المهدي الفاطمي
[ ت : ٣٢٢ هـ - ٩٣٤ م ]
المهدي عند الاسماعيلية هـو الذي يهدي إلى الأمر الخفي القائم بالحق عند حلول الوقت ، بعد انقضاء عهد غيبة الأئمة ، بعد استيلاء أهل الظلم والمسف والجور على مقاليد الأمور ، وهو حين يخرج يخرج مغضباً ، تؤيده ملائكة الرحمن ، وتسير أمامه ، وتواكبه أينما تحرك ، على رأسها جبرائيل على فرس أبلق ، براج من نور ، وعليه سرج من ذهب ، وعلى جبرائيل تجافيف من نور ، ومغفر من حديد ، وبين يديه حربة من نور .. في سنان الحربة النصر ، وفي وسطها الرعب ، وفي زجها الظفر ، و لذلك لا تتولى للمهدي راية إلى بلد إلا قدمه الرعب بين يديه مسيرة شهر ، ولا يهدي بالدلالة أهل بلد إلا وهداهم الله ، ومن أبى ذلك رماهم بحجارة الكبريت ، حتى يردهم أجمعين إلى هداه ، يستسلمون بأجمعهم إليه ، ويكسر الصليب ، وهدم البيع ، ويقتل الخنزير ، وتنقضي دعوة الشرك ، وتظهر دعوة الفرج ، وتقوم الدعوة بالدين الله خالصاً ، « وآنئذ ، يشرب الثور والسبع من حوض واحد ، ويخلف الراعي الذئب على غنمه . والمهدي ينبغي أن يكون من قريش ، ثم من بني هاشم ، ثم من بني عبد المطلب من ولد الحسين بن علي، لأن الحسين من ولد فاطمة بنت
. صير الرسول الله ، واسم المهدي عبد الله مثل اسم أبي الرسول ال في سنة ٩٠٩ تمت ولادة الخلافة الفاطمية ، وهي ا أول وأعظم خلافة شيعية في التاريخ، وحمل أول خلفاء هذه الدولة لقب المهدي ، لكنه كان مهديا من حيث الاسم لا من حيث النصور و الطوباوي انتصر بفضل عمل دعوي طويل وجيد التنظيم ، ثم بفضل استخدام القوة المسلحة البشرية ، لا بفضل الملائكة ، وتأييد السماء ، وكان لتبدد الصورة ه الطوباية ، أو السرابية ، وقيام دولة الواقع ، ردات فعل شديدة ، لكن قبل الاستطراد في هذا الحديث ، لعل من المناسب أن نحاول التعرف إلى شخصية المهدي ، واسمه ونسبه الخلاف في مصادرنا حول أصل المهدي ونسبه شديد ، فقد ذهب كل مصدر مذهباً خاصاً في تحديد اسم المهدي ، ونسبه قبل أن يكون مهدياً ، ثم بعد ما نفسه كذلك ، فغالبية المصادر العباسية تنفي عنه النسب العلوي الفاطمي ، وتعزوه حيناً إلى الفرس المجوس ، وحيناً آخر إلى اليهود وغير ذلك ، وهي وإن اختلفت أيضاً في تحديد اسمه قبل استلامه الخلافة تتفق أن اسمه بعد ما صار خليفة هو عبيد الله إن مسألة الطعن في نسب المهدي والفاطميين مسألة مرفوضة ، ذلك أن الكتاب في العراق خاصة أخذوا بها مسايرة للدولة العباسية التي عجزت عن التصدي للفاطميين بقوة السلاح ، فلجأت إلى وسيلة الطعن بالنسب واستغلت الثغرة التي قامت بسبب لجوء أبناء اسماعيل بن جعفر الصادق إلى التكتم والتخفي الشديد ، نتيجة للملاحقة العباسية ، المدهش أن السلطات العباسية ، اكتشفت تحركات المهدي ، وكانت قادرة على ملاحقته من بلاد الشام إلى مصر فشمال أفريقية الملاحقة هذه ترى بداهة صحة نسبه العلوي ، ثم بعد ما انتصر نفت عنه هذا النسب .. ! و من وكانت أثناء
و مرد وفيما يتعلق باسمه فنحن لا نملك من المصادر الاسماعيلية والعباسية سواء ما يساعد بشكل حاسم على اثبات أو نفي كونه كان يحمل اسما غير الاسم الذي عرف به بعد استلامه الخلافة ، هذا الأمر يعود الى عاملين رئيسيين : أولهما مرتبط بما أثير حول النسب ، والثاني مرتبط بقضية التكتم والتخفي ، فلعل ذلك استلزم منه اعطاء نفسه أسماء مختلفة بين حين وآخر
ومع عبيد هذا كله فهل كان اسمه بعد استلامه للخلافة عبيد الله ؟ ان اسم هو مصغر عبد الله ، ومن المعلوم أن في التصغير تحقير أخرى ، كما أرادت السلطات العباسية أن تطعن بنسب المهدي سعت الى تحقيره بتصغير اسمه ، ذلك أن اسم المهدي في المصادر الاسماعيلية ، وفي الكتابات التاريخية المعاصرة له ، ثم على الصنوج والنقود هو عبد الله ، ويوجد الآن في القيروان دیناران ذهبيان من دنانير المهدي كانا قد ضربا فيها الأول سنة ٣٠٢ هـ / ٩١٤م والثاني سنة ٥٣٠٤ / ٩١٦ م ونقشها : الامام لا إله إلا الله الله وهرة
محمد رسول الله عبد الله
وحده لا شريك له
أنه المهدي بالله ان التوسع في هذه المسائل مكانه ليس هنا ، والمهم الآن قوله هو بعدما تسلم المهدي زمام الأمور من أبي ع عبد الله الداعي ، وما أن أصبح أميراً للمؤمنين ، حق أخذ يباشر أمور الحكم بنفسه . . الامامة عند الاسماعيلية، ذلك أن الامام هو وحده صاحب الحق في الحكم والتشريع ، وقام المهدي يجمع الدعاة ، وعمل على اعادة تنظيم حسب قاعدة
أمير المؤمنين
یروی أماماً وأصبحت الدعوة الاسماعيلية الآن دعوة علنية تدعمها سلطة دولة فتية ، وهنا لابد لنا من أن نتساءل عن التجديدات التي أدخلت الآن على أفكار الدعوة، ثم عن التأثيرات المحلية عليها ؟ بأن المهدي كان قد جلب معه من المشرق كمية من الكتب الخاصة ، ولعلها تضمنت النتاج الفكري الاسماعيلي ، وإذا صح هذا ، فإن هذا النتاج هو الذي اتخذ في العمل الدعوى الجديدة ، وعليه فقد بقيت الأفكار الظاهرية
الدعوة ، وجهد في سبيل ايجاد جيل جديد من الدهاة ، ولقد أصاب في هذا السبيل نجاحاً كبيراً ، ذلك أن زعامة الفكر الاسماعيلي ، ستؤول بعد قليل الى جيل من الدعاة جلهم من أصل مغربي ، وسيظل هذا الجيل متمسكا بهذه الزعامة حتى عصر الحاكم بأمر الله في مصر .
هي هي ، وكذا التأويل الباطني . وجاء لاعادة تنظيم الدعوة ، والمجاهرة بها وبأفكارها ، ممارسة المهدي للسلطة ومباشرته الحكم بنفسه ردات فعل اسماعيلية داخلية ، وغير اسماعيلية خارجية ، ونجمت ردات الفعل الداخلية بالأساس عن حصر المهدي للسلطات وعمله من أجل اقامة دولة مركزية على غرار الدولة العباسية ، وكان هذا حرماناً من الغنائم الذين تحملوا أعباء الدعوة مثل أبي عبد الله الداعي وسواه ، ثم كان في ذلك انتكاسة عقائدية و تراجع: ، ذلك أن إقامة سلطة مركزية شديدة شيء ، والتصور الوهمي والخيالي الفضفاض لدولة المهدي شيء آخر ووفق المهدي في القضاء على المعارضة الداخلية ، وقام بتصفية دموية .
لأبي عبد الله الشيعي ، ومن سانده ، وجاء نجاحه نتيجة بذله الأموال وشرائه زعماء قبائل كتامة وكان للمعارضة من الخارج قصة اخرى بدأت في الأسبوع الأول
لنزول المهدي برقادة ، حيث كانت قصور الأغالبة على مقربة من القيروان فعندما حلت الجمعة ، أمر المهدي الخطيب أن يذكره في الخطبة فيقول : عبد الله الامام ، المهدي بالله ، أمير المؤمنين ، فلما صعد الخطيب المنبر وانتهى الى ذكر المهدي ، قام أحد رجالات المالكية وعارض ذلك ، وأيده علماء القيروان وسكانها ، ثم اشتدت المواجهة وتحولت الى فتنة دامية داخل القيروان ، ذهب ضحيتها أعداد كبيرة من أهل القيروان ، وكاد الحال أن يتحول الى ثورة في القيروان ضد الدولة الجديدة وقبائل كتامة وهنا أدرك المهدي أنه لا يستطيع الاستمرار في الحكم من القيروان لأسباب دينية واجتماعية وسياسية، على الرغم من أن أسبابا اقتصاديه جمه كانت تتطلب البقاء فيها .
في سنة ٣٠٠ هـ / ۹۱۳م خرج المهدي بنفسه يرتاد لنفسه موضعاً على ساحل البحر يتخذ فيه مدينة ، فلم ير على ساحله موقعا أحصن من موقع المهدية ، وهو جزيرة متصلة بالبر كهيئة كف متصل بزند ، فتأمله فأعجب به ، فبنى به مدينة في غاية الحصانة والاحكام ، وذلك أنه أراد أن يمتلك حصناً بحرياً يعتصم به هو ثم من يخلفه ، حيث أنه أدرك أن شعوب تونس والمغرب لن يمنحوه الولاء صرفاً ، ولن يدعوه بينهم إذا ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا .
وسمى المهدي مدينته الجديده باسم المهدية ، وهذه حالة شاذة في تاريخ الإسلام ، لكن رغم ذلك فإن هذه المدينة لم تخطط وتشيد كمدينة عقائدية مثالية ، بل أريد منها أن تكون قوية حصينة ، ونظراً لضيق رقعة الجزيرة قام المهدي بردم جزء من البحر ، كما قام بنقر ميناء لها في الصخر يتسع لحوالي ثلاثين سفينة ، وأقيم على مدخل هذا المرمى برجان عظيمان للحراسة ، وصل بينها بسلاسل من الحديد لتحول دون طروق
الصخر أيضاً داراً للصناعة عملا السفن الغريبة إلى الميناء ، ونقر تتسع لثلاثمائة سفينة ، كما بنى في المدينة الاهراءات الكبيرة لخزن الحبوب والمؤن ، ونظراً لندرة المياه في الجزيرة ، فقد أكثر المهدي من بناء خزانات المياه التي ، وبنى المهدي لنفسه قصراً وآخر بمياه الأمطار لولي عمده ، كما بنى مسجداً كبيراً ، ويختلف بناء هذا المسجد عن غيره من مساجد المشرق والمغرب ، حيث أن له بوابة كبيرة ، قام على مقربة منها برجان في غاية الضخامة ، وقد جعل هذا الحال واجهة المسجد أشبه بواجهة إحدى القلاع، وجاءت الأبراج مجوفة حيث كانت تملأ بمياه الأمطار، وكان الإمام يدخل إلى المسجد من بوابته الكبيرة . ذلك أن حرمه لم يكن فيه مقصورة لها دهليز خاص متصل بقصر الخليفة كما كانت العادة منذ أيام معاوية بن أبي سفيان ، اثر محاولة اغتياله على يد الخوارج، والجديد في بناء مسجد المهدية أيضاً، أن الممر الذي كان يوصل البوابة بالحرم كان مسقوفاً ، وتعليل هذا مرتبط بأمر المظلة وما يتعلق بها عند الفاطميين
فمن المشهور أن النبي ما لو كان إذا تحرك تظلله غمامة ، لذلك عندما قامت الخلافة الفاطمية ، اتخذ الخلفاء لأنفسهم مظلة كانت تحمل فوق رؤوسهم ، وحيث أنه كان من غير اللائق ، أو من المحال حمل المظلة داخل المسجد ، عند دخول الخليفة إليه ، تم بناء رواق خاص مسقوف جاء على شكل المظلة ليمر الخليفة تحته عند دخوله المسجد وعندما نجز بناء المهدية انتقل المهدي إليها مع أركان دولته ، ثم أمر بعد فترة أن تحول التجارة إليها ، وكان في ذلك مشقة كبيرة على التجار ، وعقوبة قاسية لأهل القيروان ، لهذا سنجد حفيده المنصور اسماعيل يترك المهدية ، ويبني قرب القيروان صبره المنصورية لإرضاء
وحرم على التجار ، وكسب ود أهل القيروان وقد جعل المهدي أسواق المدينة في داخل الجزيرة ، التجار البيتوته في الجزيرة ، فكانت بضائع التجار تبقى رهينة داخلها تمنعهم من التحريض على أو المشاركة في أية ثورة تدبر في الليل ، وإذا حدث وانفجرت ثورة في النهار كانت بوابة المدينة تغلق ويبقى التجار وبضائعهم رهائن فيها ومن المهدية أخذ المهدي بتوجيه الدعاة إلى جميع مناطق البلدان الإسلامية في المشرق والمغرب وكانت الدعوة الإسماعيلية قد قسمت العالم إلى مجموعة من الجزر ، وأوكلت شؤون الدعوة في كل جزيرة إلى داع أو أكثر ، وارتبط الدعاة جميعا بداع للدعاة ، ارتبط بالامامة مباشرة ووجه من قبلها ، وحيث أن هدف الدولة الفاطمية الناشئة كان إزالة الخلافة العباسية أولاً وقبل كل شيء ، فقد نشط الدعاة بشكل متزايد في الشرق وحققوا بعض النجاحات وبعدما حقق جيش الدعاة نجاحاتهم ، جهز المهدي جيوشه وأرسل أكثر من حملة ضد مصر ، وكان نصيب هذه الحملات الإخفاق ، ومات المهدي سنة ٣٢٢ هـ ١ / ٩٣٤ م دون أن يحقق حلمه في فتح مصر والاستيلاء على المشرق ، لكن رغم هذا إن ما أرساه من قواعد للخلافة الفاطمية كان متينا ، لهذا عندما تعرضت هذه الخلافة بعده إلى أزمات كبرى نجت بفضل ما دبره ، خاصة ببنائه المهدية التي ما زالت قائمة ، تشهد له بالخلود ، وبعد المهدي عاشت الخلافة الفاطمية أكثر من قرنين من الزمن حيث تم فيها انجازات رائعة ، ويعيش اليوم في العالم ملايين الاسماعيلية الذين ما زالوا يحملون في قلوبهم التقديس والتبجيل للمهدي باني دولتهم العظمى في التاريخ .
[ ت : ٣٢٢ هـ - ٩٣٤ م ]
المهدي عند الاسماعيلية هـو الذي يهدي إلى الأمر الخفي القائم بالحق عند حلول الوقت ، بعد انقضاء عهد غيبة الأئمة ، بعد استيلاء أهل الظلم والمسف والجور على مقاليد الأمور ، وهو حين يخرج يخرج مغضباً ، تؤيده ملائكة الرحمن ، وتسير أمامه ، وتواكبه أينما تحرك ، على رأسها جبرائيل على فرس أبلق ، براج من نور ، وعليه سرج من ذهب ، وعلى جبرائيل تجافيف من نور ، ومغفر من حديد ، وبين يديه حربة من نور .. في سنان الحربة النصر ، وفي وسطها الرعب ، وفي زجها الظفر ، و لذلك لا تتولى للمهدي راية إلى بلد إلا قدمه الرعب بين يديه مسيرة شهر ، ولا يهدي بالدلالة أهل بلد إلا وهداهم الله ، ومن أبى ذلك رماهم بحجارة الكبريت ، حتى يردهم أجمعين إلى هداه ، يستسلمون بأجمعهم إليه ، ويكسر الصليب ، وهدم البيع ، ويقتل الخنزير ، وتنقضي دعوة الشرك ، وتظهر دعوة الفرج ، وتقوم الدعوة بالدين الله خالصاً ، « وآنئذ ، يشرب الثور والسبع من حوض واحد ، ويخلف الراعي الذئب على غنمه . والمهدي ينبغي أن يكون من قريش ، ثم من بني هاشم ، ثم من بني عبد المطلب من ولد الحسين بن علي، لأن الحسين من ولد فاطمة بنت
. صير الرسول الله ، واسم المهدي عبد الله مثل اسم أبي الرسول ال في سنة ٩٠٩ تمت ولادة الخلافة الفاطمية ، وهي ا أول وأعظم خلافة شيعية في التاريخ، وحمل أول خلفاء هذه الدولة لقب المهدي ، لكنه كان مهديا من حيث الاسم لا من حيث النصور و الطوباوي انتصر بفضل عمل دعوي طويل وجيد التنظيم ، ثم بفضل استخدام القوة المسلحة البشرية ، لا بفضل الملائكة ، وتأييد السماء ، وكان لتبدد الصورة ه الطوباية ، أو السرابية ، وقيام دولة الواقع ، ردات فعل شديدة ، لكن قبل الاستطراد في هذا الحديث ، لعل من المناسب أن نحاول التعرف إلى شخصية المهدي ، واسمه ونسبه الخلاف في مصادرنا حول أصل المهدي ونسبه شديد ، فقد ذهب كل مصدر مذهباً خاصاً في تحديد اسم المهدي ، ونسبه قبل أن يكون مهدياً ، ثم بعد ما نفسه كذلك ، فغالبية المصادر العباسية تنفي عنه النسب العلوي الفاطمي ، وتعزوه حيناً إلى الفرس المجوس ، وحيناً آخر إلى اليهود وغير ذلك ، وهي وإن اختلفت أيضاً في تحديد اسمه قبل استلامه الخلافة تتفق أن اسمه بعد ما صار خليفة هو عبيد الله إن مسألة الطعن في نسب المهدي والفاطميين مسألة مرفوضة ، ذلك أن الكتاب في العراق خاصة أخذوا بها مسايرة للدولة العباسية التي عجزت عن التصدي للفاطميين بقوة السلاح ، فلجأت إلى وسيلة الطعن بالنسب واستغلت الثغرة التي قامت بسبب لجوء أبناء اسماعيل بن جعفر الصادق إلى التكتم والتخفي الشديد ، نتيجة للملاحقة العباسية ، المدهش أن السلطات العباسية ، اكتشفت تحركات المهدي ، وكانت قادرة على ملاحقته من بلاد الشام إلى مصر فشمال أفريقية الملاحقة هذه ترى بداهة صحة نسبه العلوي ، ثم بعد ما انتصر نفت عنه هذا النسب .. ! و من وكانت أثناء
و مرد وفيما يتعلق باسمه فنحن لا نملك من المصادر الاسماعيلية والعباسية سواء ما يساعد بشكل حاسم على اثبات أو نفي كونه كان يحمل اسما غير الاسم الذي عرف به بعد استلامه الخلافة ، هذا الأمر يعود الى عاملين رئيسيين : أولهما مرتبط بما أثير حول النسب ، والثاني مرتبط بقضية التكتم والتخفي ، فلعل ذلك استلزم منه اعطاء نفسه أسماء مختلفة بين حين وآخر
ومع عبيد هذا كله فهل كان اسمه بعد استلامه للخلافة عبيد الله ؟ ان اسم هو مصغر عبد الله ، ومن المعلوم أن في التصغير تحقير أخرى ، كما أرادت السلطات العباسية أن تطعن بنسب المهدي سعت الى تحقيره بتصغير اسمه ، ذلك أن اسم المهدي في المصادر الاسماعيلية ، وفي الكتابات التاريخية المعاصرة له ، ثم على الصنوج والنقود هو عبد الله ، ويوجد الآن في القيروان دیناران ذهبيان من دنانير المهدي كانا قد ضربا فيها الأول سنة ٣٠٢ هـ / ٩١٤م والثاني سنة ٥٣٠٤ / ٩١٦ م ونقشها : الامام لا إله إلا الله الله وهرة
محمد رسول الله عبد الله
وحده لا شريك له
أنه المهدي بالله ان التوسع في هذه المسائل مكانه ليس هنا ، والمهم الآن قوله هو بعدما تسلم المهدي زمام الأمور من أبي ع عبد الله الداعي ، وما أن أصبح أميراً للمؤمنين ، حق أخذ يباشر أمور الحكم بنفسه . . الامامة عند الاسماعيلية، ذلك أن الامام هو وحده صاحب الحق في الحكم والتشريع ، وقام المهدي يجمع الدعاة ، وعمل على اعادة تنظيم حسب قاعدة
أمير المؤمنين
یروی أماماً وأصبحت الدعوة الاسماعيلية الآن دعوة علنية تدعمها سلطة دولة فتية ، وهنا لابد لنا من أن نتساءل عن التجديدات التي أدخلت الآن على أفكار الدعوة، ثم عن التأثيرات المحلية عليها ؟ بأن المهدي كان قد جلب معه من المشرق كمية من الكتب الخاصة ، ولعلها تضمنت النتاج الفكري الاسماعيلي ، وإذا صح هذا ، فإن هذا النتاج هو الذي اتخذ في العمل الدعوى الجديدة ، وعليه فقد بقيت الأفكار الظاهرية
الدعوة ، وجهد في سبيل ايجاد جيل جديد من الدهاة ، ولقد أصاب في هذا السبيل نجاحاً كبيراً ، ذلك أن زعامة الفكر الاسماعيلي ، ستؤول بعد قليل الى جيل من الدعاة جلهم من أصل مغربي ، وسيظل هذا الجيل متمسكا بهذه الزعامة حتى عصر الحاكم بأمر الله في مصر .
هي هي ، وكذا التأويل الباطني . وجاء لاعادة تنظيم الدعوة ، والمجاهرة بها وبأفكارها ، ممارسة المهدي للسلطة ومباشرته الحكم بنفسه ردات فعل اسماعيلية داخلية ، وغير اسماعيلية خارجية ، ونجمت ردات الفعل الداخلية بالأساس عن حصر المهدي للسلطات وعمله من أجل اقامة دولة مركزية على غرار الدولة العباسية ، وكان هذا حرماناً من الغنائم الذين تحملوا أعباء الدعوة مثل أبي عبد الله الداعي وسواه ، ثم كان في ذلك انتكاسة عقائدية و تراجع: ، ذلك أن إقامة سلطة مركزية شديدة شيء ، والتصور الوهمي والخيالي الفضفاض لدولة المهدي شيء آخر ووفق المهدي في القضاء على المعارضة الداخلية ، وقام بتصفية دموية .
لأبي عبد الله الشيعي ، ومن سانده ، وجاء نجاحه نتيجة بذله الأموال وشرائه زعماء قبائل كتامة وكان للمعارضة من الخارج قصة اخرى بدأت في الأسبوع الأول
لنزول المهدي برقادة ، حيث كانت قصور الأغالبة على مقربة من القيروان فعندما حلت الجمعة ، أمر المهدي الخطيب أن يذكره في الخطبة فيقول : عبد الله الامام ، المهدي بالله ، أمير المؤمنين ، فلما صعد الخطيب المنبر وانتهى الى ذكر المهدي ، قام أحد رجالات المالكية وعارض ذلك ، وأيده علماء القيروان وسكانها ، ثم اشتدت المواجهة وتحولت الى فتنة دامية داخل القيروان ، ذهب ضحيتها أعداد كبيرة من أهل القيروان ، وكاد الحال أن يتحول الى ثورة في القيروان ضد الدولة الجديدة وقبائل كتامة وهنا أدرك المهدي أنه لا يستطيع الاستمرار في الحكم من القيروان لأسباب دينية واجتماعية وسياسية، على الرغم من أن أسبابا اقتصاديه جمه كانت تتطلب البقاء فيها .
في سنة ٣٠٠ هـ / ۹۱۳م خرج المهدي بنفسه يرتاد لنفسه موضعاً على ساحل البحر يتخذ فيه مدينة ، فلم ير على ساحله موقعا أحصن من موقع المهدية ، وهو جزيرة متصلة بالبر كهيئة كف متصل بزند ، فتأمله فأعجب به ، فبنى به مدينة في غاية الحصانة والاحكام ، وذلك أنه أراد أن يمتلك حصناً بحرياً يعتصم به هو ثم من يخلفه ، حيث أنه أدرك أن شعوب تونس والمغرب لن يمنحوه الولاء صرفاً ، ولن يدعوه بينهم إذا ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا .
وسمى المهدي مدينته الجديده باسم المهدية ، وهذه حالة شاذة في تاريخ الإسلام ، لكن رغم ذلك فإن هذه المدينة لم تخطط وتشيد كمدينة عقائدية مثالية ، بل أريد منها أن تكون قوية حصينة ، ونظراً لضيق رقعة الجزيرة قام المهدي بردم جزء من البحر ، كما قام بنقر ميناء لها في الصخر يتسع لحوالي ثلاثين سفينة ، وأقيم على مدخل هذا المرمى برجان عظيمان للحراسة ، وصل بينها بسلاسل من الحديد لتحول دون طروق
الصخر أيضاً داراً للصناعة عملا السفن الغريبة إلى الميناء ، ونقر تتسع لثلاثمائة سفينة ، كما بنى في المدينة الاهراءات الكبيرة لخزن الحبوب والمؤن ، ونظراً لندرة المياه في الجزيرة ، فقد أكثر المهدي من بناء خزانات المياه التي ، وبنى المهدي لنفسه قصراً وآخر بمياه الأمطار لولي عمده ، كما بنى مسجداً كبيراً ، ويختلف بناء هذا المسجد عن غيره من مساجد المشرق والمغرب ، حيث أن له بوابة كبيرة ، قام على مقربة منها برجان في غاية الضخامة ، وقد جعل هذا الحال واجهة المسجد أشبه بواجهة إحدى القلاع، وجاءت الأبراج مجوفة حيث كانت تملأ بمياه الأمطار، وكان الإمام يدخل إلى المسجد من بوابته الكبيرة . ذلك أن حرمه لم يكن فيه مقصورة لها دهليز خاص متصل بقصر الخليفة كما كانت العادة منذ أيام معاوية بن أبي سفيان ، اثر محاولة اغتياله على يد الخوارج، والجديد في بناء مسجد المهدية أيضاً، أن الممر الذي كان يوصل البوابة بالحرم كان مسقوفاً ، وتعليل هذا مرتبط بأمر المظلة وما يتعلق بها عند الفاطميين
فمن المشهور أن النبي ما لو كان إذا تحرك تظلله غمامة ، لذلك عندما قامت الخلافة الفاطمية ، اتخذ الخلفاء لأنفسهم مظلة كانت تحمل فوق رؤوسهم ، وحيث أنه كان من غير اللائق ، أو من المحال حمل المظلة داخل المسجد ، عند دخول الخليفة إليه ، تم بناء رواق خاص مسقوف جاء على شكل المظلة ليمر الخليفة تحته عند دخوله المسجد وعندما نجز بناء المهدية انتقل المهدي إليها مع أركان دولته ، ثم أمر بعد فترة أن تحول التجارة إليها ، وكان في ذلك مشقة كبيرة على التجار ، وعقوبة قاسية لأهل القيروان ، لهذا سنجد حفيده المنصور اسماعيل يترك المهدية ، ويبني قرب القيروان صبره المنصورية لإرضاء
وحرم على التجار ، وكسب ود أهل القيروان وقد جعل المهدي أسواق المدينة في داخل الجزيرة ، التجار البيتوته في الجزيرة ، فكانت بضائع التجار تبقى رهينة داخلها تمنعهم من التحريض على أو المشاركة في أية ثورة تدبر في الليل ، وإذا حدث وانفجرت ثورة في النهار كانت بوابة المدينة تغلق ويبقى التجار وبضائعهم رهائن فيها ومن المهدية أخذ المهدي بتوجيه الدعاة إلى جميع مناطق البلدان الإسلامية في المشرق والمغرب وكانت الدعوة الإسماعيلية قد قسمت العالم إلى مجموعة من الجزر ، وأوكلت شؤون الدعوة في كل جزيرة إلى داع أو أكثر ، وارتبط الدعاة جميعا بداع للدعاة ، ارتبط بالامامة مباشرة ووجه من قبلها ، وحيث أن هدف الدولة الفاطمية الناشئة كان إزالة الخلافة العباسية أولاً وقبل كل شيء ، فقد نشط الدعاة بشكل متزايد في الشرق وحققوا بعض النجاحات وبعدما حقق جيش الدعاة نجاحاتهم ، جهز المهدي جيوشه وأرسل أكثر من حملة ضد مصر ، وكان نصيب هذه الحملات الإخفاق ، ومات المهدي سنة ٣٢٢ هـ ١ / ٩٣٤ م دون أن يحقق حلمه في فتح مصر والاستيلاء على المشرق ، لكن رغم هذا إن ما أرساه من قواعد للخلافة الفاطمية كان متينا ، لهذا عندما تعرضت هذه الخلافة بعده إلى أزمات كبرى نجت بفضل ما دبره ، خاصة ببنائه المهدية التي ما زالت قائمة ، تشهد له بالخلود ، وبعد المهدي عاشت الخلافة الفاطمية أكثر من قرنين من الزمن حيث تم فيها انجازات رائعة ، ويعيش اليوم في العالم ملايين الاسماعيلية الذين ما زالوا يحملون في قلوبهم التقديس والتبجيل للمهدي باني دولتهم العظمى في التاريخ .
تعليق