حقائق- ما هو الانفجار العظيم ؟
By Reuters Staff, رويترز
13 ديسمبر كانون الأول (رويترز) -
أعلن العلماء في المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية (سيرن) اليوم الثلاثاء انهم توصلوا الى قرائن تؤكد وجود بوزون هيجز وهو جسيم افتراضي يعتقد انه لعب دورا حيويا في نشأة الكون في اعقاب الانفجار العظيم منذ 13.7 مليار عام.
وكشف كبار الباحثين في مجموعتي الأبحاث الرئيسيتين تعرف الاولى باسم اطلس والاخرى باسم سي.ام.اس النقاب عن المؤشرات الدالة على بوزون هيجز والذي يمثل الهدف الرئيسي لانشاء مصادم الهدرونات الكبير الذي تكلف عشرة مليارات دولار بغية محاكاة الظروف التي اعقبت الانفجار العظيم في محاولة للاجابة على اسئلة جوهرية تتعلق بالعلوم وبالكون ذاته.
وفيما يلي بعض الحقائق عن تجارب محاكاة الانفجار العظيم التي تجري في المختبر الاوروبي لفيزياء الجسيمات التابع لسيرن.
* محاكاة الانفجار العظيم ..
- تتضمن التجارب ضخ موجة من الجسيمات ذات الطاقة من معجل المشروع البحثي الى انبوب المصادم لمسافة 27 كيلومترا ليمر به سيل الجسيمات الذي يجري تحويل مساره في عكس اتجاه عقارب الساعة لمسافة نحو ثلاثة كيلومترات.
- الهدف من المصادم هو محاكاة الظروف التي اعقبت الانفجار العظيم بعد فترة متناهية في الصغر من حدوثه.
- يجري رصد سلسلة من التصادمات - التي تسير خلالها الجسيمات بسرعة تقترب من سرعة الضوء - على شاشات كمبيوتر سيرن ومعامل اخرى في شتى ارجاء الارض يراقبها علماء بحثا عن الجسيم الغامض.
* بوزون هيجز ..
- يعتقد ان هذا الجسيم الغامض يساعد على التحام المكونات الاولية للمادة ويعطيها تماسكها وكتلتها. وقد سمي بهذا الاسم تيمنا بعالم الفيزياء البريطاني بيتر هيجز البالغ من العمر 82 عاما وهو باحث في فيزياء الجسيمات أكد في عام 1964 ضرورة وجود هذا الجسيم.
* ما هو الانفجار العظيم ..
- يعتقد علماء سيرن ان محاكاة الانفجار العظيم - الذي يرى معظم الباحثين انه التفسير الوحيد المقبول لفرضية تمدد الكون - يتعين ان يبرهن على كيفية نشأة النجوم والكواكب عقب حالة الفوضى الكونية في العصور السحيقة التي اعقبت هذا الانفجار.
- من أبرز ملامح هذا الانفجار هو نشأة الكون من كتلة ضئيلة الحجم تماثل قطعة النقود لكنها كانت في حالة نادرة من درجات الحرارة الفائقة والكثافة العالية.
- صاغ العالم البريطاني فريد هويل مصطلح “الانفجار العظيم” عام 1949 بغرض الاستخفاف من نظرية كانت ذائعة انئذ عن نشأة الكون وتمدده.
- تقول نظرية الانفجار العظيم بان الكون تمدد بسرعة من حالة من المادة الاولية العالية الانضغاط مما نجم عنه انخفاض ملموس في درجتي الكثافة والحرارة. وعقب ذلك مباشرة هيمنت المادة على ما يعرف بقرين المادة او ضديد المادة بفعل عدة عمليات نشأت خلالها عدة انواع من الجسيمات الاولية. وتلت هذه المرحلة بثوان برودة الكون لدرجة ادت الى تكون نواة الذرة.
- تفترض النظرية ايضا تكون كميات محدودة من عناصر الهيدروجين والهيليوم والليثيوم. وهذا يفسر وفرة مثل هذه العناصر حتى الان. وبعد ذلك بملايين السنين تراجعت درجة حرارة الكون بصورة ملموسة ادت الى تكون ذرات مختلف العناصر.
* ما هي سيرن..
- سيرن هي المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية وهي من اضخم مراكز البحث العلمي في العالم. وتعنى سيرن بمبحث الفيزياء الاساسية التي تفسر كيفية نشأة الكون وماهيته.
- انشئت سيرن عام 1954 وتضم المختبر الاوروبي لفيزياء الجسيمات المترامي الاطراف في منطقة الحدود السويسرية الفرنسية المشتركة قرب جنيف وعلى عمق مئة متر تحت الارض وتشارك فيه 20 دولة الى جانب ست دول لها وضع المراقب منها الولايات المتحدة وروسيا.
م ه - س م خ (عم)
**********************
نظرية الانفجار العظيم.. كيف نشأت وتطورت؟
نموذج يحاكي الانفجار العظيم في مراحله الأولى التي أدت لنشأة الكون وفقا للعلماء (أسوشيتد برس)27/6/2015
الصغير الغربي
الانفجار العظيم هي أحد أهم نظريات نشأة الكون، ظهرت في العشرينيات من القرن الماضي، واستغرق بناؤها أكثر من أربعة عقود. وعلى عكس جل النظريات الأخرى ما زالت تلقى قبولا واسعا لدى العلماء. فكيف ظهرت هذه النظرية؟ وما أهم مراحل تطورها؟ وما أهم التساؤلات التي لم تجب عليها إلى اليوم وتجعل بعض العلماء يشكك في صحتها؟
ليست نظرية الانفجار العظيم -أو نموذج الانفجار العظيم- أول محاولة لفهم الإنسان للكون. فأقدم النظريات المعروفة لتفسير الكون تعود للفيلسوف اليوناني أرسطو الذي عاش في القرن الرابع قبل الميلاد، وكانت تقوم على فكرة أن الأرض ثابتة في مركز الكون.
وقد أدخلت نظرية النسبية العامة لعالم الفيزياء ألبرت آينشتاين سنة 1915 حركية هامة في الوسط العلمي، فظهرت عدة نظريات لنشأة الكون وتطوره. أشهرها نظرية آينشتاين التي يرى فيها أن الكون متجانس ومتوحد الخواص، وهو في حالة سكون وغير قابل للتغيير. وهي فكرة تم التخلي عنها بعد ثبوت تمدد الكون.
نشأتها
أما بالنسبة للانفجار العظيم فيعود تأسيسها للعالمين الروسي ألكسندر فريدمان والبلجيكي جورج لوماتر. فقد نجح فريدمان في حل معادلات نظرية النسبية واستنتج منها فكرة تمدد الكون سنة 1922، واستنادا إليها وضع لوماتر سنة 1927 نظريته حول تمدد الكون.
وقد دعم عالم الفلك الأميركي إدوين هابل سنة 1929 فكرة لوماتر حين أكد وجود مجرات أخرى وهي تتباعد بسرعة متناسبة مع المسافة الفاصلة بيننا وبينها. وهو أول أساس بنيت عليه نظرية فريدمان لوماتر (التي سيطلق عليها فيما بعد نظرية الانفجار العظيم).
وقدم لوماتر سنة 1931 فكرة ثانية وهي أن الكون كان في بدايته منكمشا في نقطة واحدة، وأن انفجارا حصل في اللحظة الأولى جعل الكون يبدأ في التمدد. وقد أطلق لوماتر على نظريته الجديدة اسم "الذرة البدائية". وكانت هذه أول مرة تطرح فيها فرضية أن للكون بداية.
أشهر النظريات تقول إن الكون كان منكمشا في نقطة واحدة ثم انفجرت (إيميجز)
التطور
وظلت النظرية على حالها إلى غاية سنة 1948 عندما نجح أحد طلبة فريدمان -وهو جوج غامو- في تفسير كيفية حصول التخليق النووي الابتدائي في اللحظات الأولى للكون، وتكون نوى العناصر الكيميائية الخفيفة كالهيليوم والليثيوم.
وأضاف غامو عنصرا إضافيا في نموذج لوماتر، وهو الحرارة. فالكون لم يكن باردا عند لحظة الانفجار كما خمن لوماتر ولا يحتوي على المادة التي نعرفها، بل كان عبارة على "حساء بدائي" لا تعرف مكوناته يسبح في حرارة عالية جدا. لكن غامو عجز عن الإجابة على سؤال واحد وهو: كيف تشكلت العناصر الكيميائية الأثقل من الليثيوم؟
كانت تلك نقطة الضعف التي كان ينتظرها فراد هويل، عالم الكونيات الإنجليزي وأحد مؤسسي نظرية أخرى للكون تسمى نظرية الحالة.
وكان هويل أبرز المشككين في نظرية لوماتر وغامو، لذلك أطلق عليها في تصريح إذاعي سنة 1950 اسم الـ"بيغ بانغ" أو الانفجار العظيم استهزاء بها، وهو الاسم الذي اشتهرت به فيما بعد.
لكن غامو واصل بناء النظرية بوضع فرضية أخرى مفادها أنه مع تمدد الكون وهبوط درجة الحرارة نجحت الفوتونات في التحرر من المادة عندما كان عمر الكون ثلاثمئة ألف سنة. وافترض غامو أن هذا الإشعاع -الذي سمي إشعاع الخلفية الكونية الميكروي- ما زال يتردد في أرجاء الكون ويمكن رصده. وهو ما تم بالفعل صدفة سنة 1965. وبذلك وضع غامو الأساس الثالث لنظرية الانفجار العظيم.
وقد دعمت حديثا العديد من الاكتشافات الفلكية هذه نظرية التي أصبحت الأكثر قبولا في الأوساط العلمية لتفسير نشأة الكون وتطوره.
مجموعة من العلماء يستعرضون ما اكتشفوه حول التمدد المبكر للكون (أسوشيتد برس)
كيف نشأ الكون؟
وحسب هذه النظرية، فقد نشأ الكون قبل حوالي 13.8 مليار سنة. في تلك اللحظة كان الكون "نقطة تفرد" ذات كثافة عالية جدا وحرارة تفوق الخيال، وهي ظروف لا تنطبق فيها قوانين الفيزياء. ويعود ذلك إلى أن القوى الطبيعية الأساسية الأربعة المعروفة -وهي قوى: الجاذبية والكهرومغناطيسية والنووية الكبرى والنووية الصغرى- كانت كلها متحدة ضمن قوة أساسية واحدة.
وتقول النظرية إنه بعد 10-43 ثانية انخفضت الحرارة بانخفاض كثافة الطاقة إلى درجة مكنت قوة الجاذبية من الانفصال عن بقية القوى. وبداية من هذه اللحظة أصبح بإمكان الفيزياء أن تقدم تفسيرا للأحداث المتعاقبة التي تلت اللحظة الصفر بالاعتماد على نظرية النسبية العامة بالنسبة للجاذبية، وعلى الفيزياء الكمية بالنسبة لبقية القوى التي ما زالت متحدة. وفي هذه المرحلة المبكرة لم يحتو الكون على المادة المعروفة بل كانت مكوناته عبارة عن جسيمات وجسيمات مضادة تنشأ من الفراغ وتندثر بسرعة.
وحصل أول حدث هام في تاريخ المادة بين 10-38 و10-35 ثانية، وبعد تواصل انخفاض الحرارة ووصولها لمستوى مكن من انفصال قوة أساسية أخرى وهي القوة النووية الكبرى، ورافق ذلك تدفق هائل للطاقة بدأت معها مرحلة التضخم تمدد الكون خلالها بسرعة فائقة. وقد مكنت هذه الطاقة التي امتصتها الجسيمات المضادة من تغيير شكل هذه الأخيرة -دون أن تندثر- إلى أشكال معروفة من المادة كالإلكترون والنوترينو والكوارك وجسيماتها المضادة بكميات متساوية تقريبا مع فارق إيجابي طفيف لفائدة الأولى.
جانب من مصادم الهدرونات الكبير الذي يسعى لفك أسرار نشأة الكون (رويترز)
وبعد جزء من المليون جزء من الثانية اتحدت الكواركات مع بعضها بفعل القوة النووية الكبرى في شكل مجموعات من كواركين أو ثلاثة مكونة البروتونات والنيترونات.
وبعد أقل من مائة ثانية بدأ التخليق النووي الابتدائي الذي وصفه جورج غامو، لتتشكل نوى العناصر الخفيفة كالهيليوم والليثيوم. غير أن أولى الذرات لم تتكون إلا بعد 380 ألف سنة من عمر الكون عندما نزلت درجة الحرارة إلى 3000 كلفن وضعفت طاقة الفوتونات التي كانت تحول دون تثبيت الإلكترونات حول النوى الذرية بسبب شدة التصادم. وقد مكنت عملية تثبيت الإلكترونات الفوتونات من التحرر من المادة ليصبح الكون شفافا.
بدى الكون في أولى مراحل نشأته مليئا بسحابات الهيدروجين والهيليوم الموزعة في أرجائه الواسعة. وبشكل بطيء بدأت قوة الجاذبية بإحداث اضطرابات على هذه السحب مكنت من تفتيتها إلى شظايا صغيرة، لتنهار حول بعضها بعضا مكونة أجساما أكبر شيئا فشيئا. وتكونت أولى النجوم بعد حوالي 100 مليون سنة من بداية الكون. وداخل النجوم تشكلت نوى العناصر الكيميائية الأثقل من الليثيوم.
رغم أن نموذج الانفجار العظيم يبدو جميلا متجانسا ونجح على مدى عقود في تقديم أجوبة على جل التساؤلات لكنه في الحقيقة ما زال أمامه الكثير ليحصل حوله إجماع من العلماء. فكثير منهم ما زالوا غير مقتنعين بفكرة نشأة الكون من أصلها ويرون أن الكون قد يكون أزليا، وأن الرياضيات لم توضح لهم ما حدث قبل هذا الانفجار وأسباب حدوثه وتكتفى بشرح لحظة الانفجار وما بعده، وهذا ما أثار الشك لديهم. كما أن النظرية لم تبين لماذا اختل التوازن في اللحظات الأولى بين جسيمات المادة والمادة المضادة لفائدة الأولى؟
الكثير من الأسئلة طرحت وستطرح مستقبلا مع تقدم معرفتنا للكون، ستحدد إجاباتها مصير هذه النظرية وما إذا كان سينتهي الأمر يوما ما -كما حصل كثيرا في تاريخ العلم- بالتخلي عنها لفائدة أخرى أشمل وأوسع، أم ينشأ حولها إجماع في الأوساط العلمية وهو أمر نادر الحدوث.
______________
* إعلامي تونسي متخصص بالشؤون العلمية
المصدر : الجزيرة
**************************
الجدول الزمني للطبيعة
عودة التأين
عصر
طغيان المادة
تسارع التوسع
الماء
حياة وحيدات الخلية
التركيب الضوئي
حياة
متعددة الخلايا
الفقاريات
العصور المظلمة
←
الكون (−13.80)
←
النجوم القديمة
←
المجرة القديمة
←
الكوازار القديم/ثقب أسود فائق
←
أوميجا قنطورس
←
المرأة المسلسلة
←
أذرع درب التبانة
←
تشكل NGC 188 العنقودية
←
رجل القنطور
←
الأرض/المجموعة الشمسية
←
أشكال الحياة القديمة
←
الأكسجين القديم
←
الأكسجين الجوي
←
التكاثر الجنسي
←
الحيوانات/النباتات البدائية
←
الانفجار الكامبري
←
الثدييات البدائية
←
القرود البدائية
الـحــيــاة
تأشير ونقر
(مليار سنة مضت)
جزء من سلسلة عن |
|
الانفجار العظيم
من ويكيبيديا
الانفجار العظيم في علم الكون الفيزيائي هو النظرية السائدة لتفسير نشأة الكون. تعتمد فكرة النظرية على أن الكون كان بالماضي في حالة حارة شديدة الكثافة فتمدد، وأن الكون كان يومًا جزءًا واحداَ عند نشأته. بعض التقديرات الحديثة تُقدّر حدوث تلك اللحظة قبل 13.8 مليار سنة، والذي يُعد عمر الكون. وبعد التمدد الأول، بَرَدَ الكون بما يكفي لتكوين جسيمات دون ذرية كالبروتونات والنيترونات والإلكترونات. ورغم تكوّن نويّات ذرية بسيطة خلال الثلاث دقائق التالية للانفجار العظيم، إلا أن الأمر احتاج آلاف السنين قبل تكوّن ذرات متعادلة كهربيًا. معظم الذرات التي نتجت عن الانفجار العظيم كانت من الهيدروجين والهيليوم مع القليل من الليثيوم. ثم التئمت سحب عملاقة من تلك العناصر الأولية بالجاذبية لتُكوّن النجوم والمجرات، وتشكّلت عناصر أثقل من خلال تفاعلات الانصهار النجمي أو أثناء تخليق العناصر في المستعرات العظمى.
تُقدّم نظرية الانفجار العظيم شرحاً وافياً لمجموعة واسعة من الظواهر المرئية التي تشاهد وترصد بتلسكوبات ضخمة وتلسكوبات فضائية مختلفة، بما في ذلك وفرة من ارصاد الإشعاعات الكونية والخلفية الإشعاعية للكون والبنية الضخمة للكون وقانون هابل. ونظرًا لكون المسافة بين المجرات تزداد يوميًا، فبالتالي كانت المجرات في الماضي أقرب إلى بعضها البعض. ومن الممكن استخدام القوانين الفيزيائية لحساب خصائص الكون كالكثافة ودرجة الحرارة في الماضي بالتفصيل. وبالرغم من أنه يمكن للمسرعات الكبيرة للجسيمات استنساخ تلك الظروف، لتأكيد وصقل تفاصيل نموذج الانفجار العظيم، إلا أن تلك المسرعات لم تتمكن حتى الآن إلا البحث في الأنظمة عالية الطاقة. وبالتالي، فإن حالة الكون في اللحظات الأولى للانفجار العظيم مبهمة وغير مفهومة، ولا تزال مجالاً للبحث. كما لا تقدم نظرية الانفجار العظيم أي شرح للحالة الأولية قبل الانفجار العظيم، بل تحاول تفسير نشأة وتطور الكون منذ تلك اللحظة الأولى بعد الانفجار؛ إذ بالانفجار يبدأ الزمان والمكان، ولا ترى الفيزياء زمنا قبل الانفجار العظيم، فقد بدأ به الزمن من وجهة نظر الفيزيائيين.
قدّم الكاهن الكاثوليكي والعالم البلجيكي جورج لومتر الفرضية التي أصبحت لاحقًا نظرية الانفجار العظيم عام 1927. ومع مرور الوقت، انطلق العلماء من فكرته الأولى حول تمدد الكون لتتبُّع أصل الكون، وما الذي أدى إلى تكوّن الكون الحالي. اعتمد الإطار العام لنموذج الانفجار العظيم على نظرية النسبية العامة لأينشتاين، وعلى تبسيط فرضيات كتجانس نظم وتوحد خواص الفضاء. وقد صاغ ألكسندر فريدمان المعادلات الرئيسية للنظرية، وأضاف فيليم دي سيتر صيغ بديلة لها. وفي عام 1929، اكتشف إدوين هابل أن المسافات إلى المجرات البعيدة مرتبطة بقوة بانزياحها الأحمر. استُنتج من ملاحظة هابل أن جميع المجرات والعناقيد البعيدة لها سرعة ظاهرية تختلف عن فكرتنا بأنها كلما بَعُدت، زادت سرعتها الظاهرية، بغض النظر عن الاتجاه.
ورغم انقسام المجتمع العلمي يومًا بين نظريتي تمدد الكون بين مؤيد لنظرية الانفجار العظيم، ومؤيد لنظرية الحالة الثابتة، إلا أن التأكيد بالملاحظة والرصد على صحة سيناريو الانفجار العظيم جاء مع اكتشاف الخلفية الإشعاعية للكون عام 1964، واكتشاف أن طيف تلك الخلفية الإشعاعية يتطابق مع الإشعاع الحراري للأجسام السوداء. منذ ذلك الحين، أضاف علماء الفيزياء الفلكية إضافات رصدية ونظرية إلى نموذج الانفجار العظيم، وتمثيلها الوسيطي كنموذج لامبدا-سي دي إم الذي هو بمثابة إطار للأبحاث الحالية في علم الكونيات النظري.
التسلسل الزمني للانفجار العظيم[عدل]
- مقالة مفصلة: التسلسل الزمني للانفجار العظيم
- طالع أيضًا: التفرد الجذبوي
يقودنا تتبع تمدد الكون عبر الزمن إلى حقيقة أن الكون كان في الماضي في حالة شديدة الكثافة والحرارة.[9] ويشير هذا التفرد إلى تعطُّل تطبيق النسبية العامة، فلا يمكننا تتبع حالة التفرد تلك على وجه اليقين أكثر من فترة نهاية حقبة بلانك. ويسمى هذا التفرد أحيانًا "الانفجار العظيم"،[10] ولكن هذا المصطلح قد يشير أيضًا إلى الحالة الأولى(1) التي كانت أكثر حرارة وكثافة،[11] التي تعتبر لحظة ميلاد الكون. وبناءً على قياسات التمدد مقارنةً بنموذج مستعر أعظم من النوع أ وقياسات التقلبات الحرارية في الخلفية الإشعاعية للكون وقياسات الارتباط بين المجرات، أمكن حساب عمر الكون وتقديره بنحو 13.798 ± 0.037 مليار سنة.[12] وقد أدى التوافق بين هذه القياسات الثلاثة المستقلة عن بعضها البعض إلى دعم نموذج لامبدا-سي دي إم بقوة، والذي يصف بالتفصيل محتويات الكون.
التضخم الكوني ونشأة الباريونات[عدل]
- مقالات مفصلة: التضخم الكوني
- نشأة الباريونات
تخضع الأطوار الأولى للانفجار العظيم للعديد من التكهنات. ففي النماذج الأكثر شيوعًا، كان الكون ممتلئًا بصورة متجانسة وقياسية بجسيمات ذات كثافة طاقة ودرجات حرارة وضغوط هائلة، وأنه تمدد وبَرُد بسرعة فائقة. وخلال ما يقرب من 10 −37 ثانية في التمدد، تسبب تحول طوري في تضخُّم الكون ونموه نموًا أُسيًا.[13] وبعد توقف التضخم، تألّف الكون من بلازما كوارك-غلوونية، وغيرها من جميع الجسيمات الأولية الأخرى.[14] كانت درجات الحرارة في تلك الحالة مرتفعة حتى تسنّى تحرك الجزيئات عشوائيًا وفق سرعات نسبية، ونتجت أزواج ومضاداتها من كل نوع بصفة مستمرة، بل وتلاشى بعضها عبر الاصطدامات. وفي مرحلة ما، حدث تفاعل يسمى بنشأة الباريونات لم يحافظ على رقم باريون، مما أدى إلى وجود فائض صغير جدًا من الكواركات والليبتونات يفوق مضادات الكوارك ومضادات الليبتونات بنحو جزء واحد من 30 مليون جزء. أدى ذلك إلى هيمنة المواد على المواد المضادة في الكون الحالي.[15]
التبرد[عدل]
- مقالات مفصلة: تخليق الانفجار العظيم النووي
- الخلفية الإشعاعية للكون
منظر بانورامي لكامل الكون باستخدام أشعة تحت حمراء تُظهر توزيع المجرات خارج درب التبانة. المجرات مقسّمة لونيًا وفق انزياحها الأحمر.
في تاريخ الكون، هناك فرضية بأن الموجات الثقالية نشأت عن التضخم الكوني الناتج عن التمدد تمامًا بعد الانفجار العظيم.[16][17][18][19]
ظلت كثافة الكون وحرارته في انخفاض، وبالتالي تناقصت طاقة أي من جسيماته. ثم نقلت الأطوار الانتقالية كسر تناظر القوى الأساسية للفيزياء ومتغيرات الجسيمات الأولية إلى وضعها الحالي.[20] ففي خلال حوالي 10−11ثانية، أصبحت حالة الكون أكثر استقرارًا، حيث انخفضت طاقات الجسيمات إلى القيم التي يمكن تحقيقها في تجارب فيزياء الجسيمات. وفي حوالي 10−6 ثانية، تجمّعت الكواركات والغلوونات لتكوين الباريونات مثل البروتونات والنيوترونات. أدى فائض صغير من الكواركات مقابل مضادات الكوارك إلى فائض صغير من الباريونات مقابل مضادات الكوارك. وبانخفاض درجات الحرارة، لم تعد درجة الحرارة تكفي لتكوين أزواج جديدة من البروتون-مضاد البروتون وكذلك أزواج النيوترونات-مضادات النيوترونات، لذا نتجت على الفور عمليات تلاشي ضخمة، تبقى منها فقط واحد من كل 1010 من البروتونات والنيوترونات الأصلية، لم يتبق أي من مضاداتها. كذلك حدثت عملية مشابهة خلال ثانية واحدة للإلكترونات والبوزيترونات. وبعد عمليات التلاشي تلك، توقفت باقي البروتونات والنيوترونات والإلكترونات عن التحرك بنسبية، وشكّلت الفوتونات غالبية كثافة طاقة الكون (مع مساهمة بسيطة من النيوترينوات).
وخلال دقائق من تمدد الكون، عندما كانت درجة الحرارة حوالي مليار كلفن والكثافة تساوي تقريبًا كثافة الهواء، توحّدت النيوترونات مع البروتونات لتشكيل ديوتريومات الكون وأنوية ذرات الهيليوم في عملية تسمى تخليق الانفجار العظيم النووي.[21] وظلت معظم البروتونات منفصلة كأنوية لذرات الهيدروجين. ومع تبرُّد الكون، سيطرت جاذبية إشعاع الفوتونات على كثافة طاقة الكتلة الباقية من المادة. وبعد حوالي 379,000 سنة، اتحدت الإلكترونات مع أنوية الذرات (معظمها من الهيدروجين)؛ وبالتالي انفصل الإشعاع عن المادة، وانطلق في الفضاء دون عوائق إلى حد كبير. وتعرف بقايا هذا الإشعاع باسم الخلفية الإشعاعية للكون.[22]
تشكل البنية[عدل]
- مقالة مفصلة: تشكل البنية
على مدى فترة طويلة من الزمن، تجاذبت المناطق الأكثر كثافة من المادة شبه الموزعة بتجانس قليلاً نحو المادة، وبالتالي نمت بكثافة أكبر، وتشكّلت سحب غازية ونجوم ومجرات وبقية أجزاء البنية الفلكية الأخرى التي يمكن ملاحظتها اليوم. اعتمدت تفاصيل تلك العملية على كمية ونوع مادة الكون. وتنقسم أنواع المادة إلى مادة مظلمة باردة ومظلمة دافئة ومظلمة حارة وباريونة. وقد أظهرت أفضل القياسات المتاحة (من خلال مسبار ويلكينسون لقياس اختلاف الموجات الراديوية) أن البيانات تتوافق بشكل جيد مع فرضية نموذج لامبدا-سي دي إم التي تفترض أن المادة المظلمة كانت باردة (حيث اختفت المادة المظلمة الدافئة في وقت مبكر أثناء حقبة إعادة التأين[23])، وقدّرت أنها تُشكّل حوالي 23٪ من نسبة المادة/طاقة الكون، بينما تُشكّل المادة الباريونية حوالي 4.6٪.[24] وفي "نموذج التمدد" الذي يتضمن مادة مظلمة ساخنة في شكل نيوترينوات، إذا كانت "الكثافة الفيزيائية للباريون" bh2 تقدر بحوالي 0.023 (وهي تختلف عن "كثافة الباريون" Ωb التي يُعبّر عنها كجزء من النسبة الإجمالية لكثافة المادة/الطاقة، والتي أُشير إليها أعلاه بحوالي 0.046)، وكثافة المادة المظلمة الباردة المصاحبة Ωch2 حوالي 0.11، فإن كثافة النيوترينو المصاحب تُقدّر بأقل من 0.0062.[24]
تسارع تمدد الكون[عدل]
- مقالة مفصلة: تسارع تمدد الكون
رصد للمجموعة المجرية أبيل 2744 بواسطة مرصد هابل الفضائي.[25]
هناك دلائل مستقلة من رصد المستعرات العظمى من الدرجة Ia والخلفية الإشعاعية للكون تُظهر أن الكون اليوم تسيطر عليه شكل غامض من الطاقة تعرف باسم الطاقة المظلمة التي تتخلل كامل الفضاء. وتُقدّر نتائج الرصد أن 73٪ من كثافة الطاقة الكلية للكون اليوم تتواجد في تلك الصورة من الطاقة. ومن المرجّح أن الكون في بداية نشأته كان مغمورًا بالطاقة المظلمة، ولكن مع تضايق المساحة وتقارب كل شيء من بعضه البعض، سيطرت الجاذبية، وكبحت تمدد الكون ببطء. وفي نهاية المطاف، وبعد عدة مليارت من سنوات تمدد الكون، تسبب تزايد الطاقة المظلمة في تسارع تمدد الكون ولكن ببطء. وتتخذ الطاقة المظلمة في أبسط صيغها هيئة مصطلح الثابت الكوني في معادلات أينشتاين للمجال في النسبية العامة، ولكن تكوينها وآليتها غير معروفين، وبشكل أعم، ما زالت تفاصيل معادلة حالتها وعلاقتها مع نظرية النموذج العياري لفيزياء الجسيمات قيد البحث رصديًا ونظريًا.[26]
كل هذا التطور الكوني بعد حقبة التضخم الكوني يمكن وصفها بدقة وفق نموذج لامبدا-سي دي إم، الذي يستخدم الأطر المستقلة لميكانيكا الكم والنسبية العامة لأينشتاين. وكما أشير أعلاه، لا يوجد نموذج موثوق يصف ما حدث قبل 10−15 ثانية من نشأة الكون. ويبدو أن هناك حاجة إلى نظرية جاذبية كمية موحدة جديدة لكسر هذا الحاجز لفهم تلك الحقبة من تاريخ الكون، والتي تعد حاليًا إحدى أعظم المسائل التي لم تُحلّ في الفيزياء.
الافتراضات الضمنية[عدل]
تعتمد نظرية الانفجار الكبير على فرضيتين رئيسيتين: شمولية القوانين الفيزيائية والمبدأ الكوني الذي يفترض أنه في المقاييس الكبيرة، يُوصف الكون بأنه فضاء متجانس ومُوحّد الخواص. كانت تلك الأفكار في البداية من المُسلّمات، ولكن اليوم هناك جهود لاختبار كل منها. فعلى سبيل المثال، فإن الفرضية الأولى تم اختبارها من خلال الرصد الذي أظهر أن أكبر انحراف محتمل لثابت البناء الدقيق خلال جزء كبير من عمر الكون يُقدّر بنحو 10−5.[27] كما استخدمت النسبية العامة لعمل اختبارت صارمة على مقاييس النظام الشمسي والنجوم الثنائية.
وإذا افترضنا أن الكون متجانس الخواص كما يُرى من الأرض، فإن المبدأ الكوني يمكن استنتاجه من مبدأ كوبرنيكوس البسيط، الذي ينص على أنه لا يوجد أفضلية. ولذا، فقد تم التحقق من صحة المبدأ الكوني إلى مستوى 10−5 عبر رصد الخلفية الإشعاعية للكون. كما تم قياس تجانس الكون على المقاييس الأكبر حتى مستوى 10٪.[28]
تمدد الفضاء[عدل]
- مقالات مفصلة: إحداثيات روبرتسون-ووكر
- تمدد الكون
لا يعد الانفجار العظيم انفجارًا للمادة يتحرك نحو الخارج لملء كون فارغ. ولكن بمرور الوقت يتمدد الكون في كل إتجاه وتتزايد المسافات الفعلية بين الأجرام السماوية، وهذا ما تشير إليه الأرصاد الفلكية الحديثة. ونظرًا لكون إحداثيات روبرتسون-ووكر تفترض توزيعًا منتظمًا للكتلة والطاقة، فإنها تنطبق فقط على القياسات الكبيرة، أما النطاقات المحدودة من المادة مثل مجرتنا المترابطة تجاذبيًا فلا تنطبق عليها نظرية التمدد واسع النطاق كما في الفضاء خارج مجرتنا.
الآفاق[عدل]
من الخواص الهامة لزمكان الانفجار العظيم هو وجود الآفاق. ونظرًا لحقيقة أن الكون له عمر محدد، وأن الضوء ينتقل بسرعة محددة، فقد تكون هناك أحداث حدثت في الماضي لم يتوفر لها الوقت ليتمكن ضوئها من الوصول إلينا، مما جعل هناك حدًا للمسافة الأفقية التي يمكن رصدها. على العكس، نظرًا لتمدد الفضاء، تبتعد الأجسام البعيدة بسرعة أكبر من أي وقت مضى، وقد لا يُدرك الضوء المنبعث بواسطتنا اليوم أبدًا الأجسام البعيدة للغاية. فبالتالي، يُمكن تعريف الأفق المستقبلي بأنه الأفق الذي يحدد الأحداث المستقبلية التي سنتمكن من التأثير فيها. لذا فإن وجود أي نوع من الآفاق يعتمد على تفاصيل نموذج إحداثيات روبرتسون-ووكر الذي يصف كوننا. كما أن فهمنا للكون يعتمد على افتراضنا وجود أفق قديم في العصور السحيقة، على الرغم من أنه واقعيًا نظرتنا أيضًا محدودة لغموض الكون في لحظاته الأولى، أي أن رؤيتنا لا يمكنها أن تمتد إلى هذا الماضي البعيد، كما أنه إذا استمر الكون في التسارع، سيكون هناك أفق مستقبلي.
تعليق