العربية
كلمة الناشر
) الطبعة الانكليزية الأولى )
إن ما يميز عملاً كعملنا هذا هو سعيه في المقام الأول لاجتلاء الحقيقة. ولن يضير هذا الهدف شيء إن نحن أضفنا وصفاً لأسلوبنا في تحقيق هذا الهدف وأن نضمنه أيضاً بعضاً من الصعوبات التي واجهتنا لعل ذلك يسهل على القارىء إصدار الحكم السليم على هذا الإنجاز ومن ثم يعطيه ما يستحقه من المكانة لكل هذه المهمة.
لقد دفع الشوق للمعرفة والاطلاع بسيدين إنكليزيين أن يتجشما عناء السفر إلى القارة
الأوروبية) وخاصة إلى إيطاليا مرات عديدة، ولقد تطلعوا بعد ذلك لشد الرحال إلى مهد التاريخ
وذلك على سواحل المتوسط لعلهم بذلك يغنون معارفهم بالمزيد وينعمون إلى جانب ذلك بالمتعة
ومن ثم يُسعدون بنشر حقائق ما تزال مجهولة بالنسبة الجمهرة الناس في بلادنا. وبما أني كنت على اطلاع مسبق بالأماكن التي كانوا يخططون لزيارتها فلقد شرفوني بأن عرضوا علي دعوتهم اللطيفة لي لمشاركتهم في هذه الرحلة فقبلتها دون تردد.
كنت على معرفة بهذين السيدين إذ سبق وأن شاركتهم السفر إلى فرنسا وإيطاليا وكنت واثقاً من نجاحنا الذي نخطط إحرازه
أما هما فكانت تربطهما صداقه متينه وكان كلاهما مولعاً بالآثار القديمة وكذلك بالفنون الجميلة ولقد خبرا الأسفار ومشاقها من كثرة ما قاما به من أسفار إن هذه الميزات أمور أساسية لا تنجح خطتنا بدونها. ولقد نعما بالإضافة إلى هذه بالذوق الرفيع وفسحة الوقت والمقدرة على الصرف على مثل هذه الرحلة.
بعد هذه المرحلة التمهيدية استقر رأينا جميعاً على دعوة شخص رابع للاشتراك معنا وقد كان يشهد له بسعة الاطلاع على فن العمارة والرسم المعماري وهو بلا شك سيزيد في إمكانية النجاح في هذه المهمة إلى حد كبير. ولدى كتابتنا له سارع بالموافقة. إن ما نفذه من رسوم قد أقنعت كل من اطلع عليها وهنؤونا على حسن اختيارنا له إذ ليس لإنسان غيره أن يتمكن من هذا الإنجاز. اتفقنا بعدئذ أن تكون روما مكان التقائنا وهناك أمضينا الشتاء معاً ومنها انتقلنا إلى نابولي حيث وجدنا سفينه بانتظارنا كنا قد استأجرناها في لندن وزودناها بكل ما اعتقدنا أنه ضروري لنا في هذه الرحلة. لقد أنجزنا هذه الأمور الثانوية ولكنا لم نبتعد عن هدفنا الأساسي وقد اضطررنا أحياناً لبعض
التعديلات الطفيفة إذ تبرز أمور لم نفكر بها من قبل. أمضينا ذاك الشتاء في روما نطالع المصادر التاريخية والجغرافية المتاحة لنا في ذاك الحين وهي تتعلق جميعاً بالمناطق التي نزمع شد الرحال إليها.
(1) التقينا بسفينتنا في نابولي في الربيع ولقد كان على متنها مكتبة أحضرتها من لندن تضم كتباً في التاريخ والشعر القديم، وكذلك خيرة كتب الرحالة كما كانت تضم أيضاً معدات هندسية تلزمنا في تنفيذ خططنا. كما أننا لم ننس إحضار بعض الهدايا التي اعتبرناها ضرورية لتقديمها للأعيان المسلمين (Turkish ) أو غيرهم ممن قد نضطر للقائهم أو نحتاج لمساعدتهم واستغلال نفوذهم. بدأنا رحلتنا بزيارة بعض الأنحاء اليونانية ومن ثم مضائق الدردنيل وبحر مرمرة والبوسفور والبحر الأسود وآسيا الصغرى وبعد ذلك سوريا وفينيقيه وفلسطين ومصر. وقت قيامنا بزيارتها. لا يمكن لأي إنسان أن يمر بهذه البلاد مرور الكرام، فلقد كانت مهداً للآداب والفنون وشهدت أطواراً من العبقريات في كل مجال، لقد برع فيها جنود وخطباء وفلاسفة وشعراء ولقد قدم هؤلاء للبشرية أعمالاً فذة تشرف الجنس البشري على مدى العصور. (۱) اللفظة التي يستخدمونها هي. . turkish
إن هذه البلاد تثير اهتمام كل زائر لها ولكن هذا الاهتمام يتوازى مع خلفيه هذا الزائر الثقافية، أما بالنسبة لنا فلقد انصب اهتمامنا بالدرجة الأولى على الأمور القديمة أكثر مما انصب على أحوالها
إن موقعاً ما أو ظروفاً مناخية معينة هي بحد ذاتها أمور ثانوية ولكنها بالذات : تصبح ذات أهمية بالغة عندما ترتبط بأسماء أناس عظام أو بإنجازات مشهودة تمت في مثل هذه البيئة.
إن قراءة لسيرة ملتيادس MILTIADES أو ليونيداس LEONIDAS في البلاد نفسها التي
عاشوا فيها تزود القاريء بمتعة لا يمكن لقارىء أن يتوخاها في مكان آخر. فما بالك بقراءة الإلياذة في سهول الماراثون أو مضائق اليونان وهل هنالك أروع من قراءة للأوديسا في أماكن تجول فيها عوليس أو أنشد فيها هوميروس أشعاره الخالدة. (1) " إنها غاية في المتعة أن يسرح المرء بخياله وهو يتصور ما جرى في تلك البلاد من بطولات وتفتح عبقريات لا يمكن له أن يتمكن منها من خلال روايات لها على صفحات الكتب. ففي تلك الأماكن ندرك ما ذهب إليه الشاعر أو المؤرخ وعند استيعابنا لهذه الأمور كنا نطلب من رسامنا أن يأخذ لوحة للمنطقة أو الأثر ولقد مكثنا مرة أسبوعين منشغلين برسم سهول وصفها هو ميروس وسماها "سكامندريا في أشعاره الخالدة.
لقد كان من أكثر الأمور أهمية لدينا أن نقوم بنسخ النصوص حيث نعثر عليها وأن نجلب بعضاً منها إذا كان الأمر مستطاعاً. لقد عانينا الكثير من خرافات وظنون السكان المحليين الذين جعلوا من قيامنا بذلك أمراً غاية في
الصعوبة. من أما بالنسبة للحصول على بعض المخطوطات القديمة فلم ننجح إلا بشراء بعضها من الكنائس المارونية السورية، ورغم أن بعضها لم يكن ذا بال ومكتوبة بلغات لانفهم منها شيئاً إلا أننا قمنا بشرائها مخافة أن نندم فيما بعد. إلى جانب ذلك كان اهتمامنا منصباً على دراسة فن العمارة والذي حققنا فيه معظم ما طمحنا بالوصول إليه. لابد أن المهتمين بدراسة فن العمارة يعرفون ما قام به السيد ديجوتز Desgodetz من رسوم لأبنية روما ومدى استفادتنا أعماله تلك. ولعلنا هنا نقدم خدمة لتلك البلاد التي شهدت مولد الفن أو لنقل ساهمت في هذا التقدم حتى بلغ حد الكمال، إن نحن سرنا على المنوال نفسه الذي اتبعه.
تجولنا بين معظم المواقع الأثرية في آسيا الصغرى متبعين الأسلوب نفسه في الدراسة ولم نأسف على تلك المشاق التي تعرضنا لها وخاصة في مناطق " ليديا " و " أيونيا " و" كاريا " . كانت بعض هذه الآثار تفتقر إلى قيمة ظاهرة فكنا فيها نستخدم ما أحضرناه من عدد للحفر والتنقيب وكنا نستخدم بعضاً من فلاحي تلك الأماكن في معاونتنا ولم تذهب جهودنا دون جدوى.
(۱) شمال غرب تركيا قريباً من طروادة . (المترجم)
إن أنماط فن العمارة اليونانية الثلاثة والتي وجدناها في هذه المناطق أعطتنا فكرة جيدة عن مراحل تطور هذا الفن ومنذ عهد بركليس(۱) وحتى ديوكلسيان. ولكنا في هذا المجال سوف نكرس جهدنا ووقتنا لدراسة آثار تدمر لما نعرفه من شوق الناس لمعرفة المزيد عن هذه المدينة.. وإن لاقى كتابنا هذا النجاح المأمول فسيكون مؤشراً يشجعنا على المضي في مشاريع تالية.
من يتعرض لها. لقد كنا مدركين ومتحسبين لها وفي المحصلة فقد حققنا ما كنا نطمح إليه. كانت الأقدار لنا بالمرصاد فلقد فجعنا بوفاة زميلنا السيد بوفيري. إن كل من يعرف هذا الإن ان لابد أن يفجع بفقده. لقد كان كفؤاً في أعماله وهو الإنسان العاشق لكل ما يمت للحضارات القديمة وفنونها فن الـ Virtua بصلة وهو ذو الباع الطويلة في هذه الأمور. إن مجموعته ومقتنياته هذه الفنون تدل على ذوقه الرفيع لما تحويه من تماثيل ونقوش وميداليات ورسوم وهي تؤكد ما نعنيه ولو من الله عليه ببضعة أعوام أخرى لزادت هذه المجموعة بكمية أكبر. إن هذا الحدث على جلله وشدة وطأته قد خفف من وقعه نشاط ومثابرة أحد عناصر مجموعتنا. إن ما خفف من وقع هذا المصاب أن بقي السيد داوكنز على قيد الحياة، والفضل الرئيسي في هذا الإنجاز إنما يعود إليه.
على هذا المنوال سرنا في خطة عملنا رغم ما لقينا من مصاعب لا يمكن لعمل مثل هذا إلا أن
إن إنقاذ تدمر من النسيان وإشباع نهم القارىء للمعرفة في هذه الأمور يعود الفضل فيه لهذا الإنسان الرائع. كان دقيقاً مثابراً في عمله وكل القياسات الموجودة في هذا الكتاب هي من إنجازه. وأنا عندما أنشر هذا الكتاب لا أود أن أنسب لنفسي ميزة خاصة بل أود أن أؤكد فخري واعتزازي بنشر هذا العمل الذي يعود الفضل فيه لهذا الإنسان الذي كان همه الأول تقدم العلوم ونهضتها وأعني بذلك السيد داوكنز.
روبرت رود
(1) أعنى هنا باضافة أبنية اليونان القديمة والتي ليس في مجموعتنا هذه أي منها وذلك يعود إلى ما يلي: عند وصولنا إلى أثينا وجدنا أمامنا السيد سيتوارد والسيد ريفيت وهما رسامان إنكليزيان وقد نجحا بأخذ قياسات ما وجدا من أبنية ولقد رسما أيضاً كل المنحوتات الغائرة وفي نيتهم نشرها كما أعلمونا ولقد سررنا لعملهما الذي سيحفظ للأجيال تلك الفنون ومن قبل أشخاص بمثل كفاءتهما ولذلك لم نعمل شيئاً في أثينا تاركين لهما إشباع نهم الناس لمثل هذه الأعمال. ونأمل أن يعلموا بتشجيعنا الذي يستحقه عملهما.
كلمة الناشر
) الطبعة الانكليزية الأولى )
إن ما يميز عملاً كعملنا هذا هو سعيه في المقام الأول لاجتلاء الحقيقة. ولن يضير هذا الهدف شيء إن نحن أضفنا وصفاً لأسلوبنا في تحقيق هذا الهدف وأن نضمنه أيضاً بعضاً من الصعوبات التي واجهتنا لعل ذلك يسهل على القارىء إصدار الحكم السليم على هذا الإنجاز ومن ثم يعطيه ما يستحقه من المكانة لكل هذه المهمة.
لقد دفع الشوق للمعرفة والاطلاع بسيدين إنكليزيين أن يتجشما عناء السفر إلى القارة
الأوروبية) وخاصة إلى إيطاليا مرات عديدة، ولقد تطلعوا بعد ذلك لشد الرحال إلى مهد التاريخ
وذلك على سواحل المتوسط لعلهم بذلك يغنون معارفهم بالمزيد وينعمون إلى جانب ذلك بالمتعة
ومن ثم يُسعدون بنشر حقائق ما تزال مجهولة بالنسبة الجمهرة الناس في بلادنا. وبما أني كنت على اطلاع مسبق بالأماكن التي كانوا يخططون لزيارتها فلقد شرفوني بأن عرضوا علي دعوتهم اللطيفة لي لمشاركتهم في هذه الرحلة فقبلتها دون تردد.
كنت على معرفة بهذين السيدين إذ سبق وأن شاركتهم السفر إلى فرنسا وإيطاليا وكنت واثقاً من نجاحنا الذي نخطط إحرازه
أما هما فكانت تربطهما صداقه متينه وكان كلاهما مولعاً بالآثار القديمة وكذلك بالفنون الجميلة ولقد خبرا الأسفار ومشاقها من كثرة ما قاما به من أسفار إن هذه الميزات أمور أساسية لا تنجح خطتنا بدونها. ولقد نعما بالإضافة إلى هذه بالذوق الرفيع وفسحة الوقت والمقدرة على الصرف على مثل هذه الرحلة.
بعد هذه المرحلة التمهيدية استقر رأينا جميعاً على دعوة شخص رابع للاشتراك معنا وقد كان يشهد له بسعة الاطلاع على فن العمارة والرسم المعماري وهو بلا شك سيزيد في إمكانية النجاح في هذه المهمة إلى حد كبير. ولدى كتابتنا له سارع بالموافقة. إن ما نفذه من رسوم قد أقنعت كل من اطلع عليها وهنؤونا على حسن اختيارنا له إذ ليس لإنسان غيره أن يتمكن من هذا الإنجاز. اتفقنا بعدئذ أن تكون روما مكان التقائنا وهناك أمضينا الشتاء معاً ومنها انتقلنا إلى نابولي حيث وجدنا سفينه بانتظارنا كنا قد استأجرناها في لندن وزودناها بكل ما اعتقدنا أنه ضروري لنا في هذه الرحلة. لقد أنجزنا هذه الأمور الثانوية ولكنا لم نبتعد عن هدفنا الأساسي وقد اضطررنا أحياناً لبعض
التعديلات الطفيفة إذ تبرز أمور لم نفكر بها من قبل. أمضينا ذاك الشتاء في روما نطالع المصادر التاريخية والجغرافية المتاحة لنا في ذاك الحين وهي تتعلق جميعاً بالمناطق التي نزمع شد الرحال إليها.
(1) التقينا بسفينتنا في نابولي في الربيع ولقد كان على متنها مكتبة أحضرتها من لندن تضم كتباً في التاريخ والشعر القديم، وكذلك خيرة كتب الرحالة كما كانت تضم أيضاً معدات هندسية تلزمنا في تنفيذ خططنا. كما أننا لم ننس إحضار بعض الهدايا التي اعتبرناها ضرورية لتقديمها للأعيان المسلمين (Turkish ) أو غيرهم ممن قد نضطر للقائهم أو نحتاج لمساعدتهم واستغلال نفوذهم. بدأنا رحلتنا بزيارة بعض الأنحاء اليونانية ومن ثم مضائق الدردنيل وبحر مرمرة والبوسفور والبحر الأسود وآسيا الصغرى وبعد ذلك سوريا وفينيقيه وفلسطين ومصر. وقت قيامنا بزيارتها. لا يمكن لأي إنسان أن يمر بهذه البلاد مرور الكرام، فلقد كانت مهداً للآداب والفنون وشهدت أطواراً من العبقريات في كل مجال، لقد برع فيها جنود وخطباء وفلاسفة وشعراء ولقد قدم هؤلاء للبشرية أعمالاً فذة تشرف الجنس البشري على مدى العصور. (۱) اللفظة التي يستخدمونها هي. . turkish
إن هذه البلاد تثير اهتمام كل زائر لها ولكن هذا الاهتمام يتوازى مع خلفيه هذا الزائر الثقافية، أما بالنسبة لنا فلقد انصب اهتمامنا بالدرجة الأولى على الأمور القديمة أكثر مما انصب على أحوالها
إن موقعاً ما أو ظروفاً مناخية معينة هي بحد ذاتها أمور ثانوية ولكنها بالذات : تصبح ذات أهمية بالغة عندما ترتبط بأسماء أناس عظام أو بإنجازات مشهودة تمت في مثل هذه البيئة.
إن قراءة لسيرة ملتيادس MILTIADES أو ليونيداس LEONIDAS في البلاد نفسها التي
عاشوا فيها تزود القاريء بمتعة لا يمكن لقارىء أن يتوخاها في مكان آخر. فما بالك بقراءة الإلياذة في سهول الماراثون أو مضائق اليونان وهل هنالك أروع من قراءة للأوديسا في أماكن تجول فيها عوليس أو أنشد فيها هوميروس أشعاره الخالدة. (1) " إنها غاية في المتعة أن يسرح المرء بخياله وهو يتصور ما جرى في تلك البلاد من بطولات وتفتح عبقريات لا يمكن له أن يتمكن منها من خلال روايات لها على صفحات الكتب. ففي تلك الأماكن ندرك ما ذهب إليه الشاعر أو المؤرخ وعند استيعابنا لهذه الأمور كنا نطلب من رسامنا أن يأخذ لوحة للمنطقة أو الأثر ولقد مكثنا مرة أسبوعين منشغلين برسم سهول وصفها هو ميروس وسماها "سكامندريا في أشعاره الخالدة.
لقد كان من أكثر الأمور أهمية لدينا أن نقوم بنسخ النصوص حيث نعثر عليها وأن نجلب بعضاً منها إذا كان الأمر مستطاعاً. لقد عانينا الكثير من خرافات وظنون السكان المحليين الذين جعلوا من قيامنا بذلك أمراً غاية في
الصعوبة. من أما بالنسبة للحصول على بعض المخطوطات القديمة فلم ننجح إلا بشراء بعضها من الكنائس المارونية السورية، ورغم أن بعضها لم يكن ذا بال ومكتوبة بلغات لانفهم منها شيئاً إلا أننا قمنا بشرائها مخافة أن نندم فيما بعد. إلى جانب ذلك كان اهتمامنا منصباً على دراسة فن العمارة والذي حققنا فيه معظم ما طمحنا بالوصول إليه. لابد أن المهتمين بدراسة فن العمارة يعرفون ما قام به السيد ديجوتز Desgodetz من رسوم لأبنية روما ومدى استفادتنا أعماله تلك. ولعلنا هنا نقدم خدمة لتلك البلاد التي شهدت مولد الفن أو لنقل ساهمت في هذا التقدم حتى بلغ حد الكمال، إن نحن سرنا على المنوال نفسه الذي اتبعه.
تجولنا بين معظم المواقع الأثرية في آسيا الصغرى متبعين الأسلوب نفسه في الدراسة ولم نأسف على تلك المشاق التي تعرضنا لها وخاصة في مناطق " ليديا " و " أيونيا " و" كاريا " . كانت بعض هذه الآثار تفتقر إلى قيمة ظاهرة فكنا فيها نستخدم ما أحضرناه من عدد للحفر والتنقيب وكنا نستخدم بعضاً من فلاحي تلك الأماكن في معاونتنا ولم تذهب جهودنا دون جدوى.
(۱) شمال غرب تركيا قريباً من طروادة . (المترجم)
إن أنماط فن العمارة اليونانية الثلاثة والتي وجدناها في هذه المناطق أعطتنا فكرة جيدة عن مراحل تطور هذا الفن ومنذ عهد بركليس(۱) وحتى ديوكلسيان. ولكنا في هذا المجال سوف نكرس جهدنا ووقتنا لدراسة آثار تدمر لما نعرفه من شوق الناس لمعرفة المزيد عن هذه المدينة.. وإن لاقى كتابنا هذا النجاح المأمول فسيكون مؤشراً يشجعنا على المضي في مشاريع تالية.
من يتعرض لها. لقد كنا مدركين ومتحسبين لها وفي المحصلة فقد حققنا ما كنا نطمح إليه. كانت الأقدار لنا بالمرصاد فلقد فجعنا بوفاة زميلنا السيد بوفيري. إن كل من يعرف هذا الإن ان لابد أن يفجع بفقده. لقد كان كفؤاً في أعماله وهو الإنسان العاشق لكل ما يمت للحضارات القديمة وفنونها فن الـ Virtua بصلة وهو ذو الباع الطويلة في هذه الأمور. إن مجموعته ومقتنياته هذه الفنون تدل على ذوقه الرفيع لما تحويه من تماثيل ونقوش وميداليات ورسوم وهي تؤكد ما نعنيه ولو من الله عليه ببضعة أعوام أخرى لزادت هذه المجموعة بكمية أكبر. إن هذا الحدث على جلله وشدة وطأته قد خفف من وقعه نشاط ومثابرة أحد عناصر مجموعتنا. إن ما خفف من وقع هذا المصاب أن بقي السيد داوكنز على قيد الحياة، والفضل الرئيسي في هذا الإنجاز إنما يعود إليه.
على هذا المنوال سرنا في خطة عملنا رغم ما لقينا من مصاعب لا يمكن لعمل مثل هذا إلا أن
إن إنقاذ تدمر من النسيان وإشباع نهم القارىء للمعرفة في هذه الأمور يعود الفضل فيه لهذا الإنسان الرائع. كان دقيقاً مثابراً في عمله وكل القياسات الموجودة في هذا الكتاب هي من إنجازه. وأنا عندما أنشر هذا الكتاب لا أود أن أنسب لنفسي ميزة خاصة بل أود أن أؤكد فخري واعتزازي بنشر هذا العمل الذي يعود الفضل فيه لهذا الإنسان الذي كان همه الأول تقدم العلوم ونهضتها وأعني بذلك السيد داوكنز.
روبرت رود
(1) أعنى هنا باضافة أبنية اليونان القديمة والتي ليس في مجموعتنا هذه أي منها وذلك يعود إلى ما يلي: عند وصولنا إلى أثينا وجدنا أمامنا السيد سيتوارد والسيد ريفيت وهما رسامان إنكليزيان وقد نجحا بأخذ قياسات ما وجدا من أبنية ولقد رسما أيضاً كل المنحوتات الغائرة وفي نيتهم نشرها كما أعلمونا ولقد سررنا لعملهما الذي سيحفظ للأجيال تلك الفنون ومن قبل أشخاص بمثل كفاءتهما ولذلك لم نعمل شيئاً في أثينا تاركين لهما إشباع نهم الناس لمثل هذه الأعمال. ونأمل أن يعلموا بتشجيعنا الذي يستحقه عملهما.
تعليق