هاتشيلار
Hacilar - Hacilar
هـاتشيلار
موقع أثري مهم في جنوب غربي تركيا، قطره نحو 100م. نُقِّب هاتشيلار Hacilar في الخمسينات من القرن الماضي من قبل الباحث الإنكليزي جيمس ميلارت J.Mellaart. كُشف فيه عن عشرين طبقة أثرية تقريباً، الطبقات الأدنى تعود إلى الألف السابع ق.م، بقية الطبقات العليا تعود إلى الألفين السادس والخامس ق.م. وقد أتت المكتشفات الأهم من الطبقة السادسة، والطبقتين الثانية والأولى. سكن الناس في بيوت قوية تتألف من صالة واحدة مقسمة في داخلها إلى عدة غرف، أبعاد بعضها 10×6م وسماكة جدرانها 1م، بُنيت من اللبن على أساسات حجرية، أبوابها كبيرة (1.5م) وهي تقع في منتصف ضلعها الأطول، وتقود إليها أدراج تبدأ بعتبات؛ وزُوِّدت البيوت بالنوافذ، وفي داخلها مناقل من الطين وموقد يقابل الباب، وفي جدرانها خزائن لحفظ الملابس. يرتفع سقفها على أعمدة خشبية، بعضها يتألف من طابق ثان وله شرفة تطل على باحة المنـزل. تحتوي بعض البيوت على محراب صغير مزخرف برسوم هندسية، وهي تضم مكاناً لجمع المياه، وأجزاء من نصب حجرية صغيرة، وقبور نساء وأطفال مما يشير إلى ممارسة شعائر دينية خاصة تجعل هذه البيوت من المعابد الأولى في المنطقة. تتصل البيوت مع بعضها بممرات مستقيمة أو متعرجة. كما وزعت المخازن والمطابخ والحظائر بانتظام (خارج بيت السكن). استُخدم الخشب بكثافة في البناء، وهذا ما زاد في حجم الحريق الذي تعرضت له القرية أكثر من مرة، لكنه في الوقت نفسه ساعد على تقوية البقايا الأثرية وحفظها. تتألف القرية من مجموعات من البيوت والباحات.
قُدِّر عدد سكانها في بعض المراحل بنحو 500 إنسان. وقد أحاط بها سور دفاعي له بوابتان رئيستان؛ شمالية وجنوبية. وتقع المقبرة خارج القرية، لكنها قد خُربت ونُهبت من قبل لصوص الآثار.
وقد صنع السكان الأواني الفخارية ذات المستوى التقني العالي، الجميلة والملونة غالباً باللون الأحمر على خلفية من لون الكريم، وهي في معظمها جرار وكؤوس أخذت أشكالاً وحملت رسوماً كثيرة التنوع، بعضها على هيئة وجوه بشرية وطيور وحيوانات وأشكال هندسية. كما أن بعض الأواني الفخارية نُفّذت بأشكال بشرية (وجه امرأة) أو حيوانية (غزال جالس)، كما وُجدت في الموقع الأواني المرمرية البيضاء التي نُفّذت بأشكال الأواني الفخارية وتنوعها.
استخدم السكان النحاس، وهذا من أقدم دلائل معرفة المعادن في العالم، وإن اقتصر تصنيعه على بعض الدبابيس والحلي والقطع الصغيرة. عُثر في الموقع على آثار متنوعة ضمت الأدوات الحجرية، كالسكاكين والمناجل التي صُنعت من الصوان المحلي أو من حجر الأوبسيديان Obsidian، وهناك الأدوات الثقيلة كالرحى والأجران والفؤوس المصقولة، وأدوات الصيد وخاصة أحجار المقاليع الطينية ورؤوس الدبابيس الحجرية ومختلف أنواع الأدوات العظمية والأختام الطينية وأدوات الغزل والنسيج وتصنيع الجلود وغير ذلك.
الاكتشاف الأهم في هاتشيلار هو الدمى الإنسانية التي جسَّدت المرأة - «الآلهة الأم» Mother Goddess - بواقعية ووضعيات مختلفة، مثل حالات الولادة أو هي تجلس على حيوان وتحمل على صدرها حيواناً آخر أو أطفالاً، وتبدو مكتنزة وعريضة الأرداف والأفخاذ. نُفذت هذه الدمى من الطين المشوي، وبلغت أحجاماً غير مألوفة 25سم، كما ظهرت فروق السن واضحة بين الصغار والكبار. وهكذا فإن الجوانب الفنية والأوضاع المثيرة لهذه الدمى حققت ابتكاراً جديداً من ذلك العصر، وهناك دمى عادية لا تتميز بحيوية أو تنوع ملحوظين، وكثير من اللوحات الحجرية التي حملت أشكال وجوه بشرية مبسطة، إضافة إلى دمى حيوانية متنوعة.
أشارت البقايا المستحاثية إلى أن القرية اعتمدت بالدرجة الأولى على اقتصاد زراعي دلَّت عليه الحبوب المتفحمة كالقمح والشعير والذرة والحمص وغيره من المزروعات المروية وفق أساليب ري بسيطة، كما أنهم عملوا برعي الحيوانات المدجنة - الغنم والماعز والبقر والخنـزير - وبلغوا سوية اجتماعية متطورة دلت عليها الفنون والمعتقدات والشعائر، وهذا ما أسس لظهور المدن والمجتمعات العمرانية في العصر اللاحق.
تعدّ حضارة هاتشيلار ذات أصول أناضولية محلية، وهي تتشابه في بعض مظاهرها مع حضارة شاتال هويوك Catal Huyuk التي سبقتها والتي دل عليها الموقع الأناضولي الذي يحمل الاسم نفسه في سهل قونيا، وهو موقع أتت منه مكتشفات فريدة في أهميتها الاقتصادية والاجتماعية والفنية أعطت - مع مكتشفات هاتشيلار- الصورة الأكمل عن حضارة منطقة الأناضول في العصر الحجري الحديث.
سلطان محيسن
Hacilar - Hacilar
هـاتشيلار
من الدمى الإنسانية التي اكتشفت في هاتشيلار والتي جسدت المرأة |
وقد صنع السكان الأواني الفخارية ذات المستوى التقني العالي، الجميلة والملونة غالباً باللون الأحمر على خلفية من لون الكريم، وهي في معظمها جرار وكؤوس أخذت أشكالاً وحملت رسوماً كثيرة التنوع، بعضها على هيئة وجوه بشرية وطيور وحيوانات وأشكال هندسية. كما أن بعض الأواني الفخارية نُفّذت بأشكال بشرية (وجه امرأة) أو حيوانية (غزال جالس)، كما وُجدت في الموقع الأواني المرمرية البيضاء التي نُفّذت بأشكال الأواني الفخارية وتنوعها.
استخدم السكان النحاس، وهذا من أقدم دلائل معرفة المعادن في العالم، وإن اقتصر تصنيعه على بعض الدبابيس والحلي والقطع الصغيرة. عُثر في الموقع على آثار متنوعة ضمت الأدوات الحجرية، كالسكاكين والمناجل التي صُنعت من الصوان المحلي أو من حجر الأوبسيديان Obsidian، وهناك الأدوات الثقيلة كالرحى والأجران والفؤوس المصقولة، وأدوات الصيد وخاصة أحجار المقاليع الطينية ورؤوس الدبابيس الحجرية ومختلف أنواع الأدوات العظمية والأختام الطينية وأدوات الغزل والنسيج وتصنيع الجلود وغير ذلك.
آنية فخارية على هيئة رأس امرأة |
أشارت البقايا المستحاثية إلى أن القرية اعتمدت بالدرجة الأولى على اقتصاد زراعي دلَّت عليه الحبوب المتفحمة كالقمح والشعير والذرة والحمص وغيره من المزروعات المروية وفق أساليب ري بسيطة، كما أنهم عملوا برعي الحيوانات المدجنة - الغنم والماعز والبقر والخنـزير - وبلغوا سوية اجتماعية متطورة دلت عليها الفنون والمعتقدات والشعائر، وهذا ما أسس لظهور المدن والمجتمعات العمرانية في العصر اللاحق.
آنية فخارية على هيئة غزال |
من لقى هاتشيلار: جرة فخارية برأسين |
سلطان محيسن