد على الرادار والأجهزة الحديثة والخرائط البحرية الدقيقة بكل معطياتها الموثقة، ومن ثم على الحواسيب وشبكات الاتصال العالمية والسواتل والاستشعار عن بعد. وتتشدد المعاهدات والقوانين الدولية في قواعد الملاحة والسلامة البحرية ومراعاة الإشارات الدولية ضماناً للسلامة بعد أن اكتظت البحار بالسفن والطائرات المائية والغواصات ومختلف السفن والمراكب. وتعد أعالي البحار ملكاً مشتركاً لدول العالم كافة [ر. المنظمة الدولية للملاحة البحرية].
أطقم تسيير السفن
تمارس الدولة صاحبة جنسية السفينة سيادتها على السفينة، وترفع علمها عليها، وتشترط بعض الدول أن يكون الربان وضابط الملاحة والمهندسون وبعض البحارة من جنسية الدولة نفسها، وقد يقتصر ذلك على الربان وبعض الطاقم، وبذلك فإن القانون الواجب التطبيق هو قانون الدولة صاحبة العلم، وقد تضع بعض الدول يدها على السفن التجارية وقت الحرب لخدمة المجهود الحربي.
الطاقم crew: يضم طاقم السفينة مجموعة من الضباط و المهندسين والميكانيكيين والبحّارة ورجال الخدمة العامة، وعلى رأسهم قائد أو قبطان أو ربان السفينة.
ويطلق القانون كلمة بحّار على كل من يشغل وظيفة على السفينة حتى طبيبها. وللبحّار حقوق وعليه واجبات ضمن القانون، وتطبيقه صارم جداً على ظهر السفن لظروف العمل الصعبة والخاصة جداً.
والمسؤول الأساسي هو القبطان، ويملك سلطة التحريات الأولية في الجرائم الجنائية التي تمس سلامة السفينة والبيئة والأشخاص والبضائع، وله حق فرض الحبس الاحتياطي للمخالف حتى يسلم إلى القضاء.
أما المخالفات الإدارية فلها عقوبات وإجراءات تأديبية تندرج تحت صلاحيات القبطان نفسه وهو من يوقع العقاب فيها.
قتيبة الصفدي
الطفو ـ دافعة أرخميدس
الطفو هو بقاء جسم أو جزء منه ظاهراً فوق سطح سائل عند إلقائه فيه. ويتعلق الطفو بوزن الجسم وكثافته وشكله والحجم المغمور منه وكثافة السائل المغمور فيه. فلو ألقيت كرة معدنية صماء في الماء لغاصت فوراً، ولكنها تطفو على السطح لو طُرِّقت حتى أصبحت على شكل دورق أو قارورة، وقد استنتج العالم اليوناني أرخميدسArchimedes عام 250ق.م قانوناً عن الطفو نصه: «إن الجسم المغمور في وسط سائل أو غاز يفقد ظاهرياً جزءاً من وزنه يساوي وزن الجزء (الحجم) المزاح من السائل، أي إن الجسم المغمور يطفو بقوة دفع إلى الأعلى تساوي وزن السائل الذي يزيحه»، وعليه: إذا كان وزن الجسم أقل من وزن الماء المزاح فيطفو، أما إذا كان وزنه أكبر من وزن الماء المزاح فيغطس.
نشأة السفن وتطورها وأنواعها
عرف الإنسان الكثير من خصائص الماء واستخدمه لمصلحته، فقد لاحظ كيف تطفو جذوع الأشجار على سطح الماء في الأنهار والبحيرات والبحر، واستفاد من هذه الظاهرة لركوبها أو تحميل أمتعته عليها، وجمع الجذوع وربطها بعضها إلى بعض بألياف الشجر، وجوّف بعضها فكان منها القارب ثم السفينة. وقد ورد ذكر السفينة في الكتب السماوية، كسفينة نوح عليه السلام، وأطلقت عليها أسماء مختلفة كالمَرْكب والفُلْك، واستخدمها قدماء المصريين في نهر النيل، والفينيقيون والفايكنغ في تجارتهم وغزواتهم، وبنيت معرفتهم بالسفن على الخبرة والتجربة. وأخذ حجم السفن يزداد، وتعددت مهامها ووسائط دفعها، ودخلت في بنيتها المعادن. وفي عام 1787 أنزل البريطاني جون ولكنسون John Wilkinsonأول قارب معدني في نهر السين. وتطورت بعد ذلك السفن المعدنية باستخدام المعادن بأنواعها، وأدخلت بعدها اللدائن والألياف المعالجة وزاد تخصصها، ورافقها التطور التقني فاستخدمت فيها أحدث الوسائل في التسيير والملاحة والدفع والسيطرة و الاتصال والكشف على السطح أوفي العمق أو الجو. وتحولت السفينة إلى مدينة عائمة أو مطار أو منصة نفط متنقلة، وصُنِّفت بحسب الاستعمال أو قوى الدفع.
تصنيف السفن بحسب استعمالها
سفينة لنقل الحاويات | سفينة شحن عادية |
الشكل (2) |
ـ زوارق وسفن الصيد: صممت بمختلف الأحجام لتوائم مختلف طرائق الصيد، وفقاً لعملها قرب الشواطئ أوفي أعالي المحيطات لتصطاد مختلف الأحياء المائية وتحتفظ بها في براداتها أو تعلبها.
ـ زوارق وسفن النزهة: وهي مراكب الراحة والمتعة للتنزه والتمتع إضافة إلى الإمكانات الضرورية للإبحار في مختلف الأحواض المائية.
الشكل (3) سفينة لنقل الركاب (الملكة اليزابيت 1968) |
الشكل (4) ناقلة نفط |
الشكل (5) سفينة حربية |
الشكل (6) سفينة مساعدة |
ـ ناقلات النفط: وهي سفن مخصصة لنقل النفط ومشتقاته تبدأ حمولتها من بضع مئات إلى بضعة آلاف الأطنان وتستطيع عبور الممرات المائية الطبيعية والصنعية، إلى الناقلات العملاقة التي تحمل 400 ألف طن وتحتاج إلى أعماق كبيرة للإبحار والرسو (الشكل ـ4).
ـ السفن الحربية: وتتدرج من الزوارق المسلحة الصغيرة إلى الزوارق الكبيرة فكاسحات الألغام وسفن الإنزال والفرقاطات وسفن الحراسة والمدمرات والطرادات والبوارج (سابقاً) وحاملات الطائرات والسفن المسيرة بالطاقة النووية إضافة إلى الغواصات والطائرات المائية والبرمائيات وغيرها (الشكل ـ5).
ـ السفن المساعدة: وهي التي تقوم بأعمال الدفع والقطر والتموين والمساعدة والإطفاء والإنقاذ والإسعاف والرباط وغيرها (الشكل6).
تصنيف السفن وفقاً لقوى الدفع
بدأ المجداف وسيلة دفع وإرجاع وتوجيه أولي، ثم ساعدته الدفة وتعددت المجاديف بالسفن لتصبح على عدة صفوف بعضها فوق بعض من الجانبين [ر. الغليون]. كذلك استخدم الجر بالحبل بوساطة الحيوانات على ضفاف الأنهار وأطراف البحيرات. ثم سخرت الرياح باستخدام الأشرعة التي تطورت وتعددت وشاع استخدامها وزاد تخصصها، ثم أدخلت المراجل البخارية عام 1802 لتدير المحارة أو المروحة الدافعة الغاطسة في مؤخرة السفينة، فتدفع الماء إلى الخلف وتسير السفينة (الباخرة) إلى الأمام، ومع عكس حركة المحارة أو شفراتها يصبح في الإمكان تغيير جهة الحركة. وقد يكون للسفينة الواحدة أكثر من محارة. وفي مرحلة لاحقة استخدمت العنفات ومحركات الاحتراق الداخلي (عام 1886)، ولتخفيف احتكاك بدن السفينة بالماء استخدمت الأجنحة المائية لتكسبها سرعة أكبر، ثم حدث تطور آخر بتسيير السفن على وسادة هوائية فظهرت الطوافة hovercraft، واستخدم النفث في الدفع، وأخيراً زودت السفن بالمحركات النووية لتمنحها قوة دفع أكبر ومدة إبحار طويلة جداً (الشكل ـ 7)
آ | ب | |
ج | د | |
آـ سفينة رومانية متعددة الصفوف ب ـ سفينة حربية شراعية ج ـ باخرة نهرية ذات دولاب ـ ناعورة د ـ سفينة شحن مزودة بمحركات نووية |
الأساس في بناء السفينة هو مبدأ العمود الفقري والأضلاع، وقد اعتمدت الخبرة في بناء القوارب والسفن الخشبية والشراعية فجعلت لها القرينة السفلية، وهي العارضة الطولية الأساسية keel التي تحصر الأضلاع بينها وبين القرينة العلوية والوسطى لتشكل الهيكل الأساسي للسفينة. ويقوى جزء المقدمة المسمى الجؤجؤ أو القيدومة وجزء المؤخرة ويسمى الكوثل أو القصبة. وتجهز المؤخرة لتركب عليها المحارة (المروحة)، ولتثبت عليها الدفة (السكان). تكسى الأضلاع بالألواح لتشكل بدن السفينة، ولم يخرج المبدأ العام في بناء السفن الحديثة عن هذه القاعدة، غير أن بناء السفن اليوم غدا علماً قائماً بذاته يختص بتصميم الأجزاء المختلفة بالسفينة وجمعها وتركيبها بطريقة علمية واقتصادية مع مراعاة خفة الوزن واستغلال الحجم والفراغات وتماسك الأجزاء وصلاحية العمل في البحار بما يتفق والقواعد الدولية وشروط هيئات التسجيل والتفتيش والإشراف البحري (منها شركة لويدز لتسجيل السفن Lloyds register of shipping، وكذلك مراعاة الإجهادات الطوليةlongitudinal stresses والعرضية transversalوالضغط الداخلي والخارجي داخل الماء وخارجه في مختلف كثافات المياه مع دراسة التوازن ومركز الثقل G ومركز ثقل الجزء الظاهر GM(الميتاسنتر). كما ينشأ للسفن قاع مزدوج وأسطح تمنع نفوذ الماء وقواطع bulkheads وفواصل تقسم السفينة أقساماً ملائمة لأماكن الإعاشة والتخزين والمهمات والشحن والأجهزة والوقود والمنشآت العلوية والروافع والأوناش والمداخن والملاعب والمسابح ومهابط الطائرات وغيرها. ويراعى فيها كذلك ترك قواطع عرضية محكمة ضد الماء transverse water tight bulkheads ويحدد عددها بحسب طول السفينة ومهمتها، وتضمن هذه القواطع طفواً إيجابياً للسفينة في حال تضرر قطاع منها، كما توفر حماية الحمولة من السطح الحر في ناقلات النفط والثبات القتالي للسفن الحربية (الشكل ـ8).
الشكل (8) مقطع في سفينة تجارية |
تسير السفن في البحر في مستوى واحد تجاوزاًَ هو سطح البحر المحدب، وضمن سائل هو ماء البحر، وهي بذلك تكتسب طبيعة خاصة للتوقف والرسو بمساعدة مرساة (مخطاف) تثبتها إلى القاع أو بأربطة تشدها إلى الأرصفة أو إلى عوامة طافية في الماء. تعتمد حركة السفينة على محارة واحدة أو أكثر في مؤخرتها وعلى جانبيها أحياناً. تؤمن الدفة دوران السفينة وتغيير اتجاهها، وللسفن عزم عطالة واضح وتتأثر كثيراً بالتيارات المائية والرياح.
تعتمد الملاحة البحرية على علم المثلثات الكروية لا المثلثات المستوية الفيثاغورثية، كون السفينة تبحر على سطح الكرة الأرضية المحدب، وتقدر المسافات في البحار بالميل البحري وهو وسطياً 1856 م، أما السرعة فتقدر بالعقدة، وهي ميل بحري في الساعة. وتؤخذ الاتجاهات بمساعدة البوصلات المغنطيسية والجيروسكوبية والإلكترونية، بعد أن كانت تعتمد على النجوم والشمس والفَلَك وحساباته وأدواته. وقد أدخلت بعدها تقنيات الراديو الاتجاهي والسواتل والتقنيات الحديثة المتطورة في أعالي البحار والمحيطات. واعتمدت الملاحة الشاطئية (المساحلة) والمنارات والعلامات البرية في أول الأمر، ثم تطورت لتعتمد على الرادار والأجهزة الحديثة والخرائط البحرية الدقيقة بكل معطياتها الموثقة، ومن ثم على الحواسيب وشبكات الاتصال العالمية والسواتل والاستشعار عن بعد. وتتشدد المعاهدات والقوانين الدولية في قواعد الملاحة والسلامة البحرية ومراعاة الإشارات الدولية ضماناً للسلامة بعد أن اكتظت البحار بالسفن والطائرات المائية والغواصات ومختلف السفن والمراكب. وتعد أعالي البحار ملكاً مشتركاً لدول العالم كافة [ر. المنظمة الدولية للملاحة البحرية].
أطقم تسيير السفن
تمارس الدولة صاحبة جنسية السفينة سيادتها على السفينة، وترفع علمها عليها، وتشترط بعض الدول أن يكون الربان وضابط الملاحة والمهندسون وبعض البحارة من جنسية الدولة نفسها، وقد يقتصر ذلك على الربان وبعض الطاقم، وبذلك فإن القانون الواجب التطبيق هو قانون الدولة صاحبة العلم، وقد تضع بعض الدول يدها على السفن التجارية وقت الحرب لخدمة المجهود الحربي.
الطاقم crew: يضم طاقم السفينة مجموعة من الضباط و المهندسين والميكانيكيين والبحّارة ورجال الخدمة العامة، وعلى رأسهم قائد أو قبطان أو ربان السفينة.
ويطلق القانون كلمة بحّار على كل من يشغل وظيفة على السفينة حتى طبيبها. وللبحّار حقوق وعليه واجبات ضمن القانون، وتطبيقه صارم جداً على ظهر السفن لظروف العمل الصعبة والخاصة جداً.
والمسؤول الأساسي هو القبطان، ويملك سلطة التحريات الأولية في الجرائم الجنائية التي تمس سلامة السفينة والبيئة والأشخاص والبضائع، وله حق فرض الحبس الاحتياطي للمخالف حتى يسلم إلى القضاء.
أما المخالفات الإدارية فلها عقوبات وإجراءات تأديبية تندرج تحت صلاحيات القبطان نفسه وهو من يوقع العقاب فيها.
قتيبة الصفدي