أبو مدين الغوث
صيغت شخصية المغرب العربي الكبير ، في إطار الاسلام العام وحدث ذلك عبر عدة مراحل ، وبوساطة عده قوى ومؤسسات ، فبعدما فتح العرب الشمال الافريقي ، دخل سكانه في الإسلام ، وبالتالي في التاريخ ، ثم أخذوا يعبرون عن شخصيتهم ورغباتهم بوسائل إسلامية كان منها عقائد الخوارج ، والمالكية ، والتشيع المعتدل والمتطرف ، والاعتزاز ، وجاء ذلك بصورة ثورات كثيرة ، ومحاولات لتأسيس الملك ، ونشاط دعوى ، أو تجاري ، وغير ذلك كثير وفي البداية كانت المساجد أهم مراكز الدعوة ، إنما حين تذكر المساجد كمراكز للدعوة يذكر إلى جانبها أولاً الرباطات ثم الزوايا ، فالمغرب بسواحله الطويلة للغاية القائمة على المتوسط الأطلسي ، كان دائماً عرضة للخطر عبر البحر ، وكما حدث في المشرق ، حيث أقام المسلمون أماكن للمرابطة على السواحل لصد أي عدوان ، فقد انتقلت التجربة إلى المغرب ، ومن الملاحظ أن غالبية الذين رابطوا كانوا من المتطوعة ، حيث كانوا يبتغون الجهاد في سبيل الله ، وكثير منهم فر إلى المرابطة من جور السلطان ، أو اغراءات التوظيف ، لذلك عاش بين المرابطين عدد من كبار العلماء وعرفت مجتمعات المرابطين حركة علمية كانت وثيقة الصلات بالزهد و التقشف، والمثالية ، والخشونة والبراءة ، ونمت تجربة الرباطات في المغرب نمواً كبيراً خاصة في السواحل المتوسطية ،
حيث دفعت وشغلت دوراً كبيراً للغاية حتى قيام الخلافة الفاطمية ، إلى السواحل الأطلسية ، كما نقلت التجربة من الثغور الساحلية إلى الثغور الداخلية ، وصار الرباط عبارة عن مؤسسة عسكرية مدنية أفرادها يشغلون وقتهم في رصد السواحل والحراسة ، مع التعبد والخلوة والتعلم ، ونسخ الكتب ، ولهذا فإن الدور الثقافي الرباطات كبير للغاية . ومعلوم أن العالم الإسلامي تعرض في القرنين الثاني والثالث لأزمات كبيرة ، استغلها السبعية مع حركات الفرق الأخرى وفي أواخر القرن الثالث تم إقامة الخلافة الفاطمية ، لكن منذ القرن الخامس ، أو قبل ذلك ، حدثت استفاقة عباسية نشطة وتراجعت قوى الخلافة الفاطمية وأصيبت بإنتكاسات خطيرة ، ووضح هذا كله في تاريخ الدولة الغزنوية وتجلى في قيام السلطنة السلجوقية ، وتأسيس المدرسة النظامية في بغداد . ومرت الاستفاقة العباسية بعدة مراحل ، كانت أولاها بسيطة فيها شيء من التزمت ، لهذا عادت الحركات الفكرية حتى حركة الأشاعرة منها ، لكن هذه المرحلة لم تدم طويلا انتصرت حركة الأشاعرة ممزوجة بالتصوف وسيطرت على الفكر الإسلامي بكافة اتجاهاته .. وعلى صعيد الغرب الإسلامي كان من نتائج المرحلة الأولى قيام دولة المرابطين ، ومن نتائج المرحلة التالية قيام الدولة الموحدية ، وجاء انتصاراً لكتاب احياء علوم الدين للغزالي ، وفاتحة عهد إسلامي جديد فقد زالت الرباطات وأخذت زوايا الصوفية تحل محلها ، وقامت هذه الزوايا بدور كبير على صعيد الشمال الأفريقي بشكل خاص ، وعلى صعيد الدعوة الاسلامية في افريقية بشكل عام . والبحث في هذا الموضوع هام ومثير ، ويكفينا هنا طرق بابه ، والتعريف بأحد رواد حركة التصوف وهو الغوث أبو مدين .
شعيب بن الحسين - وقيل الحسن - الأندلسي ، ولد في الأندلس ، ربما في العقد الثاني من القرن السادس ، وتعلق في بداية حياته ببعض المتصوفة ، ثم سافر إلى المغرب الأقصى، والتحق بسبته ثم بمراكش التي غادرها إلى فاس مركز العلم والعلماء .
أخذ أبو على شيوخها علم الطريقة وعلم الحقيقة ، أن إقامته في فاس طالت ، وهناك تكون صوفيا وتدرب أفضل تدريب ، ويذكر أنه توجه حاجاً إلى مكة ( فتعرف في عرفة بالشيخ عبد القادر الجيلاني ، فقرأ عليه في الحرم الشريف ، كثيراً من الحديث وألبسه خرقة الصوفية ، وأودعه كثيراً من أسراره ، وحلاه وفي فاس مدین ويبدو بملابس أنواره
وعقب عودة أبي مدين إلى المغرب ذاعت شهرته ، وقصده المريدون وترقى إلى مرتبة الولاية ، وكان في مجالسه يقرأ الحديث ، ويعظ ويرشد ، وقد وصفه أحمد معاصريه بقوله : وكان زاهداً فاضلاً ، عارفاً بالله تعالى ، قد خاض من الأحوال بحاراً ، ونال من المعارف أسراراً ، وخصوصاً مقام التوكل ، لا يشق فيه غباره ، ولا تجهل آثاره وكان مبسوطا بالعلم ، مقبوضاً بالمراقبة ، كثير الالتفات بقلبه إلى الله تعالى ، ، ومما حفظ من أحاديثه قوله : ( بسر حياته ظهر حياتي ، وبنور صفاته استنارت صفاتي ، وبديمومته دامت مملكتي ، وفي توحيده أفنيت همتي ، فسر التوحيد في قوله : لا إله إلا أنا والوجود بأسره حرف جاء لمعنى وبالمعنى ظهرت الحروف ، وبصفاته اتصف كل موصوف ، وباسمه ائتلف كل مألوف فمصنوعاته له محكمة ، ومخلوقاته له مسلمة لأنه خالقها ومظهرها ، ومنه مبدأها وإليه مرجعها . أن نشاط أبي أغضب الادارة الموحدية وأخافها .
صيغت شخصية المغرب العربي الكبير ، في إطار الاسلام العام وحدث ذلك عبر عدة مراحل ، وبوساطة عده قوى ومؤسسات ، فبعدما فتح العرب الشمال الافريقي ، دخل سكانه في الإسلام ، وبالتالي في التاريخ ، ثم أخذوا يعبرون عن شخصيتهم ورغباتهم بوسائل إسلامية كان منها عقائد الخوارج ، والمالكية ، والتشيع المعتدل والمتطرف ، والاعتزاز ، وجاء ذلك بصورة ثورات كثيرة ، ومحاولات لتأسيس الملك ، ونشاط دعوى ، أو تجاري ، وغير ذلك كثير وفي البداية كانت المساجد أهم مراكز الدعوة ، إنما حين تذكر المساجد كمراكز للدعوة يذكر إلى جانبها أولاً الرباطات ثم الزوايا ، فالمغرب بسواحله الطويلة للغاية القائمة على المتوسط الأطلسي ، كان دائماً عرضة للخطر عبر البحر ، وكما حدث في المشرق ، حيث أقام المسلمون أماكن للمرابطة على السواحل لصد أي عدوان ، فقد انتقلت التجربة إلى المغرب ، ومن الملاحظ أن غالبية الذين رابطوا كانوا من المتطوعة ، حيث كانوا يبتغون الجهاد في سبيل الله ، وكثير منهم فر إلى المرابطة من جور السلطان ، أو اغراءات التوظيف ، لذلك عاش بين المرابطين عدد من كبار العلماء وعرفت مجتمعات المرابطين حركة علمية كانت وثيقة الصلات بالزهد و التقشف، والمثالية ، والخشونة والبراءة ، ونمت تجربة الرباطات في المغرب نمواً كبيراً خاصة في السواحل المتوسطية ،
حيث دفعت وشغلت دوراً كبيراً للغاية حتى قيام الخلافة الفاطمية ، إلى السواحل الأطلسية ، كما نقلت التجربة من الثغور الساحلية إلى الثغور الداخلية ، وصار الرباط عبارة عن مؤسسة عسكرية مدنية أفرادها يشغلون وقتهم في رصد السواحل والحراسة ، مع التعبد والخلوة والتعلم ، ونسخ الكتب ، ولهذا فإن الدور الثقافي الرباطات كبير للغاية . ومعلوم أن العالم الإسلامي تعرض في القرنين الثاني والثالث لأزمات كبيرة ، استغلها السبعية مع حركات الفرق الأخرى وفي أواخر القرن الثالث تم إقامة الخلافة الفاطمية ، لكن منذ القرن الخامس ، أو قبل ذلك ، حدثت استفاقة عباسية نشطة وتراجعت قوى الخلافة الفاطمية وأصيبت بإنتكاسات خطيرة ، ووضح هذا كله في تاريخ الدولة الغزنوية وتجلى في قيام السلطنة السلجوقية ، وتأسيس المدرسة النظامية في بغداد . ومرت الاستفاقة العباسية بعدة مراحل ، كانت أولاها بسيطة فيها شيء من التزمت ، لهذا عادت الحركات الفكرية حتى حركة الأشاعرة منها ، لكن هذه المرحلة لم تدم طويلا انتصرت حركة الأشاعرة ممزوجة بالتصوف وسيطرت على الفكر الإسلامي بكافة اتجاهاته .. وعلى صعيد الغرب الإسلامي كان من نتائج المرحلة الأولى قيام دولة المرابطين ، ومن نتائج المرحلة التالية قيام الدولة الموحدية ، وجاء انتصاراً لكتاب احياء علوم الدين للغزالي ، وفاتحة عهد إسلامي جديد فقد زالت الرباطات وأخذت زوايا الصوفية تحل محلها ، وقامت هذه الزوايا بدور كبير على صعيد الشمال الأفريقي بشكل خاص ، وعلى صعيد الدعوة الاسلامية في افريقية بشكل عام . والبحث في هذا الموضوع هام ومثير ، ويكفينا هنا طرق بابه ، والتعريف بأحد رواد حركة التصوف وهو الغوث أبو مدين .
شعيب بن الحسين - وقيل الحسن - الأندلسي ، ولد في الأندلس ، ربما في العقد الثاني من القرن السادس ، وتعلق في بداية حياته ببعض المتصوفة ، ثم سافر إلى المغرب الأقصى، والتحق بسبته ثم بمراكش التي غادرها إلى فاس مركز العلم والعلماء .
أخذ أبو على شيوخها علم الطريقة وعلم الحقيقة ، أن إقامته في فاس طالت ، وهناك تكون صوفيا وتدرب أفضل تدريب ، ويذكر أنه توجه حاجاً إلى مكة ( فتعرف في عرفة بالشيخ عبد القادر الجيلاني ، فقرأ عليه في الحرم الشريف ، كثيراً من الحديث وألبسه خرقة الصوفية ، وأودعه كثيراً من أسراره ، وحلاه وفي فاس مدین ويبدو بملابس أنواره
وعقب عودة أبي مدين إلى المغرب ذاعت شهرته ، وقصده المريدون وترقى إلى مرتبة الولاية ، وكان في مجالسه يقرأ الحديث ، ويعظ ويرشد ، وقد وصفه أحمد معاصريه بقوله : وكان زاهداً فاضلاً ، عارفاً بالله تعالى ، قد خاض من الأحوال بحاراً ، ونال من المعارف أسراراً ، وخصوصاً مقام التوكل ، لا يشق فيه غباره ، ولا تجهل آثاره وكان مبسوطا بالعلم ، مقبوضاً بالمراقبة ، كثير الالتفات بقلبه إلى الله تعالى ، ، ومما حفظ من أحاديثه قوله : ( بسر حياته ظهر حياتي ، وبنور صفاته استنارت صفاتي ، وبديمومته دامت مملكتي ، وفي توحيده أفنيت همتي ، فسر التوحيد في قوله : لا إله إلا أنا والوجود بأسره حرف جاء لمعنى وبالمعنى ظهرت الحروف ، وبصفاته اتصف كل موصوف ، وباسمه ائتلف كل مألوف فمصنوعاته له محكمة ، ومخلوقاته له مسلمة لأنه خالقها ومظهرها ، ومنه مبدأها وإليه مرجعها . أن نشاط أبي أغضب الادارة الموحدية وأخافها .
تعليق