المهدي بن تومرت
( ت : ٥٥٢٤ )
لقد كانت دولة المرابطين من بعض الجوانب وليدة الحركة الاستفاقه الاسلامية التي قامت في أواخر القرن الرابع للهجرة ونشطت في بداية ، وكانت هذه المرحلة قد مرت في بدايتها بمرحلة أولى مندفعة متعصبة بشكل كبير ، ومن الأمثله على ذلك أن طغرلبك أول سلاطنة السلاجقة وقف سنة ٤٤٥ هـ / ١٠٥٣م على مقالات الامام أبي الحسن الأشعري ، فلم ترق له ، فأمر بلمن الأشعري على المنابر
وفي عهد السلطان ألب أرسلان ، ثاني سلاطنة السلاجقة تأسست المدرسة النظاميه في بغداد للدفاع عن الاسلام ونشره ، وقام العلماء بأعمال التدريس مثل الغزالي وسواه ، ونظراً لمتطلبات العمل خاصة ضد الخصوم والفرق ، من معتزلة وباطنية ، فقد اضطر رجال النظامية إلى الاعتماد على أفكار الامام الأشعري ، وهكذا دخلت حركة الاستفاقه الإسلامية ، المرحلة الثانية من تاريخها ، وقد نجم عن ذلك نتائج جد خطيرة ، يهمنا منها هنا قيام حركة الموحدين ودولتهم في المغرب عدد
وهو محمد بن ويرتبط تاريخ حركة الموحدين بالمهدي بن تومرت ، تومرت من قبيلة هرغه بالسوس من المغرب الأقصى ، لاندري سنــــة
يبدو ولادثه بالتحديد ، ولا شيئاً مؤكداً عن طفولته وحياته الأولى ، إنما أن والده كان يعمل في أحد المساجد ، وإذا صح هذا ، فلنا أن نفترض بأن ابن تومرت نال ثقافة دينية وعناية منذ بداية حياته . وفي سنة خمسمائة رحل المهدي في طلب العلم ، فتوجه إلى الأندلس حيث مكث مدة ، ثم ركب البحر من الأندلس إلى الشام ، ومن الشام توجه إلى العراق ، وهناك نال ثقافة إسلامية عالية للغاية ، وأتقن فنون علم الكلام ، وعرف مراحل تاريخ الإسلام وتجارب حركاته ، خاصة الحركة السبعية القديمة والجديدة وكانت الحركة السبعية الجديدة أثناء وجود المهدي في المشرق في أوج قوتها ، مالكة لعدد كبير من حصون المشرق والشام ، خاصة قلعة الموت لقد عرف ابن تومرت هذا كله مع تراث المسلمين حول شخصية المهدي المنتظر ، وعندما أكمل تحصيله عاد أدراجه نحو المغرب ، وقد امتلأ حماراً واندفاعاً وبراعة وعلما ، وعندما اجتاز مصر وحط الرحال في طرابلس بدأ ـ وقد ملك زمام علم الكلام على قاعدة الاشاعرة - ينشط دينياً عن طريق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ومناقشة العلماء ، مما أثار ضجة كبيرة حوله ، ودفع بعض أصحاب السلطة لطرده ، أو ايقاع العقوبة به ، وهذا ما حصل له عندما حل بمدينة المهدية في تونس ، هذا هرب إلى مدينة بجايه ، القائمة الآن على ساحل الجزائر ، ومنها ذهب إلى بلدة اسمها ملالة ، وهناك لقيه فتى جميل الوجه كان يوم بلاد المشرق لطلب العلم ، اسمه عبد المؤمن بن علي ، فسأله عن اسمه وبلده وهدفه ، فأخبره بذلك وأعلمه بقصده المشرق ، فقال له : ( العلم الذي تطلبه بالمشرق قد وجدته بالمغرب ) لذلك عدل عبد المؤمن عن هدفه ولزم ابن تومرت فكان أول تلامذته
بعد هذا توجه إلى ونشريس ، ثم إلى فاس ، وأخيراً حل ركابه في مدينة مراكش عاصمة المرابطين ، وهناك حدث صدام بينه وبين علي ابن يوسف أمير دولة المرابطين، كاد أن يدخل السجن بسببه ، لكنه فر إلى قبيلته في السوس ونشط فيها بين قبائل مصموده وسواها التي كانت تكن العداء لقبائل المتونه والمرابطين ، فنال التأييد ، وتجمع حوله الأعوان ، وقد مكنه من ذلك عامه وطلاقة لسانه بالعربيه والبربريه معا
وعندما شعر ابن تومرت بالقوة ادعى لنفسه نسبا يصله بالنبي ثم قام في شهر رمضان من سنة خمس عشر وخمسمائة باعلان نفسه مهدياً ) يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جوراً وظلماً ) وشرع بتنظيم أتباعه بشكل دقيق للغاية ، يدل على براعة وعبقرية كبيرة حيث جعلهم في ثلاثة عشر صفاً ، وقد ضم الصف الأول عشرة رجال ، سماهم أصحابه ، وكان يعقد الأمور العظام معهم ، وضم الصف الثاني خمسون رجلاً كان يجتمع بهم ويشاورهم كلما دعت الضرورة إلى ذلك ، وأما الصف الثالث فقد ضم سبعين رجلاً كان يحضرهم مجلسه ويتشاور
دوريا معهم ودعي رجال الصف الرابع باسم الطلبه ، والصف الخامس باسم الحفاظ وهم صغار الطلبه ، وهكذا ( ورسم المهدي لكل صف رتبــــة لا يتعداها إلى غيرها لا في سفر ولا في حضر ، لا ينزل كل صنف إلا في موضعه ، لا يتعداه، وفي نفس الوقت قام بتقسيم أتباعه جميعاً إلى عشرات لكل عشرة نقيب .
وبعدما فرغ من ذلك بحث عن مكان حصين يتخذه مقراً ، فوقع اختياره على قرية في الاطلس الكبير اسمها تينملل ) موجودة الآن .
( ت : ٥٥٢٤ )
لقد كانت دولة المرابطين من بعض الجوانب وليدة الحركة الاستفاقه الاسلامية التي قامت في أواخر القرن الرابع للهجرة ونشطت في بداية ، وكانت هذه المرحلة قد مرت في بدايتها بمرحلة أولى مندفعة متعصبة بشكل كبير ، ومن الأمثله على ذلك أن طغرلبك أول سلاطنة السلاجقة وقف سنة ٤٤٥ هـ / ١٠٥٣م على مقالات الامام أبي الحسن الأشعري ، فلم ترق له ، فأمر بلمن الأشعري على المنابر
وفي عهد السلطان ألب أرسلان ، ثاني سلاطنة السلاجقة تأسست المدرسة النظاميه في بغداد للدفاع عن الاسلام ونشره ، وقام العلماء بأعمال التدريس مثل الغزالي وسواه ، ونظراً لمتطلبات العمل خاصة ضد الخصوم والفرق ، من معتزلة وباطنية ، فقد اضطر رجال النظامية إلى الاعتماد على أفكار الامام الأشعري ، وهكذا دخلت حركة الاستفاقه الإسلامية ، المرحلة الثانية من تاريخها ، وقد نجم عن ذلك نتائج جد خطيرة ، يهمنا منها هنا قيام حركة الموحدين ودولتهم في المغرب عدد
وهو محمد بن ويرتبط تاريخ حركة الموحدين بالمهدي بن تومرت ، تومرت من قبيلة هرغه بالسوس من المغرب الأقصى ، لاندري سنــــة
يبدو ولادثه بالتحديد ، ولا شيئاً مؤكداً عن طفولته وحياته الأولى ، إنما أن والده كان يعمل في أحد المساجد ، وإذا صح هذا ، فلنا أن نفترض بأن ابن تومرت نال ثقافة دينية وعناية منذ بداية حياته . وفي سنة خمسمائة رحل المهدي في طلب العلم ، فتوجه إلى الأندلس حيث مكث مدة ، ثم ركب البحر من الأندلس إلى الشام ، ومن الشام توجه إلى العراق ، وهناك نال ثقافة إسلامية عالية للغاية ، وأتقن فنون علم الكلام ، وعرف مراحل تاريخ الإسلام وتجارب حركاته ، خاصة الحركة السبعية القديمة والجديدة وكانت الحركة السبعية الجديدة أثناء وجود المهدي في المشرق في أوج قوتها ، مالكة لعدد كبير من حصون المشرق والشام ، خاصة قلعة الموت لقد عرف ابن تومرت هذا كله مع تراث المسلمين حول شخصية المهدي المنتظر ، وعندما أكمل تحصيله عاد أدراجه نحو المغرب ، وقد امتلأ حماراً واندفاعاً وبراعة وعلما ، وعندما اجتاز مصر وحط الرحال في طرابلس بدأ ـ وقد ملك زمام علم الكلام على قاعدة الاشاعرة - ينشط دينياً عن طريق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ومناقشة العلماء ، مما أثار ضجة كبيرة حوله ، ودفع بعض أصحاب السلطة لطرده ، أو ايقاع العقوبة به ، وهذا ما حصل له عندما حل بمدينة المهدية في تونس ، هذا هرب إلى مدينة بجايه ، القائمة الآن على ساحل الجزائر ، ومنها ذهب إلى بلدة اسمها ملالة ، وهناك لقيه فتى جميل الوجه كان يوم بلاد المشرق لطلب العلم ، اسمه عبد المؤمن بن علي ، فسأله عن اسمه وبلده وهدفه ، فأخبره بذلك وأعلمه بقصده المشرق ، فقال له : ( العلم الذي تطلبه بالمشرق قد وجدته بالمغرب ) لذلك عدل عبد المؤمن عن هدفه ولزم ابن تومرت فكان أول تلامذته
بعد هذا توجه إلى ونشريس ، ثم إلى فاس ، وأخيراً حل ركابه في مدينة مراكش عاصمة المرابطين ، وهناك حدث صدام بينه وبين علي ابن يوسف أمير دولة المرابطين، كاد أن يدخل السجن بسببه ، لكنه فر إلى قبيلته في السوس ونشط فيها بين قبائل مصموده وسواها التي كانت تكن العداء لقبائل المتونه والمرابطين ، فنال التأييد ، وتجمع حوله الأعوان ، وقد مكنه من ذلك عامه وطلاقة لسانه بالعربيه والبربريه معا
وعندما شعر ابن تومرت بالقوة ادعى لنفسه نسبا يصله بالنبي ثم قام في شهر رمضان من سنة خمس عشر وخمسمائة باعلان نفسه مهدياً ) يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جوراً وظلماً ) وشرع بتنظيم أتباعه بشكل دقيق للغاية ، يدل على براعة وعبقرية كبيرة حيث جعلهم في ثلاثة عشر صفاً ، وقد ضم الصف الأول عشرة رجال ، سماهم أصحابه ، وكان يعقد الأمور العظام معهم ، وضم الصف الثاني خمسون رجلاً كان يجتمع بهم ويشاورهم كلما دعت الضرورة إلى ذلك ، وأما الصف الثالث فقد ضم سبعين رجلاً كان يحضرهم مجلسه ويتشاور
دوريا معهم ودعي رجال الصف الرابع باسم الطلبه ، والصف الخامس باسم الحفاظ وهم صغار الطلبه ، وهكذا ( ورسم المهدي لكل صف رتبــــة لا يتعداها إلى غيرها لا في سفر ولا في حضر ، لا ينزل كل صنف إلا في موضعه ، لا يتعداه، وفي نفس الوقت قام بتقسيم أتباعه جميعاً إلى عشرات لكل عشرة نقيب .
وبعدما فرغ من ذلك بحث عن مكان حصين يتخذه مقراً ، فوقع اختياره على قرية في الاطلس الكبير اسمها تينملل ) موجودة الآن .
تعليق