عبد الرحمن الناصر
[ ت : - ٣٥٠ ه ]
عاشت الأندلس في النصف الثاني للقرن التاسع فترة عصيبة في تاريخها ، كادت فيها الفتن الداخلية والمخاطر الخارجيه أن تعصف بالاسرة الأموية وتزيلها من الوجود ، وعندما وصلت الأمور إلى حافة الهاوية تسلم الامارة شاب في بداية العقد الثالث من عمره ، حمل نفس الاسم الذي حمله صقر قريش ، فاستطاع ليس فقط أن يعيد الوحدة والاستقرار إلى الاندلس ، وإنما حول الإمارة إلى خلافة والدولة الصغيرة إلى امبراطورية
في سنة ٥٣٠٠ / ۹۱۲م توفي الأمير عبد الله ، فخلفه حفيده عبد الرحمن ، وكانت « الفتنة قد طبقت آفاق الأندلس والخلاف فاش في كل ناحية منها ، فاستقبل الملك بسعد لم يقابل بـه أحداً خالفه أو خرج عليه إلا غلبه واستولى على ما في يديه مدينة ، وقتل حماتها ، واستذل رجالها وهدم معاقلها ، ... دانت له البلاد وانقاد له أهل العناد ، . من 6 فافتتح الأندلس مدينة حتى
وعبد الرحمن هذا هو ابن محمد بن عبد الله ، كان أبوه محمد قد قتله ، فقتله أبوه بضم حفيده إليه ، وأخذ يعده منذ صباه لخلافته والحكم أخوه مطرف عبد الله به وقام الأمير الله عيد من بعده ، فكان
يجلسه في مجلسه ، وكان يسكن قصره ، وبعد وفاة جده بويع له بالامارة
يتصدى ومع لقد كان على عبد الرحمن عندما تسلم الإمارة أن يواجه المخاطر الداخلية التي مثل أعتاها ثورة ابن حفصون ، كما كان عليه أن المشاكل الخارجية التي جاء أشدها من مملكة ليون ، ومن إفريقية حيث قامت الخلافة الفاطمية ، ذلك فقد تمكن عبد الرحمن بقوة شخصيته ، ثم بطول المدة التي حكم فيها من إعادة الوحدة إلى دولته ، و ابعاد الخطر الخارجي عنها ، وإيصالها إلى ذروة المجد والرفاه والحضارة والقوة
وفي سبيل إعادة الوحدة إلى الاندلس قاد عبد الرحمن في بداية حكمه عدداً من الحملات ، ووجه عدداً آخراً ، فاستطاع تصفية ثورة ابن حفصون ثم استعاد عدداً من مدن الأندلس واحدة تلو الأخرى ، قام سنة ٥٣١٦ / ٩٢٨ م بإعلان نفسه خليفة وبعد عامين على هذا الاعلان أكمل مد سيطرته على باقي مدن الأندلس وثغوره فلقب وبعد ذلك
نفسه بالناصر لدين الله ويلاحظ المرء أن عبد الرحمن صرف جهوده خلال العشرين سنة الأولى حكمه لاعادة توحيد الأندلس ، لكن رغم أن هذا استهلك جل نشاطه ووقته ، نجده خلال ذلك كله لا يغفل عن الحرب ضد النصارى من
خاصة في مملكتي نافار وليون . وكانت هذه الممالك قد انتابها الضعف إثر تفكك أوصال الامبراطورية الكار لونجية وفي البداية استطاع عبد الرحمن أن يوقف نشاط النصارى ضد الأندلس ، ونقصد بمملكة ليون المملكة التي شملت منطقة اشتورش التي وقعت في أقصى الشمال الغربي لشبه الجزيرة الايبيرية ، وكان ملك a ليون منذ سنة ٩٣٢ وحتى سنة ٩٥٠ يعرف برذمير ، وتصدى رذمير هذا الحملات عبد الرحمن ضد مملكته ، ويذكر أنه انتصر عليه انتصاراً أن ساحقاً سنة ٣٢٧ هـ / ٩٣٩ م ، مع جيش عبد الرحمن هم آنذاك كما قيل حوالي المائة ألف مقاتل ، وعلى الرغم من هذا لم ينجم عن هزيمة عبد الرحمن هذه نتائج عسكرية خطيرة ، فقد انشغل رذمير بمشاكل داخلية مما مكن عبد الرحمن من استعادة قوته ونشاطه ، وبعد وفاة رذمير سنة ٣٣٩ هـ / ٩٥٠م أضعفت الخلافات الداخلية الدولة النصرانية ، فازداد نفوذ عبد الرحمن عليها ، وتحول هذا النفوذ فيما بعد إلى اعتراف بالولاء ، وقبول بالتحكم ودفع الجزية ويمكن القول أنه منذ منتصف القرن العاشر الميلاد ، وحتى نهايته سيطر المسلمون لأول مرة تماماً على شبه الجزيرة الايبيرية كلها ، ورغم ذلك لم يستطع المسلمون الاحتفاظ بما سيطروا عليه ، فقد جاءت سيطرتهم على أطراف شبه الجزيرة قهراً وليس فتحاً ، ذلك أن المسلمين لم يستوطنوا أراضي الممالك النصرانية في الأطراف ، وهكذا بقي حكام هذه الممالك تابعين لقرطبة ما دامت قوية ، مستعدين للعمل ضدها عندما تسنح الفرصة ، ولم يستقر العرب في الأراضي الشمالية لشبه الجزيرة الايبيرية ، لعدم وجود الرغبة في سكنى المناطق القريبة من فرنسة ، لصعوبة العيش في هذه الأراضي ، ولعدم وجود المكاسب ، ولطبيعة الأرض والمناخ الصعب ، والعرب كما هو ملاحظ أحبوا سكنى المدن الكبيرة ذات المناخ المتوسطي ، واستقر بعض البربر في هذه المناطق ، لكن صعوبة الحياة ووجود الخطر الدائم دفعاهم إلى الانسحاب نحو داخل الجبلية
شبه الجزيرة ولم يقتصر نشاط عبد الرحمن على الاندلس فقط ، بل أخذ بالتوسع .
[ ت : - ٣٥٠ ه ]
عاشت الأندلس في النصف الثاني للقرن التاسع فترة عصيبة في تاريخها ، كادت فيها الفتن الداخلية والمخاطر الخارجيه أن تعصف بالاسرة الأموية وتزيلها من الوجود ، وعندما وصلت الأمور إلى حافة الهاوية تسلم الامارة شاب في بداية العقد الثالث من عمره ، حمل نفس الاسم الذي حمله صقر قريش ، فاستطاع ليس فقط أن يعيد الوحدة والاستقرار إلى الاندلس ، وإنما حول الإمارة إلى خلافة والدولة الصغيرة إلى امبراطورية
في سنة ٥٣٠٠ / ۹۱۲م توفي الأمير عبد الله ، فخلفه حفيده عبد الرحمن ، وكانت « الفتنة قد طبقت آفاق الأندلس والخلاف فاش في كل ناحية منها ، فاستقبل الملك بسعد لم يقابل بـه أحداً خالفه أو خرج عليه إلا غلبه واستولى على ما في يديه مدينة ، وقتل حماتها ، واستذل رجالها وهدم معاقلها ، ... دانت له البلاد وانقاد له أهل العناد ، . من 6 فافتتح الأندلس مدينة حتى
وعبد الرحمن هذا هو ابن محمد بن عبد الله ، كان أبوه محمد قد قتله ، فقتله أبوه بضم حفيده إليه ، وأخذ يعده منذ صباه لخلافته والحكم أخوه مطرف عبد الله به وقام الأمير الله عيد من بعده ، فكان
يجلسه في مجلسه ، وكان يسكن قصره ، وبعد وفاة جده بويع له بالامارة
يتصدى ومع لقد كان على عبد الرحمن عندما تسلم الإمارة أن يواجه المخاطر الداخلية التي مثل أعتاها ثورة ابن حفصون ، كما كان عليه أن المشاكل الخارجية التي جاء أشدها من مملكة ليون ، ومن إفريقية حيث قامت الخلافة الفاطمية ، ذلك فقد تمكن عبد الرحمن بقوة شخصيته ، ثم بطول المدة التي حكم فيها من إعادة الوحدة إلى دولته ، و ابعاد الخطر الخارجي عنها ، وإيصالها إلى ذروة المجد والرفاه والحضارة والقوة
وفي سبيل إعادة الوحدة إلى الاندلس قاد عبد الرحمن في بداية حكمه عدداً من الحملات ، ووجه عدداً آخراً ، فاستطاع تصفية ثورة ابن حفصون ثم استعاد عدداً من مدن الأندلس واحدة تلو الأخرى ، قام سنة ٥٣١٦ / ٩٢٨ م بإعلان نفسه خليفة وبعد عامين على هذا الاعلان أكمل مد سيطرته على باقي مدن الأندلس وثغوره فلقب وبعد ذلك
نفسه بالناصر لدين الله ويلاحظ المرء أن عبد الرحمن صرف جهوده خلال العشرين سنة الأولى حكمه لاعادة توحيد الأندلس ، لكن رغم أن هذا استهلك جل نشاطه ووقته ، نجده خلال ذلك كله لا يغفل عن الحرب ضد النصارى من
خاصة في مملكتي نافار وليون . وكانت هذه الممالك قد انتابها الضعف إثر تفكك أوصال الامبراطورية الكار لونجية وفي البداية استطاع عبد الرحمن أن يوقف نشاط النصارى ضد الأندلس ، ونقصد بمملكة ليون المملكة التي شملت منطقة اشتورش التي وقعت في أقصى الشمال الغربي لشبه الجزيرة الايبيرية ، وكان ملك a ليون منذ سنة ٩٣٢ وحتى سنة ٩٥٠ يعرف برذمير ، وتصدى رذمير هذا الحملات عبد الرحمن ضد مملكته ، ويذكر أنه انتصر عليه انتصاراً أن ساحقاً سنة ٣٢٧ هـ / ٩٣٩ م ، مع جيش عبد الرحمن هم آنذاك كما قيل حوالي المائة ألف مقاتل ، وعلى الرغم من هذا لم ينجم عن هزيمة عبد الرحمن هذه نتائج عسكرية خطيرة ، فقد انشغل رذمير بمشاكل داخلية مما مكن عبد الرحمن من استعادة قوته ونشاطه ، وبعد وفاة رذمير سنة ٣٣٩ هـ / ٩٥٠م أضعفت الخلافات الداخلية الدولة النصرانية ، فازداد نفوذ عبد الرحمن عليها ، وتحول هذا النفوذ فيما بعد إلى اعتراف بالولاء ، وقبول بالتحكم ودفع الجزية ويمكن القول أنه منذ منتصف القرن العاشر الميلاد ، وحتى نهايته سيطر المسلمون لأول مرة تماماً على شبه الجزيرة الايبيرية كلها ، ورغم ذلك لم يستطع المسلمون الاحتفاظ بما سيطروا عليه ، فقد جاءت سيطرتهم على أطراف شبه الجزيرة قهراً وليس فتحاً ، ذلك أن المسلمين لم يستوطنوا أراضي الممالك النصرانية في الأطراف ، وهكذا بقي حكام هذه الممالك تابعين لقرطبة ما دامت قوية ، مستعدين للعمل ضدها عندما تسنح الفرصة ، ولم يستقر العرب في الأراضي الشمالية لشبه الجزيرة الايبيرية ، لعدم وجود الرغبة في سكنى المناطق القريبة من فرنسة ، لصعوبة العيش في هذه الأراضي ، ولعدم وجود المكاسب ، ولطبيعة الأرض والمناخ الصعب ، والعرب كما هو ملاحظ أحبوا سكنى المدن الكبيرة ذات المناخ المتوسطي ، واستقر بعض البربر في هذه المناطق ، لكن صعوبة الحياة ووجود الخطر الدائم دفعاهم إلى الانسحاب نحو داخل الجبلية
شبه الجزيرة ولم يقتصر نشاط عبد الرحمن على الاندلس فقط ، بل أخذ بالتوسع .
تعليق