التصوير في العصر القبطى
استمر التصوير في مصر في طريقه ولم يطرأ عليه تغييرات تذكر في القرون المسيحية الأولى أي من القرن الرابع حتى الثامن الميلادي بالرغم من بعض التطورات التي طرأت على أساليب التصوير الفنية ومدارسه المختلفة حسب البلدان التي ظهرت فيهـا وذلك راجـع لتأثير البيئة على الفن المحلى الذي كانت له جذور تاريخية قديمة حددت أساليبه الفنية .
التراث القديم :
ويذكر الدكتور مراد كامل ( في كتابه عن حضارة مصر في العصر القبطى ) أن التصوير السائد في العصر القبطي سار على الطريقة التي ورثت منذ أقدم مصر وهي طريقة التصوير بألوان الأكاسيد المعروفة باسم ( الافرسك المصرى ) وقد رسمت على الحوائط المغطاة بطبقة من الجير والجبس وقد استمر الرسم بهذه الطريقة المصرية القديمة إلى العصر الروماني . واتخذت العصور في هذه الطريقة في الرسم شكلا مسيحيا في العصر القبطى ، ومنهـا انتشر بين مسيحيى الشرق والغرب ، وظل الأمر كذلك حتى عصر النهضة اما في مصر فقد حافظ التصوير على الطريقة القديمة حتى القرن الحادي عشر الميلادي ، ثم اخذ القبط الى جانب هذا اللون بطرق أخرى في التصوير . ولم يأخذ التصوير القبطى اشكاله من الطبيعة المنظورة ، ولكن صور القديسين والشهداء وموضوعات من الكتاب المقدس ، وكان رائد ذلك المثل العليا التي ظهرت فيها صور الاشخاص على درجة من الاستقرار والوقار حتى انهم رسموا طفلا بوجه كبير لا سذاجة فيه ، وتحاشوا ان يرسموا ظلالا على الوجوه وراعوا بساطة اللباس وهدوء الالوان هذا من حيث المحافظة على الأساليب الصناعية في التصوير ( التكنولوجي ) ... ويذكر كذلك الدكتور باهور لبيب ( في بحث عن العصور المسيحية الأولى ) ان الفنان القبطى المسيحي ، وقد تغلبت عليه قوميته المصرية ، ابي الا ان يمصر الاتجاه الفني في العصر المسيحي ، فتخيل السيدة العذراء وهي تخرج ثديهـا لترضع السيد المسيح . وهذه الفكرة مأخوذة عن الفن المصرى القديم ، حينما نشاهد المعبودة ايزيس وهي تخرج ثديها لترضع ابنها المعبود حورس ( شکل ۱۳ ) فرسم السيدة العذراء وهي ترضع السيد المسيح ( شكل ١٤ ) بدلنا على ان الفن القبطى امتداد للعصر المصري القديم فضلا عن انه أسلوب واقعی للتقاليد التي ما زالت حية حتى اليوم عندنا 000 كمـا إنه نقـل من مصر للخارج ( ۱ ) ونرى تأثيره على فناني الغرب من بعض أعمالهم ود شرقية باويط : ولاشك ان الفن القبطى قد تمسك بوجهـة النظر الدينية ، القديسين في بساطة مقرونة بالسمو الروحي . ومن الآثار الهامة التي توضح اسلوب الفن القبطى والوسائل الصناعية التي اتبعها نجد مثلا قبلة ( شرقية أو حنية ) من الطمي مطلية بالجير وملونة بالألوان المائية ، وهي الآن محفوظة بالمتحف القبطي بعد أن نقلت من كنيسة باويط بالقرب من ديروط ( شکل ١٥ ) - وقد صور عليها السيد المسيح جالسا ويحمل بيسراه الكتاب المقدس ويأتي باشارة البركة بيسراه ، وتحيط به الحيوانات الأربعة التي ترمز الى القديسين الذين كتبوا الانجيل ، فالأول رأس الأسد الذي يرمز الى القديس مرقص ، والثاني رأس العجل الذي يرمز الى القديس لوقا ، ثم الثالث رأس النسر ويرمز الى القديس يوحنا ، والرابع وجه انسان ويرمز الى القديس متى وتجد على اليمين واليسار رئيسا الملائكة ميخائيل وجبرائيل ينحنيان اجلالا وخشوعا للسيد المسيح وهو على مركبته في رحلته السماوية ، التي تشـبه الى حد كبير رحلة الاله رع في مركب الشمس . وتحت هذا المنظر صورة تمثل السيدة العذراء تحمل السيد المسيح طفلا وحولها الاثنى عشر رسولا ... وفى كل من طرفي الصف نرى قديسا مصريا ، اي ان المصرى المسيحي الذي تغلبت عليه قوميته المصرية ابي ان يمصر المسيحية والحواريين ، فأضاف اليهم اثنين القديسين المصريين المحليين . ويرجع تاريخ هذه القبلة التي رسمت بطريقة الافرسـك المصرى ، الى أواخر القرن الخامس الميلادي وأوائل السادس ، وطريقة رسمها لاتختلف بالطبع عن طريقة الرسم في الفن المصري القديم التي سبق ان شاهدناها منذ بداية عصر الاسرات في مصر من تصوير الوجوه ولا يفوتنا أن ننوه بفن الرسم وتصوير الوجوه القبطية في التقاليد الجنائزية لافراد الشعب . فقد انتشر في العصور المسيحية الاولى استعمال الصور الملونة التي كانت توضع على وجوه المومياء لتسجل وجه المتوفى ، حسب ماجرت به عادات المصريين القدماء وكانوا يستعملون الوجوه المنحوتة . وهناك كثير من الامثلة التي توضح فترة الانتقال من العصر المصرى الى الاغـريقي الروماني اللذين لا يسهل تفرقتهما عن بعضهما ولايمكن ان نذكر احدالعصرين بدون التعرض للآخر ... ثم العصر القبطى . ومن أجمـل تلك الأمثلة ذلك الرسم الموجود على قماش من الكتان لمومياء من حوالي القرن الثالث الميلادي وعليه رسم مكسو بالورنيش ( شکل 16 ) ويصور هذا الرسم الميت وقد أخذ الشكل الذي يمثل الرجل الروماني ... ولكننا نجـد كذلك ان الفنان تمسك بالاساطير المصرية ... فالميت يحتضنه اله الموتى أنوبيس ... وهنا ثرى التطور من التابوت الملون والمرسوم بشكل انسانی الی ذلك الذي يوضع فيه فوق راس الميت رسم مصور باللون أو قناع من الجبس الملون على رأس الميت الملفوف بلفائف . وهذه اللوحة محفوظة بالقسم المصرى بمتحف اللوفر بفرنسا تحت رقم 3076 . وقد درس الفنان القبطى أثر الظـلال في اظهار الوجه مجسما ، وبذلك أصبح الرسم المسطح يمثل المجسمات ذات الابعاد الثلاثة . واهم ماوصل الينا من هذه الصور ما عثر عليه بمقابر الفيوم ومنها تلك الرسوم التي استعمل فيها الفنان تثبيت الألوان بالشمع الذي سنشرحه عند الكلام على الأساليب الصناعية في التصوير . وقد استمر بعضها حتى القرن الخامس - الا اننا نلاحظ كذلك تغلب الفكر على الواقعية في بعض الأحوال ۰۰۰ فنرى في صور السيد المسيح وصور القديسين أن الرسام لم يستعمل فيها رسـم الظلال وحاول أن يظهر تفاصيل الوجه بتحـديدات خطية 000 وذلك لأنه آراد ان يعبر عن نورانية القديسين اذ انه من المفروض ان يشع النور من وجوه القديسين ولذلك فلم يتصور ان تغطى اجزاء منها بالظلال . . فرسمها كمسطحات لونية في معظم الأحوال .
استمر التصوير في مصر في طريقه ولم يطرأ عليه تغييرات تذكر في القرون المسيحية الأولى أي من القرن الرابع حتى الثامن الميلادي بالرغم من بعض التطورات التي طرأت على أساليب التصوير الفنية ومدارسه المختلفة حسب البلدان التي ظهرت فيهـا وذلك راجـع لتأثير البيئة على الفن المحلى الذي كانت له جذور تاريخية قديمة حددت أساليبه الفنية .
التراث القديم :
ويذكر الدكتور مراد كامل ( في كتابه عن حضارة مصر في العصر القبطى ) أن التصوير السائد في العصر القبطي سار على الطريقة التي ورثت منذ أقدم مصر وهي طريقة التصوير بألوان الأكاسيد المعروفة باسم ( الافرسك المصرى ) وقد رسمت على الحوائط المغطاة بطبقة من الجير والجبس وقد استمر الرسم بهذه الطريقة المصرية القديمة إلى العصر الروماني . واتخذت العصور في هذه الطريقة في الرسم شكلا مسيحيا في العصر القبطى ، ومنهـا انتشر بين مسيحيى الشرق والغرب ، وظل الأمر كذلك حتى عصر النهضة اما في مصر فقد حافظ التصوير على الطريقة القديمة حتى القرن الحادي عشر الميلادي ، ثم اخذ القبط الى جانب هذا اللون بطرق أخرى في التصوير . ولم يأخذ التصوير القبطى اشكاله من الطبيعة المنظورة ، ولكن صور القديسين والشهداء وموضوعات من الكتاب المقدس ، وكان رائد ذلك المثل العليا التي ظهرت فيها صور الاشخاص على درجة من الاستقرار والوقار حتى انهم رسموا طفلا بوجه كبير لا سذاجة فيه ، وتحاشوا ان يرسموا ظلالا على الوجوه وراعوا بساطة اللباس وهدوء الالوان هذا من حيث المحافظة على الأساليب الصناعية في التصوير ( التكنولوجي ) ... ويذكر كذلك الدكتور باهور لبيب ( في بحث عن العصور المسيحية الأولى ) ان الفنان القبطى المسيحي ، وقد تغلبت عليه قوميته المصرية ، ابي الا ان يمصر الاتجاه الفني في العصر المسيحي ، فتخيل السيدة العذراء وهي تخرج ثديهـا لترضع السيد المسيح . وهذه الفكرة مأخوذة عن الفن المصرى القديم ، حينما نشاهد المعبودة ايزيس وهي تخرج ثديها لترضع ابنها المعبود حورس ( شکل ۱۳ ) فرسم السيدة العذراء وهي ترضع السيد المسيح ( شكل ١٤ ) بدلنا على ان الفن القبطى امتداد للعصر المصري القديم فضلا عن انه أسلوب واقعی للتقاليد التي ما زالت حية حتى اليوم عندنا 000 كمـا إنه نقـل من مصر للخارج ( ۱ ) ونرى تأثيره على فناني الغرب من بعض أعمالهم ود شرقية باويط : ولاشك ان الفن القبطى قد تمسك بوجهـة النظر الدينية ، القديسين في بساطة مقرونة بالسمو الروحي . ومن الآثار الهامة التي توضح اسلوب الفن القبطى والوسائل الصناعية التي اتبعها نجد مثلا قبلة ( شرقية أو حنية ) من الطمي مطلية بالجير وملونة بالألوان المائية ، وهي الآن محفوظة بالمتحف القبطي بعد أن نقلت من كنيسة باويط بالقرب من ديروط ( شکل ١٥ ) - وقد صور عليها السيد المسيح جالسا ويحمل بيسراه الكتاب المقدس ويأتي باشارة البركة بيسراه ، وتحيط به الحيوانات الأربعة التي ترمز الى القديسين الذين كتبوا الانجيل ، فالأول رأس الأسد الذي يرمز الى القديس مرقص ، والثاني رأس العجل الذي يرمز الى القديس لوقا ، ثم الثالث رأس النسر ويرمز الى القديس يوحنا ، والرابع وجه انسان ويرمز الى القديس متى وتجد على اليمين واليسار رئيسا الملائكة ميخائيل وجبرائيل ينحنيان اجلالا وخشوعا للسيد المسيح وهو على مركبته في رحلته السماوية ، التي تشـبه الى حد كبير رحلة الاله رع في مركب الشمس . وتحت هذا المنظر صورة تمثل السيدة العذراء تحمل السيد المسيح طفلا وحولها الاثنى عشر رسولا ... وفى كل من طرفي الصف نرى قديسا مصريا ، اي ان المصرى المسيحي الذي تغلبت عليه قوميته المصرية ابي ان يمصر المسيحية والحواريين ، فأضاف اليهم اثنين القديسين المصريين المحليين . ويرجع تاريخ هذه القبلة التي رسمت بطريقة الافرسـك المصرى ، الى أواخر القرن الخامس الميلادي وأوائل السادس ، وطريقة رسمها لاتختلف بالطبع عن طريقة الرسم في الفن المصري القديم التي سبق ان شاهدناها منذ بداية عصر الاسرات في مصر من تصوير الوجوه ولا يفوتنا أن ننوه بفن الرسم وتصوير الوجوه القبطية في التقاليد الجنائزية لافراد الشعب . فقد انتشر في العصور المسيحية الاولى استعمال الصور الملونة التي كانت توضع على وجوه المومياء لتسجل وجه المتوفى ، حسب ماجرت به عادات المصريين القدماء وكانوا يستعملون الوجوه المنحوتة . وهناك كثير من الامثلة التي توضح فترة الانتقال من العصر المصرى الى الاغـريقي الروماني اللذين لا يسهل تفرقتهما عن بعضهما ولايمكن ان نذكر احدالعصرين بدون التعرض للآخر ... ثم العصر القبطى . ومن أجمـل تلك الأمثلة ذلك الرسم الموجود على قماش من الكتان لمومياء من حوالي القرن الثالث الميلادي وعليه رسم مكسو بالورنيش ( شکل 16 ) ويصور هذا الرسم الميت وقد أخذ الشكل الذي يمثل الرجل الروماني ... ولكننا نجـد كذلك ان الفنان تمسك بالاساطير المصرية ... فالميت يحتضنه اله الموتى أنوبيس ... وهنا ثرى التطور من التابوت الملون والمرسوم بشكل انسانی الی ذلك الذي يوضع فيه فوق راس الميت رسم مصور باللون أو قناع من الجبس الملون على رأس الميت الملفوف بلفائف . وهذه اللوحة محفوظة بالقسم المصرى بمتحف اللوفر بفرنسا تحت رقم 3076 . وقد درس الفنان القبطى أثر الظـلال في اظهار الوجه مجسما ، وبذلك أصبح الرسم المسطح يمثل المجسمات ذات الابعاد الثلاثة . واهم ماوصل الينا من هذه الصور ما عثر عليه بمقابر الفيوم ومنها تلك الرسوم التي استعمل فيها الفنان تثبيت الألوان بالشمع الذي سنشرحه عند الكلام على الأساليب الصناعية في التصوير . وقد استمر بعضها حتى القرن الخامس - الا اننا نلاحظ كذلك تغلب الفكر على الواقعية في بعض الأحوال ۰۰۰ فنرى في صور السيد المسيح وصور القديسين أن الرسام لم يستعمل فيها رسـم الظلال وحاول أن يظهر تفاصيل الوجه بتحـديدات خطية 000 وذلك لأنه آراد ان يعبر عن نورانية القديسين اذ انه من المفروض ان يشع النور من وجوه القديسين ولذلك فلم يتصور ان تغطى اجزاء منها بالظلال . . فرسمها كمسطحات لونية في معظم الأحوال .
تعليق