كيف تكتب رواية بخمسة أيام وتحقق الكثير من المال!
مها حسن 14 يناير 2023
هنا/الآن
(Getty)
شارك هذا المقال
حجم الخط
وصفة الكتابة
لجأتُ إلى إحدى المجموعات المغلقة في فيسبوك، تديرها مجموعة من السوريين الذين يتبادلون خبراتهم في المنفى الفرنسي، وكنت أحتاج إلى معلومات تتعلق باللجوء والحصول على السكن، حيث بسبب وصولي منذ وقت بعيد، لا أعرف شيئًا عن هذه الأمور اليوم.
حددت في طلبي أنني كاتبة، وأنني أحتاج إلى هذه المعومات من أجل عمل يتعلق باللجوء، وقد وصلتني بعض المعلومات التي أحتاجها، بسبب التجارب التي مرّ بها أصحابها.
من الرسائل الطريفة التي لا تمت بصلة إلى طلبي ما كتبه لي أحد الأشخاص يسأل: كيف صرتِ كاتبة في فرنسا؟
لم أفهم قصد صاحب السؤال، فطلبت منه التوضيح، ليجيبني بأنه يرغب في الكتابة، ولا يعرف كيف يمكن أن يصبح المرء كاتبًا في فرنسا.
الرجل يبني سؤاله على قاعدة رائجة، مثلا يكتب أحدهم: ما هي شروط العمل كممرض في فرنسا؟ أو كيف يمكنني أن أحصل على شهادة مترجم محلف؟ هذا النوع من الأسئلة الذي يحتاج الغرباء إلى فهم طبيعة المهنة وشروطها في البلد الجديد، وخاصة لأولئك الذين كانوا يعملون في الحقل ذاته في سورية، ويرغبون بمتابعة المهنة في فرنسا، مع الخضوع للإجراءات القانونية والشروط الخاصة بفرنسا.
من سؤال الشخص يتضح أن لا علاقة له بالكتابة، فالكتابة ليست مهنة تتعلق بأرض وجغرافية، ويمكن لأحدنا أن يكون كاتبًا في أي مكان في العالم.
ظن الرجل أنني أسخر منه، حين أعلمته أنه لا توجد قواعد في الكتابة، سوى الموهبة والرغبة والمثابرة. وغضب مني مجيبًا بسخرية: شكرًا لأنك لا تريدين أن يعمل غيرك في هذا المجال.
الشخص ذاته كتب لي بعد ساعات: لا تنسينا من الكتاب، ابعتيلي نسخة!
لا يزال الرجل في إطار المهنة والتسويق وتبادل المنتج ضمن شروط رائجة، كمن يفتح مطعمًا، أو محلًا للخياطة، أو تصفيف الشعر، يستطيع إرسال نماذج من منتجاته، حتى يجلب الزبائن. لم يفهم السوري الباحث عن مكانه في سوق العمل الفرنسية أن الكتابة ليست مهنة، ولا تنتج بضاعة يمكن ترويجها بالطريقة التي يطلبها ويتوقعها.
حتى لو أنني فكرت فعلًا أن أرسل له نسخة من الكتاب، فأنا لا أستطيع فعل ذلك، لأن الرجل يظهر باسم مستعار، واضعًا صورة دراجة نارية في "بروفايله"، ويبدو شبحًا أجهل عنه كل شيء.
الكتابة والدجل
كما انتشرت وسائل حديثة في إطلاق طاقات فنية، في الغناء والموسيقى والتمثيل، من دون الحاجة إلى الدراسة الأكاديمية، ولا اتباع مناهج، أو دورات تعليمية، ليحقق هؤلاء البارعون في التيك توك واليوتيوب، وغيرها من التقنيات المعاصرة، أرقامًا مدهشة في المتابعة، فإن الكتابة لم تنجُ من هذه الألاعيب، والتي قد تتحكّم بمستقبل الأدب.
أقع من وقت لآخر، على صفحات وحسابات أشخاص يكتبون بطريقة ساذجة، لا ترقى حتى إلى مستوى الكتّاب الذين ننتقد بساطتهم، أو سطحيتهم، فهم أساسًا لا علاقة لهم بالكتابة. ولكنهم، وليس بعيدًا عن نموذج الرجل الذي سألني كيف يمكن أن يصبح كاتبًا، يتمتعون بحرفية وذكاء، يمكّنانهم من بيع أية بضاعة ساذجة، حتى لو كانت الكتابة، المهنة التي تتطلب فردية وأدوات خاصة ولغة وثقافة ومعرفة.
يفتح أحدهم موقعًا على الإنترنت، يدون فيه كلمات لا أهمية لها، لكنه يضع صورة ورد وأقلام، وربما بعض الموسيقى الحزينة، كأننا نشاهد مسلسلًا مائعًا من تلك المسلسلات المدبلجة والتي حظيت بجمهور عربي عريض.
يتقن هؤلاء فن العرض والترويج والبيع، وربما سيتحكمون بسوق الكتب في المستقبل القريب.
صناع المحتوى والكوبيرايتر
أما صناع المحتوى، فهم هذه فئة من الأشخاص الذين يتكئ قسم منهم على الأدب، فـ"يتصرفون" بالمقولات الأدبية، من دون ذكر مصادرهم، ويسرقون أفكار الكتّاب ويقدمونها بطريقتهم على أنهم أصحابها.
وهنالك فارق كبير بين صانع المحتوى، وبين الأديب، أو الكاتب، أو المفكّر، هو الفرق ذاته بين الكاتب الذي يمتلك شغفًا فنيًا ومعرفيًا، والمقلّد الذي يسعى إلى البروز والشهرة وتحقيق المال.
يقول لي صديق أبثّه غالبًا همومي الكتابية: الجمع بين المال والأدب أمر صعب. وهذا حقيقي، إلاّ ضمن استثناءات يحقق الكاتب خلالها المال، ككتاب البيست سيلر، أو الكتاب الحائزين على جوائز أدبية ذات قيمة مالية. أما في السياق العادي، فلم تطعم الكتابة خبزًا كما يقال، ويشهد التاريخ على حالات محبطة من كتّاب ماتوا في ظروف سيئة، وعاشوا قبلها في إمكانيات شبه معدمة، ومنهم كتّاب عُرفوا بعد وفاتهم، واشتهروا، وربما تم إنصافهم، ولكن بعد فوات الأوان.
ومع هذا، يستطيع عباقرة التواصل الأذكياء القادرون على تحويل الكلمات إلى مصدر للدخل، ولكن ضمن آليات يصعب على الكاتب الحقيقي، أو ربما التقليدي، اتباعها، أو فهم سيرورتها.
من هذه المهن، القريبة من صناعة المحتوى، "كوبيرايتير"، وترجمتها الحرفية تعني "مؤلف"، لكنها تختص بالكتابة التجارية، بأسلوب فني، وهي تختلف عن مهنة تشبهها تتعلق بالكتابة للمواقع، أو محرري المواقع الإلكترونية.
بدوري، تابعت أحد الدروس الطويلة لمهنة "الكوبيرايتر"، لأسمع شهادات مدهشة عن أرقام خيالية يحصل عليها هؤلاء المؤلفون، ويبيعون نصوصهم بعدد الكلمات، لكن هذا النوع من المهن غير متواجد كما أعتقد في العالم العربي، إلا أنه منتشر في أوروبا وأميركا وبريطانيا، وتستخدمه الشركات التجارية في ترويج منتجاتها.
ورشات الكتابة في مواقع الإنترنت الفرنسية
تابعت لفترة، وبكثافة، هذه الدروس حول الكتابة: كيفية تأسيس الرواية منذ القصة حتى الشخصيات... ليبدو الأمر سهلًا، يستطيع أي شخص كتابة رواية: تحتاج فقط إلى ورقة ومخطط، كما يشتغل المهندسون، ترصف الشخوص والأمكنة، وتخترع قصة ما، عبر طرح أسئلة تتدفق، سؤال يخلق سؤالًا، وهكذا، تبني رواية على العظم، من دون تعمق معرفي، أو دراية، أو دراسة للشخصيات ودوافعها النفسية، وتجد نفسك كاتبًا.
الغريب والصادم أن بعض هؤلاء الكتاب نجحوا في نشر كتاب ما أو أكثر، لدى دار نشر في فرنسا، وجميعنا نعرف مصطلحًا راج في السوق المصرية "دور نشر بير السلم"، للتعبير عن دور نشر لا علاقة لها بالأدب الفعلي. هذه الدور موجودة في جميع أنحاء العالم، ولكن حين يكون أحد الكتاب السطحيين قد نشر كتابًا، فإن القارئ العادي لا يميز بين دار فعلية، ودار نشر "ترتزق"، فالكتاب هو الكتاب بالنسبة للجميع. وهكذا يحصل هؤلاء الدجالون كما أدعوهم، على مصداقية، ويكسبون ثقة القارئ، أو الكاتب، الذي يرغب بتعلم مهنة الكتابة. وهنالك من يعطون دروسًا في كيفية الوصول إلى الناشر، وربما فعلًا تأتي هذه الدروس بنتائج فعلية، لكنها تسيء إلى قيمة الأدب، وتحوّله من هاجس معرفي أخلاقي فردي إلى سلعة يمكن إتقان ترويجها.
ورشات الكتابة الجادة
لكن ما سبق لا يعني أن الكاتب لا يتعلم، ولا يتطور عبر الاطلاع على تقنيات الآخرين، للتعرف على أدواته، وهنا يكمن القصد الرئيسي: أن يصل الشخص الراغب بالكتابة إلى مصادره الشخصية، عبر الاطلاع على تجارب الآخرين، ومن هنا نتحدث عن الكتاب الملهم، أو المؤثر، وهو الكتاب، أو الكاتب، الذي لا يعلمنا كيف نكتب مثله، أو مثل غيره، بل نكتشف خصوصيتنا نحن، وهذا هو الإبداع: الاختلاف والجديد.
مها حسن 14 يناير 2023
هنا/الآن
(Getty)
شارك هذا المقال
حجم الخط
وصفة الكتابة
لجأتُ إلى إحدى المجموعات المغلقة في فيسبوك، تديرها مجموعة من السوريين الذين يتبادلون خبراتهم في المنفى الفرنسي، وكنت أحتاج إلى معلومات تتعلق باللجوء والحصول على السكن، حيث بسبب وصولي منذ وقت بعيد، لا أعرف شيئًا عن هذه الأمور اليوم.
حددت في طلبي أنني كاتبة، وأنني أحتاج إلى هذه المعومات من أجل عمل يتعلق باللجوء، وقد وصلتني بعض المعلومات التي أحتاجها، بسبب التجارب التي مرّ بها أصحابها.
من الرسائل الطريفة التي لا تمت بصلة إلى طلبي ما كتبه لي أحد الأشخاص يسأل: كيف صرتِ كاتبة في فرنسا؟
لم أفهم قصد صاحب السؤال، فطلبت منه التوضيح، ليجيبني بأنه يرغب في الكتابة، ولا يعرف كيف يمكن أن يصبح المرء كاتبًا في فرنسا.
الرجل يبني سؤاله على قاعدة رائجة، مثلا يكتب أحدهم: ما هي شروط العمل كممرض في فرنسا؟ أو كيف يمكنني أن أحصل على شهادة مترجم محلف؟ هذا النوع من الأسئلة الذي يحتاج الغرباء إلى فهم طبيعة المهنة وشروطها في البلد الجديد، وخاصة لأولئك الذين كانوا يعملون في الحقل ذاته في سورية، ويرغبون بمتابعة المهنة في فرنسا، مع الخضوع للإجراءات القانونية والشروط الخاصة بفرنسا.
من سؤال الشخص يتضح أن لا علاقة له بالكتابة، فالكتابة ليست مهنة تتعلق بأرض وجغرافية، ويمكن لأحدنا أن يكون كاتبًا في أي مكان في العالم.
ظن الرجل أنني أسخر منه، حين أعلمته أنه لا توجد قواعد في الكتابة، سوى الموهبة والرغبة والمثابرة. وغضب مني مجيبًا بسخرية: شكرًا لأنك لا تريدين أن يعمل غيرك في هذا المجال.
الشخص ذاته كتب لي بعد ساعات: لا تنسينا من الكتاب، ابعتيلي نسخة!
لا يزال الرجل في إطار المهنة والتسويق وتبادل المنتج ضمن شروط رائجة، كمن يفتح مطعمًا، أو محلًا للخياطة، أو تصفيف الشعر، يستطيع إرسال نماذج من منتجاته، حتى يجلب الزبائن. لم يفهم السوري الباحث عن مكانه في سوق العمل الفرنسية أن الكتابة ليست مهنة، ولا تنتج بضاعة يمكن ترويجها بالطريقة التي يطلبها ويتوقعها.
حتى لو أنني فكرت فعلًا أن أرسل له نسخة من الكتاب، فأنا لا أستطيع فعل ذلك، لأن الرجل يظهر باسم مستعار، واضعًا صورة دراجة نارية في "بروفايله"، ويبدو شبحًا أجهل عنه كل شيء.
الكتابة والدجل
كما انتشرت وسائل حديثة في إطلاق طاقات فنية، في الغناء والموسيقى والتمثيل، من دون الحاجة إلى الدراسة الأكاديمية، ولا اتباع مناهج، أو دورات تعليمية، ليحقق هؤلاء البارعون في التيك توك واليوتيوب، وغيرها من التقنيات المعاصرة، أرقامًا مدهشة في المتابعة، فإن الكتابة لم تنجُ من هذه الألاعيب، والتي قد تتحكّم بمستقبل الأدب.
أقع من وقت لآخر، على صفحات وحسابات أشخاص يكتبون بطريقة ساذجة، لا ترقى حتى إلى مستوى الكتّاب الذين ننتقد بساطتهم، أو سطحيتهم، فهم أساسًا لا علاقة لهم بالكتابة. ولكنهم، وليس بعيدًا عن نموذج الرجل الذي سألني كيف يمكن أن يصبح كاتبًا، يتمتعون بحرفية وذكاء، يمكّنانهم من بيع أية بضاعة ساذجة، حتى لو كانت الكتابة، المهنة التي تتطلب فردية وأدوات خاصة ولغة وثقافة ومعرفة.
يفتح أحدهم موقعًا على الإنترنت، يدون فيه كلمات لا أهمية لها، لكنه يضع صورة ورد وأقلام، وربما بعض الموسيقى الحزينة، كأننا نشاهد مسلسلًا مائعًا من تلك المسلسلات المدبلجة والتي حظيت بجمهور عربي عريض.
يتقن هؤلاء فن العرض والترويج والبيع، وربما سيتحكمون بسوق الكتب في المستقبل القريب.
صناع المحتوى والكوبيرايتر
أما صناع المحتوى، فهم هذه فئة من الأشخاص الذين يتكئ قسم منهم على الأدب، فـ"يتصرفون" بالمقولات الأدبية، من دون ذكر مصادرهم، ويسرقون أفكار الكتّاب ويقدمونها بطريقتهم على أنهم أصحابها.
وهنالك فارق كبير بين صانع المحتوى، وبين الأديب، أو الكاتب، أو المفكّر، هو الفرق ذاته بين الكاتب الذي يمتلك شغفًا فنيًا ومعرفيًا، والمقلّد الذي يسعى إلى البروز والشهرة وتحقيق المال.
"حين يكون أحد الكتاب السطحيين قد نشر كتابًا، فإن القارئ العادي لا يميز بين دار فعلية، ودار نشر "ترتزق"، فالكتاب هو الكتاب بالنسبة للجميع" |
يقول لي صديق أبثّه غالبًا همومي الكتابية: الجمع بين المال والأدب أمر صعب. وهذا حقيقي، إلاّ ضمن استثناءات يحقق الكاتب خلالها المال، ككتاب البيست سيلر، أو الكتاب الحائزين على جوائز أدبية ذات قيمة مالية. أما في السياق العادي، فلم تطعم الكتابة خبزًا كما يقال، ويشهد التاريخ على حالات محبطة من كتّاب ماتوا في ظروف سيئة، وعاشوا قبلها في إمكانيات شبه معدمة، ومنهم كتّاب عُرفوا بعد وفاتهم، واشتهروا، وربما تم إنصافهم، ولكن بعد فوات الأوان.
ومع هذا، يستطيع عباقرة التواصل الأذكياء القادرون على تحويل الكلمات إلى مصدر للدخل، ولكن ضمن آليات يصعب على الكاتب الحقيقي، أو ربما التقليدي، اتباعها، أو فهم سيرورتها.
من هذه المهن، القريبة من صناعة المحتوى، "كوبيرايتير"، وترجمتها الحرفية تعني "مؤلف"، لكنها تختص بالكتابة التجارية، بأسلوب فني، وهي تختلف عن مهنة تشبهها تتعلق بالكتابة للمواقع، أو محرري المواقع الإلكترونية.
بدوري، تابعت أحد الدروس الطويلة لمهنة "الكوبيرايتر"، لأسمع شهادات مدهشة عن أرقام خيالية يحصل عليها هؤلاء المؤلفون، ويبيعون نصوصهم بعدد الكلمات، لكن هذا النوع من المهن غير متواجد كما أعتقد في العالم العربي، إلا أنه منتشر في أوروبا وأميركا وبريطانيا، وتستخدمه الشركات التجارية في ترويج منتجاتها.
ورشات الكتابة في مواقع الإنترنت الفرنسية
تابعت لفترة، وبكثافة، هذه الدروس حول الكتابة: كيفية تأسيس الرواية منذ القصة حتى الشخصيات... ليبدو الأمر سهلًا، يستطيع أي شخص كتابة رواية: تحتاج فقط إلى ورقة ومخطط، كما يشتغل المهندسون، ترصف الشخوص والأمكنة، وتخترع قصة ما، عبر طرح أسئلة تتدفق، سؤال يخلق سؤالًا، وهكذا، تبني رواية على العظم، من دون تعمق معرفي، أو دراية، أو دراسة للشخصيات ودوافعها النفسية، وتجد نفسك كاتبًا.
الغريب والصادم أن بعض هؤلاء الكتاب نجحوا في نشر كتاب ما أو أكثر، لدى دار نشر في فرنسا، وجميعنا نعرف مصطلحًا راج في السوق المصرية "دور نشر بير السلم"، للتعبير عن دور نشر لا علاقة لها بالأدب الفعلي. هذه الدور موجودة في جميع أنحاء العالم، ولكن حين يكون أحد الكتاب السطحيين قد نشر كتابًا، فإن القارئ العادي لا يميز بين دار فعلية، ودار نشر "ترتزق"، فالكتاب هو الكتاب بالنسبة للجميع. وهكذا يحصل هؤلاء الدجالون كما أدعوهم، على مصداقية، ويكسبون ثقة القارئ، أو الكاتب، الذي يرغب بتعلم مهنة الكتابة. وهنالك من يعطون دروسًا في كيفية الوصول إلى الناشر، وربما فعلًا تأتي هذه الدروس بنتائج فعلية، لكنها تسيء إلى قيمة الأدب، وتحوّله من هاجس معرفي أخلاقي فردي إلى سلعة يمكن إتقان ترويجها.
ورشات الكتابة الجادة
لكن ما سبق لا يعني أن الكاتب لا يتعلم، ولا يتطور عبر الاطلاع على تقنيات الآخرين، للتعرف على أدواته، وهنا يكمن القصد الرئيسي: أن يصل الشخص الراغب بالكتابة إلى مصادره الشخصية، عبر الاطلاع على تجارب الآخرين، ومن هنا نتحدث عن الكتاب الملهم، أو المؤثر، وهو الكتاب، أو الكاتب، الذي لا يعلمنا كيف نكتب مثله، أو مثل غيره، بل نكتشف خصوصيتنا نحن، وهذا هو الإبداع: الاختلاف والجديد.