صلاح الناشف رائد التشكيليين السوريين المهتمين بالتربية الفنية وتعليم الفنونبالمدارس

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • صلاح الناشف رائد التشكيليين السوريين المهتمين بالتربية الفنية وتعليم الفنونبالمدارس

    ناشف (صلاح)

    Al-Nashif (Sallah-) - Al-Nashif (Sallah-)

    الناشف (صلاح ـ)
    (1914 ـ 1971)

    صلاح الناشف من أوائل الفنانين التشكيليين السوريين الذين اهتموا بالتربية الفنية وتعليم الفنون في المدارس الإعدادية والثانوية، ووضعوا أسس مناهج تعليم هذه الفنون في وزارة التربية.
    وُلد الناشف عام 1914 في حي القنوات بدمشق، عاش طفولة بائسة يتيم الأم؛ عصامياً اعتمد على جهده وعمله، ودرس الإعدادية في مدرسة عنبر بدمشق، سافر إلى إيطاليا، ودرس الفن في فلورنسا مع الفنان سهيل الأحدب من حماة عام 1936، شارك في تأسيس أول تجمع للفنانين التشكيليين في سورية في دار الموسيقى الوطنية في منطقة الشهداء بدمشق عام 1937 قبيل تخرجه في إيطاليا، ثم عاد إلى الوطن عام 1939، وكان من مؤسسي الحركة الفنية التشكيلية في سورية مع نصير شورى وعدنان جباصيني ومحمود جلال ومحمود حماد، ثم انتقل نشاطهم إلى تجمّع مرسم فيرونيز، ولأول مرة بدأ الرسم عن الطبيعة مباشرة، فرسم نماذج حية إنسانية من رجال ونساء وأطفال.
    بدأ صلاح الناشف في التصوير الزيتي بالاتجاه نحو الطبيعة والواقع، رسم الوجوه، ورسم المناظر الطبيعية، ورسم موضوعات متنوعة ومختلفة. كان يجمع بين الواقعية في الموضوع وبين الانطباعية في التقنية، أما المضمون فكان في أكثر أعماله تعبيرياً؛ يهتم بالمدلول الرمزي التعبيري سواء في ملامح الوجوه؛ أم في رسم الأشجار، فيحرك أشجاره وكأنها تعني أشكالاً مختزلة للإنسان بطريقة رمزية سواء من حيث الحركة أم من حيث اللون أم من حيث الملمس؛ أي التقنية.
    من أعمال الفنان صلاح الناشف
    من أعمال الفنان صلاح الناشف
    وكانت ألوانه مُركَّبة مع أنه كان يمزجها على اللوحة نفسها، ويكتشف وهو يرسم مجموعة علاقات تظهر من امتزاج الألوان الحارة؛ ومن أهمها الأحمر (الفرميون vermillon) والأصفر (الكروم chrome) والباردة؛ ومنها الأزرق (الكوبالت cobalt) والرمادي المخفف من الأسود المعجون بلون بنّي (أحمر ڤينيسيا rouge de Venise).
    ومن المهم في أعماله أيضاً أنه كان يحب أن يشغل عين المتلقي في خلفية اللوحة، بحيث يرى المتلقي أن الأهمية المعطاة من قبله لأشكاله من جذوع الأشجار العارية ومن الأوراق الخضراء لا تقل أهمية عن الفراغات؛ أي خلفية اللوحة المتشكلة نتيجة وضع حركة الأشجار وتناغمها مع بعضها، وكأن صراعاً غير مرئي يدور بين شجرتين حمراء وسوداء أو بين جيلين من الشباب والشيوخ كما كان يقول دائماً في مسألة الرأي والرأي الآخر بين الأجيال.
    أما عن تصويره الوجوه فكان يستخدم اللمسات المتتابعة، أي إن البقعة اللونية التي يضعها على الوجه لا يدمجها مع أيّ بقعة أخرى، بمعنى أن بشرة الوجه مؤلفة من مجموعة بقع ملونة متدرجة ومختلفة من ناحية حرارة اللون في منطقة الضوء؛ وبرودة اللون في منطقة الظل.
    لم يرسم الناشف المنظر الطبيعي غاية بحد ذاته، بل كان يرى الطبيعة وسيلة يعبّر برسمها عن علاقات رمزية بين عناصر هذه الطبيعة، مثل مبالغته في رسم قرص الشمس وحبه حذف كل التفاصيل الخاصة بالأشجار، مثل الفروع الصغيرة وأغصانها، واهتم بإظهار الحجم والكتلة، وألغى كلياً أيّ شكل يدل على ورق الأشجار، لذلك فأشجاره في لوحات الطبيعة عارية تماماً من الأوراق، وهذا ما يؤكد حرصه على استخدامها رمزاً، وليس واقعاً أو شكلاً جمالياً تقليدياً.
    كانت له محاولات في تغيير شكل الأشجار والمباني في لوحاته الأخيرة؛ وهي عملية تحويل الشكل إلى سطوح ومساحات ذات طابع تكعيبي يعتمد على تحويل الشكل الواقعي من صفاته التقليدية إلى شكل جديد مستوحى من مبادئ المدرسة التكعيبية ذات الأبعاد الثلاثة التي يتحول فيها الشكل من واقع إلى مكعب أو موشور أو أسطوانة أو كرة؛ أي المبادئ نفسها التي طرحها الفنان الفرنسي بول سيزان Paul Cézanne حينما لخص رؤيته للطبيعة في هذه العناصر المعمارية الهندسية.
    ومع أن أعماله الأولى كانت واقعية من حيث الشكل، تقليدية الملامح من حيث الموضوع، وانطباعية من حيث الألوان والتقنية، ولاسيما لوحات أحياء دمشق القديمة ومن أهمها لوحته «مأذنة العروس»، فألوانه شفافة ولمساته عريضة، وأهم ما في هذه الألوان أنها من فصيلة لونية واحدة وبدرجات متفاوتة ومتقاربة الدرجات من حيث طبيعتها، وهي في الغالب من فصيلة الألوان الباردة، وعلى رأسها اللون الأزرق، ثم يأتي بعده اللون الأخضر.
    شارك في تأسيس الجمعية العربية للفنون عام 1941، ثم شارك في تأسيس الجمعية السورية للفنون عام 1950، وبعدها شارك في تأسيس رابطة الفنانين السورية للرسم والنحت في حي الشعلان بدمشق نهاية عام 1950.
    زاول تدريس التربية الفنية من عام 1939 حتى عام 1961، ثم درَّس مبادئ التصوير الزيتي في مركز الفنون التشكيلية بدمشق.
    عُيّن مفتشاً أول للفنون في وزارة التربية السورية عام 1961. واستقال من عمله عام 1969، وتفرغ للعمل الفني في مرسمه الكائن في منزله بدمشق.
    نفذ أعمالاًَ في الرسم والتصوير الزيتي، والمائي، والفسيفساء، والحرق على الخشب.
    سُمِّي عضواً في لجنة الفنون التشكيلية في المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية في سورية من عام 1960 حتى وفاته. كما كُلِّف عضواً في لجنة المقتنيات للمعارض في وزارة الثقافة السورية عام 1964. وكان عضواً مؤسساً في نقابة الفنون الجميلة في الجمهورية العربية السورية. وشارك في تحكيم مشروعات التخرج في مادة التصوير الزيتي في كلية الفنون الجميلة بعد تأسيسها عام 1960. وقد منح براءة تقدير من وزارة الثقافة على نشاطه وعمله الفني عام 1961.
    شارك في جميع المعارض الرسمية التي أقامتها وزارة الثقافة داخل القطر وخارجه، ومثَّل القطر في معارض عالمية عدّة.
    له كتاب من تأليفه «مايكل أنجلو» صدر عن المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية عام 1962، له ولدان وبنت.
    أصيب بمرض عضال في آخر حياته؛ وهو مرض التسمم الذي سمي (مرض المهنة) من آثار أكسيد الرصاص في الدم، وتحول إلى مرض السرطان الذي لم يمهله إلا ثلاثة أشهر، وتُوفِّي في منزله بدمشق.
    من كلماته وهو على سرير المرض:
    «حياة الإنسان هي جوّه الذي يعيش من أجله الناس حوله وهو مبرر وجوده؛ لأنه يرسم، وينتج لهم ومن أجلهم، العزلة في حياة الفنان تجعله كذرة الغبار تائهاً لا قرار له، ولا وجود له، والفنان بحاجة إلى الناس من حوله، وبحاجة إلى زملائه الفنانين؛ ليتعاون معهم من أجل كل الناس وفي كل وقت، وهو (أي الفنان) وجد من أجل الناس، وليس من أجل نفسه، والفنان من أكثر المبدعين تضحية ووفاء لوطنه ولشعبه».
    غازي الخالدي
يعمل...
X