قرنان على فكّ رموزه.. دعوات لإعادة حجر رشيد لمصر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قرنان على فكّ رموزه.. دعوات لإعادة حجر رشيد لمصر

    قرنان على فكّ رموزه.. دعوات لإعادة حجر رشيد لمصر
    سارة عابدين 6 أكتوبر 2022
    آثار
    شارك هذا المقال
    حجم الخط




    لقرون طويلة بقت الرموز الهيروغليفية لغزًا لا يمكن اختراقه، حتى تم فك شيفرتها أخيرًا قبل 200 عام، في سنة 1822، عن طريق عالم اللغويات الفرنسي جان فرانسوا شامبليون الذي كان لديه شغف كبير بمصر القديمة. بهذه المناسبة انطلقت يوم الثلاثاء 27 أيلول/ سبتمبر احتفالات وزارة السياحة والآثار المصرية بمرور 200 عام على فك رموز حجر رشيد وتأسيس علم المصريات، وتضمنت الاحتفالات فتح أبواب المتحف المصري مجانًا للمصريين والأجانب، بالإضافة إلى تنظيم معرض داخل المتحف يظهر تطوّر الكتابة المصرية القديمة ويلقي الضوء على أشهر علماء المصريات.



    لغز الكتابة الهيروغليفية

    كان حجر رشيد هو قلب اللغز، وهو عبارة عن لوح يبلغ وزنه 720 كيلوغرامًا من مادة الجرانوديوريت، وهي صخرة شبيهة بالجرانيت، ويوجد الحجر حاليا في المتحف البريطاني بلندن. تم اكتشاف حجر رشيد عام 1799 أثناء الحملة الفرنسية على مصر، عند ترميم حصن مملوكي، ويقال إنه استخدم في بناء الحصن في زمن السلطان الناصر قلاوون كعادة المماليك في استخدام الأعمدة والأحجار القديمة في بناء قلاعهم وحصونهم، وبعد 10 سنوات تقريبًا أصبح الحجر أساسًا لعمل شامبليون.
    "انطلقت يوم الثلاثاء 27 أيلول/ سبتمبر احتفالات وزارة السياحة والآثار المصرية بمرور 200 عام على فك رموز حجر رشيد وتأسيس علم المصريات"
    بعد تدمير أسطول نابليون على يد الأدميرال البريطاني هوراشيو نيلسون في معركة النيل عام 1798، استسلم الجيش الفرنسي للبريطانيين عام 1801، وأخذ الحجر إلى بريطانيا ضمن غنائم الحرب، وقدّمه الملك جورج الثالث إلى المتحف البريطاني حيث عرض هناك منذ ذلك الوقت، وبقيت الكتابة الهيروغليفية لغزًا لأن أجزاء من النص كانت تالفة أو مفقودة ولم يكن واضحًا كيف ينبغي قراءة تلك اللغة، وكانت إحدى النظريات الشائعة وقتها، أنها ليست لغة ولكنها مجرد رموز وأفكار روحانية.

    لنعرف كيف فكر الناس في اللغة الهيروغليفية كعلامات أو إيديوغرامات تعبر عن أفكار، يمكن أن نستعيد علامات الطرق التي نستخدمها اليوم، نحن نفهمها من سياق وجودها دون أن نفكر في معناها اللغوي؛ على الطرق السريعة تخبرنا العلامات أن نبطئ أو نسرع أو تشير إلى تقاطع قادم. نرى إيدوغراما يصور ظل رجل أو امرأة ونفهم ما تعنيه تلك العلامات تبعًا لسياق ومكان تواجدها، وهكذا كان ينظر الأثريون إلى اللغة الهيروغليفية على مدار قرون.

    من احتفالات وزارة السياحة والآثار المصرية بمرور 200 عام على فك رموز حجر رشيد

    مسار طويل لفك رموز حجر رشيد

    تكاد تكون قصة حجر رشيد ورحلته معقدة تمامًا مثل رموزه، حيث تم اكتشافه في تموز/ يوليو 1799 أثناء تجديد قلعة رشيد بمدينة رشيد التي تقع على دلتا نهر النيل. كان نابليون قد غزا مصر في العام السابق لاكتشاف حجر رشيد بجيش من القوات الفرنسية علاوة على عدد كبير من العلماء الفرنسيين المهتمين بالتاريخ المصري القديم الذي كان نابليون مهووسًا به.

    ظهرت أهمية حجر رشيد فور اكتشافه، لأنه كان يحمل ثلاث لوحات نصية، واحدة منها كانت الهيروغليفية، ولغة أخرى لم تكن معروفة آنذاك، بينما اللغة الثالثة كانت اليونانية القديمة، وهي لغة معروفة ومفهومة من قبل علماء القرن التاسع عشر.
    "بقت الرموز الهيروغليفية لغزًا لا يمكن اختراقه، حتى تم فك شيفرتها أخيرًا قبل 200 عام، في سنة 1822، عن طريق عالم اللغويات الفرنسي جان فرانسوا شامبليون الذي كان لديه شغف كبير بمصر القديمة"
    جاءت محاولات الكشف الأولى من الطبيب الإنكليزي توماس يونغ الذي بدأ في دراسة الحجر منذ عام 1814، واستنتج يونغ أن الحروف الهيروغليفية حروف لغة صوتية عندما وجد أنها تشتمل على أسماء بما في ذلك اسم بطليموس. أكمل شامبليون عمل يونغ بدءًا من عام 1820 وبالعمل على الصوتيات، أدرك في النهاية أن جميع الحروف الهيروغليفية، حروف صوتية بالإضافة إلى كونها حروفًا تصويرية، ويمكن أن يمثل أكثر من رمز كلمة واحدة، وكان في وقتها إنجازًا كبيرًا في التعرف على اللغة الهيروغليفية التي تطورت كلغة مكتوبة للمصريين القدماء منذ حوالي 3300 سنة قبل الميلاد وانقرضت بحلول القرن الرابع الميلادي، والتي صممت في الأساس لتقرأها النخبة المتعلمة فقط، بمن في ذلك الكهنة، في وقت كان أغلب المصريين أميين تماما.

    اللغة الثانية في حجر رشيد كانت اللغة الديموطيقية، وهي لغة تعتمد على الحروف الأبجدية بدلًا من الرموز الهيروغليفية وأسهل كثيرًا في القراءة والكتابة. بمرور الوقت حلت اللغة الديموطيقية محل اللغة الهيروغليفية في كل شيء ما عدا النصوص الدينية وتطورت في النهاية إلى اللغة القبطية، وهي لغة المسيحيين الأصليين في مصر.

    يقول شامبليون في رسالته لأخيه: "لم أعد أحلم إلا بالقبطية المصرية. صرت قبطيًا حتى أنني أتسلى بترجمة كل ما أفكر فيه إلى اللغة القبطية، وأتكلم القبطية وأنا وحدي"

    طريقة حل اللغز

    بسبب تعقيدات الكتابة المصرية القديمة التي تجمع قراءات متعددة، توجب على شامبليون فهم اللغة أولًا ثم فهم علاماتها ورموزها. يقول شامبليون في رسالته لأخيه: "أخي العزيز، أنا لم أعد أحلم إلا بالقبطية المصرية. صرت قبطيًا حتى أنني أتسلى بترجمة كل ما أفكر فيه إلى اللغة القبطية، وأتكلم القبطية وأنا وحدي".

    أكثر ما ساعد شامبليون على فك رموز حجر رشيد كانت الأشكال البيضاوية الموجودة في النص الهيروغليفي والتي تعرف باسم "الخراطيش" وتتضمن أسماء الملوك والملكات، ومن خلال مقارنة هذه الأسماء بالنص اليوناني استطاع تمييز اسم بطليموس وكليوباترا، وكانت هذه هي الحلقة التي أدت إلى فك رموز اللغة الهيروغليفية.
    "كان النص المكتوب على الحجر هو قرار إداري أصدره الملك البطلمي بطليموس الخامس بعفو المعابد من دفع بعض الضرائب والرسوم، كما تضمن شكرًا وامتنانًا من كهنة مدينة ممفيس القديمة للملك على قراره"
    كان النص المكتوب على الحجر هو قرار إداري أصدره الملك البطلمي بطليموس الخامس بعفو المعابد من دفع بعض الضرائب والرسوم، كما تضمن شكرًا وامتنانًا من كهنة مدينة ممفيس القديمة للملك على قراره. يبلغ ارتفاع الحجر 113 سم وعرضه 75 سم ويعود إلى عام 196 قبل الميلاد، والنص نفسه محفور على الحجر بثلاث لغات تكرر نفس النص؛ الهيروغليفية التي كانت مخصصة للنقوش المحفورة على الأحجار وجدران المعابد، واللغة الديموطيقية، واللغة اليونانية القديمة. وقد كتب النص بأكثر من لغة ليتمكن الجميع من فهم النص المكتوب.

    يوجد حجر رشيد اليوم في الجناح رقم 4 بالمتحف البريطاني

    حجر رشيد بعيدًا عن موطنه

    يوجد حجر رشيد اليوم في الجناح رقم 4 بالمتحف البريطاني، وهو جزء من مجموعة المنحوتات المصرية المعروضة في المتحف وأهم قطعة فيها. الحجر معروض داخل صندوق من الزجاج الواقي، وهو موجود هناك منذ 220 عامًا، باستثناء فترة في الحرب العالمية الأولى عندما نقل إلى نفق بعمق 50 قدمًا تحت الأرض لحمايته من الغارات الجوية. ورغم بقاء الحجر هناك لكل هذه السنوات، فإن مصر المستبعدة من القرارات المتعلقة بمستقبل الحجر منذ نهاية القرن الثامن عشر ما زالت ترغب في استعادته، كما ورد في صحيفة "ذا ناشيونال" في شهر آب/ أغسطس الماضي، أن عالم الآثار الشهير الدكتور زاهي حواس قد قدم التماسًا لإعادة ثلاث من أهم القطع الأثرية إلى مصر بما فيها حجر رشيد وتمثال نفرتيتي النصفي الموجود في متحف برلين وبرج دندرة الموجود في متحف اللوفر، حيث قال إن حجر رشيد هو رمز الهوية المصرية وليس للمتحف البريطاني الحق في عرضه للجمهور.
    "تقيم فرنسا حاليًا عدة فعاليات احتفالًا بمرور 200 عام على فك رموز حجر رشيد، حيث تستضيف المكتبة الوطنية الفرنسية معرضًا فنيًا استغرق إعداده ثلاث سنوات، يعرض وثائق شامبليون الأصلية غير المعروضة من قبل"
    احتفالات فرنسا بذكرى فك رموز حجر رشيد

    تقيم فرنسا حاليًا عدة فعاليات احتفالًا بمرور 200 عام على فك رموز حجر رشيد، حيث تستضيف المكتبة الوطنية الفرنسية معرضًا فنيًا استغرق إعداده ثلاث سنوات، يعرض وثائق شامبليون الأصلية غير المعروضة من قبل. كما افتتح معهد العالم العربي في باريس تجربة بعنوان "أفق خوفو"، وهي جولة افتراضية تأخذ الزوار داخل الهرم الأكبر. كما سيقيم متحف اللوفر قريبًا معرضًا عن اللغة الهيروغليفية ومتحفًا متنقلًا يقوم بجولة في منطقة با دو كاليه. كما تقام حاليًا في بلدية فيجيك الفرنسية، مسقط رأس شامبليون، مهرجانات ثقافية تستمر حتى شهر تشرين الأول/ أكتوبر الحالي، تشمل عروض أفلام وعروض مسرحية وندوات مع كبار علماء المصريات.



    مصادر:

    https://www.egypttoday.com/Article/4...-Rosetta-Stone
    https://www.thenationalnews.com/mena...ter-200-years/
    https://www.thenationalnews.com/worl...colonial-loot/
    https://www.facebook.com/10006488283...aYQKptkiFSgkl/
    https://www.bnf.fr/fr/agenda/laventure-champollion
    https://www.facebook.com/10006488283...e2ciNZywMTZgl/


يعمل...
X