نابليون ثالث
Napoleon III - Napoléon III
نـابـلـيـون الثـالـث
(1808 ـ 1873م)
هو شارل لويس نابليون Charles Louis Napoléon. ابن شقيق نابليون بونابرت[ر]، ولد في باريس سنة 1808 وعاش طفولته في كنف والديه بعد انتقال التاج الامبراطوري إلى عمه نابليون، لكنه غادر فرنسا مع أفراد أسرته كافة بعد هزيمة نابليون بونابرت ونزوله عن عرش فرنسا في نيسان/أبريل 1814. عاش شبابه متنقلاً ما بين ايطاليا وسويسرا وبلغاريا. تأثر بالروح الثورية المتنامية في إيطاليا فانضم إلى جمعية الفحامين (الكابوناري) Carbonari وعمل في ميدان الصحافة مروجاً لأفكارها المشبعة بالمبادئ الداعية إلى محاربة الحكومات المستبدة وإنشاء حكومات جمهورية. وفي الفترة مابين 1836ـ1840 لجأ إلى تحريك الفرنسيين من منفاه ضد ملكية لويس فيليب[ر] Louis Philippe، لكنه أخفق وسُجن، ثم تمكن من الهرب إلى إنكلترا عام 1846، فأقام في لندن حتى نشوب ثورة شباط/فبراير 1848، حين عاد إلى وطنه فرنسا. وتزعم حركة معارضة الجنرال كاڤيناك Cavaignac، مستفيداً من أسطورة عمه نابليون، ونجح نائباً في المجلس النيابي، وفيما بعد انتخب رئيساً للجمهورية في كانون الأول/ديسمبر 1848.
كان الفرنسيون بحاجة إلى حكومة قوية تُمكّن فرنسا من اللحاق بإنكلترا في مجالات الاستعمار والتقدم الاقتصادي والعسكري، لذلك استغل نابليون الصراع المحتدم ما بين الراديكاليين والمحافظين، فشدد قبضته على الحكم بعد أن استخدم المجلس النيابي في تنفيذ مخططاته حتى أخذ المجلس يفقد مكانته، فتمكن من حلّه عام 1851.
أصدر لويس نابليون دستوراً جديداً مدَّد فيه فترة رئاسته، ومنح نفسه سلطات واسعة وغير مقيدة مهدت له الطريق لإعلان الامبراطورية الثانية في 20 كانون أول/ديسمبر عام 1852 باسم: الامبراطور نابليون الثالث Napoléon III.
تابع الامبراطور نابليون الثالث خطواته نحو الانفراد بالسلطة حين تولى العرش مباشرة، ومنذ سنوات حكمه الأولى ظهرت أزمة بينه وبين المثقفين في فرنسا سببّت مع مرور الوقت خطراً عليه؛ لذا سعى إلى إصدار قوانين صارمة مكنته من البقاء في الحكم حتى سنة 1870. فعلى الصعيد الداخلي أولى نظام التعليم أهمية خاصة، فوضع التعليم الجامعي تحت الرقابة، ومنع تدريس التاريخ والفلسفة في مدارس المعلمين، واهتم بالمدارس التي تديرها هيئات دينية، كما أخضع الصحافة لسيطرته، وقد ألهت الحروب الخارجية هذه الصحافة عن مخاطر تفرده بالحكم، ومع ذلك وقف عدد من كبار أعلام فرنسا ضد سياسته أمثال: تيير Thiers وميشليه Michelet وڤيكتور هوغو V.Hugo وأوليڤييه Olivier.
أما على مستوى علاقاته الخارجية فقد كان لنابليون الثالث دور مهم في حصول رومانيا على استقلالها، وبذل جهوداً حثيثة من أجل توحيد إيطاليا وعن غير قصد توحيد ألمانيا. وارتبط بعلاقة جيدة منذ بداية حكمه مع إسبانيا، وقد توَّج تلك العلاقة بزواجه من الكونتيسة أوجيني دومونتيجو Comtesse Eugénie de Montijo.
وعسكرياً شارك نابليون الثالث في عدة حروب خارجية أهمها:
حرب القرم 1853ـ 1856 التي شاركت فيها فرنسا إنكلترا وتركيا ضد روسيا، وعند عقد مؤتمر السلام سنة 1856 في باريس بدا نابليون الثالث وكأنه حاكم لأوربا بأكملها. وفي عام 1859 شارك مع إيطاليا في حربها ضد النمسا مقابل التعهد بتسليم نيس وسافوا، ولكنه عندما رأى وجوب توحيد إيطاليا بدلاً من تكوين كونفدرالية هزيلة انسحب من الحرب. وفي عام 1863م حاول مساعدة البولنديين ضد روسيا لكنه أخفق، بسبب الموقف الفاتر من جانب إنكلترا والنمسا بسبب الحرب في المكسيك. أما في أمريكا فقد انتهز فرصة انشغال حكومة الولايات المتحدة الأمريكية بالحرب الأهلية 1861ـ 1865 فاحتلت قواته المكسيك ونصّب مكسيمليان [ر] Maximilian امبراطوراً على المكسيك عام 1864، ولكن الضغط الأمريكي أجبره على سحب تلك القوات من المكسيك عام 1867 وذلك للموقف المتأزم في أوربا تاركاً مكسيمليان يلقى حتفه على يد الثوار.
نهاية نابليون الثالث
تمكن أوتو بسمارك [ر] Otto Bismarck رئيس وزراء بروسيا ووزير الشؤون الخارجية من جرّ نابليون الثالث إلى الحرب البروسية ـ الفرنسية 1870ـ 1871، فأعلنت فرنسا الحرب على بروسيا ولكنها هُزمت، واستسلم نابليون الثالث في سيدان في 2 أيلول/سبتمبر 1870، وبعد يومين أسقط الثوار الامبراطورية الثانية وأعلنوا الجمهورية الثالثة. وقد توفي نابليون الثالث في إنكلترا عام 1873 بعد ثلاث سنوات من سقوط امبراطوريته.
راغب العلي
Napoleon III - Napoléon III
نـابـلـيـون الثـالـث
(1808 ـ 1873م)
كان الفرنسيون بحاجة إلى حكومة قوية تُمكّن فرنسا من اللحاق بإنكلترا في مجالات الاستعمار والتقدم الاقتصادي والعسكري، لذلك استغل نابليون الصراع المحتدم ما بين الراديكاليين والمحافظين، فشدد قبضته على الحكم بعد أن استخدم المجلس النيابي في تنفيذ مخططاته حتى أخذ المجلس يفقد مكانته، فتمكن من حلّه عام 1851.
أصدر لويس نابليون دستوراً جديداً مدَّد فيه فترة رئاسته، ومنح نفسه سلطات واسعة وغير مقيدة مهدت له الطريق لإعلان الامبراطورية الثانية في 20 كانون أول/ديسمبر عام 1852 باسم: الامبراطور نابليون الثالث Napoléon III.
تابع الامبراطور نابليون الثالث خطواته نحو الانفراد بالسلطة حين تولى العرش مباشرة، ومنذ سنوات حكمه الأولى ظهرت أزمة بينه وبين المثقفين في فرنسا سببّت مع مرور الوقت خطراً عليه؛ لذا سعى إلى إصدار قوانين صارمة مكنته من البقاء في الحكم حتى سنة 1870. فعلى الصعيد الداخلي أولى نظام التعليم أهمية خاصة، فوضع التعليم الجامعي تحت الرقابة، ومنع تدريس التاريخ والفلسفة في مدارس المعلمين، واهتم بالمدارس التي تديرها هيئات دينية، كما أخضع الصحافة لسيطرته، وقد ألهت الحروب الخارجية هذه الصحافة عن مخاطر تفرده بالحكم، ومع ذلك وقف عدد من كبار أعلام فرنسا ضد سياسته أمثال: تيير Thiers وميشليه Michelet وڤيكتور هوغو V.Hugo وأوليڤييه Olivier.
أما على مستوى علاقاته الخارجية فقد كان لنابليون الثالث دور مهم في حصول رومانيا على استقلالها، وبذل جهوداً حثيثة من أجل توحيد إيطاليا وعن غير قصد توحيد ألمانيا. وارتبط بعلاقة جيدة منذ بداية حكمه مع إسبانيا، وقد توَّج تلك العلاقة بزواجه من الكونتيسة أوجيني دومونتيجو Comtesse Eugénie de Montijo.
وعسكرياً شارك نابليون الثالث في عدة حروب خارجية أهمها:
حرب القرم 1853ـ 1856 التي شاركت فيها فرنسا إنكلترا وتركيا ضد روسيا، وعند عقد مؤتمر السلام سنة 1856 في باريس بدا نابليون الثالث وكأنه حاكم لأوربا بأكملها. وفي عام 1859 شارك مع إيطاليا في حربها ضد النمسا مقابل التعهد بتسليم نيس وسافوا، ولكنه عندما رأى وجوب توحيد إيطاليا بدلاً من تكوين كونفدرالية هزيلة انسحب من الحرب. وفي عام 1863م حاول مساعدة البولنديين ضد روسيا لكنه أخفق، بسبب الموقف الفاتر من جانب إنكلترا والنمسا بسبب الحرب في المكسيك. أما في أمريكا فقد انتهز فرصة انشغال حكومة الولايات المتحدة الأمريكية بالحرب الأهلية 1861ـ 1865 فاحتلت قواته المكسيك ونصّب مكسيمليان [ر] Maximilian امبراطوراً على المكسيك عام 1864، ولكن الضغط الأمريكي أجبره على سحب تلك القوات من المكسيك عام 1867 وذلك للموقف المتأزم في أوربا تاركاً مكسيمليان يلقى حتفه على يد الثوار.
نهاية نابليون الثالث
تمكن أوتو بسمارك [ر] Otto Bismarck رئيس وزراء بروسيا ووزير الشؤون الخارجية من جرّ نابليون الثالث إلى الحرب البروسية ـ الفرنسية 1870ـ 1871، فأعلنت فرنسا الحرب على بروسيا ولكنها هُزمت، واستسلم نابليون الثالث في سيدان في 2 أيلول/سبتمبر 1870، وبعد يومين أسقط الثوار الامبراطورية الثانية وأعلنوا الجمهورية الثالثة. وقد توفي نابليون الثالث في إنكلترا عام 1873 بعد ثلاث سنوات من سقوط امبراطوريته.
راغب العلي