الرَحالة وليم بلغريف وقع في بعض الأخطاء في سرده لتاريخ العرب
العمل يهدف الوقوف على أهمية هذه الرحلة، ومعرفة مدى إمكانية اعتبارها مصدرا تاريخيا يُوثق به ويُعتمد عليه.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
الرحالة اهتم بشكل خاص بالمعمار
الشارقة – كتاب “الشارقة في كتابات الرحَالة البريطاني وليم بلغريف” هو أحدث مؤلفات الباحث الدكتور منّي بونعامة، والذي صدر في طبعة أنيقة عن معهد الشارقة للتراث في الإمارات العربية المتحدة.
ويتناول الكتاب الذي قدَم له الباحث حمد بن صراي أستاذ التاريخ القديم بجامعة الإمارات بالوصف والتحليل مجموعة من المحطات المهمة في تاريخ الجزيرة العربية منطلقا من الشارقة التي جذبت بتاريخها وتراثها الكثير من الرحالة والمستشرقين والكتاب والباحثين الذين وجدوا فيها المصدر الذي ينهلون منه ويبحثون فيه عن مادة تاريخية وتراثية ثرية.
في حديثه عن كتابه الجديد يقول الدكتور منّي بونعامة، الذي يعمل مديرا لإدارة المحتوى والنشر بمعهد الشارقة للتراث ومديرا لتحرير مجلة مراود التي يصدرها المعهد وتهتم بالتراث الإماراتي والعربي والعالمي، “إن أهمية ‘رحلة وسط الجزيرة العربية وشرقها’ للرحالة البريطاني وليم بلغريف تكمن في ما حوته من معلومات زاخرة عن الحياة في صحراء الجزيرة العربية، ومشاهدات وانطباعات الرحالة عن المنطقة”.
الأهم قيمة الرحلة
ويضيف “قيمة الرحلة تتجلى أيضا، وهذا ما يهمنا هنا أكثر من غيره، في المعلومات التي أوردها الرحالة عن ساحل عُمان، وإمارة الشارقة على وجه التحديد، حيث اشتملت على وصف مدينة الشارقة القديمة وموقعها ومناخها وبيوتها ومعالمها وصروحها وأسواقها وأعلامها وشخصياتها وثقافة أهلها، علاوة على عاداتهم وتقاليدهم وملابسهم وطرائق عيشهم ومختلف أحوالهم، من خلال مشاهداته، وتمثُله للمكان وثقافته العربية الأصيلة، كما وصف الشارقة بكونها مركزا تجاريا في القرن التاسع عشر”.
ويشير بونعامة إلى أن دراسته التي تضمنها كتابه الجديد جاءت بهدف الوقوف على أهمية هذه الرحلة، ومعرفة مدى إمكانية اعتبارها مصدرا تاريخيا يُوثق به ويُعتمد عليه، ورصد تجليات صورة المنطقة العربية ومدنها، وأبرز محطات الرحالة فيها، حيث حط رحاله في الشارقة عام 1863 ميلادية.
وفى تقديمه للكتاب يقول بن صراي “إن الباحث منَي بونعامة، نجح في إفراد مصنف مستقل يتناول موضوع الشارقة في كتابات الرحالة البريطاني وليم بلغريف”، مضيفا أن “هذا الكتاب القيّم يتناول الرحلة والارتحال بمعناهما العام، وبما فيهما من فوائد ومشارب ومعانٍ ولمحات، بجانب تناوله لصورة الشارقة في كتابات الرحالة الغربيين خلال القرن التاسع عشر الميلادي، جامعا بإيجاز ما فرقه الرحالة ديفيد سيتون وفينزيتزو موريزي وجيمس بكنغهام وجورج بارنز بروكس وجيمس ريموند ولستيد عن الشارقة البلدة والمنطقة والسكان والأحوال”.
ومن تلك الانطباعات يتجه الباحث إلى تبيان أخطاء الرحالة في بعض تفسيراته، وتوضيح ما أشكل عليه استيعابه، وتفسير ما أساء فيه فهمه، والاستفادة مما سجله بلغريف في تشخيص الأوضاع في الشارقة حين زيارته لها.
نقرأ في كتاب “الشارقة في كتابات الرَحالة البريطاني وليم بلغريف” الكثير عن جغرافية الشارقة وطبيعة الحياة فيها، ومعالم العمارة الدفاعية والدينية والمدنية والتجارية بها مثل الأبراج والحصون والقلاع والأسوار والمساجد والبيوت والأسواق، وذلك كما وردت في رحلة بلغريف، مع إضافات وتوضيحات وشروح أوردها المؤلف في محلّها، ثم ينتقل بنا الكتاب مع الرّحالة إلى وصف الأجواء والملابس والأزياء، والسكان وطبائعهم وألوانهم وسحنتهم، ثم يعرّج على بعض المفردات اللغوية العامية التي تستخدم في الترحاب، وبعض الظواهر التي لفتت انتباه بلغريف خلال مدّة إقامته في الشارقة.
كما تستعرض صفحات الكتاب سيرة الرّحالة بلغريف ومسيرته ورحلته وأبرز محطاته وصولاً إلى الشارقة، حيث حطّ رحاله فيها عام 1863 وبدأ يهيم في أرجاء المكان، ويكتب انطباعاته عنه، موثّقاً في رصده جوانب متعدّدة ومهمة من أنماط الحياة التي كانت سائدة خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي.
مشاهدات الرحّالة البريطاني تساهم في معرفة تاريخ الشارقة وشبه الجزيرة العربية وإن كانت لا تخلو من أخطاء
كما تحدّث المؤلف عن أبرز الانتقادات التي وجهت للرحلة ومضمونها، مستعرضاً آراء الرحّالة والباحثين الذين فنّدوا معلومات بلغريف، لاسيما ما تعلّق منها بالرياض والأحساء والقطيف، ومنهم جون فيلبي ويلفرد بلنت مايلز س.ب ولورنس تي.إي. كما ساق آراء الرحّالة الذين أثنوا على الرحلة، واعتبروها فتحاً مبيناً وعظيماً في تاريخ الاستكشاف الأوروبي، من أمثال بترام توماس وصمويل زويمر، ثم وضع الرحلة في ميزان النقد، وبيّن وجهة نظره في الرحلة وأهميتها التاريخية، وكيف يمكن الاتكاء عليها كمصدر تاريخي.
ويوضح لنا المؤلف في كتابه أن مشاهدات هذا الرحّالة ذات أهمية كبيرة في معرفة نمط البناء القديم ومكوّناته، وإن كانت لا تخلو من أخطاء تحتاج إلى تصويب، منها أن البيوت المبنية من سعف النخيل لم تكن بغرض التأجير لصيادي الأسماك والبحارة، كما ذكر بلغريف، بل كان معظمها، إن لم تكن كلها، بيوتاً دائمة للسكان، وهي تمثل أكثر بيوت الإمارة؛ فالبيوت المبنية من الطين كانت للفئات المقتدرة من السكان، في حين كانت الفئات الفقيرة تسكن في بيوت من السعف. كما أورد الرحالة معلومات غير دقيقة عن عُمان.
وقد اعتمد المؤلف على كمٍّ وفير من المصادر والمراجع التاريخية والجغرافية لمقارنة المادة التاريخية والتراثية التي ضمّتها كتب الرحلات المذكورة، خاصة رحلة بلغريف موضوع الدراسة، وسلك منهج المقارنة والتحقيق مع نصوص أخرى، وذلك بهدف التأكد من صحة المعلومات والملاحظات المعروضة.
ويشير المؤلف إلى أن كتابه “الشارقة في كتابات الرحالة البريطاني وليم بلغريف” يمثّل حلقة من سلسلة حلقات تاريخية متواصلة، يتطلع من خلالها إلى إنجاز مشروع متكامل عن الجزيرة العربية وعن إمارة الشارقة ومدنها، عبر رصد تجليات حضورها في المصادر العربية والغربية وذلك بهدف توثيق صورة الإمارة في المصادر القديمة والحديثة، واستكشاف ملامح ومعالم تلك الصورة، وما تكتنزه أو تنطوي عليه من قيمة تاريخية، لرفد المكتبة الإماراتية والعربية بموضوعات لا تزال تخلو من الدراسة والبحث والتوثيق وإتاحتها للباحثين للنهل من معينها الزاخر.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
حجاج سلامة
العمل يهدف الوقوف على أهمية هذه الرحلة، ومعرفة مدى إمكانية اعتبارها مصدرا تاريخيا يُوثق به ويُعتمد عليه.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
الرحالة اهتم بشكل خاص بالمعمار
الشارقة – كتاب “الشارقة في كتابات الرحَالة البريطاني وليم بلغريف” هو أحدث مؤلفات الباحث الدكتور منّي بونعامة، والذي صدر في طبعة أنيقة عن معهد الشارقة للتراث في الإمارات العربية المتحدة.
ويتناول الكتاب الذي قدَم له الباحث حمد بن صراي أستاذ التاريخ القديم بجامعة الإمارات بالوصف والتحليل مجموعة من المحطات المهمة في تاريخ الجزيرة العربية منطلقا من الشارقة التي جذبت بتاريخها وتراثها الكثير من الرحالة والمستشرقين والكتاب والباحثين الذين وجدوا فيها المصدر الذي ينهلون منه ويبحثون فيه عن مادة تاريخية وتراثية ثرية.
في حديثه عن كتابه الجديد يقول الدكتور منّي بونعامة، الذي يعمل مديرا لإدارة المحتوى والنشر بمعهد الشارقة للتراث ومديرا لتحرير مجلة مراود التي يصدرها المعهد وتهتم بالتراث الإماراتي والعربي والعالمي، “إن أهمية ‘رحلة وسط الجزيرة العربية وشرقها’ للرحالة البريطاني وليم بلغريف تكمن في ما حوته من معلومات زاخرة عن الحياة في صحراء الجزيرة العربية، ومشاهدات وانطباعات الرحالة عن المنطقة”.
الأهم قيمة الرحلة
ويضيف “قيمة الرحلة تتجلى أيضا، وهذا ما يهمنا هنا أكثر من غيره، في المعلومات التي أوردها الرحالة عن ساحل عُمان، وإمارة الشارقة على وجه التحديد، حيث اشتملت على وصف مدينة الشارقة القديمة وموقعها ومناخها وبيوتها ومعالمها وصروحها وأسواقها وأعلامها وشخصياتها وثقافة أهلها، علاوة على عاداتهم وتقاليدهم وملابسهم وطرائق عيشهم ومختلف أحوالهم، من خلال مشاهداته، وتمثُله للمكان وثقافته العربية الأصيلة، كما وصف الشارقة بكونها مركزا تجاريا في القرن التاسع عشر”.
ويشير بونعامة إلى أن دراسته التي تضمنها كتابه الجديد جاءت بهدف الوقوف على أهمية هذه الرحلة، ومعرفة مدى إمكانية اعتبارها مصدرا تاريخيا يُوثق به ويُعتمد عليه، ورصد تجليات صورة المنطقة العربية ومدنها، وأبرز محطات الرحالة فيها، حيث حط رحاله في الشارقة عام 1863 ميلادية.
وفى تقديمه للكتاب يقول بن صراي “إن الباحث منَي بونعامة، نجح في إفراد مصنف مستقل يتناول موضوع الشارقة في كتابات الرحالة البريطاني وليم بلغريف”، مضيفا أن “هذا الكتاب القيّم يتناول الرحلة والارتحال بمعناهما العام، وبما فيهما من فوائد ومشارب ومعانٍ ولمحات، بجانب تناوله لصورة الشارقة في كتابات الرحالة الغربيين خلال القرن التاسع عشر الميلادي، جامعا بإيجاز ما فرقه الرحالة ديفيد سيتون وفينزيتزو موريزي وجيمس بكنغهام وجورج بارنز بروكس وجيمس ريموند ولستيد عن الشارقة البلدة والمنطقة والسكان والأحوال”.
ومن تلك الانطباعات يتجه الباحث إلى تبيان أخطاء الرحالة في بعض تفسيراته، وتوضيح ما أشكل عليه استيعابه، وتفسير ما أساء فيه فهمه، والاستفادة مما سجله بلغريف في تشخيص الأوضاع في الشارقة حين زيارته لها.
نقرأ في كتاب “الشارقة في كتابات الرَحالة البريطاني وليم بلغريف” الكثير عن جغرافية الشارقة وطبيعة الحياة فيها، ومعالم العمارة الدفاعية والدينية والمدنية والتجارية بها مثل الأبراج والحصون والقلاع والأسوار والمساجد والبيوت والأسواق، وذلك كما وردت في رحلة بلغريف، مع إضافات وتوضيحات وشروح أوردها المؤلف في محلّها، ثم ينتقل بنا الكتاب مع الرّحالة إلى وصف الأجواء والملابس والأزياء، والسكان وطبائعهم وألوانهم وسحنتهم، ثم يعرّج على بعض المفردات اللغوية العامية التي تستخدم في الترحاب، وبعض الظواهر التي لفتت انتباه بلغريف خلال مدّة إقامته في الشارقة.
كما تستعرض صفحات الكتاب سيرة الرّحالة بلغريف ومسيرته ورحلته وأبرز محطاته وصولاً إلى الشارقة، حيث حطّ رحاله فيها عام 1863 وبدأ يهيم في أرجاء المكان، ويكتب انطباعاته عنه، موثّقاً في رصده جوانب متعدّدة ومهمة من أنماط الحياة التي كانت سائدة خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي.
مشاهدات الرحّالة البريطاني تساهم في معرفة تاريخ الشارقة وشبه الجزيرة العربية وإن كانت لا تخلو من أخطاء
كما تحدّث المؤلف عن أبرز الانتقادات التي وجهت للرحلة ومضمونها، مستعرضاً آراء الرحّالة والباحثين الذين فنّدوا معلومات بلغريف، لاسيما ما تعلّق منها بالرياض والأحساء والقطيف، ومنهم جون فيلبي ويلفرد بلنت مايلز س.ب ولورنس تي.إي. كما ساق آراء الرحّالة الذين أثنوا على الرحلة، واعتبروها فتحاً مبيناً وعظيماً في تاريخ الاستكشاف الأوروبي، من أمثال بترام توماس وصمويل زويمر، ثم وضع الرحلة في ميزان النقد، وبيّن وجهة نظره في الرحلة وأهميتها التاريخية، وكيف يمكن الاتكاء عليها كمصدر تاريخي.
ويوضح لنا المؤلف في كتابه أن مشاهدات هذا الرحّالة ذات أهمية كبيرة في معرفة نمط البناء القديم ومكوّناته، وإن كانت لا تخلو من أخطاء تحتاج إلى تصويب، منها أن البيوت المبنية من سعف النخيل لم تكن بغرض التأجير لصيادي الأسماك والبحارة، كما ذكر بلغريف، بل كان معظمها، إن لم تكن كلها، بيوتاً دائمة للسكان، وهي تمثل أكثر بيوت الإمارة؛ فالبيوت المبنية من الطين كانت للفئات المقتدرة من السكان، في حين كانت الفئات الفقيرة تسكن في بيوت من السعف. كما أورد الرحالة معلومات غير دقيقة عن عُمان.
وقد اعتمد المؤلف على كمٍّ وفير من المصادر والمراجع التاريخية والجغرافية لمقارنة المادة التاريخية والتراثية التي ضمّتها كتب الرحلات المذكورة، خاصة رحلة بلغريف موضوع الدراسة، وسلك منهج المقارنة والتحقيق مع نصوص أخرى، وذلك بهدف التأكد من صحة المعلومات والملاحظات المعروضة.
ويشير المؤلف إلى أن كتابه “الشارقة في كتابات الرحالة البريطاني وليم بلغريف” يمثّل حلقة من سلسلة حلقات تاريخية متواصلة، يتطلع من خلالها إلى إنجاز مشروع متكامل عن الجزيرة العربية وعن إمارة الشارقة ومدنها، عبر رصد تجليات حضورها في المصادر العربية والغربية وذلك بهدف توثيق صورة الإمارة في المصادر القديمة والحديثة، واستكشاف ملامح ومعالم تلك الصورة، وما تكتنزه أو تنطوي عليه من قيمة تاريخية، لرفد المكتبة الإماراتية والعربية بموضوعات لا تزال تخلو من الدراسة والبحث والتوثيق وإتاحتها للباحثين للنهل من معينها الزاخر.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
حجاج سلامة