تانغ (اسره)
Tang dynasty - Dynastie des Tang
تانغ (أسرة ـ)
أسرة تانغ Tang dynasty أسرة مالكة حكمت الصين على مدى ثلاثة قرون تقريباً، من عام 618م حتى عام 907م، يعدها المؤرخون عصراً ذهبياً في مجالات الثقافة والفنون.
خلفت أسرة «تانغ» في الحكم أسرة «سوي»، وكان أول حاكم منها هو «لي يوان» الذي كان يشغل منصباً مهماً في عهد أسرة «سوي». ومع أنه حاول إجراء إصلاحات إدارية، وأنشأ مصانع لسك العملة، وأعاد تنظيم القوانين في الدولة، فإن عهده اتصف باضطرابات وحروب أهلية وتنازع على السلطة بين النبلاء.
وفي خضم هذه الأحداث برز الحاكم الثاني من هذه الأسرة، وهو «لي شيه مين» المعروف باسم «تاي تسونغ»، فأجبر أباه «لي يوان» على النزول عن الحكم، وما لبث أن صار أقوى حاكم في تاريخ الصين القديمة. أحل «تاي تسونغ» السلام بين النبلاء المتناحرين، وقضى على منافسيه على العرش، ووحد أنحاء الامبراطورية، وتوسع نحو التبت وتركستان، وشق طرقات ربطت الصين بالهند وآسيا الوسطى، مما شجع التبادل التجاري والثقافي، وزاد ثراء الامبراطورية زيادة ملحوظة.
لم يكن ابنه «غاو تسونغ» الذي خلفه عام 649م بالقوة نفسها، إذ سيطرت على الحكم زوجته «وو هاو» التي ظلت بعد وفاته وتنصيب ابنه امبراطوراً عام 683م، الحاكم الفعلي، فحافظت على علاقات الأسرة الخارجية، وأعادت سيطرة الصين على التبت وتركستان، ورعت الآداب والفنون التي ازدهرت في عهدها ازدهاراً كبيراً.
خلفها حفيدها «زوان تسونغ» عام 712م، وفي عهده وصلت الصين ذروة توسعها غرباً، إذ وصلت حتى باكترية وكشمير، لكن تمرد عليه «آن لوشان» أحد القادة العسكريين، واستولى على العاصمة «تشانغآن»، وفرَّ الامبراطور إلى «سيتشوان» ولم يقمع هذا التمرد إلا في عهد «سوتسونغ» على استمرار حركات التمرد في أطراف الامبراطورية.
واستمر الضعف يدب في أوصال الدولة إلى أن جاء النصف الثاني من القرن التاسع، حين انهارت أسرة «تانغ»، وحلَّتْ محلها إمارات مستقلة، وظلت الحال كذلك حتى ظهور أسرة «سونغ» وتأسيسها حكماً مركزياً جديداً.
لئن كان عصر أسرة تانغ مليئاً بالحروب والنزعات الانفصالية، فإِنَّه كان عهداً مزدهراً في مجالات الثقافة والآداب والفنون، ففي عهدها ظهر أشهر شعراء الصين القديمة، مثل «لي بو» و«بوتشو إي»، وتذكر سجلات ذلك العهد أسماء أكثر من عشرين ألف شاعر عاشوا وقتذاك، وجرى استنباط نماذج شعرية جديدة إلى جانب بحور الشعر المعروفة سابقاً.
كذلك شهدت الصين انفتاحاً ثقافياً واضحاً، إذ دخلها المبشرون البوذيون والمسيحيون، وكانت موانئ الصين تعج بالبحارة الأجانب، وما يلفت النظر قوة الوجود العربي الإسلامي، إذ كوَّن العرب والمسلمون قوة اقتصادية كبيرة، وألَّفوا جالية مستقلة، تطبق عليهم أحكام الشريعة الإسلامية بدل القوانين الصينية، وكان مركزهم الرئيس مدينة «قوانغتشو» على الساحل الجنوبي للصين، ومازال مسجد «هوايشنغ» الذي بني وقتذاك قائماً حتى اليوم.
كان للرسم أثر أساسي في الحياة الثقافية، وكان رسامو البلاط من الشخصيات المرموقة في المجتمع. وقد وصلت من تلك الحقبة رسومات كثيرة تمثل صوراً للأباطرة والنبلاء ومشاهد من الحياة اليومية، وصوراً للجياد الأصيلة التي اهتم الأباطرة بتربيتها بعد أن أدركوا فائدتها في الحروب. كذلك شاع في تلك الحقبة نحت تماثيل ضخمة لبوذا عقب دخول البوذية إلى الصين، وتماثيل بالحجم الطبيعي لتوضع في قبور الأباطرة وعلية القوم. وتطور فن الخزف ليصير فناً ناضجاً بألوانه ورسومه واكتسب شهرة كبيرة. كما شهدت الاحتفالات والمظاهر الامبراطورية إحياءً وتطويراً للفرق الموسيقية القديمة، وفرق الرقص والغناء الخاصة بالبلاط والآلات الموسيقية، ودخلت الموسيقى الأجنبية (الغربية) إلى جانب الموسيقى المحلية.
لميس الخباز
Tang dynasty - Dynastie des Tang
تانغ (أسرة ـ)
أسرة تانغ Tang dynasty أسرة مالكة حكمت الصين على مدى ثلاثة قرون تقريباً، من عام 618م حتى عام 907م، يعدها المؤرخون عصراً ذهبياً في مجالات الثقافة والفنون.
خلفت أسرة «تانغ» في الحكم أسرة «سوي»، وكان أول حاكم منها هو «لي يوان» الذي كان يشغل منصباً مهماً في عهد أسرة «سوي». ومع أنه حاول إجراء إصلاحات إدارية، وأنشأ مصانع لسك العملة، وأعاد تنظيم القوانين في الدولة، فإن عهده اتصف باضطرابات وحروب أهلية وتنازع على السلطة بين النبلاء.
وفي خضم هذه الأحداث برز الحاكم الثاني من هذه الأسرة، وهو «لي شيه مين» المعروف باسم «تاي تسونغ»، فأجبر أباه «لي يوان» على النزول عن الحكم، وما لبث أن صار أقوى حاكم في تاريخ الصين القديمة. أحل «تاي تسونغ» السلام بين النبلاء المتناحرين، وقضى على منافسيه على العرش، ووحد أنحاء الامبراطورية، وتوسع نحو التبت وتركستان، وشق طرقات ربطت الصين بالهند وآسيا الوسطى، مما شجع التبادل التجاري والثقافي، وزاد ثراء الامبراطورية زيادة ملحوظة.
لم يكن ابنه «غاو تسونغ» الذي خلفه عام 649م بالقوة نفسها، إذ سيطرت على الحكم زوجته «وو هاو» التي ظلت بعد وفاته وتنصيب ابنه امبراطوراً عام 683م، الحاكم الفعلي، فحافظت على علاقات الأسرة الخارجية، وأعادت سيطرة الصين على التبت وتركستان، ورعت الآداب والفنون التي ازدهرت في عهدها ازدهاراً كبيراً.
خلفها حفيدها «زوان تسونغ» عام 712م، وفي عهده وصلت الصين ذروة توسعها غرباً، إذ وصلت حتى باكترية وكشمير، لكن تمرد عليه «آن لوشان» أحد القادة العسكريين، واستولى على العاصمة «تشانغآن»، وفرَّ الامبراطور إلى «سيتشوان» ولم يقمع هذا التمرد إلا في عهد «سوتسونغ» على استمرار حركات التمرد في أطراف الامبراطورية.
واستمر الضعف يدب في أوصال الدولة إلى أن جاء النصف الثاني من القرن التاسع، حين انهارت أسرة «تانغ»، وحلَّتْ محلها إمارات مستقلة، وظلت الحال كذلك حتى ظهور أسرة «سونغ» وتأسيسها حكماً مركزياً جديداً.
لئن كان عصر أسرة تانغ مليئاً بالحروب والنزعات الانفصالية، فإِنَّه كان عهداً مزدهراً في مجالات الثقافة والآداب والفنون، ففي عهدها ظهر أشهر شعراء الصين القديمة، مثل «لي بو» و«بوتشو إي»، وتذكر سجلات ذلك العهد أسماء أكثر من عشرين ألف شاعر عاشوا وقتذاك، وجرى استنباط نماذج شعرية جديدة إلى جانب بحور الشعر المعروفة سابقاً.
كذلك شهدت الصين انفتاحاً ثقافياً واضحاً، إذ دخلها المبشرون البوذيون والمسيحيون، وكانت موانئ الصين تعج بالبحارة الأجانب، وما يلفت النظر قوة الوجود العربي الإسلامي، إذ كوَّن العرب والمسلمون قوة اقتصادية كبيرة، وألَّفوا جالية مستقلة، تطبق عليهم أحكام الشريعة الإسلامية بدل القوانين الصينية، وكان مركزهم الرئيس مدينة «قوانغتشو» على الساحل الجنوبي للصين، ومازال مسجد «هوايشنغ» الذي بني وقتذاك قائماً حتى اليوم.
كان للرسم أثر أساسي في الحياة الثقافية، وكان رسامو البلاط من الشخصيات المرموقة في المجتمع. وقد وصلت من تلك الحقبة رسومات كثيرة تمثل صوراً للأباطرة والنبلاء ومشاهد من الحياة اليومية، وصوراً للجياد الأصيلة التي اهتم الأباطرة بتربيتها بعد أن أدركوا فائدتها في الحروب. كذلك شاع في تلك الحقبة نحت تماثيل ضخمة لبوذا عقب دخول البوذية إلى الصين، وتماثيل بالحجم الطبيعي لتوضع في قبور الأباطرة وعلية القوم. وتطور فن الخزف ليصير فناً ناضجاً بألوانه ورسومه واكتسب شهرة كبيرة. كما شهدت الاحتفالات والمظاهر الامبراطورية إحياءً وتطويراً للفرق الموسيقية القديمة، وفرق الرقص والغناء الخاصة بالبلاط والآلات الموسيقية، ودخلت الموسيقى الأجنبية (الغربية) إلى جانب الموسيقى المحلية.
لميس الخباز