الهادي إلى الحق
[ ت - ۲۹۸ ه ]
لقد لقنت الثورة العباسية جميع الأحزاب الاسلامية التي طمحت الحيازة السلطة درساً بليغاً للغاية ، كان من بنوده توجب اختيار المناطق النائيه عن مركز الخلافة للنشاط ضدها ، وهكذا نلاحظ أن الذين ثاروا على الدولة العباسية في بلدان الأطراف مثل الأندلس وشمال افريقية واليمن حققوا قسطاً وافياً من النجاج ، ومن المعلوم أن جل المسلمين الذين ثاروا على الدولة العباسية انتموا أما إلى أحزاب الشيعة أو الخوارج . وأحزاب الشيعة كما هو معلوم صدرت على ثلاث مجموعات رئيسية ، اثنتان كبيرتان وثالثة أدنى، والمجموعة الأولى ارتبطت بالحسين بن علي وأولاده ، والثانية هي التي ارتبطت بالحسن بن علي وآله ، والثالثة جماعات الكيسانه التي نادت بإمامة محمد بن الحنفية ثم بعض أولاده من بعده . وعندما يطالع المرء تاريخ العصر الأموي يجد أن أفراد الأسرة الحسينية هم الذين حملوا راية الثورة الشيعية ضد الأمويين ، إنما مع قيام الدولة العباسية نشط آل الحسن بعد طول صمت وانتظار وفجروا عدة ثورات كبيرة ، ويبدوا أن آل الحسن بن علي قد عظم عددهم وباتوا يكونون عدة أسر ضخمة كان من أبرزها اسرة عرفت باسم الاسرة الرسية ، نسبة إلى مكان سكناها الذي عرف بالرس ، وهو قرية على
. مقربة من المدينة المنورة لقد اهتم عدد من أفراد هذه الاسرة ببلاد اليمن ونشطوا فيها سياسيا وفقهيا ، ثم أن أفراد هذه الاسرة تبنوا مذهب الإمام زيد ابن علي وطوروه ، وعلي أيديهم انتشر هذا المذهب وظل قائماً يعمل به خاصة في اليمن ، وكان من أشهر رجالات الاسرة الرسية القاسم بن ابراهيم ( ۱۷۰ - ٢٤٢ هـ ) الذي كان عالماً كبيراً له آراء قيمة في المذهب الزيدي ، كما كان مطلعاً على مذهب الإمام أبي حنيفة وأشهر من القاسم وأعظم دوراً في تاريخ اليمن وتاريخ الإسلام حفيده يحيى بن الحسين بن القاسم الذي عرف بلقب الهادي إلى الحق ، ذلك أنه نجح حيث أخفق جده ، وأسس ، مركزاً عظيماً لاسرته في اليمن ظل قائماً سياسياً قرابة الألف سنة ولم ينقطع دينياً بل ما زال مستمراً لا ندري سنة ولادة الهادي إلى الحق ، لكن لربما كان ذلك ما بين ( ٢٣٠ - ٢٤٠ ه ) ، ولقد تهيأ له نيل ثقافة دينية عالية للغاية ، وهذا واضح في سيرة حياته وفي التراث الذي خلفه لنا ، شجاعة وإقداما ومثالية كبيرة في العمل وتشبه يجده المصطفى ، لهذا عندما بلغ من العمر قرابة الأربعين شعر بأنه مؤهل الإمامه ، متمتع بصفات كاملة ، لهذا رأى أنه وجب عليه الخروج وذلك حسب مبادىء العقيدة الزيدية الثقافة وجمع مع
وقام الهادي بمراسلة شخصيات المدينة وسواها ، يدعوهم إلى طاعة الله تعالى والمجاهدة لاعدائه والمناصرة لأوليائه ، والإظهار لدينه والاحياء لسنن نبيه ، ويعلمهم فيها بأن حجج ا الله قائمة عليهم فليخافون الله في سرهم وعلانيتهم وليجيبوا داعي الله ، ، وقد شجعه على ذلك استلامه
لمراسلات وصلته من بعض جهات اليمن تدعوه للقدوم إلى اليمن والخروج بها
وفي سنة ٢٨٠هـ استجاب الهادي لدعوة اليمنيين له ، فذهب إلى اليمن ووصل إلى مقربة من صنعاء لكن الحظ لم يحالفه ، فعاد أدراجه إلى بلده ، حيث ظل إلى سنة ٢٨٣ هـ ، فتلقى من جديد دعوات ملحه من عديد من جهات اليمن ، فاستجاب لها ، وتوجه مجدداً نحو اليمن فوصل إلى صعده سنة ٢٨٤هـ وأخذ يعمل فيها محاولاً تأسيس دولة موحده تحت لوائه ، واتخذ لنفسه لقب الهادي إلى الحق وبات اتباعه ينادونه بلقب أمير المؤمنين وكانت اليمن في آواخر القرن الثالث ممزقة تتنازع الأمور فيها عدة قوى محلية وخارجية ، ثم إن الهادي إلى الحق لم يكن صاحب الدعوة الشيعية الوحيد في اليمن ، فقد كان هناك دعاة الاسماعيلية الذين حققوا نجاحات خطيرة ، وفجروا ما يعرف بثورات القرامطة خاصة بين قبائل بلحارث ويام ولمدة خمسة عشر عاماً أي حتى سنة وفاته في ٢٩٨ ه بذل الهادي غاية جهده للسيطرة على اليمن جميعها لكن التوفيق لم يحالفه بشكل عام ، حيث أنه لم يتمكن من القضاء على القرامطة ، وأخفق في نيل طاعة وإخلاص عدد كبير من سادة القبائل وأصحاب القلاع الجبلية في البلاد . ورغم هذا فهو قد أقام لاسرته قاعدة دينية سياسية ، لذلك إذا اعتبرنا نجاح الهادي السياسي اليمن محدوداً فإن نجاحه الديني كان واسعاً ومهما فالهادي رغم أنه كان من أتباع الامام زيد ، كان مجدداً في هذا المذهب ، ومطوراً له ، وفي الحقيقة ليس من المغالاة .
[ ت - ۲۹۸ ه ]
لقد لقنت الثورة العباسية جميع الأحزاب الاسلامية التي طمحت الحيازة السلطة درساً بليغاً للغاية ، كان من بنوده توجب اختيار المناطق النائيه عن مركز الخلافة للنشاط ضدها ، وهكذا نلاحظ أن الذين ثاروا على الدولة العباسية في بلدان الأطراف مثل الأندلس وشمال افريقية واليمن حققوا قسطاً وافياً من النجاج ، ومن المعلوم أن جل المسلمين الذين ثاروا على الدولة العباسية انتموا أما إلى أحزاب الشيعة أو الخوارج . وأحزاب الشيعة كما هو معلوم صدرت على ثلاث مجموعات رئيسية ، اثنتان كبيرتان وثالثة أدنى، والمجموعة الأولى ارتبطت بالحسين بن علي وأولاده ، والثانية هي التي ارتبطت بالحسن بن علي وآله ، والثالثة جماعات الكيسانه التي نادت بإمامة محمد بن الحنفية ثم بعض أولاده من بعده . وعندما يطالع المرء تاريخ العصر الأموي يجد أن أفراد الأسرة الحسينية هم الذين حملوا راية الثورة الشيعية ضد الأمويين ، إنما مع قيام الدولة العباسية نشط آل الحسن بعد طول صمت وانتظار وفجروا عدة ثورات كبيرة ، ويبدوا أن آل الحسن بن علي قد عظم عددهم وباتوا يكونون عدة أسر ضخمة كان من أبرزها اسرة عرفت باسم الاسرة الرسية ، نسبة إلى مكان سكناها الذي عرف بالرس ، وهو قرية على
. مقربة من المدينة المنورة لقد اهتم عدد من أفراد هذه الاسرة ببلاد اليمن ونشطوا فيها سياسيا وفقهيا ، ثم أن أفراد هذه الاسرة تبنوا مذهب الإمام زيد ابن علي وطوروه ، وعلي أيديهم انتشر هذا المذهب وظل قائماً يعمل به خاصة في اليمن ، وكان من أشهر رجالات الاسرة الرسية القاسم بن ابراهيم ( ۱۷۰ - ٢٤٢ هـ ) الذي كان عالماً كبيراً له آراء قيمة في المذهب الزيدي ، كما كان مطلعاً على مذهب الإمام أبي حنيفة وأشهر من القاسم وأعظم دوراً في تاريخ اليمن وتاريخ الإسلام حفيده يحيى بن الحسين بن القاسم الذي عرف بلقب الهادي إلى الحق ، ذلك أنه نجح حيث أخفق جده ، وأسس ، مركزاً عظيماً لاسرته في اليمن ظل قائماً سياسياً قرابة الألف سنة ولم ينقطع دينياً بل ما زال مستمراً لا ندري سنة ولادة الهادي إلى الحق ، لكن لربما كان ذلك ما بين ( ٢٣٠ - ٢٤٠ ه ) ، ولقد تهيأ له نيل ثقافة دينية عالية للغاية ، وهذا واضح في سيرة حياته وفي التراث الذي خلفه لنا ، شجاعة وإقداما ومثالية كبيرة في العمل وتشبه يجده المصطفى ، لهذا عندما بلغ من العمر قرابة الأربعين شعر بأنه مؤهل الإمامه ، متمتع بصفات كاملة ، لهذا رأى أنه وجب عليه الخروج وذلك حسب مبادىء العقيدة الزيدية الثقافة وجمع مع
وقام الهادي بمراسلة شخصيات المدينة وسواها ، يدعوهم إلى طاعة الله تعالى والمجاهدة لاعدائه والمناصرة لأوليائه ، والإظهار لدينه والاحياء لسنن نبيه ، ويعلمهم فيها بأن حجج ا الله قائمة عليهم فليخافون الله في سرهم وعلانيتهم وليجيبوا داعي الله ، ، وقد شجعه على ذلك استلامه
لمراسلات وصلته من بعض جهات اليمن تدعوه للقدوم إلى اليمن والخروج بها
وفي سنة ٢٨٠هـ استجاب الهادي لدعوة اليمنيين له ، فذهب إلى اليمن ووصل إلى مقربة من صنعاء لكن الحظ لم يحالفه ، فعاد أدراجه إلى بلده ، حيث ظل إلى سنة ٢٨٣ هـ ، فتلقى من جديد دعوات ملحه من عديد من جهات اليمن ، فاستجاب لها ، وتوجه مجدداً نحو اليمن فوصل إلى صعده سنة ٢٨٤هـ وأخذ يعمل فيها محاولاً تأسيس دولة موحده تحت لوائه ، واتخذ لنفسه لقب الهادي إلى الحق وبات اتباعه ينادونه بلقب أمير المؤمنين وكانت اليمن في آواخر القرن الثالث ممزقة تتنازع الأمور فيها عدة قوى محلية وخارجية ، ثم إن الهادي إلى الحق لم يكن صاحب الدعوة الشيعية الوحيد في اليمن ، فقد كان هناك دعاة الاسماعيلية الذين حققوا نجاحات خطيرة ، وفجروا ما يعرف بثورات القرامطة خاصة بين قبائل بلحارث ويام ولمدة خمسة عشر عاماً أي حتى سنة وفاته في ٢٩٨ ه بذل الهادي غاية جهده للسيطرة على اليمن جميعها لكن التوفيق لم يحالفه بشكل عام ، حيث أنه لم يتمكن من القضاء على القرامطة ، وأخفق في نيل طاعة وإخلاص عدد كبير من سادة القبائل وأصحاب القلاع الجبلية في البلاد . ورغم هذا فهو قد أقام لاسرته قاعدة دينية سياسية ، لذلك إذا اعتبرنا نجاح الهادي السياسي اليمن محدوداً فإن نجاحه الديني كان واسعاً ومهما فالهادي رغم أنه كان من أتباع الامام زيد ، كان مجدداً في هذا المذهب ، ومطوراً له ، وفي الحقيقة ليس من المغالاة .
تعليق