الهواطل المشعة radioactive fallout مزيج من نظائر مشعة تنجم عن انفجار نووي وتنتشربالجو

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الهواطل المشعة radioactive fallout مزيج من نظائر مشعة تنجم عن انفجار نووي وتنتشربالجو

    هواطل مشعه

    Radioactive fallout - Retombées radioactives

    الهواطل المشعة

    الهواطل المشعة radioactive fallout هي مزيج من نظائر مشعة تنجم عن انفجار نووي وتنتشر في طبقات الجو، ويمكن أن تنساق إلى مسافات بعيدة عن موقع الانفجار قبل أن تهبط إلى الأرض.
    الانفجار النووي

    الشكل (1) تفجير سلاح نووي يبين التركيب الحلقي لكرة النار بعد تكوينها بوقت قصير. لم تلمس كرة النار الأرض ولكنها قريبة بدرجة كافية لكي تمتص الغبار الذي جرت إزاحته من سطح الأرض نتيجة موجة الانفجار إلى داخل كرة النار.
    تتولد الطاقة النووية على نحو خاص في أثناء انشطار عدد من النوى الثقيلة مثل نوى اليورانيوم 235 واليورانيوم 233 والبلوتونيوم 239، وذلك بفعل امتصاصها لنترون إضافي وحدوث الحالة المثارة في النواة، وبما أن انشطار النواة الثقيلة يترافق مع إطلاق الطاقة الحرارية، إضافة إلى إطلاق نترونين أو ثلاثة إلى جانب شظيتي الانشطار (نواتين مختلفتين)، فإن هذا الإطلاق يمكن أن يتسبب في انشطار ذرتين إضافيتين أو ثلاث وهلم جرّاً، وبهذا يتزايد عدد النوى المنشطرة وتتزايد الطاقة المنطلقة. وإذا ما وضعت ضوابط تحدّ من هذا التزايد المتعاظم في عدد الذرات المنشطرة وتؤدي إلى إيقاف استمرار هذا التعاظم قبل بلوغ الحالة التي تسمى الحالة الحرجة التي يحدث عندها الانفجار بنتيجة الانتشار السريع الهائل للطاقة، فإنه يحصل التريث في الحالة التي تسمى الحالة دون الحرجة وهي الحالة التي يستمر فيها التفاعل المتسلسل دون الحرج المحكوم controlled chain reaction، أي الحالة التي تعمل في حدودها المفاعلات النووية إذ تتولد الطاقة بالتدريج وبالقدر الذي يريده المُشَغل بالاستفادة مما يسمى المهدئات moderators وهي مواد تمتص النترونات بشراهة وتحدّ بالتالي من استمرار التفاعل المتسلسل وتحول دون بلوغ الحالة الحرجة، وإلى حدوث انفجارٍ هائلٍ[ر: الانفجار]، بسرعة فائقة كما في القنابل النووية[ر: القنبلة النووية].
    ينجم عن التفجير النووي قرب سطح الأرض غيمةٌ من غاز متوهج وأبخرة تدعى كرة النار fireball غالباً ما تكون أكثر لمعاناً من شمس الظهيرة بكثير. وعلى الرغم من بدء اللمعان بالتناقص بعد جزء من ألف من الثانية فقط تستمر كرة النار بالنمو لغاية الوصول إلى القطر النهائي (D) الذي يساوي 180W0.4، حيث تقدر D بالأقدام، وتمثل W الطاقة بآلاف أطنان TNT.
    وفي ثانية واحدة وعندما تكون كرة النار الناجمة مثلاً عن تفجير قوته قرابة 20 كيلو طن قد وصلت إلى حجمها الأعظم فإن قطرها يبلغ نحو 440 متراً. وتبرد كرة النار بعد دقيقة إلى درجة فقدان اللمعان، وفي هذا الوقت تكون قد وصلت إلى ارتفاع 11 كيلومتراً.
    وتؤدي قوى الحمل الحراري المرافقة لتكوّن كرة النار إلى انتقال كميات كبيرة جداً من الهواء والحطام إلى أعلى. ويوضح الشكل (1) الذي جرى تصويره من بُعد 15كم لتفجير نووي ضعيف نسبياً كيفية حمل رمال الصحراء إلى كرة النار التي تتخذ شكلاً حلقياً. وتتحول الجسيمات التي تدخل إلى كرة النار - مباشرة بعد تولدها- إلى أبخرة وتختلط ضمن كرة النار.
    النظير فترة عمر النصف كوري لكل ميغاطن
    n24Na 15 ساعة 0.2× 1110
    n32P 14 يوماً 1.9× 810
    n42K 12 ساعة 3 × 1010
    n45Ca 152 يوماً 4.7× 710
    n56Mo 2.6 ساعة 0.3× 1110
    n55Fe 2.9 سنة 1.7× 710
    n59Fe 46 يوماً 2.2× 610
    1 كوري = 37 غيغا بكريل. (n3.7 × 1010 ت فكك في الثانية)
    الجدول (1) النكليدات الرئيسية المحرَّضة في التربة
    ومع تبرد كرة النار بدرجة ملموسة لا تستمر الجسيمات المحمولة في التبخر، ولكنها قد تصبح مراكز يمكن أن تتكثف عليها المكوِّنات المشعة الموجودة في كرة النار.
    فإذا التقفت نواة الذرة نتروناً عند تعرضها لتدفق الإشعاع النتروني فإنها تصبح على وجه العموم نشطة إشعاعياً وتتفكك بإصدار إشعاعات بيتا وغاما على مدى فترة من الزمن. ولهذا تسبب النترونات الصادرة ضمن الأشعة النووية تنشيط باقي السلاح النووي، إضافة إلى إمكان تنشيط المواد البيئية مثل التربة والهواء والماء إذ يتم التنشيط بالنترونات.
    عند تفجير الأسلحة النووية قرب سطح الأرض يتولد عدد من النكليدات المشعة نتيجة تفاعل النترونات مع التربة، وهذا مايوجزه الجدول (1).
    ويمكن أن تسبب الهواطل المشعة المؤلفة من جسيمات حارة (مشعة) نوعاً من التلوث الإشعاعي الذي ينجم عنه تلوث سلسلة الغذاء.
    يحوي مزيج نواتج الانشطار الابتدائي أكثر من 200 نظير مشع لخمسة وثلاثين عنصراً. ومعظم هذه النظائر ذات أعمار نصف قصيرة جداً، بحيث يكون الانخفاض في النشاط الإشعاعي سريعاً جداً في الفترة التي تلي حدوث الانشطار.
    ويتحرر نحو 50٪ من الطاقة الناجمة عن التفجير النووي طاقةَ انفجار حرارية - ميكانيكية، و35٪ إشعاعاً حرارياً والباقي 15٪ أشعة مؤيِّنة بأنواعها. وفيما يتعلق بتقدير التبعات الكلية للتفجيرات النووية يكون تأثير الانفجار والحرائق في البداية ذا أهمية أكبر من تأثير الأشعة المؤيِّنة.
    يشكل الإشعاع الفوري الذي ينتج بعد ثوانٍ فقط من الانفجار ثلث الأشعة المؤيِّنة، أما الثلثان، أي نحو 10٪ من مجموع الطاقة المتحررة بفعل التفجير فتكون على شكل أشعة مؤينة متأخرة تتولد نتيجة تفكك نواتج الانشطار والنكليدات المشعة المحرَّضة induced radionuclides.
    الهواطل المشعة
    تنتج الهواطل المشعة بفعل الانفجار النووي وبالتنشيط النتروني لكل من التربة، والهواء، والماء وغير ذلك من المواد التي توجد في جوار محيط الانفجار، وتكون الهواطل المشعة الناعمة غير مرئية وخفيفة لدرجة أنها يمكن أن تنساق حول العالم فترة طويلة جداً ومن دون أن ترسب بسرعة على الأرض.

    الشكل (2) مقطع يبين الدوران الحلقي ضمن السحابة الإشعاعية الناشئة من انفجار نووي
    يمكن حدوث هذه الحالة، على وجه العموم، عند تفجير قنبلة نووية على مسافة كافية خلف جو الأرض. إذ عند تفجير سلاح نووي قرب سطح الأرض يسحق عنفُ الانفجار كميات ضخمة من مواد سطح الأرض التي ينساق كثير منها إلى كرة النار (يُمتص في الكتلة الحارة) التي تصعد لتشكل سحابة الفطر المميزة mushroom cloud. وفي داخل كرة النار وفي ساق غيمة القنبلة تنجذب الجسيمات الصغيرة المشعة إلى الجسيمات الأثقل التي تعمل جسماً قاذفاً نحو الأسفل (الشكل 2).
    يعود فتات المادة الأكبر كتلة أدراجه إلى الأرض ويسقط في دقائق مشكلاً هواطل محلية مميتة شديدة التمركز تسمى القهقرة fall back. وتسقط الجسيمات الأكبر من مئة نانو متر خلال الساق كالشلال نحو الأسفل خارجة من كرة النار منجرفة نحو الأسفل حتى في أثناء صعود السحابة نحو الأعلى، وبذلك يبدأ الهطل بالوصول إلى مقربة من موقع الانفجار في ساعة ويترسب أكثر من نصف حطام القنبلة على الأرض في 24 ساعة هطلاً موضعياً. وأما الجسيمات الأقل كتلة والتي يمكن أن ترى بسهولة (حبات الرمل الناعمة، على سبيل المثال) فتُحمل منتشرة باتجاه الريح مشكلة غيمة القنبلة التي تأخذ بالتساقط في ساعات تلي الانفجار على مسافات غير بعيدة جداً وتصنف على أنها أيضاً هواطل محلية خطرة. ويمكن أن يمتد التلوث بالهواطل المحلية الخطيرة بعيداً عن موقع الانفجار ووراء منطقة الآثار الحرارية وخاصة في حالة الانفجارات السطحية ذات النواتج المرتفعة، ويعتمد المسار الأرضي لهواطل الانفجار على حالة الطقس من ساعة الانفجار وصاعداً، وبما أنها تغطي مساراً كبيراً فإنها تتزايد انتشاراً ويقل تركيزها مع الاتساع، وتتعلق كمية الهواطل (الحطام والغبار والدخان) بارتفاع هذه الانفجارات عن سطح الأرض، وهي تزداد مع تناقص ارتفاع الانفجار عن سطح الأرض.
    تبقى الجسيمات المجهرية طائرة فترة زمنية أطول. فإذا كان انفجار القنبلة ضعيفاً أو متوسط القدرة أمكن للغيمة المجهرية ألا تخترق الطبقة البينية (الوسطى) من الغلاف الجوي التروبوبوز tropopause أي الطبقة الجوية ما بين التروبوسفير والستراتوسفير (السفلى والعليا).
    وفي حالةِ الهواطل من الطبقة الجوية السفلى (التروبوسفير) تنجرف نواتج القنبلة من منطقة يبلغ ارتفاعها ارتفاع الانفجار، ومن ثم تأخذها الأمطار وغيرها من مسببات التساقط إلى الأرض ويجري تنظيف المواد الغريبة من الجو ويكون تأثيرها طويل المدى نسبياً.
    أما إذا كانت قوة الانفجار كافية لحقن حطام القنبلة ونواتجها فوق طبقة الجو الوسطى (التروبوبوز) فإن كثيراً من الجسيمات الصغيرة تبقى في طبقة الجو العليا (الستراتوسفير) وتخضع لتأثير تيارات الستراتوسفير نفسها مشكّلة ما يُعرف باسم «هواطل الستراتوسفير» أو الهواطل العالمية global or stratospheric fallout. ولتأخر حصول الترسيب نحو الأرض من طبقة الجو العليا (الستراتوسفير) فإن هذه الجسيمات يمكن أن تبقى فيها فترة طويلة من الزمن، وتنتشر أفقياً إذ يقوم بعض هذه الجسيمات بعدة دوراتٍ حول الأرض وتبقى متبعثرة في أرجاء الستراتوسفير. ويجلب الاختلاط الشاقولي (القطري) - وخاصة في المناطق القطبية في فصل الربيع وأوائله - هذه الجسيمات إلى طبقة الجو السفلى (التروبوسفير) حيث تسلك سلوك هواطل الطبقة الجوية السفلى (هواطل التروبوسفير).
    وقد قدرت محتويات الطبقة السفلى من الغلاف الجوي بما لا يزيد على 5% من النواتج المشعة من تفجير سطحي مقداره مليون طن، وأقل من ذلك بالنسبة للتفجيرات التي ترتفع كثيراً عن سطح الأرض. وتكون مكونات الحطام التي حقنت في الطبقة فوق السفلية من الغلاف الجوي هي المصدر الرئيس للتلوث على المستوى العالمي بوساطة النكليدات المشعة ذات عمر النصف الطويل الناجمة عن قنابل تبلغ قدرتها مليون طن TNT.
    ويمكن القول إن الهواطل المشعة، تُرَد بمجملها أخيراً إلى الترسبات على سطح الأرض من مختلف الجسيمات النشطة إشعاعياً المنتشرة في الجو نتيجة التفجيرات النووية أو الإطلاقات من منشآت الطاقة النووية. ويتركز اهتمام الناس اليوم على نحو خاص على تأثيرات الهواطل المنتشرة في أعالي الجو منذ أزمنة الاختبارات النووية الجوية التي جرت على نطاق واسع في الخمسينات وأوائل الستينات.
    ومنذ توقيع المعاهدة المحدودة لتحريم الاختبارات عام 1963 أخذت مستويات الهواطل بالتضاؤل في أنحاء العالم، عدا بعض الهواطل التي نجمت عن حادث المفاعل النووي السوڤييتي في شرنوبل [ر. شرنوبل (كارثة مفاعل ـ)].
    انتشار الهواطل المشعة
    ينخفض النشاط الإشعاعي لنواتج التفجير النووي من الحطام بمعامل مقداره 20 في أثناء الفترة من الساعة الأولى إلى نهاية اليوم الأول ويزداد انتشار النشاط الإشعاعي للغيمة في أثناء هذه المدة نتيجة التشتت بفعل الأحوال الجوية. وبهذا فإن المخاطر الكامنة للهواطل المشعة تتفاوت بدرجة كبيرة، معتمدة في ذلك على ما إذا كان سقوط الحطام يتم في ساعات قليلة بعد التفجير أو يمتد فترة أطول.
    إن العوامل الأساسية التي تؤثر في مقدار حدوث الهطل هي: ناتج انفجار القنبلة explosive yield، وارتفاع الانفجار عن سطح الأرض، والعوامل الجوية وتصميم القنبلة. وتكون نسبة الانشطار إلى الاندماج - حسب تصميم القنبلة - مهمة لتأثيرها في كمية نواتج الانشطار المتولدة لوحدة ناتج الانفجار.
    تضاف إلى شظايا الانشطار الناشئة من انقسام ذرات اليورانيوم أو ذرات البلوتونيوم المواد المنشطة بالنترونات، لتعطي تقريباً 300 نظير مشع مختلف.
    وتتفكك في أثناء الساعة الأولى بعد الانفجار أكثريةُ المواد القصيرة العمر جداً، وهي المواد ذات أعمار النصف من مرتبة الثواني والدقائق، ويتناقص النشاط الإشعاعي الكلي الناشئ عن القنبلة أثناء ذلك أكثر من مئة مرة (يصبح أقل من 1/100 من شدته الأولى).
    وبعد الساعة الأولى يتبدد النشاط الإشعاعي المتبقي باستمرار ولكن بسرعة أبطأ. وتفسِّر نواتج الانشطار الأطول عمراً الكتلة المتبقية من النشاط الإشعاعي. وتشكل القلة من نواتج الانشطار الطويلة العمر؛ مثل السيزيوم 137 (30 سنة) والسترونسيوم 90 90Sr، (الذي يعرف أيضاً باسم الراديوسترونسيوم) المشع ذوعمر النصف 28 سنة الأذيات طويلة الأمد.
    ويوضح (الشكل 3-أ) حدود هطولات مقدرة بالرونتجن بالساعة ومقدار التعقيد في نمط الهواطل الناجم عن تفجير قنبلة عيارها 5 ملايين طن على صخور مرجانية قرب سطح الماء في المحيط الهادئ.
    يلاحظ عدم انتظام الخطوط الكفافية للجرع المتماثلة (خطوط تساوي الجرع) isodose contours كما تلاحظ البقعتان الحارتان على بعد يقارب 40 و60 ميلاً بحرياً (74 و111 كيلو متراً) شمال مركز التفجير قرب محطة الرصد.
    حيث امتد الأول (أ) إلى قرابة 180 ميلاً بحرياً في حين امتد الثاني (ب) إلى أقل من خمسة أميال بحرية في حين تمتد الانفجارات في أعالي الجو عبر الستراتوسفير لتلف الكرة الأرضية فترة طويلة.
    الشكل (3) التساقط الملاحظ إلى اليسار بعد (أ) انفجار بقدرة 5 ميغاطن
    (ب) انفجار بقدرة 1كيلوطن في جزيرة في المحيط الهادئ (mi. = nautical mile .n ميل بحري) بعد ساعة من الانفجار
    الهطل العالمي من اختبارات الأسلحة النووية
    كانت اختبارات الأسلحة النووية في الجو هي المسؤولة عن الكميات الكبيرة من النوى المشعة التي صنعها الإنسان وأُطلقت إلى البيئة (هواء، ماء، تربة).
    الجدول (2): النواتج المقدرة لتجارب الأسلحة النووية
    التي أجرتها كل من الدول: في الفترة الزمنية: عدد التجارب الكلي الناتج المقدر (مليون طن)
    من - إلى عدد الانشطارية منها مجموع النواتج
    الولايات المتحدة 1945 – 1962 193 72 139
    الاتحاد السوفيتي 1949 – 1962 142 111 358
    المملكة المتحدة 1952 – 1953 21 11 17
    فرنسا 1960 – 1974 45 11 12
    الصين 1964 – 1980 22 13 21
    المجموع 423 218 547
    أجريت أولى تجارب الأسلحة النووية للولايات المتحدة في جزر المارشال بعد الحرب العالمية الثانية عام 1946. وأجرى الاتحاد السوڤييتي أولى تجاربه عام 1949، وصَعَّدت الولايات المتحدة معدّل تجاربها وأنشأت موقعاً ثانياً للتجارب قرب مدينة لاس فيغاس في ولاية نيفادا. كما قامت الولايات المتحدة بإجراء التجارب في جزيرتي جونسن وكرسمس في وسط المحيط الهادئ. والأخيرة تتبع المملكة المتحدة، إذ أجريت التجارب بصورة مشتركة بين البلدين.
    أجرت الولايات المتحدة 193 تفجيراً في الجو المفتوح وأكثر من ذلك بعدد كبير من التجارب التي أجريت تحت سطح الأرض. ولم تبدأ المعلومات عن خبرة الاتحاد السوڤييتي بالظهور إلا بعد تفككه وما رافق ذلك من تغييرات تتعلق بسياسة إعلام الجمهور.
    بدأت تجارب الاتحاد السوڤييتي عام 1949، ومنذ ذلك الوقت ولغاية عام 1963- تاريخ معاهدة حظر التجارب - أجرى نحو 150 تجربة في الهواء في كازخستان بالقرب من سميبالاتنسك وعلى جزيرتين قطبيتين في نوڤَيا زِملا.
    قامت المملكة المتحدة بإجراء اثنتي عشرة تجربة في نطاق الكيلو طن بالقرب من مارالنغا في أستراليا بين عامي 1952 -1957. كما أجريت 9 تجارب في جزيرة كرسمس من بينها 7 تجارب نووية حرارية. وقامت فرنسا بإجراء 4 تجارب في الجو في الجزائر عام 1960، وكذلك 44 تجربة في الجو على جزيرتين غير مأهولتين من مجموعة جزر تواموتو في جنوب المحيط الهادئ.
    وقامت الصين بإجراء أكثر من 20 تجربة في الجو بالقرب من لوب نور في مقاطعة سنكينغ بدءاً من عام 1964.
    كما قامت الهند بإجراء تجربة واحدة تحت سطح الأرض في المنطقة الصحراوية الغربية. وقد ذكر أن التفجير كان للأغراض السلمية.

    الشكل(4) الحصيلة المقدرة للاختبارات الجوية للأسلحة النووية 1945-1980 (مرسومة من بيانات أخذت من UNSCEAR في عام 1982). (انظر الجدول رقم [2])
    وبدأت تجارب الأسلحة النووية في الجو المفتوح تجذب اهتمام العالم في منتصف الخمسينات، وأصبح التساقط موضوعاً عاطفياً مثيراً للجدل. واستجابة للضغط العالمي أعلنت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وروسيا اتفاقاً لإنهاء التجارب على الأسلحة النووية في خريف عام 1958. قامت هذه الدول النووية حتى ذلك الوقت، بإجراء 38 سلسلة منفصلة من التجارب، شملت 227 تفجيراً. وأصبحت فرنسا، التي لم تقم بالتوقيع على اتفاق إيقاف التجارب القوة النووية الرابعة في عام 1960، بعد أن أجرت سلسلة من أربع تجارب نووية في صحراء الجزائر.
    شذّ الاتحاد السوڤييتي عن اتفاق إيقاف التجارب النووية من دون سابق إنذار عام 1961 إذ قام بتفجير نحو 50 قنبلة. وقد أدى ذلك إلى معاودة الولايات المتحدة إجراء تجاربها، وبدأت منافسة شديدة بين هاتين الدولتين، أدت إلى تزايد القلق العالمي.
    غالباً ما تتركز الهواطل الناجمة عن التفجير في بعض المناطق لتصادف مرور الغيمة المشعة مع هطل المطر. فبعد أحد التفجيرات في نيڤادا في شهر نيسان/أبريل عام 1953 سُجل أعلى تساقط في عموم الولايات المتحدة في مدينة تروي Troy بولاية نيويورك، التي تبعد أكثر من 3200 كيلومتر عن منطقة التجارب في نيڤادا.
    ويوضِّح الشكل (4) النواتج التراكمية للتجارب التي أجريت في الجو منذ عام 1945. وهناك تسع نوى مشعة تعدّ الأكثر أهمية من بين العدد الكبير من النوى المشعة الناتجة بفعل التفجيرات النووية والنووية الحرارية وهي المدرجة في الجدول (3)، والأخطر منها هي الأطول عمراً والأعلى تركيزاً.
    الجدول (3): النواتج التقريبية للنوى الرئيسة المتولدة من كل انشطار يكافئ قوة مليون طن T.N.T
    النواة عمر النصف مليون كوري (أ)
    السترونسيوم -89 53 يوماً 20.0(ب)
    السترونسيوم -90 28 سنة 0.1(ب)
    الزركونيوم -95 65 يوماً 25.0(ب)
    الروثينيوم -103 40 يوماً 18.5(ب)
    الروثينيوم -106 سنة واحدة 0.29(ب)
    اليود -131 8 أيام 125.0(ج)
    السيزيوم -137 30 سنة 0.16(ب)
    السيزيوم -131 سنة واحدة 39.0(ب)
    السيريوم -144 33 يوماً 3.7(ب)
    (أ) 1 كوري = 37 غيغا بكريل (أي 3.7×1610 تفكك في الثانية)
    (ب) عن (Klement, 1965)
    (ج) عن (Knapp, 1963)
    طرائق تقدير الجرعة من الهواطل المشعة
    كانت هناك حاجة إلى تطوير طرائق لاستعادة الأحداث الماضية والتنبؤ بالأحداث المستقبلية بقصد تقدير الجرعات المتلقاة من الهطل. ويُستخدم استرجاع الماضي لتقدير الجرعات المتلقاة من الهواطل التي حدثت في الماضي في مرحلة تجارب الأسلحة في الجو المفتوح.
    وقد يكون تقدير الجرعات المستقبلية مطلوباً أيضاً لحالة الحرب النووية، لاستخدامها أساساً لعدد من القرارات المتعلقة بالدفاع المدني أو القرارات العسكرية.
    ويمكن أن تُبَسّط عملية حساب معدل الجرعة، والجرعات الممتصة في أي مدة زمنية محددة. عند تأسيسها على التقريب بأن الهطل الذي مقداره مليون كوري للميل المربع (14 غيغا بكريل للمتر المربع) سوف يؤدي إلى معدل تعرض يبلغ نحو 4 رونتجن في الساعة على ارتفاع متر واحد فوق سطح الأرض.
    ويمكن أن يُقرَّب النشاط الإشعاعي A في اللحظة t بدءاً من لحظة حدوث التفجير فيما لو عرف النشاط الإشعاعي في اللحظة t=1، وليكن A0 باستخدام العلاقة: A=Aot-1.2
    ويتم الترسب من الطبقة فوق السفلية (الستراتوسفير) من الغلاف الجوي ببطء شديد إذ إن عدداً من النوى المشعة التي حقنت في هذا الجزء يتفكك قبل أن يستقر في الطبقة السفلية من الغلاف الجوي (التربوسفير).

    الشكل (5) تصوير إشعاعي ذاتي لورقة شجر في تروي بنيويورك بعد تساقط الغبار المشع. بعد تفجير في نيفادا حدث قبل 36 ساعة. وهي تبين مقدار الهطل الإشعاعي عليها.
    وبما أن معدل عمر الغبار في الطبقة السفلية من الغلاف الجوي يبلغ شهراً واحداً، فإن كثيراً من النوى التي لها فترة عمر نصف قصيرة مثل اليود 131 يمكن أن تترسب على سطح النباتات في أثناء نموها وبهذا تدخل في مصدر غذاء البشر، في حين تصبح هذه النوى المشعة ذات العمر القصير غير مهمة نسبياً عندما تترسب على التربة بسبب طول مدة النمو النسبية لمعظم المحاصيل (الشكل -5).
    ويُذكر أنه من أجل النواتج الانفجارية الواقعة في المجال من 1كيلو طن إلى 100كيلوطن فإن زيادة تبلغ عشرة أمثال في المردود الانفجاري تؤدي إلى زيادة تبلغ تقريباً العشرة أمثال في الجرعة أيضاً. أما من أجل المردود الانفجاري الذي يزيد على 1 ميغاطن فإن زيادة المردود عشر أمثال تؤدي إلى زيادة في الجرعة أكبر بمئة مرة من أجل المسافة ذاتها. وتقدر الجرعة المتوسطة المميتة للجنس البشري في الوقت الحاضر بما يقارب 4.5 غراي (450 rad).
    الآثار البيولوجية للهواطل المشعة
    يتيح احتجاز حطام القنبلة الدقيق منها (الدخان) وخاصة في الستراتوسفير (طبقة الجو العليا) فترة طويلة المدة الكافية لتفكك نواتج الانشطار القصيرة العمر في الجو. حتى في حالة الهواطل التروبوسفيرية (الطبقة السفلى) تحدث بعض التفككات الإشعاعية في الجو، وبذلك تنقص إلى حد ما الجرعة الإشعاعية للمتعرضين لها على سطح الأرض.
    غير أن النوى المشعة مثل 90Sr لا تتفكك كثيراً في الوقت المنقضي في الستراتوسفير (طبقة الجو العليا). ويمكن أن تستمر لسنوات عديدة خطراً كامناً من الدرجة الأولى من خلال تلويث الأغذية التي يستهلكها الإنسان.
    يمكن أن يلحق تعرض الأحياء للإشعاع من الهطولات مجالٌ واسع من التغييرات البيولوجية التي تراوح بين الموت السريع الذي يلي الجرعات العالية من الإشعاعات التي تخترق كامل الجسم إلى استمرار الحياة الطبيعية الأساسية إلى مدد مختلفة الآجال تتطور فيها آثار الإشعاع المتأخرة في جزء من الناس المتعرضين تطوراً يتبع شدة التعرضات المنخفضة.
    يقاس التعرض الفعلي بالرونتجن وهو الإشعاع الذي يولد تأينات في واحدة الحجم من هواء الجو أو في هواء العدادات التي تعتمد على تأيين الهواء (بما في ذلك عدادت غايغرمولر وحجرات التأين) التي يقاس بها التعرض، تساوي واحدة الكهرباء الراكدة.
    وبما أن الآثار البيولوجية تعتمد على الطاقة الإشعاعية المتوضعة في واحدة الكتلة من النسيج الحي وليس على التعرض المقيس في الهواء يُعرّف توضع طاقة قدرها جول واحد في الكيلو غرام على أنه يسبب جرعة قدرها غراي واحد gray ت(100 راد)، وفي حالة أشعة غاما التي تبلغ طاقة فوتوناتها ميغا إلكترون فلط واحد 1MeV يؤدي تعرض الهواء لما مقداره رونتجن واحد من هذه الأشعة إلى جرعة قدرها 0.01 غراي (واحد سنتي غراي n1cGy) في الماء أو في نسيج سطحي كالجلد. ونتيجة حماية العظام بالأنسجة المحيطة بها لا يتلقى نقي العظام سوى 0.67 سنتي غراي عندما يكون الهواء قد تعرض لرونتجن. وتشير بعض التقارير حول الجرعات الأخفض من الإشعاع التي تقتل 50٪ من الأشخاص(lethal dose < (LD50) 50%) إلى أن جرعة نقي العظام تشكل فعلياً 67٪ من جرعة الهواء.
    أما الأفراد الذين تلقوا جرعات تقل في مجموعها عن 1.5 غراي فلن يصابوا بالعجز. في حين أن من تعرضوا لجرعات أكبر من 1.5 غراي يصبحون معوقين عاجزين عن العمل؛ وبعضهم قد يموت أخيراً. وتعد الجرعة من 5.3 إلى 8.3 غراي مميتة ولكنها لا تسبب العجز على الفور. والأشخاص المعرضون لمثل هذه الكميات من الإشعاع ينحط أداؤهم في ساعتين أو ثلاث حسب صعوبة المهمات الفيزيائية المنوطة بهم ويبقون في حالة العجز هذه مدة يومين على الأقل. وهم على كل حال سيعانون عند هذه النقطة دورة شفاء ويصبحون قادرين على أداء المهمات المطلوبة لنحو ستة أيام، وبعدها ينتكسون (يعودون للحال السابقة) نحو أربعة أسابيع وفي هذا الوقت تظهر عليهم أعراض التسمم الإشعاعي radiation poisoning ذات القسوة الكافية لردهم إلى حالة عدم الفاعلية الكاملة. ويتبع ذلك الموت بعد ستة أسابيع تقريباً من التعرض، ويمكن أن تختلف هذه الاستنتاجات من حالة إلى أخرى، وهناك آثار تظهر على المدى القريب وأخرى تظهر على المدى البعيد.
    ومن المهم عند تقييم تأثير الهواطل على المدى الطويل أن تؤخذ الآثار الوراثية للإشعاع في الحسبان. إذ يمكن أن يسبب الإشعاع حدوث طفرات أو تغييرات في خلايا التكاثر التي تنقل الصفات الأصلية (المورثات) من جيل إلى جيل يليه. ومن الناحية العملية فإن كل الطفرات المثارة بالإشعاع مؤذية وتستمر آثارها الضارة إلى الأجيال المتعاقبة.
    الأخطار من المفاعلات النووية
    سبَّب نمو الطاقة النووية مصدراً للكهرباء بعض المشكلات أمام إدارة أخطار الإشعاع. فنواتج الانشطار من عمليات الانشطار المحكومة المستخدمة في المفاعلات تسبب خطراً على البيئة عند إطلاق كميات كبيرة منها كما حدث في مفاعل شرنوبل عام 1986. فإذا وقع حادث وتحرر حطام الانشطار تلوثت مساحة تمتد أميالاً حول المحطة النووية. ولتجنب وقوع هذا صمّم الخبراء نظام الطاقة مع جعل فرصة إطلاقات الحادث في حدها الأدنى ولا يخفى ما لهذا من أثر بالغ في رفع تكاليف المحطات النووية.
    فالهواطل المشعة يمكن أن تنجم أيضاً عن حوادث نووية، مع أن المفاعل النووي لا ينفجر مثل انفجار السلاح النووي. إلا أن البصمة النظائرية لهطولات انفجار القنبلة تختلف كثيراً عن بصمة الهواطل من حادث جدي لمفاعل نووي (مثل حادث شرنوبل) وتتعلق الاختلافات الأساسية بقابلية التطاير وأعمار النصف.
    علاج المصابين بالتعرض للإشعاع
    يمكن للعلاج المكثف لحوادث التعرض للإشعاع على كامل الجسم أن ينقذ حياة من تعرض لجرعات متوسطة (3-6 غراي). ومن الأعراض التي يجب علاجها تلك التي تتعلق بفقدان التوازن السائلي والاختلال الوظيفي لمكونات الدم والإصابات الالتهابية. ويتطلب هذا الأمر عزل المرضى في غرفة معقمة لتلافي حدوث الإصابات الالتهابية. ويمكن أن يحتاج المصاب إلى تغيير كامل الدم أو إلى إعطائه مصلاً غنياً بالصفيحات الدموية وتعويض سوائل الجسم وأيوناته مع المعالجة المكثفة بالمضادات الحيوية عن مستويات الجرعة القريبة من LD50. ويمكن كذلك أن يتم نقل نقي العظم في حال وجود مانح مناسب. ويمكن لهذه الإجراءات أن ترفع قيمة الـ LD50 عدة غراي ولاسيما في حالة المرضى الذين يعانون من متلازمة التكوُّن الدموي. ولا يكون العلاج فعالاً عند الجرعات الأعلى من 10 غراي. ويتطلب علاج جميع هؤلاء المرضى اهتمام مختصين خبراء ووسائل علاجية متطورة وعدداً من المواد المكلفة.
    إن طرائق العلاج المتطورة المذكورة سابقاً في حالة حدوث حرب نووية تسبب عدة آلاف من الإصابات الناجة عن تعرض شديد، ليست عملية. ومع ذلك يجب الاستفادة منها في حال توافرها لعلاج الإصابات المتوسطة الشدة والمتوقع شفاؤها والتي تتطلب حداً أدنى من العناية الطبية. ويتركز دور طبيب الصحة العامة بعد حادث نووي ما في تخفيض الأعراض المرضية.
    الحماية من الهواطل المشعة
    لا تتطلب الحماية من الأشعة الابتدائية المؤينة سماكات كبيرة من الخرسانة أو غير ذلك من مواد التدريع الكثيفة فحسب، بل تتطلب كذلك إجراءات مصاحبة لمواجهة الدمار الذي يلحقه الانفجار وكذلك النيران التي تحدث في أنحاء المنطقة المحدّدة ذات الخطورة الإشعاعية الأولية، وإن معامل الحماية المناسب لإنقاص الجرعة الأولية من الإشعاع الناجم عن انفجار يعادل 1 ميغاطن إلى ما يقل عن 1 غراي يمكن أن يفوق الـ 10.000 في دائرة نصف قطرها 0.9كم حول موقع الانفجار.
    ولا يقتصر الأمر على ازدياد قساوة حزمة أشعة غاما، نتيجة ترشيح الأشعة اللينة في التدريع، بل يسمح التبعثر المضاعف multiple scattering لعدد أكبر من الفوتونات أن يتسرب عبر التدريع السميك.
    وعلاوة على ذلك عندما تكون النترونات السريعة موجودة في حزمة الأشعة الساقطة على التدريع فإن الإشعاع النتروني المتولد في أعماق التدريع بوساطة الأسر النتروني المشع سيؤدي إلى إسهام إضافي في انبعاث أشعة غاما من الدرع السميك.
    ويكفي أن نلاحظ أن الملاجئ العميقة فقط تستطيع أن تقدم حماية كافية ضد الإشعاع الأولي الصادر عن انفجار يعادل 1ميغاطن. ولما كانت هذه الملاجئ تقع غالباً في منطقة خطر النيران فإنه يكون من الحكمة توفير إمداد أكسجيني مستقل. إذ إن انفجاراً ضعيفاً يعادل 100 كيلوطن يتطلب معامل حماية قدره 10000 قرب موقع الانفجار وأكثر من 1000 ضمن دائرة نصف قطرها 0.7 كم حول موقع الانفجار.
    تكون أشعة غاما الصادرة من السقط الجوي إلى الأرض أقل نفاذاً من أشعة غاما الأولية، وليس من السهل تصميم السماكة المناسبة للوصول إلى معامل الحماية المرغوب فيه من هذه الأشعة باستخدام المعلومات المتاحة عن المنابع النفطية فقط؛ لأن الأشعة هنا لا تصدر عن منبع بعيد وحيد كما هي الحال في الأشعة الأولية، بل تصدر عن منطقة واسعة حول الملجأ أو فوقه، كما أن شكل الدرع (الملجأ) يؤثر في درجة الحماية المتحققة. لذا فإنه من المعتاد إعطاء نماذج قيم معامل الحماية لأنواع عدة من الأبنية.
    مصطفى حمو ليلا

يعمل...
X