صالح بن مرداس
ت : [ ٤١٩ ه / ١٠٢٩ ]
سكن الشام قبل قيام الفتوحات الاسلامية ، من قبل عدد من القبائل العربية ، كان أكثرها في القرن السابع - تبعا للنسابين العرب - منحدراً من أصل يماني ، وكانت قبيلة كلب على رأس هذه القبائل واستقرت كلب حول دمشق وفي جنوب الشام ، الفتوحات الاسلامية وإثرها قدم إلى الشام قبائل جديدة استقر بعضها في شمال الشام ، وكانت غالبية القبائل التي استقرت في الشمال من أصل قيسي وكان من أشهر هذه القبائل قبيلة كلاب ومع وفي سنة ٥٦٤ / ٦٨٣ م ، بعد وفاة يزيد بن معاوية ، التحمت قوى قيس على رأسها كلاب بقوى كلب ومن ساندها في معركة مرج راهط وانتصرت اليمن في هذه الملحمة وانهزمت قيس ، ونجم عن هذه المعركة
نتائج كثيرة كان من أهمها أنها قسمت الشام إلى قسمين : شمالي تسكنه قبائل قيس وخاصة كلاب ، وتسيطر عليه ، وجنوبي تسكنه القبائل اليمانية وخاصة كلب ، وتسيطر عليه ، وهكذا غدت بلاد الشام واقعياً عبارة عن دارين دار لكلب في الجنوب ، ودار الكلاب في الشمال ، وكان الخط الفاصل بين الدارين ، نقطة وهمية
غالباً ما كانت عند الرستن على نهر العاصي وهكذا دار تاريخ الشام في الاسلام ، حول محورين ، واحـــــد ۳۸ - مائة أوائل
تمركز في الشمال واتخذ من مدينة حلب ماراً ، وآخر استقر في الجنوب دمشق ، ومن الملاحظ أنه عندما أخذت أوصال الخلافة العباسية تتفكك ، وظهرت المحاولات الاستقلالية في كثير من البلدان الاسلامية حدث هذا في الشام ، وحاولت كلاب أن تنفرد بحلب ، لكن ذلك أجهض قبل أوانه عندما دخل سيف الدولة الحمداني إلى هذه المدينة ، ونجج في إقامة الحكم الحمداني في الشام ، ولقي سيف الدولة أثناء حكمه معارضة من كلاب
وكانت كلاب الشام قد تلقت في مطلع القرن الرابع للهجرة كمية كبيرة من المهاجرين الكلابين قدموا من شبه الجزيرة مع حركات القرامطة وربما بسببها ، وهكذا تمتن وضع كلاب وزادت قوتها ، فما أن توفي سيف الدولة حتى أخذت تعمل على ملك إرثه ، وتحقق لها هذا منذ نهاية القرن الرابع على يد صالح بن مرداس .
في سنة ٣٩٩ / ۱۰۰۸م ، استولى صالح بن مرداس الكلابي على بلدة الرحبة ، وكانت الرحبة آنذاك ذات أهمية عالية ، نظراً لموقعها على الفرات ، فهي كانت وفيرة الماء ، ذات إمكانات زراعية كبيرة ، قريبة من البادية الشامية ، غير بعيدة عن العراق ، وفي البادية الشامية أقامت العشائر البدوية ، التي شغلت أعظم الأدوار في صنع تاريخ الشام السياسي ما قبل القرن الثاني عشر الميلاد ، وكانت الرحبة أول محطة للبداة المهاجرين إلى سورية ، وخلاصة الأمر ، كان الذي يملك الرحبة بإمكانه أن يملك شمال الشام مع أجزاء من الجزيرة ، وهذا ماحدث مع صالح بن مرداس .
وحافظت الرحبة على مكانتها حتى أواخر القرن الحادي عشر (م)
هاما حيث حلت علها مدينة الموصل ، والموصل قبل هذا التاريخ كانت دائما تتورط في مشاكل العراق السياسية وغيرها ، وقلما شغلت دوراً في الشام ، وفي أواخر القرن الحادي عشر (م) تدفق نحو الشام مهاجرون جددهم الغز ، وقدم الغز من اتجاه معاكس لاتجاه البداة العرب وكانت لذلك الموصل أول محطة لهم في طريقهم نحو الشام والجزيرة ، فقد سيطر الغز عليها ، وأخذ ارتباط الموصل بالعراق يخف تدريجياً وغدت الموصل جزءاً من الشام ، تورطت في مشاكله ، وصار الاستيلاء على الموصل هو الخطوة الأولى والأساسية نحو السيطرة على شمال الشام ويمكن رؤية هذا في تاريخ الدولة العقيلية وبشكل أوضح في تاريخ الدولة الأتابكية أيام الحروب الصليبية . وبعدما احتل صالح بن مرداس الرحبة تطلع نحو حلب، التي حكمت من قبل بقايا الدولة الحمدانية ، فتورط من أجلها في صراع كبير ، وأثناء هذا الصراع أسر صالح، وأودع سجن قلعة حلب ، وأريد اغتياله فيه ، فعمل على الفرار من سجنه ، وتمكن من ذلك بعمل اتسم بالجرأة والشجاعة النادرة ، فكان ذلك مغامرة مثيرة للغاية وبعد الفرار من السجن حشد صالح بن مرداس قواته الكلابية ، واستطاع سنة ١٠٢٥/٥٤١٥م أن يحتل مدينة حلب ، حيث أسس فيها حكم أسرته المرداسية . ولم تقف مطامح صالح عند حدود شمال الشام ، بل انتزع بعض أجزاء الساحل الشامي من الفاطميين ، وصنع بينه وبين قبيلتي طيء وكلب ، من أجل إقامة ثلاث دول عربية حلفا
في الشام ، ولطرد الفاطميين إلى مصر وحقق ابن مرداس في هذا المقصد نجاحات كبيرة ، وظل يجمد في هذا السبيل حتى قتل بوادي الأردن سنة ٤١٩ ١٠٢٩/٥م ، لكن مقتله .
لم يزل من الوجود الدولة التي أقامها ، فقد احتفظ أولاده بحكم حلب من بعده ، وهكذا كانت الأسرة المرداسية ثاني أسرة عربية تحكم حلب
المستقلة في الاسلام وفي عهد هذه الدولة خطت الثقافة العربية او الحضارة خطوات كبرى ، ففي ظل هذه الدولة عاش المعري ، فيلسوف المعرة ، وابن أبي حصينة الشاعر ، وابن بطلان الطبيب وغيرهم من الأعلام كثير.
ت : [ ٤١٩ ه / ١٠٢٩ ]
سكن الشام قبل قيام الفتوحات الاسلامية ، من قبل عدد من القبائل العربية ، كان أكثرها في القرن السابع - تبعا للنسابين العرب - منحدراً من أصل يماني ، وكانت قبيلة كلب على رأس هذه القبائل واستقرت كلب حول دمشق وفي جنوب الشام ، الفتوحات الاسلامية وإثرها قدم إلى الشام قبائل جديدة استقر بعضها في شمال الشام ، وكانت غالبية القبائل التي استقرت في الشمال من أصل قيسي وكان من أشهر هذه القبائل قبيلة كلاب ومع وفي سنة ٥٦٤ / ٦٨٣ م ، بعد وفاة يزيد بن معاوية ، التحمت قوى قيس على رأسها كلاب بقوى كلب ومن ساندها في معركة مرج راهط وانتصرت اليمن في هذه الملحمة وانهزمت قيس ، ونجم عن هذه المعركة
نتائج كثيرة كان من أهمها أنها قسمت الشام إلى قسمين : شمالي تسكنه قبائل قيس وخاصة كلاب ، وتسيطر عليه ، وجنوبي تسكنه القبائل اليمانية وخاصة كلب ، وتسيطر عليه ، وهكذا غدت بلاد الشام واقعياً عبارة عن دارين دار لكلب في الجنوب ، ودار الكلاب في الشمال ، وكان الخط الفاصل بين الدارين ، نقطة وهمية
غالباً ما كانت عند الرستن على نهر العاصي وهكذا دار تاريخ الشام في الاسلام ، حول محورين ، واحـــــد ۳۸ - مائة أوائل
تمركز في الشمال واتخذ من مدينة حلب ماراً ، وآخر استقر في الجنوب دمشق ، ومن الملاحظ أنه عندما أخذت أوصال الخلافة العباسية تتفكك ، وظهرت المحاولات الاستقلالية في كثير من البلدان الاسلامية حدث هذا في الشام ، وحاولت كلاب أن تنفرد بحلب ، لكن ذلك أجهض قبل أوانه عندما دخل سيف الدولة الحمداني إلى هذه المدينة ، ونجج في إقامة الحكم الحمداني في الشام ، ولقي سيف الدولة أثناء حكمه معارضة من كلاب
وكانت كلاب الشام قد تلقت في مطلع القرن الرابع للهجرة كمية كبيرة من المهاجرين الكلابين قدموا من شبه الجزيرة مع حركات القرامطة وربما بسببها ، وهكذا تمتن وضع كلاب وزادت قوتها ، فما أن توفي سيف الدولة حتى أخذت تعمل على ملك إرثه ، وتحقق لها هذا منذ نهاية القرن الرابع على يد صالح بن مرداس .
في سنة ٣٩٩ / ۱۰۰۸م ، استولى صالح بن مرداس الكلابي على بلدة الرحبة ، وكانت الرحبة آنذاك ذات أهمية عالية ، نظراً لموقعها على الفرات ، فهي كانت وفيرة الماء ، ذات إمكانات زراعية كبيرة ، قريبة من البادية الشامية ، غير بعيدة عن العراق ، وفي البادية الشامية أقامت العشائر البدوية ، التي شغلت أعظم الأدوار في صنع تاريخ الشام السياسي ما قبل القرن الثاني عشر الميلاد ، وكانت الرحبة أول محطة للبداة المهاجرين إلى سورية ، وخلاصة الأمر ، كان الذي يملك الرحبة بإمكانه أن يملك شمال الشام مع أجزاء من الجزيرة ، وهذا ماحدث مع صالح بن مرداس .
وحافظت الرحبة على مكانتها حتى أواخر القرن الحادي عشر (م)
هاما حيث حلت علها مدينة الموصل ، والموصل قبل هذا التاريخ كانت دائما تتورط في مشاكل العراق السياسية وغيرها ، وقلما شغلت دوراً في الشام ، وفي أواخر القرن الحادي عشر (م) تدفق نحو الشام مهاجرون جددهم الغز ، وقدم الغز من اتجاه معاكس لاتجاه البداة العرب وكانت لذلك الموصل أول محطة لهم في طريقهم نحو الشام والجزيرة ، فقد سيطر الغز عليها ، وأخذ ارتباط الموصل بالعراق يخف تدريجياً وغدت الموصل جزءاً من الشام ، تورطت في مشاكله ، وصار الاستيلاء على الموصل هو الخطوة الأولى والأساسية نحو السيطرة على شمال الشام ويمكن رؤية هذا في تاريخ الدولة العقيلية وبشكل أوضح في تاريخ الدولة الأتابكية أيام الحروب الصليبية . وبعدما احتل صالح بن مرداس الرحبة تطلع نحو حلب، التي حكمت من قبل بقايا الدولة الحمدانية ، فتورط من أجلها في صراع كبير ، وأثناء هذا الصراع أسر صالح، وأودع سجن قلعة حلب ، وأريد اغتياله فيه ، فعمل على الفرار من سجنه ، وتمكن من ذلك بعمل اتسم بالجرأة والشجاعة النادرة ، فكان ذلك مغامرة مثيرة للغاية وبعد الفرار من السجن حشد صالح بن مرداس قواته الكلابية ، واستطاع سنة ١٠٢٥/٥٤١٥م أن يحتل مدينة حلب ، حيث أسس فيها حكم أسرته المرداسية . ولم تقف مطامح صالح عند حدود شمال الشام ، بل انتزع بعض أجزاء الساحل الشامي من الفاطميين ، وصنع بينه وبين قبيلتي طيء وكلب ، من أجل إقامة ثلاث دول عربية حلفا
في الشام ، ولطرد الفاطميين إلى مصر وحقق ابن مرداس في هذا المقصد نجاحات كبيرة ، وظل يجمد في هذا السبيل حتى قتل بوادي الأردن سنة ٤١٩ ١٠٢٩/٥م ، لكن مقتله .
لم يزل من الوجود الدولة التي أقامها ، فقد احتفظ أولاده بحكم حلب من بعده ، وهكذا كانت الأسرة المرداسية ثاني أسرة عربية تحكم حلب
المستقلة في الاسلام وفي عهد هذه الدولة خطت الثقافة العربية او الحضارة خطوات كبرى ، ففي ظل هذه الدولة عاش المعري ، فيلسوف المعرة ، وابن أبي حصينة الشاعر ، وابن بطلان الطبيب وغيرهم من الأعلام كثير.
تعليق