شبه جزيرة الهند الصينية Indochina الطرف الجنوبي الشرقي للقارة الآسيوية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • شبه جزيرة الهند الصينية Indochina الطرف الجنوبي الشرقي للقارة الآسيوية

    هند صينيه (شبه جزيره)

    Indochina - Indochine

    الهند الصينية (شبه جزيرة ـ)

    تشغل شبه جزيرة الهند الصينية Indochina الطرف الجنوبي الشرقي للقارة الآسيوية، وتمتد بين مدار السرطان وخط الاستواء. وأقصى امتداد لها في الشمال يقع بين 27 ْ-28 ْ في شمالي ميانمار Myanmar (بورما سابقاً)، وأقصى امتدادها الجنوبي في شمالي سنغافورة الواقعة شمال خط الاستواء مباشرة. وتقدر مساحة شبه جزيرة الهند الصينية بنحو 2079501كم2، وهذه المساحة موزعة بين وحداتها الست على النحو الآتي:
    ميانمار Myanmar م678034 كم2
    تايلند Thailand م513998كم2
    لاوس Laos م236799 كم2
    كمبوديا Cambodiaم181036كم2
    ڤييتنام Vietnam م337912كم2
    اتحاد ماليزيا Malaysia م131722كم2
    وهي تمثل معبراً أساسياً، بوصفها جسراً برّياً ضخماً بين قارتي آسيا وأوقيانوسيا، كما تمثل حلقة الوصل بين محيطين عظيمين، الهادئ والهندي، وفي النتيجة يمثل الموقع النهائي نقطة تقاطع حيوية بين محورين أساسيين لطرق الحركة القارية والمحيطية، ومن هذه «العقدية» الضخمة كان أمراً مقدوراً أن تؤدي المنطقة دوراً مهماً في التجارة الدولية والأطماع العالمية.
    ومن الناحية البشرية تمثل شبه جزيرة الهند الصينية منطقة تخوم Marshland هائلة وإقليم صراع zone of strike بين عوالم حضارية وتاريخية متباينة، بين كتلة الصين العظمى في الشرق وشبه القارة الهندية في الغرب، ومن ثم فهي تستمد كثيراً من سماتها الثقافية وخصائصها الحضارية وأصولها الجنسية وتوجهاتها التاريخية والسياسية من هذا الالتحام المزدوج، ومع ذلك فإنها لاتفقد شخصيتها الذاتية المتميزة، فهي تظل تختلف عن أي منهما، وتبقى إقليماً انتقالياً في آن واحد.
    أما السبب الذي من أجله تحتفظ بشخصيتها عن الأفلاك المجاورة المؤثرة فهو طبيعة تضاريسها، ومظهرها الطبيعي العام (اللاندسكيب Landscape)، فكوع الهيمالايا الممتد في غرب الهند الصينية حائط معقد منحدر، عائق إلى أبعد مدى، يزيده الغلاف النباتي الكثيف الموحش تعقيداً ووعورة، ولهذا فصل الهند الصينية عن الهند بصرامة، وكان الاتصال الممكن هو بالبحر أساساً، أو بالبحر وحده، أما براً فبصعوبة.
    هذا على حين أن المحور الطولي لتضاريس الهند الصينية يتفق مع استمرار الجبال الممتدة جنوبي الصين من عقدتها في هضبة يونان Yunnan وما جاورها، ومن ثم كانت الحركة سهلة موجهة، والاتصال ممكناً مع الصين، في حين تعطى الهند الصينية ظهرها للهند.
    وعلى الرغم من أن الهند الصينية أقرب في مناخها الموسمي إلى الهند منها إلى الصين التي لا تعد مثالية بين الموسميات في موسميتها ، فإنها بشرياً وتاريخياً، دينياً وسياسياً، حضارياً وثقافياً أقرب وألصق بالصين منها بالهند، علماً أن الترجمة الحرفية للتسمية الأجنبية هي الصين الهندية Indochina وليس الهند الصينية.
    وعلى الرغم من بعض التأثيرات الهندية المبكرة في أطراف المنطقة الساحلية للهند الصينية،في الدين والتجارة خاصة، فإن الأساس القاعدي للسكان مغولي بوضوح، وأهم الموجات البشرية جاءت من الصين، وآخرها الثاي (أهل تايلند) في القرن الثالث عشر الميلادي، والديانة السائدة هي بوذية الصين لاهندوسية الهند، ونمط الحياة ومستوى الحضارة تذكر بالصين بشدة.
    وفضلاً عن ذلك فإن المناطق القليلة التي خضعت من شبه الجزيرة لسيطرة سياسية أجنبية في الماضي إنما خضعت لسيطرة صينية، وكان النفوذ الصيني على أشده، خاصة في شمالي الساحل الشرقي (ڤييتنام حالياً)،حيث استمر من القرن الثاني قبل الميلاد حتى العاشر الميلادي، ومن الملاحظ أن حدود هذه المنطقة التي خضعت للصين قديماً، تتفق اليوم تماماً مع خط العرض 17 شمالاً.
    هذا عن جانب سياسي واحد مؤشراً إلى العلامات التاريخية بين الهند الصينية والصين، وهناك جوانب اقتصادية أخرى معاصرة، ففي الوقت الحالي - ومن بين المهاجرين الآسيويين الأجانب المتوطنين في الهند الصينية - تذهب الأغلبية المطلقة للصينيين إلى ميانمار وماليزيا، وهؤلاء الصينيون هم الذين يسيطرون على وظائف التجارة والخدمات والوظائف المكتبية والفنية وحياة المدن عامة والعواصم خاصة… إلخ، أي على المواقع القائدة في الاقتصاد.
    والجدير بالذكر أخيراً الإشارة إلى الاقتصاد المتخلف عامة، فلا يوجد في آسيا إقليم يسهم في تجارة الصادرات الخام مثلما تسهم دول الهند الصينية، فنسبة المساحات المزروعة إلى مجموع المساحة العام منخفضة إلى حد بعيد، لسيادة البيئة الجبلية.
    كما تجدر الإشارة إلى انخفاض متوسط كثافة السكان مقارنة بالمناطق المتاخمة، فالهند الصينية منخفض ديموغرافي عميق الغور، بين كتلتين بشريتين في الصين وشبه القارة الهندية، فالهند الصينية شذوذ نادر في آسيا ، فهي جزيرة تفريط السكان underpopulation في بحر الضغوط السكانية العنيفة؛ ولهذا فهي إقليم هجرة داخلة إليها.
    ولعل أبرز قسمات السطح في الهند الصينية هي امتدادات الألسنة الجبلية المتعددة المتشابكة، ثم حصرها فيما بينها لأودية أنهار ضيقة أو متقطعة أو مختنقة أحياناً، بحيث يتحول المظهر الخارجي العام إلى شتيت من الأحواض السهلية القزمية، والأودية الممزقة، تحتويها وتعزلها كتل وسلاسل جبلية متعددة قاسية.
    وهذا يصدق على الميكونغ والمينام والسالوين والسيتانغ والإيراوادي لكل روافدها في الهند الصينية، وذلك على الرغم من أن كل أنهار الهند الصينية تنحدر في اتجاه واحد، فالتمزق والعزلة الضيقة إذاً هي المظهر الطبيعي السائد، وهي كذلك المفتاح البشري.
    والنسيج البشري جاء مهلهلاً ممزقاً تعوزه الوحدة والتماسك والتفاعل، فقد أتى عرقياً كالفسيفساء المعقد المتداخل، والمتباعد أحياناً أخرى، وأتى ديموغرافياً كأرخبيل من الجزر السكانية الضئيلة البقعية المبعثرة، التي تفصل بينها فجوات مخلخلة، تتعذر أو تندر خطوط المواصلات الطبيعية أو الصناعية بينها، وأتى حضارياً كنظام من اقتصاديات الكفاية المنطوية المتخلفة، وهذا أوضح ما يكون خاصة في المناطق الجبلية وخطوط التقسيم بين الأنهار interfluves، كما هي الحال في قبائل التلال hills tribes في وحدات الهند الصينية.
    وأخيراً يأتي النسيج السياسي، وهو أبرز المشكلات. فمن قديم كان كل حوض سهلي منعزل يؤلف نواة طبيعية لوحدة سياسية مستقلة تقريباً، وكل الوحدات السياسية المهمة اليوم في الهند الصينية أصلها وحدات تصريف نهري: ميانمار تقابل حوض الإيراوادي، وسيام المينام، وكمبوديا تتفق مع حوض بحيرة تونلي ساب Tonle Sap… إلخ. وبما أن هذه الوحدات السياسية هي الأقوى إنتاجاً والأوفر سكاناً، فقد طفقت مثل هذه الوحدات الأكبر تتوسع دائرياً أو حلقياً على السفوح المحيطة، حيث سكان الجبال أقل عدداً وتطوراً. وهذا وضع الأساس للتعدد والتعقيد في اللهجات واللغات والقوميات والمجموعات الاثنولوجية، وتبلورت مشكلة الأقليات، مما كون عاملاً مضاداً للتوحيد السياسي وأخّر الوحدة السياسية، ودمغ تاريخ المنطقة منذ بداياته بعدم الاستقرار، كأنما هي إقليم صدع سياسي مزمن.
    وقد ظهر هذا كله في ظاهرات وملامح لا تدع مجالاً للشك في أن الهند الصينية هي حقاً بلقان آسيا، فهذا التفتت والتفكك السياسي القديم ظل سائداً عبر العصور، حتى إن هذه المنطقة لم توحد أول مرة وآخر مرة في تاريخها إلا على يد الاستعمار الأجنبي… وذلك على يد الاحتلال الياباني في الحرب الأخيرة فقط.
    ومع ذلك فإن ذلك التفتت والتفكك قد جعل المنطقة ، فريسة سهلة لذلك الاستعمار الذي أخذ من هذا تكتيك المضاربة والتفريق وتعميق الصراعات بين عناصر السكان، بمثل ما أن مجيئه قد زاد من تعقيد التركيب السياسي، بما أدخل من ديانات جديدة، وبما استجلب من أقليات وافدة ، ففي الهند الصينية خلق الاستعمار أقلية كاثوليكية لها خطرها في المحيط البوذي، ولا يخفى أن الاستعمار قد شجع الهجرة طلباً للأيدي العاملة.
    وإذا كانت إحدى الدول الوطنية قد نجت من الاستعمار، (تايلند «أرض الأحرار») فما ذاك إلا لتعادل قوى الصراع الاستعماري الفرنسي شرقاًُ والبريطاني غرباً من حولها؛ مما أدى إلى تحييدها في استقلال خطر مزعزع يعيش على سياسة المضاربة بينهما.
    وحين أتى دور التحرير برزت بإلحاح الظاهرة الأولى وهي «ظاهرة البلقنة»، وإذا كان هذا التعبير قد انبثق عن شبه جزيرة البلقان الأوربية فما أحراه أن يصدق على شبه الجزيرة الآسيوية التي تتقاسمها حالياً ست وحدات سياسية. والواقع أن الهند الصينية هي إحدى ثلاث مناطق في العالم ـ والأخريان هما غربي إفريقيا وأمريكا الوسطى ـ تعد الأكثر تمزيقاً وتعدداً سياسياً بالنسبة إلى مساحتها.
    والظاهرة الثانية هي الأقليات فكل دول المنطقة تقريباً تتألف اليوم من ثلاثة عناصر: أغلبية سياسية تحتل عادة الحوض السهلي منها، ثم أقلية متعددة الأجناس على الأطراف الجبلية غالباً، وهي عموماً أكثر تخلفاً وفقراً، ثم خميرة دخيلة، إما من الصينيين وإما الهنود، ولا داعي لتعداد تفاصيل هذا التركيب الساري في كل دولة على حدة، وإنما يكفي النظر إلى الخريطة ليتضح أن كل واحدة منها مرصعة على حدودها بأقليات وجيوب من القوميات السائدة في الدول المجاورة.
    يترتب على هذا ثالثاًَ، ظاهرة حرب الحدود والأقليات المختلفة وحروب المنافذ البحرية، فلما كانت كل دولة تحاول أن تضم إليها أبناء قوميتها من خارج حدودها ، فإنها تطالب دائماً بتعديل الحدود السياسية وتصحيحها، وكذلك لما كانت كل دولة تقريباً قد نشأت أصلاً في حوض نهري مغلق فإنها قد تجد نفسها داخلية حبيسة، مثل لاوس. وقد تؤدي هذه المنازعات إلى الحروب، وقد بدأت تظهر مؤخراً مشكلات حدودية بين كمبوديا وڤييتنام تؤدي فيها الولايات المتحدة دوراً واضحاً، كما يفعل الصينيون أيضاً في بعض وحدات الهند الصينية.
    رابعاً، تظل أغلب الدول متعددة القوميات والعناصر واللغات والأديان والتطلعات، ومهما حاولت الأغلبية أن تنهج سياسة التوفيق والاحترام لحقوق الأقليات فإن ذلك لن يساعد على تماسك الوحدة الوطنية، وذلك أمر تعرفه الهند الصينية جيداً، ففي الملايو مثلاً تمزق اتحاد ماليزيا بانفصال سنغافورة ولا زالت تعاني الضغوط الانفصالية الحادة.
    كل هذه الأعراض والأمراض وغيرها جعلت المنطقة من المناطق القلقة سياسياً في العالم، ولعل من المثير أن تقوم في الهند الصينية حربان بقصد تحرير جزء أو آخر من المنطقة الصفراء، - وبمساعدة الأخت الكبرى (الصين) - من الاستعمار الأبيض، الفرنسي في أوائل الخمسينيات الباكرة، والأمريكي في أواخر الستينيات من القرن الماضي.
    ولا يخفى أن مقاومة ڤييتنام قد استندت إلى قدرات المحيط الصيني الشيوعي في أعماقها القارية، كما انقسمت الهند الصينية إيديولوجياً إلى شمال شيوعي وجنوب يتبع العالم الحر ـ كما يسمى ـ ويعج بقواعده العسكرية، إلى أن تحرر أخيراً وتوحّد سياسياً.
    ولشبه الجزيرة أهمية بشرية واقتصادية خاصة، فهي تقع في مركز وسط بين نطاقين كبيرين رئيسين من حيث ازدحام السكان، الأول في الشمال الشرقي، في الصين واليابان، والآخر ممثلاً في الهند وبنغلادش وباكستان، فقلة السكان نسبياً في شبه الجزيرة يساعد على وجود فائض الإنتاج الزراعي بصورة خاصة، مما يسمح بالتصدير إلى هذين النطاقين في الشرق والغرب.
    وتتضح هنا أهمية مضيق مالاقا Malacca، الذي يعد الشريان الرئيس لطرق التجارة البحرية في الشرق الأقصى كله، وقد ساعد على أهمية هذا الموقع البحري وعورة السطح في داخل شبه جزيرة الهند الصينية؛ مما أدى إلى توجيه الإقليم توجيهاً بحرياً.
    وهناك ظاهرة بشرية أخرى تعطي شبه الجزيرة شخصيتها المميزة التي تختلف عما جاورها من أقاليم في الشمال الشرقي، وذلك من حيث العروق والديانات والحضارة… إذ تسود العناصر المغولية، وهي تختلف عن العناصر الآرية والمجموعة القوقازية الموجودة في الغرب، فهناك انتقال واضح من المحيط المغولي في الشرق إلى المحيط الآري في الغرب، كما يُلحظ اختلاف واضحاً من حيث العقائد في منطقة الحدود بين ميانمار والهند، إذ تسود البوذية في شبه جزيرة الهند الصينية والهندوسية في الهند، وكذلك تختلف شبه جزيرة الهند الصينية حضارياً عن المجتمع الصيني في الشمال الشرقي، حيث تسود العقيدة الكنفوشية Confucianism.
    الجغرافية الطبيعية

    نهر إيراوادي
    تقسم شبه جزيرة الهند الصينية إلى تسعة أقاليم طبيعية، ذات امتداد طولي في معظمها، تتتابع فيها المرتفعات والأودية:
    - إقليم سلاسل جبال بورما في الغرب: وهي سلاسل التوائية حديثة، ترجع إلى الزمن الثالث الجيولوجي، وتمتد من الشمال إلى الجنوب، وتعرف بأسماء محلية، أشهرها أركان يوما Arakan Yoma في غربي ميانمار، ترتفع إلى أكثر من 3000م في بعض أجزائها، وتمثل حداً طبيعياً فاصلاً بين ميانمار والهند، ولم تقطع هذه السلاسل الجبلية بوساطة الطرق إلا في الحرب العالمية الثانية، وهي طريق الليدو Ledo الذي يصلها بالهند، وطريق بورما الذي يصلها بالصين.
    - حوض إيراوادي Irawadi: يقع إلى الشرق من الإقليم السابق، وهو منخفض التوائي يجري فيه نهر إيراوادي وروافده من الشمال إلى الجنوب، ويصب في دلتا كبيرة، تقع عليها مدينة رانغون Rangoon، أكبر مدينة في ميانمار. ولهذا الإقليم أهمية اقتصادية، فهو يضم بعض حقول النفط الذي يكرر في مصانع تكرير النفط في رانغون وهذا فضلاً عن فحم الليغنيت lignite. تحيط الجبال بهذا الحوض من الشرق والشمال والغرب، ويبقى الجنوب هو المنفذ الطبيعي للحوض، ويمثل نهر إيراوادي طريق المواصلات الرئيس مسافة 966كم تقريباً.

    نهر سالوين في هضبة شان
    - هضبة شان Shan Plateau: تقع إلى الشرق من الإقليم السابق، وهي كتلة من الصخور القديمة المتحولة (الشيست والغنايس) والكلسية المتحولة، وهي تمثل الجزء الشرقي لميانمار والجزء الشمالي لتايلند، تتصل شمالاً بهضاب الصين، وتمتد شرقاً لتتصل بمرتفعات أنّام، وتنحدر انحداراً شديداً في الجانب الغربي نحو سهول إيراوادي. ويبلغ متوسط ارتفاع الهضبة نحو 900م، وتبلغ أقصى ارتفاعاتها في القسم الأوسط، حيث تقطعها أنهار سالوين Salween وميكونغ Mekong على شكل خوانق عميقة. ولا يقطع الهضبة من الطرق إلا طريق بورما البري الذي يمتد في الجزء الشمالي من الهضبة، وتشتهر الأجزاء الداخلية من الهضبة بمناجم الرصاص والفضة والزنك والأحجار الكريمة، ومعظم هذه المناجم يديرها الصينيون منذ مئات السنين، وهي مشهورة باسم بودوين Bawdwin .
    - شبه جزيرة الملايو Malay Peninsula: وهي امتداد لهضبة شان نحو الجنوب، تتألف في أساسها من صخور قديمة ترجع إلى الزمن الأركي والزمن الأول والزمن الثاني. وقد تعرضت لالتواءات وانكسارات قديمة العهد. ويتميز الهيكل العام لشبه الجزيرة بالاتجاهات الحادة نحو الجنوب والجنوب الشرقي، ويرجع ذلك إلى الانكسارات التي طرأت على الإقليم ،وأدت أيضاً إلى وجود منخفضات تمثل فجوات طبيعية، تتخذ مسالك سهلة للمواصلات بين الجانب الشرقي والغربي لشبه الجزيرة تمتد فيها السكك الحديدية.
    وتشمل هذه الصخور القديمة (ولاسيما الغنايس) على خامات القصدير tin التي تنتشر على طول شبه الجزيرة، وتعد منطقة بِراك Perak في وسط الملايو أهم مراكز إنتاج هذا المعدن.
    - حوض مينام Menam Basin: يقع إلى الشرق من الإقليم السابق، ويمثل القسم الأوسط من تايلند، ويجري فيه نهر مينام وروافده التي تنبع من هضبة شان الداخلية، ويكوّن هذا النهر وروافده سهلاً فيضياً خصباً، يمثل مركز الزراعة الرئيس في الدولة. والمحصول الرئيس هنا هو الأرز. ويعد نهر مينام المنفذ الطبيعي للإقليم نحو الخارج، وإلى الجنوب من حوض مينام تقع مدينة بانكوك Bangkok الشهيرة على بعد 24كم من الساحل.
    - جبال كمبوديا Cambodia: تقع إلى الشرق من الإقليم السابق، وتمتد في وسط تايلند، وتشمل مجموعة من الهضاب القديمة من صخور نارية صلبة، يصل ارتفاعها في الشمال إلى أكثر من 900م تقريباً، حيث تفصل بين حوض مينام في الغرب وحوض ميكونغ الأعلى في الشرق، وهذان الحوضان يشكلان أهم أجزاء وحدة تايلند الجغرافية، وفي الجزء الأوسط من الإقليم تمتد المرتفعات في اتجاه غربي شرقي، فتصل بين حوض ميكونغ الأعلى في تايلند وحوض ميكونغ الأدنى، ويصل ارتفاع الجزء الجنوبي من المرتفعات إلى أكثر من 5000م، حيث تمثل حافة جبلية عالية على طول الجانب الشرقي لخليج تايلند، وتفصل بين الجزء الأدنى من أودية مينام وميكونغ.

    خليج "ها لونغ" في فييتنام
    - حوض ميكونغ Mekong: يقع إلى الشرق من جبال كمبوديا، وهو حوض يتألف من قسمين، في الشمال ميكونغ الأعلى، وهو داخل أراضي تايلند، تحيط به الجبال من جميع الجهات، وميكونغ الأدنى أو الأسفل، وهو داخل أراضي كمبوديا، وهو سهل فيضي كبير لنهر الميكونغ، تشغله كمبوديا، ثم دلتا ميكونغ نفسه.يجري نهر ميكونغ بين القسمين أو الحوضين في خانق ضيق عبر الجبال على ارتفاع يزيد على 1500م، وتعد هوتشي منه Ho Chi Minh (سايغون سابقاً) أهم المدن في حوض ميكونغ الأدنى، حيث تقع على الطرف الشرقي لدلتا النهر نفسه، على مسافة بضعة كيلو مترات من الساحل، وتربطها بالحوض فروع النهر نفسه والقنوات التي أنشئت طرقاً للمواصلات.
    - مرتفعات أنّام Annam: تقع إلى الشرق من حوض ميكونغ ، وهي مرتفعات قديمة تتألف من صخور بلورية تمتد مسافة تزيد على 1600كم، بدءاً من حدود هضبة يونان، وهي تؤلف حائطاً جبلياً يمتد على طول الساحل الشرقي لشبه جزيرة الهند الصينية، ويزيد متوسط ارتفاعها على 3000م، وتحصر بينها وبين البحر سهلاً ساحلياً ضيقاً، يمثل الطريق الطبيعي للمواصلات البرية - ولاسيما الحديدية منها - بين شمالي ڤييتنام وحوض ميكونغ في الجنوب.
    - حوض تونكينغ أو تونكين Tonkin Basin: يشمل السهل الفيضي ومنطقة دلتا النهر الأحمر Red River، الذي ينبع من هضبة يونان في الصين، وأهم مدنه هانوي التي تقع على دلتا النهر على بعد 97كم تقريباً من الساحل، وقد كانت ميناء بحرياً في القرن السابع عشر، خلفها ميناء هايفونغ Hai Phong فيما بعد، ويعد السهل الفيضي من المناطق الزراعية الرئيسة، ولاسيما الأرز، ومنه تصدر كميات كبيرة إلى الأقاليم المجاورة ، كما يزرع القطن، إضافة إلى العناية بتربية دود القز لإنتاج الحرير. ويستخرج الفحم أيضاً من المرتفعات المحيطة بالحوض.
    - المناخ:
    يسود المناخ المداري المطير معظم شبه جزيرة الهند الصينية، ولكن بنسب متفاوتة تكفي حاجة الزراعة، وتستثنى من ذلك المناطق الجبلية المرتفعة في الشمال التي تخضع للمؤثرات الموسمية، عدا الأجزاء الجنوبية من شبه جزيرة الملايو التي يسودها المناخ المداري المطير لقربها من خط الاستواء.
    ويتأثر هذا الإقليم عموماً بالرياح الموسمية الجنوبية الغربية المطيرة وكتل الهواء المداري الرطب في نصف السنة الصيفي، كما يتعرض الإقليم للرياح الشمالية وكتل الهواء القاري البارد من الشمال أو من إقليم الهضبة، ثم الرياح الموسمية الشمالية الشرقية التي تخرج من وسط القارة، وكذلك يتأثر الإقليم بهذا الفصل بكتل الهواء البحري الرطب من الشمال الشرقي، التي تؤدي إلى سقوط الأمطار التضريسية، هذا فضلاً عن الأعاصير المدارية العنيفة التي تعرف باسم التيفون typhoon.
    ومن الطبيعي أن يؤثر النظام المورفولوجي المؤلف من نطاقات طولية من المرتفعات والأحواض المتتابعة في رسم صورة المناخ من حيث كمية الأمطار وفصليتها؛ مما يحدد الملامح الحيوية للإقليم، من حيث الغابات الطبيعية وتركز السكان، فالسفوح الغربية لجبال ميانمار وشبه جزيرة الملايو وغيرهما، كلها مناطق غزيرة الأمطار، يتمثل فيها المناخ المداري الموسمي إلى حد كبير.
    ويرتبط بالمناخ المداري الموسمي الغابات الموسمية، وهي أقل كثافة من الغابات المدارية في جنوبي الملايو، حيث تسقط الأمطار في كل شهور السنة بانتظام، وتزيد عادة على 2000مم تقريباً. ويتميز الساحل الشرقي بوفرة الأمطار طوال السنة من دون فترة جفاف واضحة للأمطار الموسمية والأعاصير المدارية، مثل مدينة هوي Hué، حتى إنه يمكن القول إن مناخ الساحل الشرقي من حيث الحرارة والأمطار أقرب إلى جنوبي الملايو منه إلى النوع المداري الموسمي السائد على السواحل الغربية.
    أما في بقية الأقاليم، وخاصة في حوض إيراوادي وميكونغ ومينام وسالوين فإن الأمطار تقل في مجموعها السنوي عن 2000مم، ولو أن معظمها يتركز في أشهر الصيف، مثل مدينة بانكوك التي يبلغ مجموع مطرها السنوي 1330مم، ومعظمه في الصيف، ومدينة هانوي التي يبلغ مجموع مطرها السنوي 1800مم، ومعظمه في الصيف أيضاً، بسبب المؤثرات الموسمية. .في الأجزاء الداخلية من الأحواض النهرية يتدرج المناخ من المداري الموسمي إلى مداري الساڤانا، حيث تقل الأمطار الصيفية، ويقل مجموع أمطارها السنوية، ويتبع ذلك تدرجاً في الغطاء النباتي، من الغابات المدارية الموسمية - وأشهر أخشابها الساج - إلى غطاء السافانا الغنية والمتوسطة. وتعد منطقة مندلاي Mandalay منطقة مثالية لجفاف المناخ النسبي نتيجة الموقع الداخلي بين المرتفعات، حيث يبلغ مجموع أمطارها السنوية 890مم، يسقط معظمها في الفترة الواقعة بين شهري أيار/مايو وتشرين الأول/أكتوبر، وفي الجهات التي تقل فيها الأمطار، تكثر زراعة الذرة وتقل زراعة الأرز.
    ومن المناطق الأخرى التي تقل فيها الأمطار في شبه جزيرة الهند الصينية، ويظهر فيها مناخ الساڤانا الساحل الجنوبي الشرقي لشبه الجزيرة، وهو جاف تقريباً؛ لأن الرياح تهب موازية للساحل فهو أكثر محطة مناخية تمتاز بجفافها في كل شبه الجزيرة 750مم، والنهاية العظمى للمطر في أشهر تشرين الأول/أكتوبر والثاني/نوفمبر وكانون الأول/ديسمبر والثاني/يناير.
    وفي شبه الجزيرة، بوجه عام، موارد طبيعية من أخشاب الساج والتوابل والأحجار الكريمة؛ مما كان حافزاً على انتشار النفوذ الأوربي، وكان من الطبيعي أن يصل أثر التجار والمبشرين الأوربيين إلى سواحل شبه الجزيرة وجزر الهند الشرقية، فجاء البرتغاليون ثم الهولنديون ثم البريطانيون، ثم الفرنسيون في القرن السادس عشر، وأسسوا مراكز ساحلية لهم في بورما وسيام والملايو والهند الصينية الفرنسية، وكانت هذه المناطق ممالك متفرقة في نزاع مستمر بين بعضها.
    وقد تنافست هذه القوى المستعمرة على إرسال الحملات والبعثات الاستكشافية للحصول على اتفاقيات اقتصادية مع هذه الولايات، فكانت هناك الشركة الشرقية البريطانية التي تألفت عام 1600، ثم شركة الهند الهولندية عام 1602، وقد أدت هاتان الشركتان دوراً رئيساً في الاتحاد بين هذه الولايات والجمع بينها، كما أنها أدت دوراً آخر في قيام الحروب بين الدولتين اللتين يخصهما امتياز الشركة والإمارات الموجودة في ذلك الوقت.
    صفوح خير
يعمل...
X