أن تدمر قد ضد اليونان وآسيا، وفي هذا الوقت لم يكن اهتمام روما منحصراً بثروات هذه البلاد فحسب بل تعدى اهتمامهم ذلك إلى فنون عمارتها ورسومها .ونحتها. ويمكن للمرء أن يدرك أشبعت نهمهم لهذه الأمور وأثارت غيرتهم رغم تجاهلهم ذكر أي شيء من هذا في كتبهم حتى عهد مارك أنطوني (١) الذي حاول نهبها دون نجاح، إذ فر سكانها بما يملكون من ثروات وعبروا الفرات بحماية رماتهم المهرة. لقد برر مارك أنطوني هذه الواقعة وسبغ عليها الشرعية بادعائه أن التدمريين لم يراعوا الحياد بين الرومان والفرس. ولكن ابيان (۲) يذكر أن دافعه الحقيقي كان إثراء جنوده بما يسلبه من التدمريين الذين لم يكونوا سوى تجار يبيعون بضائع الهند والشرق للرومان. هذا الخبر أن تجارتهم كانت رائجة وكذلك نستخلص منه أن : تنعم بالحرية في تلك الفترة. ولكن كم دامت لها هذه الحرية فأمر ليس بمقدورنا الإجابة عليه إلا نحن نستدل . من تدمر كانت في حينه
بالظن.
تدلنا النصوص المكتوبة بعد أربعين سنة من هذه الواقعة أن تجارتهم كانت مزدهرة وينعمون بالرفاهية وترف العيش وهذا لا بد أن يوفره مصدر هام للرزق. إن فترة حريتهم واستقلالهم متروكة للتخمين ولكن للدكتور هالي(۳) رأ ا في هذا الخصوص
نورده فيما يلي: " عندما وطد الرومان أقدامهم في هذه البلاد وبعد أن توقف الفرس عن محاولتهم غزوها .. عندها كانت تدمر لموقعها ولكونها نقطة حدود أمامية وسط صحراء مترامية الأطراف لا يستطيع فيها أي جيش من الصمود طويلاً إن حاول إخضاعها.. ولقد كان يحكمها أمراء متعلقون آثروا العيش في هذه الصحراء وبذلك حافظوا على حريتهم. ولكن عندي أسباباً تجعلني أضع تاريخاً أقدم الحرية تدمر واستقلالها. فأهميتها كنقطة حدود أمامية التي يعزو إليها الدكتور هالي حرية تدمر كانت قبل الغزو الروماني وكذلك بعده. لقد كان لانشغال السلوقيين بحروبهم العديدة فرصة طيبة للتدمريين إذ أبعدتهم عن الخضوع لهم. إلى جانب ذلك فليس من المحتمل أن تدمر قد خضعت لاحتلال تيجرانس Tigranes لتحرر من ذلك عند عذر لرفض بومبي تسليم سوريا (٤) إلى انيتوكس اسياتيكوس هو شعوره بقدرته الدفاع عن سوريا من سطوة جيرانها . وهو أمر لم يكن بمقدور السوريين فعله أشد التعلق بها وهم إن قدوم بومبي. خير
(۱) ابيان دي بل 5 Civil Lib
(۲) المصدر السابق. (۳) وصف لأوضاع تدمر القديمة .Philos. Transact (٤) ابيان باللغة السريانية.
يتطابق تماماً مع كان . هم لا يدهشني ألا أعثر على أي ذكر لهذه المدينة في أعمال قدماء الجغرافيين مثل استرابو Strabo الذي كانت أعماله مرشدتنا الموثوقة أثناء تنقلنا حول ساحل المتوسط. لقد أورد لنا بليني (١) بضعة أسطر يصف فيها موقع تدمر دون أن يتطرق لأحوال أبنيتها، ووصفه ما شاهدنا عليه هذه الأيام فيقول: " تمتاز تدمر بموقعها الفريد وتربتها الخصبة وجداولها الغزيرة ويحيط بها من كل الجهات صحراء شاسعة تفصلها عن المعمورة، وهذا ما حفظ لها استقلالها بين امبراطوريتين كبيرتين روما وفارس ولقد . كل منهما محاولة كسب ودها لجعلها تقف لجانبه في صراعه مع الجانب الآخر. تبعد تدمر عن سلوقيه الدجلة ٢٣٧ ميلاً ومن أقرب نقطة على ساحل المتوسط ۲۰۳ أميال وعن دمشق ١٧٦ ميلاً." لقد تطابق هذا الوصف مع أحوال تدمر إبان ازدهارها فموقعها المميز تحميه سلسلة من التلال من الغرب وصحراء مترامية من بقية الجهات. إن التلال المذكورة هي نفسها التي شيدت عليها الأوابد
يذكر بطولومي (بطليموس) أسماء عدة بلدان تتبع تدمر ولقد وردت الأسماء نفسها في لوائح بو تنجر Peutinger ، ولكنا لم نعثر على ذكر لأي منها في المصادر الأخرى. ويذكر أيضاً وجود نهر
في تدمر.
الجنائزية التي ما تزال سالمة حتى يومنا هذا.
أما
ا عن تربتها فهي. خصية فعلاً ومياهها وافرة صافية تجري على مدار السنة ونبعها يتيح لهذه المياه
أن تتجه أي وجهة تقتضيها الحاجة. وعما يدعوه بطليموس نهر تدمر فما هو إلا التقاء لهذه الجداول
والتي لاتزال تجري حتى اليوم في أقنية مبنية تمنع هدر مياهها وعندما افتقدت هذه الجداول تلك العنايه أصبحت مياهها تذهب هدراً في الصحراء رغم وجود أراض خصبة حول المدينة. لقد كانت التلال مغطاة بأشجار النخيل ولقد شاهدنا بقاياها تنمو في أكثر المناطق الصحراوية
جفافاً.
ويذكر " أبو الفدا . وجود الكثير من أشجار النخيل في تدمر كما أن تجار حلب (الرحالة الإنكليز الذين كانوا يقيمون في حلب وقاموا بزيارة تدمى ذكروا الأمر نفسه . أما ايذكره بليني من أمور مثل : "موقعها وسط صحراء شاسعة تفصلها عن بقية المعمورة ، وعن استقلالها، وعن تسابق الامبراطوريات لكسب ودها آنئذ " فهو كل ما أورده عنها.
(۱) النص وراد باللغة اللاتينية وتجده بالعربية في السياق. .Plin. Lib. V. Nat. Hist
إن المسافات التي يذكرها بليني فهي صحيحة إلى حدٍ ما رغم بعض المبالغة فيها. لم يصلنا أي ذكر لهذه المدينة أثناء حملات كل من تراجان وأدريان في الشرق رغم أنهما لابد عبراها أو مرا على
الأقل بقربها.
ولكن ستيفانوس يذكر أن هادريان قام ببعض الترميمات فيها وسموها بعد ذلك هادريانا بلميرا ومصدرنا هذا هو الوحيد (١) بينما نجد إشادة به لما قام به من أعمال في أ أنحاء مختلفة من اليونان. يطلق على تدمر على قطع النقد من عهد كر كلا مستعمرة رومانية وهذه نعرفه من خلال ما رواه أولبيان بكلمات Juris Italici كما تذكر بعض النصوص (٢) أن التدمريين قد أزروا الاسكندر
سيفيروس في حملته ضد الفرس. بعد ذلك لا نجد أي ذكر لها حتى عهد جالينوس عندما غدت ذات شأن كبير في ذلك الزمان ولقد مرت عليها سنون راوحت فيها حظوطها ما بين الحسن والسيء. إن الحقائق المتعلقة بهذه الفترة القصيرة ولكنها الهامة غير مكتملة ولقد عثرنا عليها في مؤلفات روسیموس، فوبيسكوس وتريبلوس بوليو. وسأحاول هنا سرد هذه المعلومات وترتيبها حسب أهميتها وحاجة البحث لها وسنترك للآخرين مهمة البحث عن المزيد منها حسب ما يرتؤون. كانت أحوال روما في الشرق بائسة عندما استطاع في ذلك الحين أذينه التدمري، والذي تختلف الآراء في نسبه ومقامه، أن يستغل هذه الأوضاع بين روما وفارس وأن يستغل موازين القوى بينهما لمصلحة مدينته.
الحسنة تحالفه مع لقد دلت سيرته على اهتمامات متنوعة له وأخذ ينفذها حسب ما اقتضته الظروف. وأكثر ما أسبغ عليه الشهرة غاليان Gallianus. لقد اتصف بالشجاعة والنشاط وتحمل الصعاب بعكس حليفه غاليان اللامبالي والمنغمس باللهو إلى درجة أنه لم يبد أي اهتمام بأسر والده فاليريان لدى سابور الفارسي الذي كان يعامله بكل احتقار وقسوة. انضم أذينه إلى فلول جيش روما في سوريا ومن ثم طارد سابور حتى طاق کسری عاصمته محققاً الانتصارات أينما إتجه . وعاد من هذه الحملة مزهواً بالنصر وبكثير من الأسلاب بالإضافة إلى
(1) يوجد نص بالتدمرية على حاملة عمود أمام حرم معبد بعلشمين يذكر أن مالي التدمري الذي استضاف هادريان أثناء مروره بها عام ۱۲۹م ولم يكن المؤلفان يعرفان شيئاً عنه. (خالد أسعد) (۲) النص رقم ٩ . وجيشه بتدمر
فوزه بلقب أوغسطوس، وهو لقب مشرف أُجبر غاليان على منحه له بعد ضغط شديد من الشعب (١). ولقد قدم أذينه خدمة أخرى لهذا الامبراطور عندما هزم باليستا الذي ادعى أحقيته في الامبراطورية أثناء فترة الاضطرابات. إن أخبار أذينه المقتضبة والمتناقضة تحدونا لطلب المزيد ولكم نأسف على ضياع تلك الخطبة التي (۳) ولم يبق معن الذي قام باغتيال أذينه طويلاً على قيد الحياة فلقد تعرض لمصير أذينه نفسه وذلك
كان باليستا ضابطاً متمرساً يتمتع بالعديد من الصفات الحميدة ولقد خدم تحت إمره فاليريان وكان من المقربين له. إن ما تذكره رسائل فاليريان له من محاسن هذا الضابط توحي بمدى خطره لو لم يتصدى له أذينه.
من ولقد لقي ابنه هيرودس (من غير (زنوبيا) المصير نفسه وما نعرفه عنه أنه كان إنساناً رقيقاً مترفاً ومقرباً من والده ومكروهاً في الوقت نفسه زوجة أبيه زنوبيا.
وكانت آخر خدمة له (۲) تخليصه آسيا الصغرى من عصابات القوط الذين غزوا أنحاء عديدة منها مخلفين وراءهم الدمار، ولكن أذينه تصدى لهم وطردهم من هذه البلاد. وأكبر الظن أن اغتياله قد تم أثناء هذه المطاردات والتي كان على يد قريبه معن . Maconius.
حررها لونجين في مدحه والتي ذكرها لنا ليبانوس (٣ ومن المتفق عليه عموماً . رغم عدم وثوقنا من بعض أخباره . أنه كان على أخلاق عالية وسلوك قويم. ويذكر بوليو أن أوضاع روما في الشرق كانت ستتعرض لمزيد من التدهور لولا مآزرتهم في التصدي لها ولقد اعتبر البعض موت أذينه انتقاماً اليها من الرومان.
بعد الإعلان عن تنصيبه حاكماً بفترة قصيرة. ترك أذينة من بعده زوجته زنوبيا وولدين منها هما هيرنيانوس (حيران) وتيمولاوس ويضيف اليهما بعض المؤرخين اسم وهب اللات (٤) والذي ينسبه البعض لهيرودس.
(۱) تريبليوس بوليو . (٢) يذكر بوليو أن معاهدة قد عقدت بين جاليان وأذينه ولكنه لا يشير لأي صراع بينهما قبل ذلك. أن ما يورده هذا المؤرخ يفتقر إلى الدقة والترتيب بحيث يبدو من كتاباته أنه يتوجه فيها إلى عامة الناس. Epist. ccxliii. 1.3 (r) (٤) من أراد الاطلاع على المزيد عن هذه الشخصية التي تضاربت فيها الأخبار والتي لم يسجل له واقعه تاريخية واحدة فليراجع ما كتبه سبانيم وتريستان وهارودين وفيلانت .
بالظن.
تدلنا النصوص المكتوبة بعد أربعين سنة من هذه الواقعة أن تجارتهم كانت مزدهرة وينعمون بالرفاهية وترف العيش وهذا لا بد أن يوفره مصدر هام للرزق. إن فترة حريتهم واستقلالهم متروكة للتخمين ولكن للدكتور هالي(۳) رأ ا في هذا الخصوص
نورده فيما يلي: " عندما وطد الرومان أقدامهم في هذه البلاد وبعد أن توقف الفرس عن محاولتهم غزوها .. عندها كانت تدمر لموقعها ولكونها نقطة حدود أمامية وسط صحراء مترامية الأطراف لا يستطيع فيها أي جيش من الصمود طويلاً إن حاول إخضاعها.. ولقد كان يحكمها أمراء متعلقون آثروا العيش في هذه الصحراء وبذلك حافظوا على حريتهم. ولكن عندي أسباباً تجعلني أضع تاريخاً أقدم الحرية تدمر واستقلالها. فأهميتها كنقطة حدود أمامية التي يعزو إليها الدكتور هالي حرية تدمر كانت قبل الغزو الروماني وكذلك بعده. لقد كان لانشغال السلوقيين بحروبهم العديدة فرصة طيبة للتدمريين إذ أبعدتهم عن الخضوع لهم. إلى جانب ذلك فليس من المحتمل أن تدمر قد خضعت لاحتلال تيجرانس Tigranes لتحرر من ذلك عند عذر لرفض بومبي تسليم سوريا (٤) إلى انيتوكس اسياتيكوس هو شعوره بقدرته الدفاع عن سوريا من سطوة جيرانها . وهو أمر لم يكن بمقدور السوريين فعله أشد التعلق بها وهم إن قدوم بومبي. خير
(۱) ابيان دي بل 5 Civil Lib
(۲) المصدر السابق. (۳) وصف لأوضاع تدمر القديمة .Philos. Transact (٤) ابيان باللغة السريانية.
يتطابق تماماً مع كان . هم لا يدهشني ألا أعثر على أي ذكر لهذه المدينة في أعمال قدماء الجغرافيين مثل استرابو Strabo الذي كانت أعماله مرشدتنا الموثوقة أثناء تنقلنا حول ساحل المتوسط. لقد أورد لنا بليني (١) بضعة أسطر يصف فيها موقع تدمر دون أن يتطرق لأحوال أبنيتها، ووصفه ما شاهدنا عليه هذه الأيام فيقول: " تمتاز تدمر بموقعها الفريد وتربتها الخصبة وجداولها الغزيرة ويحيط بها من كل الجهات صحراء شاسعة تفصلها عن المعمورة، وهذا ما حفظ لها استقلالها بين امبراطوريتين كبيرتين روما وفارس ولقد . كل منهما محاولة كسب ودها لجعلها تقف لجانبه في صراعه مع الجانب الآخر. تبعد تدمر عن سلوقيه الدجلة ٢٣٧ ميلاً ومن أقرب نقطة على ساحل المتوسط ۲۰۳ أميال وعن دمشق ١٧٦ ميلاً." لقد تطابق هذا الوصف مع أحوال تدمر إبان ازدهارها فموقعها المميز تحميه سلسلة من التلال من الغرب وصحراء مترامية من بقية الجهات. إن التلال المذكورة هي نفسها التي شيدت عليها الأوابد
يذكر بطولومي (بطليموس) أسماء عدة بلدان تتبع تدمر ولقد وردت الأسماء نفسها في لوائح بو تنجر Peutinger ، ولكنا لم نعثر على ذكر لأي منها في المصادر الأخرى. ويذكر أيضاً وجود نهر
في تدمر.
الجنائزية التي ما تزال سالمة حتى يومنا هذا.
أما
ا عن تربتها فهي. خصية فعلاً ومياهها وافرة صافية تجري على مدار السنة ونبعها يتيح لهذه المياه
أن تتجه أي وجهة تقتضيها الحاجة. وعما يدعوه بطليموس نهر تدمر فما هو إلا التقاء لهذه الجداول
والتي لاتزال تجري حتى اليوم في أقنية مبنية تمنع هدر مياهها وعندما افتقدت هذه الجداول تلك العنايه أصبحت مياهها تذهب هدراً في الصحراء رغم وجود أراض خصبة حول المدينة. لقد كانت التلال مغطاة بأشجار النخيل ولقد شاهدنا بقاياها تنمو في أكثر المناطق الصحراوية
جفافاً.
ويذكر " أبو الفدا . وجود الكثير من أشجار النخيل في تدمر كما أن تجار حلب (الرحالة الإنكليز الذين كانوا يقيمون في حلب وقاموا بزيارة تدمى ذكروا الأمر نفسه . أما ايذكره بليني من أمور مثل : "موقعها وسط صحراء شاسعة تفصلها عن بقية المعمورة ، وعن استقلالها، وعن تسابق الامبراطوريات لكسب ودها آنئذ " فهو كل ما أورده عنها.
(۱) النص وراد باللغة اللاتينية وتجده بالعربية في السياق. .Plin. Lib. V. Nat. Hist
إن المسافات التي يذكرها بليني فهي صحيحة إلى حدٍ ما رغم بعض المبالغة فيها. لم يصلنا أي ذكر لهذه المدينة أثناء حملات كل من تراجان وأدريان في الشرق رغم أنهما لابد عبراها أو مرا على
الأقل بقربها.
ولكن ستيفانوس يذكر أن هادريان قام ببعض الترميمات فيها وسموها بعد ذلك هادريانا بلميرا ومصدرنا هذا هو الوحيد (١) بينما نجد إشادة به لما قام به من أعمال في أ أنحاء مختلفة من اليونان. يطلق على تدمر على قطع النقد من عهد كر كلا مستعمرة رومانية وهذه نعرفه من خلال ما رواه أولبيان بكلمات Juris Italici كما تذكر بعض النصوص (٢) أن التدمريين قد أزروا الاسكندر
سيفيروس في حملته ضد الفرس. بعد ذلك لا نجد أي ذكر لها حتى عهد جالينوس عندما غدت ذات شأن كبير في ذلك الزمان ولقد مرت عليها سنون راوحت فيها حظوطها ما بين الحسن والسيء. إن الحقائق المتعلقة بهذه الفترة القصيرة ولكنها الهامة غير مكتملة ولقد عثرنا عليها في مؤلفات روسیموس، فوبيسكوس وتريبلوس بوليو. وسأحاول هنا سرد هذه المعلومات وترتيبها حسب أهميتها وحاجة البحث لها وسنترك للآخرين مهمة البحث عن المزيد منها حسب ما يرتؤون. كانت أحوال روما في الشرق بائسة عندما استطاع في ذلك الحين أذينه التدمري، والذي تختلف الآراء في نسبه ومقامه، أن يستغل هذه الأوضاع بين روما وفارس وأن يستغل موازين القوى بينهما لمصلحة مدينته.
الحسنة تحالفه مع لقد دلت سيرته على اهتمامات متنوعة له وأخذ ينفذها حسب ما اقتضته الظروف. وأكثر ما أسبغ عليه الشهرة غاليان Gallianus. لقد اتصف بالشجاعة والنشاط وتحمل الصعاب بعكس حليفه غاليان اللامبالي والمنغمس باللهو إلى درجة أنه لم يبد أي اهتمام بأسر والده فاليريان لدى سابور الفارسي الذي كان يعامله بكل احتقار وقسوة. انضم أذينه إلى فلول جيش روما في سوريا ومن ثم طارد سابور حتى طاق کسری عاصمته محققاً الانتصارات أينما إتجه . وعاد من هذه الحملة مزهواً بالنصر وبكثير من الأسلاب بالإضافة إلى
(1) يوجد نص بالتدمرية على حاملة عمود أمام حرم معبد بعلشمين يذكر أن مالي التدمري الذي استضاف هادريان أثناء مروره بها عام ۱۲۹م ولم يكن المؤلفان يعرفان شيئاً عنه. (خالد أسعد) (۲) النص رقم ٩ . وجيشه بتدمر
فوزه بلقب أوغسطوس، وهو لقب مشرف أُجبر غاليان على منحه له بعد ضغط شديد من الشعب (١). ولقد قدم أذينه خدمة أخرى لهذا الامبراطور عندما هزم باليستا الذي ادعى أحقيته في الامبراطورية أثناء فترة الاضطرابات. إن أخبار أذينه المقتضبة والمتناقضة تحدونا لطلب المزيد ولكم نأسف على ضياع تلك الخطبة التي (۳) ولم يبق معن الذي قام باغتيال أذينه طويلاً على قيد الحياة فلقد تعرض لمصير أذينه نفسه وذلك
كان باليستا ضابطاً متمرساً يتمتع بالعديد من الصفات الحميدة ولقد خدم تحت إمره فاليريان وكان من المقربين له. إن ما تذكره رسائل فاليريان له من محاسن هذا الضابط توحي بمدى خطره لو لم يتصدى له أذينه.
من ولقد لقي ابنه هيرودس (من غير (زنوبيا) المصير نفسه وما نعرفه عنه أنه كان إنساناً رقيقاً مترفاً ومقرباً من والده ومكروهاً في الوقت نفسه زوجة أبيه زنوبيا.
وكانت آخر خدمة له (۲) تخليصه آسيا الصغرى من عصابات القوط الذين غزوا أنحاء عديدة منها مخلفين وراءهم الدمار، ولكن أذينه تصدى لهم وطردهم من هذه البلاد. وأكبر الظن أن اغتياله قد تم أثناء هذه المطاردات والتي كان على يد قريبه معن . Maconius.
حررها لونجين في مدحه والتي ذكرها لنا ليبانوس (٣ ومن المتفق عليه عموماً . رغم عدم وثوقنا من بعض أخباره . أنه كان على أخلاق عالية وسلوك قويم. ويذكر بوليو أن أوضاع روما في الشرق كانت ستتعرض لمزيد من التدهور لولا مآزرتهم في التصدي لها ولقد اعتبر البعض موت أذينه انتقاماً اليها من الرومان.
بعد الإعلان عن تنصيبه حاكماً بفترة قصيرة. ترك أذينة من بعده زوجته زنوبيا وولدين منها هما هيرنيانوس (حيران) وتيمولاوس ويضيف اليهما بعض المؤرخين اسم وهب اللات (٤) والذي ينسبه البعض لهيرودس.
(۱) تريبليوس بوليو . (٢) يذكر بوليو أن معاهدة قد عقدت بين جاليان وأذينه ولكنه لا يشير لأي صراع بينهما قبل ذلك. أن ما يورده هذا المؤرخ يفتقر إلى الدقة والترتيب بحيث يبدو من كتاباته أنه يتوجه فيها إلى عامة الناس. Epist. ccxliii. 1.3 (r) (٤) من أراد الاطلاع على المزيد عن هذه الشخصية التي تضاربت فيها الأخبار والتي لم يسجل له واقعه تاريخية واحدة فليراجع ما كتبه سبانيم وتريستان وهارودين وفيلانت .
تعليق