عمر بن عبد العزیز
[ ت : ۱۰۱ ه / ۷۲۰ م ]
يعرف عبد الملك بن مروان بأبي الخلفاء ذلك أن غالبية الذين تولوا الخلافة الأموية من بعده جاءوا من صلبه ، فأربعة من ولده وهم : الوليد ، وسليمان ، ويزيد ، وهشام ، حكموا بعده ، ومن بعدهم جاء عدد من حفدته لكن لم يأت حكم أولاده بعده بشكل متواتر ، بل كان على مرحلتين ، تخللها فترة ، أقل ما يمكن وصفها بــه ، بأنها كانت فترة متميزة في تاريخ الخلافة الأموية خاصة ، و تاريخ الاسلام بشكل عام .
عهد عبد الملك قبيل وفاته لولديه : الوليد ، وسليمان ، وحكم فخلفه حلت المنية به الوليد من سنة ٨٦ ٥ / م وحتى سنة ٥٩٦ / ٧١٥م سليمان الذي لم يطل حكمه ، فقد توفي سنة ٩٩ هـ / ٧١٧ م ، وعندما وهو يومئذ بدابق - قرب حلب دخل عليه رجاء بن حيوة ، وكان من أعد أهل زمانه ... كان موصوفا بالحكمة والشدة ، مرضيا في دينه وأمانته .. فلما دخل عليه ، قال : ما تصنع يا أمير المؤمنين ، إنه مما يحفظ الخليفة في قبره ، أن يستخلف على المسلمين الرجل الصالح ، ... فقال سليمان : فكيف ترى عمر بن عبد العزيز ؟ قال رجاء : أعلمه والله خيراً فاضلاً مسلماً،
وبويع بن وسلو که مصر عمر فقال سليمان : هو والله على ذلك ، ثم قال : والله لئن وليته ، ولم أول سواه لتكونن فتنة ، ولا يتركونه أبداً يلي عليهم ، إلا أن يجعل أحدهم بعده ، فجعل بعده يزيد بن عبد الملك . . وتوفي سليمان ، لعمر عبد العزيز ، فبدأ بولايته عهداً جديداً في التاريخ الأموي ، وتاريخ المسلمين ، فقد وصل عمـــــر الى الخلافة لا يفضل نسبه وتصنيفه العائلي ، لكن بفضل شخصيته المتماسكة، المثالي ، وعمر هو ابن عبد العزيز بن مروان ، والي أيام عبد عبد الملك وولي عهده ، الذي كان مقرراً أن يلي الخلافة بعده لولا أن المنية عاجلته قبله ، وأم أم عاصم حفيدة عمر بن الخطاب نشأ عمر في مصر ثم في المدينة ، وتولى أول مهامه السياسية أيام الوليد بن عبد الملك بولاية المدينة ، وقد تأثر عمر بأجواء المدينة الإسلامية ، وبعلم علماء الحجاز المسلمين وآرائهم ، التي جاءت في الغالب معارضة للسياسة الأموية ، وإيدولوجيتها القائمة على فكرة « الجبرية » في القضاء والقدر
لقد تأثر عمر بزهد علماء المسلمين ، فأقلع عن سيرة الأمراء ، وسلوك الحكام في الغطرسة وحب الظهور والتبذير كما تأثر بآراء العلماء المعتدلة التي قالت بالعدل الإلهى ، نافية الظلم عن الله تعالى ، ورافضة للجبرية ، كما تفاعل مع التيارات التي نادت في أواخر القرن الأول بالعدالة والمساواة والعمل على توحيد المسلمين والسعي لإنشاء أمة إسلامية ، الرابط بين أفرادها العقيدة وليس اللون أو النسب أو الوضع المالي والسلطوي وغير ذلك l .
وبعد ما ولي عمر الخلافة ، أدرك أن الخلافة الأموية لن يكتب لها البقاء إذا استمرت في اتباع سياسة لحجاج ونظرائه ، لذلك قرر
. وسن سننا ، من استبدال هذه السياسة بأخرى معتدلة مقبولة قائمة على : المساواة بين الفئات المسلمة على اختلاف أصولها وألوانها وأوضاعها الاجتماعية والاقتصادية ورد الحقوق الى أصحابها ، ورفع المظالم عن الناس ، وتنظيم الضرائب بحيث يتم إلغاء كل الضرائب التي لا تتوافق مع الشريعة الاسلامية ، وحتى يتسنى له تطبيق برنامجه قرر ايقاف الأعمال العسكرية الخارجية ، ونادى بهدنة بين الفئات المتصارعة والثائرة قام عمر بتحديد خطوط سياسته بقوله : « ان الله فرض فرائض، أخذ بها لحق ، ومن تركها محق ، ومن أراد أن يصحبنا فليصحبنا بخمس : يوصل الينا حاجة من لا تصل الينا حاجته ويدلنا الى مالا نهتدي اليه ، ويكون عوناً لنا على الحق ، ويؤدي الأمانة الينا والى الناس ، ولا يغتب عندنا أحداً ، ومن لم يفعل فهو في خرج من صحبتنا والدخول علينا » ، وتبعاً لهذا أخذ عمر برد الحقوق المغتصبة الى أهلها ، وحد من تصرفات أفراد الأسرة الأموية، وأمر بمعاملة أهل الذمة بالرفق ، كما أمر بإسقاط الجزية على من اسلم منهم لأن الله تعالى أرسل نبيه هادياً لا جابيا ، وساوى عمر في العطاء بين فئات الجند جميعاً من عرب وموالي ، وعمل على الغاء العصبية العربية والقبيلة ، فقد أراد انشاء أمة عقائدية كبرى تذوب فيها النعرات القبلية والعنصرية والقبلية ، لأن الكل لآدم وآدم من تراب . والتفت عمر الى الإدارة الأموية ، فأعاد النظر بها كلياً أرادها ان تخدم المحكومين ، لا تستغلهم وتتحكم بهم ، وتستبد بأمورهم، وأراد عمال الدولة وموظفيها أن يتخلقوا بأخلاقه ، فأمرهم بالتقشف ، وحظر عليهم أخذ الرشوى وقبول الهدايا ، كما أمرهم بمساعدة المرضى والمعوزين بالملبس والمأكل والخدمات ،
[ ت : ۱۰۱ ه / ۷۲۰ م ]
يعرف عبد الملك بن مروان بأبي الخلفاء ذلك أن غالبية الذين تولوا الخلافة الأموية من بعده جاءوا من صلبه ، فأربعة من ولده وهم : الوليد ، وسليمان ، ويزيد ، وهشام ، حكموا بعده ، ومن بعدهم جاء عدد من حفدته لكن لم يأت حكم أولاده بعده بشكل متواتر ، بل كان على مرحلتين ، تخللها فترة ، أقل ما يمكن وصفها بــه ، بأنها كانت فترة متميزة في تاريخ الخلافة الأموية خاصة ، و تاريخ الاسلام بشكل عام .
عهد عبد الملك قبيل وفاته لولديه : الوليد ، وسليمان ، وحكم فخلفه حلت المنية به الوليد من سنة ٨٦ ٥ / م وحتى سنة ٥٩٦ / ٧١٥م سليمان الذي لم يطل حكمه ، فقد توفي سنة ٩٩ هـ / ٧١٧ م ، وعندما وهو يومئذ بدابق - قرب حلب دخل عليه رجاء بن حيوة ، وكان من أعد أهل زمانه ... كان موصوفا بالحكمة والشدة ، مرضيا في دينه وأمانته .. فلما دخل عليه ، قال : ما تصنع يا أمير المؤمنين ، إنه مما يحفظ الخليفة في قبره ، أن يستخلف على المسلمين الرجل الصالح ، ... فقال سليمان : فكيف ترى عمر بن عبد العزيز ؟ قال رجاء : أعلمه والله خيراً فاضلاً مسلماً،
وبويع بن وسلو که مصر عمر فقال سليمان : هو والله على ذلك ، ثم قال : والله لئن وليته ، ولم أول سواه لتكونن فتنة ، ولا يتركونه أبداً يلي عليهم ، إلا أن يجعل أحدهم بعده ، فجعل بعده يزيد بن عبد الملك . . وتوفي سليمان ، لعمر عبد العزيز ، فبدأ بولايته عهداً جديداً في التاريخ الأموي ، وتاريخ المسلمين ، فقد وصل عمـــــر الى الخلافة لا يفضل نسبه وتصنيفه العائلي ، لكن بفضل شخصيته المتماسكة، المثالي ، وعمر هو ابن عبد العزيز بن مروان ، والي أيام عبد عبد الملك وولي عهده ، الذي كان مقرراً أن يلي الخلافة بعده لولا أن المنية عاجلته قبله ، وأم أم عاصم حفيدة عمر بن الخطاب نشأ عمر في مصر ثم في المدينة ، وتولى أول مهامه السياسية أيام الوليد بن عبد الملك بولاية المدينة ، وقد تأثر عمر بأجواء المدينة الإسلامية ، وبعلم علماء الحجاز المسلمين وآرائهم ، التي جاءت في الغالب معارضة للسياسة الأموية ، وإيدولوجيتها القائمة على فكرة « الجبرية » في القضاء والقدر
لقد تأثر عمر بزهد علماء المسلمين ، فأقلع عن سيرة الأمراء ، وسلوك الحكام في الغطرسة وحب الظهور والتبذير كما تأثر بآراء العلماء المعتدلة التي قالت بالعدل الإلهى ، نافية الظلم عن الله تعالى ، ورافضة للجبرية ، كما تفاعل مع التيارات التي نادت في أواخر القرن الأول بالعدالة والمساواة والعمل على توحيد المسلمين والسعي لإنشاء أمة إسلامية ، الرابط بين أفرادها العقيدة وليس اللون أو النسب أو الوضع المالي والسلطوي وغير ذلك l .
وبعد ما ولي عمر الخلافة ، أدرك أن الخلافة الأموية لن يكتب لها البقاء إذا استمرت في اتباع سياسة لحجاج ونظرائه ، لذلك قرر
. وسن سننا ، من استبدال هذه السياسة بأخرى معتدلة مقبولة قائمة على : المساواة بين الفئات المسلمة على اختلاف أصولها وألوانها وأوضاعها الاجتماعية والاقتصادية ورد الحقوق الى أصحابها ، ورفع المظالم عن الناس ، وتنظيم الضرائب بحيث يتم إلغاء كل الضرائب التي لا تتوافق مع الشريعة الاسلامية ، وحتى يتسنى له تطبيق برنامجه قرر ايقاف الأعمال العسكرية الخارجية ، ونادى بهدنة بين الفئات المتصارعة والثائرة قام عمر بتحديد خطوط سياسته بقوله : « ان الله فرض فرائض، أخذ بها لحق ، ومن تركها محق ، ومن أراد أن يصحبنا فليصحبنا بخمس : يوصل الينا حاجة من لا تصل الينا حاجته ويدلنا الى مالا نهتدي اليه ، ويكون عوناً لنا على الحق ، ويؤدي الأمانة الينا والى الناس ، ولا يغتب عندنا أحداً ، ومن لم يفعل فهو في خرج من صحبتنا والدخول علينا » ، وتبعاً لهذا أخذ عمر برد الحقوق المغتصبة الى أهلها ، وحد من تصرفات أفراد الأسرة الأموية، وأمر بمعاملة أهل الذمة بالرفق ، كما أمر بإسقاط الجزية على من اسلم منهم لأن الله تعالى أرسل نبيه هادياً لا جابيا ، وساوى عمر في العطاء بين فئات الجند جميعاً من عرب وموالي ، وعمل على الغاء العصبية العربية والقبيلة ، فقد أراد انشاء أمة عقائدية كبرى تذوب فيها النعرات القبلية والعنصرية والقبلية ، لأن الكل لآدم وآدم من تراب . والتفت عمر الى الإدارة الأموية ، فأعاد النظر بها كلياً أرادها ان تخدم المحكومين ، لا تستغلهم وتتحكم بهم ، وتستبد بأمورهم، وأراد عمال الدولة وموظفيها أن يتخلقوا بأخلاقه ، فأمرهم بالتقشف ، وحظر عليهم أخذ الرشوى وقبول الهدايا ، كما أمرهم بمساعدة المرضى والمعوزين بالملبس والمأكل والخدمات ،
تعليق