حرفيات إماراتيات ينقلن تجاربهن إلى الجيل الجديد
"قرض البراقع" تمثل إحدى أبرز الحرف التراثية التقليدية في الإمارات.
الاثنين 2023/01/23
انشرWhatsAppTwitterFacebook
أصالة وتجديد
تحرص صانعات لحرف إماراتية تقليدية على الحفاظ على هذه المهنة من النسيان، وتعليم حرفة التلي، وقرض البراقع، والسفافة للكبار والصغار مع التجديد فيها.
دبي - في ضواحي مدينة دبي الحديثة، وتحديدا في مركز تراث للحرف اليدوية التقليدية، تقوم مجموعة حرفيات بمهمة لنقل ثلاث حرف تقليدية إماراتية للأجيال الجديدة.
ففي داخل منزل مبني بشكل تقليدي، تجلس مجموعة من الفتيات والنساء والحرفيات معا في دائرة، بينما ينسجن سعف نخيل ملونا، وهي حرفة تراثية إماراتية قديمة تسمى الخوص.
من هؤلاء الحرفيات شامة السعدي التي تعلمت التطريز من جدتها وانضمت إلى المركز لتعليم الأخريات ما تعلمته.
قالت شامة السعدي، وهي عُمانية عمرها 37 عاما، “الحمد لله، صرت أعرف السفافة، أعرف التلي، أعرف أشياء بسيطة للبرقع. وبما أنني أحب هذه الحرفة عليّ أن أعلم الجيل الثاني ونتوارث تراثنا من جيل إلى جيل”.
وفي حرفة السفافة يستخدم سعف النخيل لصناعة الأواني والسلال والحقائب، حيث تقوم الحرفية بربط السعف على شكل ضفائر بعد الانتهاء من مراحل تنظيفه وقصه وانتقاء ما يصلح منه للسفافة من حيث الحجم والجودة والطول، ثم تعمل على تليينه بالماء حتى لا يتكسر أثناء تشكيله.
حرفة السفافة تعتمد على سعف النخيل لصناعة الأواني والسلال والحقائب
وتكمن براعة الحرفيات في الوصول إلى الشكل النهائي للمنتج، وهو ما ينم عن تمتعهن بحس فني فطري.
كما تنتج الحرفيات المختصات في هذه المهنة التراثية “المهفات”، أي المراوح اليدوية والحصير، وصولا إلى أشكال تم ابتكارها وفق الحاجة بما فيها حقائب نسائية ملونة تحظى بإقبال كبير.
ولا تقتصر الرغبة في تعلم تراث الإمارات والخليج على العربيات فقط، فقد كان من بين من يتعلمن بالمركز سائحة نمساوية تدعى كاترينا فيرنر، قالت “كل بلد أسافر إليه، أسعى للتواصل مع الناس، أريد أن أرى نمط الحياة والثقافة، كيف يأكلون، وكيف يلتقون، أريد أن أعرف تقاليدهم”.
كما كانت بين الحاضرات أيضا فيرونيكا سمولديرس، وهي إسبانية مقيمة في دبي، أوضحت أنها ترغب في أن تعرض للناس ما وراء دبي الحديثة التي يراها العالم. وقالت “جئت لتعلم فن الخوص والتعرف أكثر على التراث الإماراتي. أنا صانعة محتوى، لذلك أود أن يرى المزيد من الناس ما وراء أفق دبي ويتعرفون على الثقافة والتراث الغني للإماراتيين”.
وفي القاعة أيضا، تعلم حرفيات فن تطريز تقليدي يسمى “التلي” لطالبات صغيرات من مدرسة أم سقيم، يراقبن الحرفيات عن كثب وهن ينسجن الخيوط لإبداع أشكال معينة.
ومن بين هؤلاء شامة، الطالبة في مدرسة أم سقيم، والتي قالت “نحن نريد الحرف أن تنتقل للأجيال ونريد تعليم كل أبنائنا. أتينا إلى هنا لنتعلم، اعتقدنا أن يكون الأمر أصعب ولكن كان أسهل مما توقعت”.
حرفة "التلي" مسجلةعلى قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي
وتعتبر صناعة “التلي” شبيهة بصناعة “الدانتيل”، حيث تستخدم وسادة مستديرة الشكل في عملية التطريز، وبناء على الشكل المصمم تستخدم النساء اللاتي يقمن بنسج التلي نحو 8 حتى 50 “دخاري أي بكرة خيط”، لتتناسب مع عدد الخيوط المستخدمة، كما يتم تثبيت الوسادة أمامهن على حامل معدني يسمى “كاجوجة”، ومن العادات المنتشرة في دولة الإمارات في ما يتعلق بهذه الحرفة جلوس النساء أثناء ممارسة هذه الحرفة على الأرض.
وقد تم تسجيل حرفة “التلي” على قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي، وهو يعد إنجازا يحفظ هذه الحرفة التراثية، ويضمن ديمومتها.
وقالت عليا مرتضى، الطالبة في مدرسة أم سقيم أيضا، “أحببت جدا هذه الحرفة وتعلمت أشياء جديدة وثقافة أجيالنا، وأشكر كل من علمني، وإن شاء الله أعلم أبنائي وأولاد أبنائي”.
وأوضحت أم عبيد، مديرة مركز توريث للحرف اليدوية التقليدية، الذراع التربوية لمتحف الشندغة، أن هدف المركز هو نشر هذه المهارات في العالم الحديث.وقالت “أسسنا المركز على أساس أن نستقبل من الكبار للصغار ونريهم كيف يتعلمون حرفة التلي، حرفة البراقع، حرفة الخوص، يا من ليس له أول ليس له ثان، هذا التراث موجود قبل تأسيس دولة الإمارات، أحببنا أن نجدد هذا الشيء ونضفي عليه أشياء جديدة”.
وتمثل مهنة “قرض البراقع”، إحدى أبرز الحرف التراثية التقليدية، التي مازالت تمارسها أعداد قليلة من الحرفيات، في ظل تراجع الإقبال عليها، واقتصار ارتدائها على جيل الأمهات والجدات، فقد دأبت على ارتدائها المرأة الإماراتية في الماضي، وتعتبر جزءا من زينتها وزيها الشعبي.
وقالت الحرفية بالمركز موزا أحمد العبدولي “عندما نغادر المركز تكون نفسيتنا منشرحة لأننا قمنا بتعليم الحرفة، إحدى الحرفيات بعد أن تعلمت قالت لنا جازاكم الله خيرا، وهي في قمة السعادة، وهو ما يدخل السرور على قلوبنا أيضا. لا نشعر بالتعب، نأتي من بعيد لنشعر بالراحة”.
ويقع متحف الشندغة، وهو أكبر متحف تراثي في دبي، في قلب حي الشندغة التاريخي، ويعكس ماضي المدينة، كما يقدم لمحة عن مستقبلها.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
"قرض البراقع" تمثل إحدى أبرز الحرف التراثية التقليدية في الإمارات.
الاثنين 2023/01/23
انشرWhatsAppTwitterFacebook
أصالة وتجديد
تحرص صانعات لحرف إماراتية تقليدية على الحفاظ على هذه المهنة من النسيان، وتعليم حرفة التلي، وقرض البراقع، والسفافة للكبار والصغار مع التجديد فيها.
دبي - في ضواحي مدينة دبي الحديثة، وتحديدا في مركز تراث للحرف اليدوية التقليدية، تقوم مجموعة حرفيات بمهمة لنقل ثلاث حرف تقليدية إماراتية للأجيال الجديدة.
ففي داخل منزل مبني بشكل تقليدي، تجلس مجموعة من الفتيات والنساء والحرفيات معا في دائرة، بينما ينسجن سعف نخيل ملونا، وهي حرفة تراثية إماراتية قديمة تسمى الخوص.
من هؤلاء الحرفيات شامة السعدي التي تعلمت التطريز من جدتها وانضمت إلى المركز لتعليم الأخريات ما تعلمته.
قالت شامة السعدي، وهي عُمانية عمرها 37 عاما، “الحمد لله، صرت أعرف السفافة، أعرف التلي، أعرف أشياء بسيطة للبرقع. وبما أنني أحب هذه الحرفة عليّ أن أعلم الجيل الثاني ونتوارث تراثنا من جيل إلى جيل”.
وفي حرفة السفافة يستخدم سعف النخيل لصناعة الأواني والسلال والحقائب، حيث تقوم الحرفية بربط السعف على شكل ضفائر بعد الانتهاء من مراحل تنظيفه وقصه وانتقاء ما يصلح منه للسفافة من حيث الحجم والجودة والطول، ثم تعمل على تليينه بالماء حتى لا يتكسر أثناء تشكيله.
حرفة السفافة تعتمد على سعف النخيل لصناعة الأواني والسلال والحقائب
وتكمن براعة الحرفيات في الوصول إلى الشكل النهائي للمنتج، وهو ما ينم عن تمتعهن بحس فني فطري.
كما تنتج الحرفيات المختصات في هذه المهنة التراثية “المهفات”، أي المراوح اليدوية والحصير، وصولا إلى أشكال تم ابتكارها وفق الحاجة بما فيها حقائب نسائية ملونة تحظى بإقبال كبير.
ولا تقتصر الرغبة في تعلم تراث الإمارات والخليج على العربيات فقط، فقد كان من بين من يتعلمن بالمركز سائحة نمساوية تدعى كاترينا فيرنر، قالت “كل بلد أسافر إليه، أسعى للتواصل مع الناس، أريد أن أرى نمط الحياة والثقافة، كيف يأكلون، وكيف يلتقون، أريد أن أعرف تقاليدهم”.
كما كانت بين الحاضرات أيضا فيرونيكا سمولديرس، وهي إسبانية مقيمة في دبي، أوضحت أنها ترغب في أن تعرض للناس ما وراء دبي الحديثة التي يراها العالم. وقالت “جئت لتعلم فن الخوص والتعرف أكثر على التراث الإماراتي. أنا صانعة محتوى، لذلك أود أن يرى المزيد من الناس ما وراء أفق دبي ويتعرفون على الثقافة والتراث الغني للإماراتيين”.
وفي القاعة أيضا، تعلم حرفيات فن تطريز تقليدي يسمى “التلي” لطالبات صغيرات من مدرسة أم سقيم، يراقبن الحرفيات عن كثب وهن ينسجن الخيوط لإبداع أشكال معينة.
ومن بين هؤلاء شامة، الطالبة في مدرسة أم سقيم، والتي قالت “نحن نريد الحرف أن تنتقل للأجيال ونريد تعليم كل أبنائنا. أتينا إلى هنا لنتعلم، اعتقدنا أن يكون الأمر أصعب ولكن كان أسهل مما توقعت”.
حرفة "التلي" مسجلةعلى قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي
وتعتبر صناعة “التلي” شبيهة بصناعة “الدانتيل”، حيث تستخدم وسادة مستديرة الشكل في عملية التطريز، وبناء على الشكل المصمم تستخدم النساء اللاتي يقمن بنسج التلي نحو 8 حتى 50 “دخاري أي بكرة خيط”، لتتناسب مع عدد الخيوط المستخدمة، كما يتم تثبيت الوسادة أمامهن على حامل معدني يسمى “كاجوجة”، ومن العادات المنتشرة في دولة الإمارات في ما يتعلق بهذه الحرفة جلوس النساء أثناء ممارسة هذه الحرفة على الأرض.
وقد تم تسجيل حرفة “التلي” على قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي، وهو يعد إنجازا يحفظ هذه الحرفة التراثية، ويضمن ديمومتها.
وقالت عليا مرتضى، الطالبة في مدرسة أم سقيم أيضا، “أحببت جدا هذه الحرفة وتعلمت أشياء جديدة وثقافة أجيالنا، وأشكر كل من علمني، وإن شاء الله أعلم أبنائي وأولاد أبنائي”.
وأوضحت أم عبيد، مديرة مركز توريث للحرف اليدوية التقليدية، الذراع التربوية لمتحف الشندغة، أن هدف المركز هو نشر هذه المهارات في العالم الحديث.وقالت “أسسنا المركز على أساس أن نستقبل من الكبار للصغار ونريهم كيف يتعلمون حرفة التلي، حرفة البراقع، حرفة الخوص، يا من ليس له أول ليس له ثان، هذا التراث موجود قبل تأسيس دولة الإمارات، أحببنا أن نجدد هذا الشيء ونضفي عليه أشياء جديدة”.
وتمثل مهنة “قرض البراقع”، إحدى أبرز الحرف التراثية التقليدية، التي مازالت تمارسها أعداد قليلة من الحرفيات، في ظل تراجع الإقبال عليها، واقتصار ارتدائها على جيل الأمهات والجدات، فقد دأبت على ارتدائها المرأة الإماراتية في الماضي، وتعتبر جزءا من زينتها وزيها الشعبي.
وقالت الحرفية بالمركز موزا أحمد العبدولي “عندما نغادر المركز تكون نفسيتنا منشرحة لأننا قمنا بتعليم الحرفة، إحدى الحرفيات بعد أن تعلمت قالت لنا جازاكم الله خيرا، وهي في قمة السعادة، وهو ما يدخل السرور على قلوبنا أيضا. لا نشعر بالتعب، نأتي من بعيد لنشعر بالراحة”.
ويقع متحف الشندغة، وهو أكبر متحف تراثي في دبي، في قلب حي الشندغة التاريخي، ويعكس ماضي المدينة، كما يقدم لمحة عن مستقبلها.
انشرWhatsAppTwitterFacebook