بارث (كارل)
Barth (Karl-) - Barth (Karl-)
بارث (كارل ـ)
(1886ـ 1968)
كارل فريتي بارث Carl Frity Barth عالم لاهوتي إنجيلي سويسري الجنسية، واسع الاطلاع، غزير الإنتاج ومن ألمع اللاهوتيين البروتستنت في القرن العشرين. وضع أسس العلم المعروف باسم «لاهوت الجدل أو لاهوت الكلمة».
ولد بارث في العاشر من أيار في مدينة بازل (بال) بسويسرة لأب قسيس في الكنيسة المسيحية المصلحة. وتعلم في برن وبرلين، وماربورغ Marburg. ثم درس اللاهوت عام 1904، وفي عام 1909 صار واعظاً في كنيسة جنيف، ثم قسيساً في كنيسة سافنفيل (1911) Safenwil، وهناك هزت مشاعره عواصف الحرب العالمية الأولى وولدت لديه شعوراً بالأسى لانهيار الحضارة. ورأى أن الحروب رفض لسلطان الله وعدوان على خلقه. وفي عام 1919 أصدر الطبعة الأولى من كتابه «شرح الرسالة إلى رومية»، فكان الكتاب سلماً ارتقى عليه بارث إلى كرسي مادة الإصلاح الديني اللاهوتي في جامعة غوتنغن (1921) Göttingen، ثم في جامعة مونستر (1925) Münster، وجامعة بون (1930-1935) Bonn، ولما طرد من ألمانية، عاد إلى بازل، وعمل أستاذاً في جامعتها، إلى أن أحيل على المعاش عام 1962، وتوفي في بازل.
أعماله
نشأ بارث في مرحلة ازدهار الفكر الإنجيلي الحر، وتأثر بآراء الوجوديين، كما تأثروا هم بآرائه، واقتبسوا منها في كتاباتهم. وأولع بلاهوت «شلاير ماخر» (1768-1834) Schleiermacher الذي كانت تعده جماعة اللاهوت الحر أباً لها. وهو أول من حاول تحرير الدين من مضامين الفلسفة، ومتاهاتها، وعمل على بلورة الفكر الإنجيلي التحرري.
إلا أن بارث بعد تقدمه في المعرفة عمل على التخلص من كل ما علق في كتبه وآرائه من أفكار الوجوديين، واللاهوتيين الأحرار. وهاجم آراء شلاير ماخر طوال ربع قرن.
بدأ بارث في عام 1921 بإصدار سلسلة من الأبحاث تحت عنوان «العقائد المسيحية»، متأثراً بكالفن[ر] Calven ورفاقه من رجال الإصلاح الديني. وصدر هذا العمل في اثني عشر مجلداً، تناول فيها خمسة موضوعات هي:
1ـ مبدأ كلمة الله، 2ـ مبدأ وجود الله، 3ـ مبدأ الخليقة، 4ـ مبدأ المصالحة، 5ـ مبدأ الفداء.
ونشرت هذه المجلدات تباعاً، طُبع الجزء الخامس منها بعد وفاته فكانت ذات منحى جديد مخالف لما ورثه بارث عن اللاهوتيين الأحرار أو الوجوديين، وبرهاناً على قدرته في استيحاء أفكاره من الإرادة الإلهية. واتفق مع اللاهوتيين الكاثوليك في النظر إلى «عقيدة التسويغ» التي يراها إعلاناً للعدالة الإلهية، بوساطتها تدرك قوة كلمة الله.
عمل بارث على تنقية الأفكار اللاهوتية من الشوائب التي لحقتها من اللاهوت الأبوي، والطبيعي، والحر، في ضوء الفكر الإصلاحي في القرن السادس عشر. يربو إنتاج بارث على خمسمئة كتاب ومخطوطة ومئات المحاضرات والعِظات، أهمها:
1ـ شرح الرسالة إلى رومية 1919-1922.
2ـ العقائد المسيحية.
3ـ مبادئ الروح القدس، وقد نشره بالتعاون مع أخيه الفيلسوف هاينريش (1930) Heinrich وغيرها الكثير. كتب بالألمانية وبالفرنسية التي أحبها، وترجمت كتبه إلى كثير من اللغات.
أعماله السياسية
عاش بارث مرحلة تطور اقتصادي وصناعي مهمة، وأرغم على الخوض في معالجة مشاكل العمال مع أرباب العمل، لأن أبناء أبرشيته كانوا من عمال المصانع.
ولما حاولت النازية السيطرة على الكنيسة وقف بارث في وجهها، ورفض يمين الولاء لها، ودعا إلى عقد مؤتمر بارمن Barmen في 10 أيار 1934، الذي صدر عنه إقرار كتبه بارث وجاء فيه: «إن الكنيسة المسيحية متحررة من أي سلطان أرضي، والسيادة فيها لله وحده، وشريعته المهيمنة على كل الشرائع». وأقر بكهنوت جميع المؤمنين، ومساواتهم أمام الله، وعلى الكنيسة أن تحترم جميع الناس. ثم خُتم المؤتمر بدعوة المسيحيين في ألمانية إلى الاتحاد في مواجهة النازية، فأدخل المعتقلات، وطرد من ألمانية عام 1935. ولما دحرت ألمانية عام 1945، وقسمت إلى أربع مناطق ولم يكن ثمة من يتحدث باسم الشعب المغلوب على أمره، انبرى بارث يناضل في سبيل بلاده، ويسمع الحلفاء وغيرهم «أن انتصارهم كان بمعونة الله على الهتلرية والاستبداد، لا على الشعب».
ولكون بارث بروتستنتياً فقد اتخذ الكتاب المقدس مصدراً أساسياً لكل أفكاره، ورفض قانونية الوحي العام في الطبيعة، والتقاليد في الكنيسة الغربية، واللاهوت الأبوي الروماني. ورأى أن الخلاص هبة مجانية لكل الناس، ومرجو من الجميع لأن رحمة الله واسعة تحيط بالعالمين.
بارث والفلسفة
حاول بارث أن يبرأ من الفلسفة فبدا كأنه يعارضها، ولا يكترث بالفلاسفة، وما يكتبون. لكنه من جهة أخرى لا يعاكس الفلسفة كما وضعها كبار المعلمين أمثال: أفلاطون وكَنت Kant، بل حاول تكميلها ليضعها في خدمة مقاصد الإنجيل والأخلاق المسيحية.
توفيق جرجور
Barth (Karl-) - Barth (Karl-)
بارث (كارل ـ)
(1886ـ 1968)
كارل فريتي بارث Carl Frity Barth عالم لاهوتي إنجيلي سويسري الجنسية، واسع الاطلاع، غزير الإنتاج ومن ألمع اللاهوتيين البروتستنت في القرن العشرين. وضع أسس العلم المعروف باسم «لاهوت الجدل أو لاهوت الكلمة».
ولد بارث في العاشر من أيار في مدينة بازل (بال) بسويسرة لأب قسيس في الكنيسة المسيحية المصلحة. وتعلم في برن وبرلين، وماربورغ Marburg. ثم درس اللاهوت عام 1904، وفي عام 1909 صار واعظاً في كنيسة جنيف، ثم قسيساً في كنيسة سافنفيل (1911) Safenwil، وهناك هزت مشاعره عواصف الحرب العالمية الأولى وولدت لديه شعوراً بالأسى لانهيار الحضارة. ورأى أن الحروب رفض لسلطان الله وعدوان على خلقه. وفي عام 1919 أصدر الطبعة الأولى من كتابه «شرح الرسالة إلى رومية»، فكان الكتاب سلماً ارتقى عليه بارث إلى كرسي مادة الإصلاح الديني اللاهوتي في جامعة غوتنغن (1921) Göttingen، ثم في جامعة مونستر (1925) Münster، وجامعة بون (1930-1935) Bonn، ولما طرد من ألمانية، عاد إلى بازل، وعمل أستاذاً في جامعتها، إلى أن أحيل على المعاش عام 1962، وتوفي في بازل.
أعماله
نشأ بارث في مرحلة ازدهار الفكر الإنجيلي الحر، وتأثر بآراء الوجوديين، كما تأثروا هم بآرائه، واقتبسوا منها في كتاباتهم. وأولع بلاهوت «شلاير ماخر» (1768-1834) Schleiermacher الذي كانت تعده جماعة اللاهوت الحر أباً لها. وهو أول من حاول تحرير الدين من مضامين الفلسفة، ومتاهاتها، وعمل على بلورة الفكر الإنجيلي التحرري.
إلا أن بارث بعد تقدمه في المعرفة عمل على التخلص من كل ما علق في كتبه وآرائه من أفكار الوجوديين، واللاهوتيين الأحرار. وهاجم آراء شلاير ماخر طوال ربع قرن.
بدأ بارث في عام 1921 بإصدار سلسلة من الأبحاث تحت عنوان «العقائد المسيحية»، متأثراً بكالفن[ر] Calven ورفاقه من رجال الإصلاح الديني. وصدر هذا العمل في اثني عشر مجلداً، تناول فيها خمسة موضوعات هي:
1ـ مبدأ كلمة الله، 2ـ مبدأ وجود الله، 3ـ مبدأ الخليقة، 4ـ مبدأ المصالحة، 5ـ مبدأ الفداء.
ونشرت هذه المجلدات تباعاً، طُبع الجزء الخامس منها بعد وفاته فكانت ذات منحى جديد مخالف لما ورثه بارث عن اللاهوتيين الأحرار أو الوجوديين، وبرهاناً على قدرته في استيحاء أفكاره من الإرادة الإلهية. واتفق مع اللاهوتيين الكاثوليك في النظر إلى «عقيدة التسويغ» التي يراها إعلاناً للعدالة الإلهية، بوساطتها تدرك قوة كلمة الله.
عمل بارث على تنقية الأفكار اللاهوتية من الشوائب التي لحقتها من اللاهوت الأبوي، والطبيعي، والحر، في ضوء الفكر الإصلاحي في القرن السادس عشر. يربو إنتاج بارث على خمسمئة كتاب ومخطوطة ومئات المحاضرات والعِظات، أهمها:
1ـ شرح الرسالة إلى رومية 1919-1922.
2ـ العقائد المسيحية.
3ـ مبادئ الروح القدس، وقد نشره بالتعاون مع أخيه الفيلسوف هاينريش (1930) Heinrich وغيرها الكثير. كتب بالألمانية وبالفرنسية التي أحبها، وترجمت كتبه إلى كثير من اللغات.
أعماله السياسية
عاش بارث مرحلة تطور اقتصادي وصناعي مهمة، وأرغم على الخوض في معالجة مشاكل العمال مع أرباب العمل، لأن أبناء أبرشيته كانوا من عمال المصانع.
ولما حاولت النازية السيطرة على الكنيسة وقف بارث في وجهها، ورفض يمين الولاء لها، ودعا إلى عقد مؤتمر بارمن Barmen في 10 أيار 1934، الذي صدر عنه إقرار كتبه بارث وجاء فيه: «إن الكنيسة المسيحية متحررة من أي سلطان أرضي، والسيادة فيها لله وحده، وشريعته المهيمنة على كل الشرائع». وأقر بكهنوت جميع المؤمنين، ومساواتهم أمام الله، وعلى الكنيسة أن تحترم جميع الناس. ثم خُتم المؤتمر بدعوة المسيحيين في ألمانية إلى الاتحاد في مواجهة النازية، فأدخل المعتقلات، وطرد من ألمانية عام 1935. ولما دحرت ألمانية عام 1945، وقسمت إلى أربع مناطق ولم يكن ثمة من يتحدث باسم الشعب المغلوب على أمره، انبرى بارث يناضل في سبيل بلاده، ويسمع الحلفاء وغيرهم «أن انتصارهم كان بمعونة الله على الهتلرية والاستبداد، لا على الشعب».
ولكون بارث بروتستنتياً فقد اتخذ الكتاب المقدس مصدراً أساسياً لكل أفكاره، ورفض قانونية الوحي العام في الطبيعة، والتقاليد في الكنيسة الغربية، واللاهوت الأبوي الروماني. ورأى أن الخلاص هبة مجانية لكل الناس، ومرجو من الجميع لأن رحمة الله واسعة تحيط بالعالمين.
بارث والفلسفة
حاول بارث أن يبرأ من الفلسفة فبدا كأنه يعارضها، ولا يكترث بالفلاسفة، وما يكتبون. لكنه من جهة أخرى لا يعاكس الفلسفة كما وضعها كبار المعلمين أمثال: أفلاطون وكَنت Kant، بل حاول تكميلها ليضعها في خدمة مقاصد الإنجيل والأخلاق المسيحية.
توفيق جرجور