المصابيح البيضاء في الشوارع زادت الزهو وأطالت الأرق
إن كان اللون الأزرق يمنع إفراز هرمون الميلاتونين فإن الإيقاع الحيوي في الحيوانات -وأيضا في البشر- يمكن أن يتعرض للتشويش.
إذا جافاك النوم فابتعد عن مصابيح الليد
تعددت الدراسات حول أسباب الأرق وقلة ساعات النوم والأضرار الصحية الناتجة عن ذلك، ولكن دراسة بحثية حديثة أشارت إلى أن قلة النوم ناتجة عن الضوء الأزرق المنبعث من الأعداد المتزايدة من مصابيح الليد في الشوارع.
لندن - البعض منا قد يشعر بالأرق، ويظل يتقلب في فراشه لعل النعاس يداعب عينيه، ويلجأ إلى نصائح مختلفة يجربها لعله يظفر بساعات من النوم الهادئ تساعده على تحمل عمل الغد الشاق.
وتعددت الدراسات حول أسباب الأرق وقلة ساعات النوم والأضرار الصحية الناتجة عن ذلك، ولكن دراسة بحثية حديثة حول التلوث الضوئي في الدول الأوروبية أشارت إلى تعرض كل من البشر والحيوانات لمخاطر متزايدة من التداعيات الصحية الضارة، بسبب قلة النوم الناتجة عن الضوء الأزرق المنبعث من الأعداد المتنامية من مصابيح الليد في
الشوارع.
واستخدم العلماء المقيمون في بريطانيا صورا التقطتها محطة الفضاء الدولية لإثبات أن مصابيح الليد البيضاء زادت من معدلات الانبعاثات في الجزء الأزرق من طيف الضوء.
التحول في طيف الضوء باتجاه الضوء الأزرق يحدث أساسا عندما تحل مصابيح الليد البيضاء محل ما يعرف باسم مصابيح بخار الصوديوم
ويقول الفريق البحثي بجامعة إكستر في بلدة بنرين بإنجلترا، في المجلة العلمية “ساينس أدفانسز”، “بما أن الضوء الأزرق يمنع إفراز هرمون الميلاتونين، الذي يحفز الجسم على النوم، فإنه يُعتقد أن التحول إلى مصابيح الليد على نطاق واسع يعطل نوم الحيوانات والبشر، ويضعف الاستفادة منه”.
وذكرت الدراسة أن “الفوائد التي يمكن أن تتيحها تقنية الليد لإضاءة الأماكن العامة، وخاصة إنارة الشوارع، كانت مصدرا للكثير من الزهو، حيث تم التركيز على ما تقدمه من زيادة كفاءة الطاقة، وتم ربطها بخفض تكلفة الطاقة وتقليص الانبعاثات الكربونية”.
غير أنه من وجهة نظر الباحثين لا ينبغي تجاهل التداعيات السلبية على البيئة، جراء استخدام مصابيح الليد البيضاء في إنارة الشوارع، وأوصوا بأنه على الأقل يجب قياس طيف ألوان الإنارة الليلية بانتظام.
وجاء في الدراسة أنه “بينما تتوفر المعلومات الخاصة بالتباين المكاني والزماني في كثافة الإضاءة الاصطناعية على المستويين الإقليمي والعالمي، فإنه تم فقط جمع المعلومات الخاصة بالاختلافات المتعلقة بتركيبها الطيفي لعدد محدود من المواقع”.
وسبب ذلك هو أجهزة استشعار الأقمار الاصطناعية المستخدمة في قياس الإضاءة الاصطناعية، والتي تسجل فقط كثافة الضوء وليس لونه. وبالإضافة إلى ذلك نجد أن أجهزة الاستشعار هذه لا تكاد تتمتع بالحساسية الكافية إزاء طول موجة الضوء الأزرق.
ولذلك لجأ الباحثون إلى الصور التي التقطها رواد الفضاء من محطة الفضاء الدولية، وتم جمع نحو 1.25 مليون صورة منذ عام 2003.
واختار العلماء صورا من عامي 2012 و2013، تظهر الدول الأوروبية أثناء الليل، وقارنوها بصور لنفس المناطق التقطت خلال الفترة بين 2014 و2020.
وتبين للباحثين أنه ما بين هاتين الفترتين أصبحت مصابيح الليد جاهزة للاستخدام في إنارة الشوارع، ومنذ عام 2014 فصاعدا زاد ضوء الطيف الأخضر بنسبة 11.1 في المئة، وأيضا زاد الضوء الأزرق بشكل مثير القلق.
والتحول في طيف الضوء باتجاه الضوء الأزرق يحدث أساسا عندما تحل مصابيح الليد البيضاء محل ما يعرف باسم مصابيح بخار الصوديوم ذات اللون الأصفر البرتقالي؛ ذلك أن مصابيح الليد البيضاء تنبعث منها معدلات أكبر كثيرا من الضوء الأزرق.
كما لاحظ العلماء تغيرات بارزة خاصة في الضوء، لدى كل من إيطاليا ورومانيا وإيرلندا وبريطانيا، بينما كان التأثير في ألمانيا والنمسا أقل حدة.
وفيما يتعلق بتأثيرات هذه التغيرات على البيئة الحيوية حدد فريق البحث أربعة عناصر، ولئن كان اللون الأزرق يمنع إفراز هرمون الميلاتونين فإن الإيقاع الحيوي في الحيوانات -وأيضا في البشر- يمكن أن يتعرض للتشويش.
وأوضحت الدراسات السابقة أن إنارة المصابيح ليلا تكون لها تداعيات سلبية على حركة الخفافيش وسلوكها الغذائي، ويتسبب استخدام مصابيح الليد في عدم رؤية أعداد كبيرة من النجوم في المدن، كما يغير بدرجة أكبر حركة العثة وغيرها من الحشرات التي تقترب من مصادر الإضاءة أو تتجنبها.