المدخل
تعاريف عامة
قبل الدخول في النواحي الفنية رأيت انه من الواجب أن نستعرض شرحا مبسطا لبعض التعاريف والاصطلاحات الفنية المتداولة ، حتى تساعدنا على تفهم الفنون المختلفة التي تصادفها في أعمالنا المختلفة • الفـن : تطلق كلمة « فن » عادة على ما نسميه « الفنون الرفيعة ، ، سـواء كانت تصويرية أو تشكيلية أو معمارية ، وتطلق كذلك على ما نسميه « الفنون الدنيا ، وهي المستخدمة في حياتنا اليومية كالفنون التطبيقية أو الفنون الزخرفية وكلمة فن بمعنى الضرب واللون وتجمع على أفنان وفنون ، وهي في اللغات الأوروبية مشتقة من الأصل اللاتيني ( ARS ARTIS ) ويظن البعض أنهـا أطلقت على الفنون الجميلة بعد ما أطلقت كلمة ( ARTI ) على تذهيب المصنوعات في عصر النهضة الايطالية ، وكانت حينئذ تعنى الصنعة والمهارة والسيطرة على الشكل والخلق ، والعلاقة التي قامت بين الشكل والأفكار ، وبين أساليب العمل أو فنيته ومواده . وعلى ذلك فان الاصطلاح المعنى من « فن » لا يحمل الالتزام بعدم تقليد الطبيعة فني خلاق لمطلب الانسان وأعماله ( ۱ ) وإنما اغناؤها ، كما يعبر الفن عن سجل ( ART ) وظيفة الفن المرئي : لا ينتج الفن المرئى بواسطة الكلمات الجميلة الرنانة كالشعر مثلا 000 ولكن يمكن انتاجه بعناصر شكلية فنية . ومع أنه ينقل الأفكار فليس الغرض منه نقل المعلومات على شكل كلامي ، بل انه يخلق حالات أو أمزجة انفعالية ، ... ( 1 ) يؤمن مؤسسر معهد « الباوهاوس ، بالمانيا Bauhaus بهذا المبدأ ولذلك فقد كانت سياسته نابعة من مبدأ أساسي وهو أن الفن لخدمة المجتمع الانساني وتلبية مطالبه .. ولذلك فلا يصح أن يلتزم الغن بقواعد التقليد الفوتوغرافي للطبيعة ومحاكاتها .. بل يعمل على اثرائها . وكان لهذا المبدأ أكبر الأثر في تطوير الفنون في القرن العشرين •
ويوسع من المجال الجمالي للتجربة بالنسبة لجميع من يحسون به · فالرواية أو سرد القصة ليست بالضبط اتجاه الفنون المرئية 000 ومع ذلك يمكن لها أن تكون ـ بل وقد كانت بالفعل وغالبا ما ستظل ـ تؤدى عن طريق الفن المرئى • ولكن ليس هناك قانون يحتم ان تروى لوحة مصورة نفس القصـة لكل من يشاهدها ، أو أن تروى قصة على الاطلاق . وفي أشد الفنون تجريدا ـ أي في فن الموسيقى ـ ليس على المستمع أن يميز مادة الموضوع لكي يستمتع بالألحان وبنماذج الأصـوات وتركيب الآلات والقيم الحسية الأخرى مما في متناول المؤلف والعازف . وليس للانسان أن يعرف أن الموسيقى التي يسمعها هي الهدوء بعد العاصفة ، أو الليل فوق جبل بعيد أجرد ، أو انها تجربة ثقافية - والواقع قد يقلل من متعة المبتدىء أن يحاول التمسك أو التقيد بقيود تفرض عليـه ان يقـدر الباسـتورال ( Pastorale أو المازوركا أو أي عمـل للمؤلف العظيم بتهوفن ، أو دراسـة شـوبان المعروفة باسـم عمل 37 ( 37 Opus ) مصنف رقم ۲ ۰۰۰ وقد سبق الفنون المرئية تكوين تصوری لنماذج صوتية أو ذكرى لرائحة أو منظر أو غيرها من المشاعر بواسطة سلسلة من الرموز ، ولكنها لا تصور تلك المشاعر وما اليها • # ادراك الجمال في الفن : ليس الجمال جزءا متمما للفن الأمر الذي يبدو أنه قابع في مخيلة المشاهد . ان ادراك الانسجام والتوازن ، وعلاقة الأشكال ببعضها البعض ، والتباين ، وتقدير التركيبات والتكوينات الجميلة ذات الخصائص البنائية ... كانت من عوامل خلق الأسلوب في الفن البدائي . ولكن فعالية ورتابة هذا الادراك كانت تطورا متأخرا نشأ في الفترة التي حددت الفن المصري القديم ... کیا نشا في الفترة الكلاسيكية للفن الاغريقي التي اتخذت من الانسان مقياسا لمظهرها الفلسفي . والجمال قياسي ونسبي في مثاليته والمثالية بالن سبة للفنون الأخرى خارج نطاق التقليد الكلاسيكي لليونان وروما وعصر النهضة مثالية غير انسانية ... بمعنى أن لها نماذج أخـرى غريزية او ثقافيـة . وعلى ذلك فكثير من الأعمال الفنية التي لا يمكن انكارها قد لاتظهر جميلة لكل من يراها وتجتذب تقديره ... لان الجمال مسألة نسبية تختلف من شخص لآخر . الخبرة النواقة : الخبرة كلمة خاصة نوعا جرى استخدامها ارتباطا بالادراك الجمالي في الفن . والواقع أنها تدل على موهبة خاصة من الجائز أن تكون فطرية ، لا لادراك الجمـال فحسب ، وانما للعلاقات المتداخلة المراوغة ، كما انهـا قدرة على ه الاحساس بالأسلوب » . ويجوز أن يوصف الذواقة بأنه انسان ذو أذواق فلسفية رفيعة التطور ، فضلا عن تزوده بالحساسية المرهفة بما يشبه ـ في عالمنا المادي ـ جهاز جيجر ( كاشف الألغام ) مما يؤهله لتمييز الذوق الفلسفي والخصائص في الأسلوب مما لا يظهر بوضوح لغيره من المعاصرين - الأسلوب الفنى : ويمكن تعريف الأسلوب بأنه الجسم الكامل لانتاج شعب معين في زمان معين . ويطبق هذا الأسلوب أكثر ما يطبق في سهولة على الثقافات البدائية مما لها قليل من التقاليد النسبية ، والأشكال الفنية ، والأنظمة الاجتماعية • والأسلوب معترف به في الثقافات المركبة لروما القديمة ، والقرن الثامن عشر ، وحتى يومنا هذا . وأسلوب الماضي يظهر أكثر وضوحا من اسلوب الحاضر لمجرد ان الزمن قد قام بجانب كبير من الخلط ، كما أن منظور المسافة يمكننا من رؤية عصر من العصور كوحدة متكاملة . وان الأنواع المختلفة للأسلوب في زمان معين قد تقوم على أساس من الخطوط القومية حيث يتأثر الفن بالطابع السياسي والاقتصادي والاجتماعي للشعب وللعصر مثلما كان في هولنده البروستانتيه وأسبانيا الكاثوليكيه ابان الاصلاحات المضـادة في القرن السابع عشر . وقد توجد اختلافات اقليمية في الأسلوب نتيجة للظروف الجيولوجية ( مما يؤثر على المواد المستخدمة في الفن وتكنولوجيته ) أو للانعزال حيث نلاحظ في دقة الظروف المحلية وتقييد عادات الفكر بسبب الجهل والخوف أو عدم الاكتراث بالأساليب الأخرى . أما الأساليب الشخصية فتعتمد على شخصية الفنان . وهذه تبرز فقط في فترات يكون فيها الاسلوب القومي مثلا قد تطور تماما وثبت في وضع معين وعندما يكون هناك ادراك بأهمية الفرد . وفي عصر مثل عصر النهضة المبكر عندما كانت تبرز الأفكار المبتكرة والتقاليد الجـديدة ، كانت لا تزال محتفظة بحيويتهـا ، وكان هناك عديد من الأساليب المميزة الى جانب الفطرة الشخصية للفنانين والأفراد تزدهر جنبا الى جنب . ولعل الأسلوب في أي عصر من العصور مما يمكن ملاحظته في أيسر مظاهره في الزخارف المطلقة ، أو الأثاث ، أو تصميم الثياب ۰۰۰ إذ انها كلها من الفنون التجريدية والتي ليس بها سوى حدود بنائية وظيفة الفنان : ان أهم وظيفة للفنان هي مساعدتنا على تفهم طبيعة الأشياء التي سبقنا هو الى تفهمها ، وادراك الامكانيات في هذا العالم وتطوير الذات أو توسيع الخيال بخلق أو بالكشف عن موضـوعات جديدة . ونتيجة ذلك ان الفنان قد يعيد ترتيب او يحذف العناصر غير المناسبة والمشوشة أو المشوهة . وقد تلتقط الفوتوغرافيا صورة واحدة ، ولكن الفنان يخلق صورا مركبة ، وليس الفنان المعاصر فحسب بل فنانو جميع العصور ممن أحسوا بمعنى الفنون ، ومن ثم فسروا لنا ـ كما يفعل الشعراء ـ الأحداث وغرائب الطبيعة ، والمشاهد المعاصرة لعديد من الآراء . والذي يحدث أن هذه البصائر تنقى ثم تنمط في ترتيبات يخلقها الفنان ويتحكم فيها . لقد خلق بييروديلاغر نشسکو Piero Della Francesco ) في القرن الخامس عشر عالما واسعا منظما في تتابع هندسي جميل للأشكال أما بيروجينو Perugino ) فلم يكن يكترث بالمعنى العام لمادة الموضوع وعرض ادراكه للعالم المنطقى في لوحاته الدينية . ولما لم يكن يعوق شيء من الغيرة الحماسة المسيحية عن ادارة مكاتب الاستعلامات أو خدمات المسافرين ... فماذا هو فاعل .. ؟؟ ان الفنان يعبر لا اراديا عن العصر الذي يعيش فيه . وما جاء القرن السادس عشر حتى كان غزو الرسامين للعالم المرئى قد اكتمل . وباختراع . الكاميرا في القرن التاسع عشر حرم الفنان من التطبيق العملي للمهارة فيما يتعلق بابراز المظاهر الا في مناسبات قليلة مثل التصوير الطبي والعلمي حيث ما زالت للعين الأفضلية على الآلة في تسجيل وعرض الطبيعة . ولكن الفنانين كانوا دائما أكثر اهتماما بمواد حرفتهم وببعض الادراك التجريدي والنظرى ولقد حدث أن رغب المقيمون على هذا الفن من المثقفين في ايجـاد مادة للموضوع ؛ سواء كانت دينية أم أسطورية ، ولكن أسلوب الفنان الخاص كان يحدد بكيفية عرضه للشكل أو الموضوع بتعبيرات تنبثق من اهتماماته في رسم السطح والعلاقات الفراغية والانسجام اللوني والنماذج والبناء أو أي مشاكل مركبة تطرأ أثناء ابراز تخيلات أو رموز عن ناحية من الفكر وسائل الفنان : ا هناك قلة من الناس تميل الى تعريف الفن ، ولكن يرى الجميع أنهم يعرفون كيف ينبغي أن تبدو الأعمال الفنية ، ويصدرون أحكامهم على أعمال الفنان بمجرد نظرة عابرة . ومنذ أكثر من قرن مضى بدأ زوار المعارض يدسون مظلاتهم أو عصيهم في اقمشة الرسم على اللوحات التي غالبا ماكانت تعبر عن أشياء يرى المشاهد عدم جواز التعبير عنها عن طريق الفن الرفيع ( لذلك حرمت المعارض في أوروبا وأمريكا دخول ما يمكن أن يفسد اللوحات مع الزوار ) ۰۰۰ ولكن يغلب أن يكون ذلك أيضا بسبب الأسلوب الذي ينتج به الفنان تلك المؤثرات ، كالألوان وخلطها في حالة الفنون ذات البعدين ( وفي الفنون التخطيطية يجوز ألا يكون اللون في درجاته من الفواتح والغوامق ) ، أما في فن النحت اللدن فالوسيلة هي الاشعاع والشرشرة والبناء ، وهي في العمارة تتلخص في تناول وفي كل هذا يشكل المقياس أو الحجم سواء وحده أو عاملا آخر الكتل والفراغات ارتباطا بمحيطاته . . - .
تعاريف عامة
قبل الدخول في النواحي الفنية رأيت انه من الواجب أن نستعرض شرحا مبسطا لبعض التعاريف والاصطلاحات الفنية المتداولة ، حتى تساعدنا على تفهم الفنون المختلفة التي تصادفها في أعمالنا المختلفة • الفـن : تطلق كلمة « فن » عادة على ما نسميه « الفنون الرفيعة ، ، سـواء كانت تصويرية أو تشكيلية أو معمارية ، وتطلق كذلك على ما نسميه « الفنون الدنيا ، وهي المستخدمة في حياتنا اليومية كالفنون التطبيقية أو الفنون الزخرفية وكلمة فن بمعنى الضرب واللون وتجمع على أفنان وفنون ، وهي في اللغات الأوروبية مشتقة من الأصل اللاتيني ( ARS ARTIS ) ويظن البعض أنهـا أطلقت على الفنون الجميلة بعد ما أطلقت كلمة ( ARTI ) على تذهيب المصنوعات في عصر النهضة الايطالية ، وكانت حينئذ تعنى الصنعة والمهارة والسيطرة على الشكل والخلق ، والعلاقة التي قامت بين الشكل والأفكار ، وبين أساليب العمل أو فنيته ومواده . وعلى ذلك فان الاصطلاح المعنى من « فن » لا يحمل الالتزام بعدم تقليد الطبيعة فني خلاق لمطلب الانسان وأعماله ( ۱ ) وإنما اغناؤها ، كما يعبر الفن عن سجل ( ART ) وظيفة الفن المرئي : لا ينتج الفن المرئى بواسطة الكلمات الجميلة الرنانة كالشعر مثلا 000 ولكن يمكن انتاجه بعناصر شكلية فنية . ومع أنه ينقل الأفكار فليس الغرض منه نقل المعلومات على شكل كلامي ، بل انه يخلق حالات أو أمزجة انفعالية ، ... ( 1 ) يؤمن مؤسسر معهد « الباوهاوس ، بالمانيا Bauhaus بهذا المبدأ ولذلك فقد كانت سياسته نابعة من مبدأ أساسي وهو أن الفن لخدمة المجتمع الانساني وتلبية مطالبه .. ولذلك فلا يصح أن يلتزم الغن بقواعد التقليد الفوتوغرافي للطبيعة ومحاكاتها .. بل يعمل على اثرائها . وكان لهذا المبدأ أكبر الأثر في تطوير الفنون في القرن العشرين •
ويوسع من المجال الجمالي للتجربة بالنسبة لجميع من يحسون به · فالرواية أو سرد القصة ليست بالضبط اتجاه الفنون المرئية 000 ومع ذلك يمكن لها أن تكون ـ بل وقد كانت بالفعل وغالبا ما ستظل ـ تؤدى عن طريق الفن المرئى • ولكن ليس هناك قانون يحتم ان تروى لوحة مصورة نفس القصـة لكل من يشاهدها ، أو أن تروى قصة على الاطلاق . وفي أشد الفنون تجريدا ـ أي في فن الموسيقى ـ ليس على المستمع أن يميز مادة الموضوع لكي يستمتع بالألحان وبنماذج الأصـوات وتركيب الآلات والقيم الحسية الأخرى مما في متناول المؤلف والعازف . وليس للانسان أن يعرف أن الموسيقى التي يسمعها هي الهدوء بعد العاصفة ، أو الليل فوق جبل بعيد أجرد ، أو انها تجربة ثقافية - والواقع قد يقلل من متعة المبتدىء أن يحاول التمسك أو التقيد بقيود تفرض عليـه ان يقـدر الباسـتورال ( Pastorale أو المازوركا أو أي عمـل للمؤلف العظيم بتهوفن ، أو دراسـة شـوبان المعروفة باسـم عمل 37 ( 37 Opus ) مصنف رقم ۲ ۰۰۰ وقد سبق الفنون المرئية تكوين تصوری لنماذج صوتية أو ذكرى لرائحة أو منظر أو غيرها من المشاعر بواسطة سلسلة من الرموز ، ولكنها لا تصور تلك المشاعر وما اليها • # ادراك الجمال في الفن : ليس الجمال جزءا متمما للفن الأمر الذي يبدو أنه قابع في مخيلة المشاهد . ان ادراك الانسجام والتوازن ، وعلاقة الأشكال ببعضها البعض ، والتباين ، وتقدير التركيبات والتكوينات الجميلة ذات الخصائص البنائية ... كانت من عوامل خلق الأسلوب في الفن البدائي . ولكن فعالية ورتابة هذا الادراك كانت تطورا متأخرا نشأ في الفترة التي حددت الفن المصري القديم ... کیا نشا في الفترة الكلاسيكية للفن الاغريقي التي اتخذت من الانسان مقياسا لمظهرها الفلسفي . والجمال قياسي ونسبي في مثاليته والمثالية بالن سبة للفنون الأخرى خارج نطاق التقليد الكلاسيكي لليونان وروما وعصر النهضة مثالية غير انسانية ... بمعنى أن لها نماذج أخـرى غريزية او ثقافيـة . وعلى ذلك فكثير من الأعمال الفنية التي لا يمكن انكارها قد لاتظهر جميلة لكل من يراها وتجتذب تقديره ... لان الجمال مسألة نسبية تختلف من شخص لآخر . الخبرة النواقة : الخبرة كلمة خاصة نوعا جرى استخدامها ارتباطا بالادراك الجمالي في الفن . والواقع أنها تدل على موهبة خاصة من الجائز أن تكون فطرية ، لا لادراك الجمـال فحسب ، وانما للعلاقات المتداخلة المراوغة ، كما انهـا قدرة على ه الاحساس بالأسلوب » . ويجوز أن يوصف الذواقة بأنه انسان ذو أذواق فلسفية رفيعة التطور ، فضلا عن تزوده بالحساسية المرهفة بما يشبه ـ في عالمنا المادي ـ جهاز جيجر ( كاشف الألغام ) مما يؤهله لتمييز الذوق الفلسفي والخصائص في الأسلوب مما لا يظهر بوضوح لغيره من المعاصرين - الأسلوب الفنى : ويمكن تعريف الأسلوب بأنه الجسم الكامل لانتاج شعب معين في زمان معين . ويطبق هذا الأسلوب أكثر ما يطبق في سهولة على الثقافات البدائية مما لها قليل من التقاليد النسبية ، والأشكال الفنية ، والأنظمة الاجتماعية • والأسلوب معترف به في الثقافات المركبة لروما القديمة ، والقرن الثامن عشر ، وحتى يومنا هذا . وأسلوب الماضي يظهر أكثر وضوحا من اسلوب الحاضر لمجرد ان الزمن قد قام بجانب كبير من الخلط ، كما أن منظور المسافة يمكننا من رؤية عصر من العصور كوحدة متكاملة . وان الأنواع المختلفة للأسلوب في زمان معين قد تقوم على أساس من الخطوط القومية حيث يتأثر الفن بالطابع السياسي والاقتصادي والاجتماعي للشعب وللعصر مثلما كان في هولنده البروستانتيه وأسبانيا الكاثوليكيه ابان الاصلاحات المضـادة في القرن السابع عشر . وقد توجد اختلافات اقليمية في الأسلوب نتيجة للظروف الجيولوجية ( مما يؤثر على المواد المستخدمة في الفن وتكنولوجيته ) أو للانعزال حيث نلاحظ في دقة الظروف المحلية وتقييد عادات الفكر بسبب الجهل والخوف أو عدم الاكتراث بالأساليب الأخرى . أما الأساليب الشخصية فتعتمد على شخصية الفنان . وهذه تبرز فقط في فترات يكون فيها الاسلوب القومي مثلا قد تطور تماما وثبت في وضع معين وعندما يكون هناك ادراك بأهمية الفرد . وفي عصر مثل عصر النهضة المبكر عندما كانت تبرز الأفكار المبتكرة والتقاليد الجـديدة ، كانت لا تزال محتفظة بحيويتهـا ، وكان هناك عديد من الأساليب المميزة الى جانب الفطرة الشخصية للفنانين والأفراد تزدهر جنبا الى جنب . ولعل الأسلوب في أي عصر من العصور مما يمكن ملاحظته في أيسر مظاهره في الزخارف المطلقة ، أو الأثاث ، أو تصميم الثياب ۰۰۰ إذ انها كلها من الفنون التجريدية والتي ليس بها سوى حدود بنائية وظيفة الفنان : ان أهم وظيفة للفنان هي مساعدتنا على تفهم طبيعة الأشياء التي سبقنا هو الى تفهمها ، وادراك الامكانيات في هذا العالم وتطوير الذات أو توسيع الخيال بخلق أو بالكشف عن موضـوعات جديدة . ونتيجة ذلك ان الفنان قد يعيد ترتيب او يحذف العناصر غير المناسبة والمشوشة أو المشوهة . وقد تلتقط الفوتوغرافيا صورة واحدة ، ولكن الفنان يخلق صورا مركبة ، وليس الفنان المعاصر فحسب بل فنانو جميع العصور ممن أحسوا بمعنى الفنون ، ومن ثم فسروا لنا ـ كما يفعل الشعراء ـ الأحداث وغرائب الطبيعة ، والمشاهد المعاصرة لعديد من الآراء . والذي يحدث أن هذه البصائر تنقى ثم تنمط في ترتيبات يخلقها الفنان ويتحكم فيها . لقد خلق بييروديلاغر نشسکو Piero Della Francesco ) في القرن الخامس عشر عالما واسعا منظما في تتابع هندسي جميل للأشكال أما بيروجينو Perugino ) فلم يكن يكترث بالمعنى العام لمادة الموضوع وعرض ادراكه للعالم المنطقى في لوحاته الدينية . ولما لم يكن يعوق شيء من الغيرة الحماسة المسيحية عن ادارة مكاتب الاستعلامات أو خدمات المسافرين ... فماذا هو فاعل .. ؟؟ ان الفنان يعبر لا اراديا عن العصر الذي يعيش فيه . وما جاء القرن السادس عشر حتى كان غزو الرسامين للعالم المرئى قد اكتمل . وباختراع . الكاميرا في القرن التاسع عشر حرم الفنان من التطبيق العملي للمهارة فيما يتعلق بابراز المظاهر الا في مناسبات قليلة مثل التصوير الطبي والعلمي حيث ما زالت للعين الأفضلية على الآلة في تسجيل وعرض الطبيعة . ولكن الفنانين كانوا دائما أكثر اهتماما بمواد حرفتهم وببعض الادراك التجريدي والنظرى ولقد حدث أن رغب المقيمون على هذا الفن من المثقفين في ايجـاد مادة للموضوع ؛ سواء كانت دينية أم أسطورية ، ولكن أسلوب الفنان الخاص كان يحدد بكيفية عرضه للشكل أو الموضوع بتعبيرات تنبثق من اهتماماته في رسم السطح والعلاقات الفراغية والانسجام اللوني والنماذج والبناء أو أي مشاكل مركبة تطرأ أثناء ابراز تخيلات أو رموز عن ناحية من الفكر وسائل الفنان : ا هناك قلة من الناس تميل الى تعريف الفن ، ولكن يرى الجميع أنهم يعرفون كيف ينبغي أن تبدو الأعمال الفنية ، ويصدرون أحكامهم على أعمال الفنان بمجرد نظرة عابرة . ومنذ أكثر من قرن مضى بدأ زوار المعارض يدسون مظلاتهم أو عصيهم في اقمشة الرسم على اللوحات التي غالبا ماكانت تعبر عن أشياء يرى المشاهد عدم جواز التعبير عنها عن طريق الفن الرفيع ( لذلك حرمت المعارض في أوروبا وأمريكا دخول ما يمكن أن يفسد اللوحات مع الزوار ) ۰۰۰ ولكن يغلب أن يكون ذلك أيضا بسبب الأسلوب الذي ينتج به الفنان تلك المؤثرات ، كالألوان وخلطها في حالة الفنون ذات البعدين ( وفي الفنون التخطيطية يجوز ألا يكون اللون في درجاته من الفواتح والغوامق ) ، أما في فن النحت اللدن فالوسيلة هي الاشعاع والشرشرة والبناء ، وهي في العمارة تتلخص في تناول وفي كل هذا يشكل المقياس أو الحجم سواء وحده أو عاملا آخر الكتل والفراغات ارتباطا بمحيطاته . . - .
تعليق