كتب البروفيسورطلال معلا ..عن محمود شبر ..تشفير الحكاية وترميز النداء

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كتب البروفيسورطلال معلا ..عن محمود شبر ..تشفير الحكاية وترميز النداء



    حينما ترى مكانك بعين العالم تثق بخطاك،،هكذا انا بعين البروفيسور طلال معلا
    محمود شبر
    تشفير الحكاية وترميز النداء

    طلال معلا

    تساهم الأطروحات الإبداعية حول الحكاية وما تتضمنه من سرد بصري في توضيح الثوابت الدائمة مهما عفا عليها الزمان واحتضنها التاريخ، فهي هدف مباشر للعديد من الفنانين والشعراء والمبدعين لخلق علاقة متبادلة بين الماضي والحاضر من جهة، وبين الفن ونظرياته من جهة أخرى، ليبقى استخدام هذه الأطروحات الحكائية والفلسفية حقيقة تجعل شعبيتها أكثر روعة بتقاطع الخرافي مع الأخلاقي، في زمن تعلو فيه الحاجة للمثل الكبرى التي تتضمنها تلك الحكايات.
    الفنان (محمود شبر) المحاصر بين مرجعياته الذاكراتية وواقعه، يتوغل عبر فنه في عوالم بصرية ليتعرف على أسرار يمكن الإمساك بها فور النظر إلى أعماله. وإن كانت الحكايات تمضي غالباً بين اليأس واليأس، اللذان يشكلان مضامين أغلب صوره، متطلعاً لنظرة إيجابية تروي بصراحة الحياة المسعورة والجمود الإنساني، وتطرح العديد من الأسئلة عن خرافة الحاضر المعاش، لإبراز القيمة التنويرية للفن من خلال العودة به مئات أو آلاف السنين، لاستنباط الحقيقة من التفاعل مع حقب تلاشت في مجرى الزمن، وتلاشت معها خصوصياتها الجمالية الثقافية وأمثالها ومثلها التي يمكن التفريق بينها وبين صورة الواقع، الذي يقول الفن فيه مالا يمكن قوله، بسبب قدرة الفنان على تشفير الحكاية، أو ترميز النداء الكامن فيها. والذي يمكن للمشاهد تفكيكه ليس لإشباع الرغبة وحسب، بل لترسيخ القيمة التي يختارها الفنان بشكل وثيق ومكثف.
    رغم التفاصيل الممتعة للوحة (محمود شبر)، وتمكنه من الاعتماد على هذا النوع من البوح البصري، فإن الإيجاز الشكلي البصري للعالم المروي يخرج غالباً عن الوضع الزمني، وكذلك بالأبطال والأفراد المكملين، لتبقى لوحته منفتحة على الصراع الذي يقدمه بدرامية لاتخلو من روح الدعابة، تماماً كحقيقة الحياة باتساعها وعمقها، والتي يسعى الفنان لإبرازها كصورة تنفي الظلام، وتسعى للتنوير والانتقال إلى عالم مشرق بالغ الوضوح، بل لعلها دعوة للعقل للتوغل في ظلامية الواقع اعتماداً على أبطال وشخصيات من التاريخ، تضفي عدم معرفتنا بتفاصيل حقيقتهم غموضاً يتيح للعقل التوغل أكثر في مساحات يمتلكها الفنان، وقد لانمتلكها كمشاهدين ومتلقين للمقارنات التي يعقدها، والمنعكسة في جميع التفسيرات التي يمكن أن تحدد المعايير الفكرية التي يعتمدها محمود شبر لمنجزه الفني الشخصي والاجتماعي، والذي يمكن اعتباره نداء موجهاً لكل إنسان من خلال التفكير في أعماق الذات.
    عبر تمثل الأحداث المحيطة بشخصيات اللوحات كعنترة مثالاً، فإن محاولة الفنان تشير إلى ماهو أبعد من حقيقة وجود الشخصية، كدال موضوعي أو كرمز يثير في وجوده الحالي إمكانية طرد الظلام والقيود، والدخول في عالم مشرق واضح يمكن للمتلقي تجاوزه إلى مساحات قد يبدو أنه لايمتلكها، إلا أن الإشارات الشكلية المعاصرة، وبعض الكتابات المتناثرة، والإيحاءات اللونية في العمل الفني، تجعل من الممكن توضيح الخطاب البصري الشعبي كمعيار فكري، معني هو الآخر بالبحث عن الحقيقة المحفورة في الذاكرة المتناقلة، والتي مازالت قادرة على تحريك المشاعر الإنسانية، اعتماداً على المعارف المتراكمة، المرتبطة بهذه الحقيقة التي لايمكن الوصول إليها إلا عبر الجهد الذي يجعل الجميع يستحقونها، والتي بمجرد تحققها البصري في العمل الفني أو الإبداعي تتوسع قدرات الإنسان في الوصول إلى الحقائق المبنية على التجربة الشخصية، والموجودات المعرفية المتحققة فيما مضى، والتي يمكن اعتبارها خلف مثل هذا المنجز البصري.
    المزج بين المعاصر وبين تملك الأفكار الماضوية كحكايات ومحتوى فكري يلجأ إليه ويقدمه (شبر) كروح صالحة للتأمل من جديد، في موضوعات تشكل جوهر أسلوبه التنويري النقدي، الذي يمثل تحدياً تصويرياً للانتقال من مستوى تبصري إلى آخر، للوصول إلى الهدف الذي لايمكن اعتباره نقطة مركزية في تجربته، وإنما مساراً مستمراً له دلالاته الجمالية المعاصرة لذات الفنان وبيئته، وللمبادئ الجديدة التي مازال يبحث عنها، ويبذل جهدًا لتمثل الموقف الواقعي تجاهها، الذي يبدو مربكاً ومرهقاً للمعنى، الذي تعطيه الحركة الشكل المفتاحي لاعتباره سرداً خيالياً، يحتمل صياغة الخرافة جراء تعقد مشهديات الواقع، وسبل سرده، وإحالاته الأخلاقية. بحيث يمكن اعتباره في اللوحة خرافة بصرية اعتماداً على الحقائق المرة التي تعين في التواصل لاكتساب أمرين: المتعة والمعرفة في نفس الوقت، حيث كل تفصيل من تفاصيل لوحاته منغمس في ذهن ووعي الفنان، والتزامه بحقائق تخفي ماتعنيه بقدر ماتظهره من معان على صلة بالمعارف الحقيقية للمتلقي، والمساعدة بتوسيع نطاق التجربة الشخصية في فهم استخدام (شبر) للحكايات باعتبارها الوظيفي، المحقق للإقناع في سياق الخطاب البصري. وتمنح إمكانية الوصول إلى الفائدة المرجوة من المعنى قبل المتعة، التي تحققها الإمكانيات التقنية للفنان في التعبير بمطلق المهارة عن المفاهيم التي تشكل صوراً متنوعة للحقيقة، ومن خلال المظهر الخفي للباطل، وعبر المسحة الخيالية القابضة على الحواس، التي تعين في اكتشاف المحجوب عن البصر والبصائر.
    إن تعيين الواقع عبر الحكاية، وإعادة تشكيل الحكاية بصرياً للتعرف على افتراضات جديدة، من خلال تطوير وتثوير الأدوار، التي تأتي كنتيجة للتغيرات المتدفقة في ذات الحكاية، والتي سينتج عنها الفعل المقصود باعتباره الغاية التي تتكون منها أية حكاية، لتوقظ في الآخرين مفاهيم جديدة تحرضهم على التغيير في واقعهم الماثل في اللحظة، والمكثف في فهم هذا الواقع، حتى حين الاعتماد على المفاهيم المجردة، التي يمكن أن تحول الخرافي إلى حقيقي في العمل الفني.
    يمكن إدراك النصوص البصرية للفنان (محمود شبر) خارج حقيقتها التشكيلية من خلال النظر افتراضياً إلى التأثير المقصود للحكايات، وبمفهوم المعرفة الحدسية الذي يفترض التتبع الخلفي للحقائق. أي المعارف الإدراكية لاستنتاج المعنى بشكل دقيق من قبل المتلقي، والتعرف على

    Jehad Hasan
يعمل...
X