ناتسومه (سوسيكي)
Natsume (Soseki-) - Natsume (Soseki-)
ناتسومِه (سوسيكي ـ)
(1867 ـ 1916)
سوسيكي ناتسومِه Sõseki Natsume أبرز روائي ياباني في عصر ميجي Meiji، نظم أيضاً الشعر بأسلوب الهايكو [ر] Haiku وبأسلوب الكانشي Kanshi (نوع من الشعر الصيني). ولد في مدينة إدو Edo وتوفي فيها بعد أن صار اسمها طوكيو. عانى ناتسومِه طفولة قاسية؛ إذ إن عائلته الكثيرة الأطفال والفقيرة اضطرت إلى منحه لعائلة إقطاعية لقاء إعالته، ولم تتمكن من استعادته إلا بعد زوال الإقطاع، وكان الطفل قد بلغ الثامنة من عمره.
تعلم ناتسومه اللغة الصينية وباشر التخصص في أدبها في الجامعة، لكنه تحول إلى الأدب الإنكليزي وحصل على الإجازة في عام 1893 من جامعة طوكيو، وعمل مدرساً في الريف حتى عام 1900 حين حصل على منحة حكومية للدراسات العليا في لندن وضعت حداً لضيقه من أجواء الريف ولزواجه التعيس. وعلى أثر عودته في عام 1903 صار محاضراً في الأدب الإنكليزي في جامعة طوكيو حتى عام 1907 حين قرر التخلي عن مهنة التدريس نهائياً، وتحول إلى العمل الصحفي في جريدة «أساهي شيمبون» Asahi Shimbun، وخصص جلّ وقته ـ حتى وفاته ـ للكتابة الأدبية.
كان عام 1906 انطلاقة موفقة وواعدة في حياة ناتسومه الإبداعية، إذ نشر في أثنائه ثلاث روايات تحمل سمات جديدة غير مألوفة في تاريخ الرواية اليابانية؛ أولاها بعنوان «أنا قط» Wagahai- wa neko de aru، يروي فيها ـ من وجهة نظر قط ـ غرائب تصرفات البشر وعجائبهم في حياتهم، وهي تُذكِّر برواية الكاتب الألماني هوفْمَن [ر] «وجهات نظر القط مورّ في الحياة» Lebens- Ansichten des Katers Murr ت(1819). وتحمل الرواية الثانية عنوان «الأحمق» Botchan، وهي ثمرة تجربة المؤلف مدرِّساً في جو الريف القاحل ثقافياً، رصد فيها لأول مرة في تاريخ الأدب الياباني بأسلوب فكاهي ساخر مأساة ابن المدينة المثقف في الريف؛ بتحليل مشاعر اغترابه وعزلته القاتلة التي تكاد تدفع به إلى الانتحار لولا احتمال المغادرة، ففضح أدعياء الثقافة في أجواء تحول اليابان حينذاك نحو الثقافة الغربية (الأوربية ـ الأمريكية)، وتمزق جذور الانتماء الوطني. أما ثالثة الروايات فتحمل عنوان «وسادة من الحشائش» Kusamakura وتختلف عن سابقتيها في الموضوع والأسلوب والبنية؛ إذ يعرض فيها تجربة رسام مهووس بالتراث في قرية نائية.
وبين الأعوام 1908ـ 1910 نشر ناتسومِه في جريدة «أساهي شيمبون» ثلاثية روائية مسلسلة، هي «سانشيرو» Sanshiro ت(1908)، و«ما بعد» Sorekara ت(1909)، و«البوابة» Mon ت(1910)، كانت جميع شخصياتها الرئيسية من طبقة الأثرياء المتبطلين التافهين الذين يعانون تضخم الذات على نحو مرضي وأنانية مفرطة تقود إلى عزلة إجبارية.
دخل ناتسومِه في عام 1910 المستشفى وشخّص الأطباء لديه قرحة معدية مزمنة، مما غيّر في مجرى حياته اليومية ودفعه أكثر باتجاه التأمل والمزيد من التحليل النفسي في كتاباته اللاحقة. ففي ثلاثيته الروائية الثانية: «ما وراء تشابه الليل والنهار» Higansugi made ت(1911)، و«المتجول» Kõjin ت(1912)، و«قلب» Kokoro ت(1914) تتعمق عزلة الفرد وشعوره بالذنب لإثم اقترفه سابقاً بحق صديق أو قريب، كما تحتد العزلة لانعدام الثقة بالآخر ولفقدان المخرج حتى عن طريق الدين، مما يعمق الشعور بالإحباط والعجز عن أي فعل.
نشر ناتسومه في عام 1915 رواية بعنوان «عشب على جانب الطريق» Michikusa تحمل كثيراً من سمات السيرة الذاتية، أما آخر ما خطه قلمه قبيل موته، أي رواية «نور وظلمة» Meian، فقد بقيت مخطوطة غير مكتملة.
زعم ناتسومه في بعض مقالاته أنه لا يدين إلا بالقليل إلى التراث الأدبي الياباني على صعيد الرواية، إلا أن للنقد رأياً آخر؛ إذ على الرغم من انتماء رواياته إلى حركة الحداثة[ر] Modernism الأوربية فإن غنائيتها الشعرية تجعلها يابانية بامتياز. وقد كان لإنجازاته الروائية دور الرائد والمعلم في حركة الرواية اليابانية الحديثة، ويُعدّ الكاتب أكوتاغاوا ريونوسوكِه [ر] A.Ryunosuke أبرز من تتلمذ على يديه.
نبيل الحفار
Natsume (Soseki-) - Natsume (Soseki-)
ناتسومِه (سوسيكي ـ)
(1867 ـ 1916)
سوسيكي ناتسومِه Sõseki Natsume أبرز روائي ياباني في عصر ميجي Meiji، نظم أيضاً الشعر بأسلوب الهايكو [ر] Haiku وبأسلوب الكانشي Kanshi (نوع من الشعر الصيني). ولد في مدينة إدو Edo وتوفي فيها بعد أن صار اسمها طوكيو. عانى ناتسومِه طفولة قاسية؛ إذ إن عائلته الكثيرة الأطفال والفقيرة اضطرت إلى منحه لعائلة إقطاعية لقاء إعالته، ولم تتمكن من استعادته إلا بعد زوال الإقطاع، وكان الطفل قد بلغ الثامنة من عمره.
كان عام 1906 انطلاقة موفقة وواعدة في حياة ناتسومه الإبداعية، إذ نشر في أثنائه ثلاث روايات تحمل سمات جديدة غير مألوفة في تاريخ الرواية اليابانية؛ أولاها بعنوان «أنا قط» Wagahai- wa neko de aru، يروي فيها ـ من وجهة نظر قط ـ غرائب تصرفات البشر وعجائبهم في حياتهم، وهي تُذكِّر برواية الكاتب الألماني هوفْمَن [ر] «وجهات نظر القط مورّ في الحياة» Lebens- Ansichten des Katers Murr ت(1819). وتحمل الرواية الثانية عنوان «الأحمق» Botchan، وهي ثمرة تجربة المؤلف مدرِّساً في جو الريف القاحل ثقافياً، رصد فيها لأول مرة في تاريخ الأدب الياباني بأسلوب فكاهي ساخر مأساة ابن المدينة المثقف في الريف؛ بتحليل مشاعر اغترابه وعزلته القاتلة التي تكاد تدفع به إلى الانتحار لولا احتمال المغادرة، ففضح أدعياء الثقافة في أجواء تحول اليابان حينذاك نحو الثقافة الغربية (الأوربية ـ الأمريكية)، وتمزق جذور الانتماء الوطني. أما ثالثة الروايات فتحمل عنوان «وسادة من الحشائش» Kusamakura وتختلف عن سابقتيها في الموضوع والأسلوب والبنية؛ إذ يعرض فيها تجربة رسام مهووس بالتراث في قرية نائية.
وبين الأعوام 1908ـ 1910 نشر ناتسومِه في جريدة «أساهي شيمبون» ثلاثية روائية مسلسلة، هي «سانشيرو» Sanshiro ت(1908)، و«ما بعد» Sorekara ت(1909)، و«البوابة» Mon ت(1910)، كانت جميع شخصياتها الرئيسية من طبقة الأثرياء المتبطلين التافهين الذين يعانون تضخم الذات على نحو مرضي وأنانية مفرطة تقود إلى عزلة إجبارية.
دخل ناتسومِه في عام 1910 المستشفى وشخّص الأطباء لديه قرحة معدية مزمنة، مما غيّر في مجرى حياته اليومية ودفعه أكثر باتجاه التأمل والمزيد من التحليل النفسي في كتاباته اللاحقة. ففي ثلاثيته الروائية الثانية: «ما وراء تشابه الليل والنهار» Higansugi made ت(1911)، و«المتجول» Kõjin ت(1912)، و«قلب» Kokoro ت(1914) تتعمق عزلة الفرد وشعوره بالذنب لإثم اقترفه سابقاً بحق صديق أو قريب، كما تحتد العزلة لانعدام الثقة بالآخر ولفقدان المخرج حتى عن طريق الدين، مما يعمق الشعور بالإحباط والعجز عن أي فعل.
نشر ناتسومه في عام 1915 رواية بعنوان «عشب على جانب الطريق» Michikusa تحمل كثيراً من سمات السيرة الذاتية، أما آخر ما خطه قلمه قبيل موته، أي رواية «نور وظلمة» Meian، فقد بقيت مخطوطة غير مكتملة.
زعم ناتسومه في بعض مقالاته أنه لا يدين إلا بالقليل إلى التراث الأدبي الياباني على صعيد الرواية، إلا أن للنقد رأياً آخر؛ إذ على الرغم من انتماء رواياته إلى حركة الحداثة[ر] Modernism الأوربية فإن غنائيتها الشعرية تجعلها يابانية بامتياز. وقد كان لإنجازاته الروائية دور الرائد والمعلم في حركة الرواية اليابانية الحديثة، ويُعدّ الكاتب أكوتاغاوا ريونوسوكِه [ر] A.Ryunosuke أبرز من تتلمذ على يديه.
نبيل الحفار