ألقى انطلاق مهمة الإمارات لاستكشاف القمر بنجاح 11 ديسمبر الماضي، الكثير من الضوء على تاريخ حافل من الذكريات لرحلات كثيرة تم إطلاقها، ورغم عشرات المحاولات، لم تنجح إلا 3 دول فقط ببلوغ سطح القمر بمركباتها، تصدرها الاتحاد السوفييتي، تلته الولايات المتحدة الأمريكية، ثم الصين، فيما وفي حال نجاح وصول «المستكشف راشد» إلى القمر المقرر له أبريل المقبل، ستكون الإمارات الرابعة عالمياً، التي تصل بمركبتها الفضائية إلى سطح القمر.
بداية المهمات
ويمتد تاريخ رحلات استكشاف والهبوط على سطح القمر إلى ستينيات القرن الماضي، وكانت البداية مع مهمة «رانجر 3»، التي أطلقتها الولايات المتحدة في 26 يناير 1962، وفشلت هذه المركبة الفضائية في الهبوط بعد فقدانها للمدار المستهدف، وتلتها مهمة «رانجر 5»، التي أطلقتها الولايات المتحدة 18 أكتوبر 1962، وفقدت المركبة الفضائية قوتها، وغابت عن القمر، بعدما فشل المهندسون في التحكم في مسارها.
وتأتي مهمة «رانجر 6»، التي أطلقتها الولايات المتحدة في 30 يناير 1964، ولم تكن مهمة رانجر 6 مهمة هبوط، حيث كان من المفترض أن تلتقط صوراً للقمر حتى تتحطم على السطح، إلا أن الكاميرات فشلت بذلك.
وأطلقت «رانجر 8» الولايات المتحدة في 17 فبراير 1965، حيث أرسلت هذه المركبة أكثر من 7100 صورة قبل هبوطها في بحر الهدوء، تلتها مهمة «لونا 5» وأطلقها الاتحاد السوفييتي في 9 مايو 1965، وكان من المفترض أن تكون أول مركبة فضاء تجري عملية هبوط سليمة على سطح القمر.
إلا أن صواريخ المركبة الفضائية قد فشلت في إطلاق النار، وتحطمت بالقرب من بحر الغيوم. وكانت مهمة «لونا 3»، التي أطلقها الاتحاد السوفييتي سابقاً في 12 ديسمبر 1959، بمثابة أول مركبة فضائية تهبط على سطح جرم سماوي آخر، والتي تمكنت من الوصول إلى شرق منطقة تعرف بـ«بحر الصفاء»، جاءت بعدها مهمة «رانجر 4»، وأطلقتها الولايات المتحدة في 23 أبريل 1962، حيث فقدت المحطة الأرضية الاتصال بالمركبة الفضائية، إثر تحطمها على الجانب الآخر من القمر.
وأطلق الاتحاد السوفييتي سابقاً مهمة «سبوتنيك 25» في 4 يناير 1963، وفشلت مركبة الهبوط في الانتقال إلى مسار القمر، واحترقت عند العودة، ثم مهمة «رانجر 7»، وأطلقتها الولايات المتحدة الأمريكية في 28 يوليو 1964، ونجحت هذه المهمة، فيما تم تصميم مهمة «رانجر6» من أجله، حيث تمكنت من إرسال أكثر من 4300 صورة قبل هبوطها في بحر الغيوم.
وأطلقت «رانجر 9» الولايات المتحدة في 21 مارس 1965، وتمكنت المركبة من إرسال 5800 صورة، والتي تم بثها مباشرة على التلفاز، حيث استقبلتها المحطة الأرضية من المركبة الفضائية، إلا أنها تحطمت لاحقاً في فوهة البركان ألفونسو، ثم مهمة «لونا 6»، وأطلقها الاتحاد السوفييتي في 8 يونيو 1965، وهي مهمة أخرى فاشلة.
حيث أخطأ الصاروخ، الذي يحمل المركبة الفضائية في مناورة التصحيح، مما تسبب في فشل المهمة، تلتها مهمة «لونا 8»، وأطلقها الاتحاد السوفييتي في 3 ديسمبر 1965، وخلال هذه المرة تأخرت مركبة الهبوط بإطلاق صواريخ، حيث أطلقت بعد فوات الأوان، وسقطت في محيط العواصف.
جمع عينات
وقامت مهمة المركبة «سيرفيور 1»، وأطلقتها الولايات المتحدة في 30 مايو 1966، أيضاً بهبوط متحكم فيه على سطح القمر، فيما نجحت بإرسال أكثر من 11100 صورة، ثم «لونا 13»، وأطلقها الاتحاد السوفييتي في 21 ديسمبر 1966، وقامت هذه المركبة بجمع عينات من التربة على السطح، وإجراء تجارب لدراسة نشاطها الإشعاعي، تلتها «سيرفيور 4»، وأطلقتها الولايات المتحدة في 14 يوليو 1967، وفشلت المهمة قبل دقائق من محاولتها بالهبوط.
وأطلقت «سيرفيور 6» الولايات المتحدة في 7 نوفمبر 1967، وقفزت هذه المركبة الفضائية من موقع إلى موقع آخر على سطح القمر، حيث هبطت في البداية في موقع Sinus Medii، والتقطت صوراً عدة، كما تلقت المحركات أوامر برفع المسبار ثلاثة أمتار، ووضعه على بعد بضعة كيلو مترات، جاءت بعدها «لونا 1969A» وأطلقها الاتحاد السوفييتي في 19 فبراير 1969.
إلا أن الصاروخ الذي كان يحمل المركبة الفضائية انفجر بعد إطلاقه، ثم «لونا 7»، وأطلقها الاتحاد السوفييتي في 4 أكتوبر 1965، ووصلت مركبة الهبوط هذه إلى القمر، لكن صواريخها القديمة شغلت مبكراً، مما تسبب في تحطمها في محيط العواصف.
وأطلق الاتحاد السوفييتي «لونا 9» في 31 يناير 1966، وتعد أول مركبة فضائية، تقوم بهبوط متحكم فيه على سطح القمر، إلا أنها سقطت بالقرب من حافة فوهة البركان، لحقتها مهمة «سيرفيور 2»، وأطلقتها الولايات المتحدة في 20 سبتمبر 1966، وفشلت المركبة أثناء الهبوط على القمر إثر فقدانها السيطرة، بعد تعطل أحد محركاتها، ثم «سيرفيور 3»، وأطلقتها الولايات المتحدة في 17 أبريل 1967، وفشل أحد محركات دفع المركبة أثناء محاولة هبوط متحكم بها.
مما تسبب في ارتدادها عن السطح قبل الوصول إلى محيط العواصف، ومع ذلك نجحت المركبة بإرسال 6300 صورة، وجمعت عينات.وهبطت المركبة الفضائية «سيرفيور 5»، التي أطلقتها الولايات المتحدة في 8 سبتمبر 1967 بنجاح على القمر، على الرغم من تسرب الهيليوم، خلال مرحلة الملاحة، ثم مهمة «سيرفيور 7»، والتي أطلقتها الولايات المتحدة في 7 يناير 1968، وبعد الهبوط بنجاح على سطح القمر، كانت هذه المهمة هي الأولى، التي تثبت أن صخور القمر كانت منصهرة.
وأطلق الاتحاد السوفييتي المركبة «لونا 1969C» في 14 يونيو 1969، وانفجر الصاروخ، وفشلت مهمة الهبوط، كما تم إطلاق «أبولو 11» من قبل الولايات المتحدة في 16 يوليو 1969، وحققت أولى خطوات الإنسان على القمر في 21 يوليو، وأصبح نيل أرمسترونج أول رجل يمشي على سطح القمر، وأصبحت الولايات المتحدة أول بلد ينجح في إنزال البشر على سطح القمر، تلتها «كوزموس 305»، التي أطلقها الاتحاد السوفييتي في 22 أكتوبر 1969، وانتهت محاولة أخرى لجمع عينة من القمر، قام بها الاتحاد السوفييتي بكارثة، بعد فشل الصاروخ.
وأطلقت الولايات المتحدة «أبولو 13» في 11 أبريل 1970، وكانت ثالث محاولة هبوط مأهولة، ولكن لم يتم الهبوط، بسبب مشاكل في خزان الأكسجين في وحدة الخدمة، ولم يصب أي من أفراد الطاقم بأذى، وعاد إلى الأرض بأمان، جاءت بعدها «عربة لونا 17 / لوناخود 1»، التي أطلقها الاتحاد السوفييتي في 10 نوفمبر 1970، وقطعت مسافة 10.5 كيلو مترات، خلال رحلتها على السطح، وأرسلت أكثر من 20 ألف صورة.
وتعد مهمة «أبولو 12»، التي أطلقتها الولايات المتحدة في 14 نوفمبر 1969 ثاني هبوط مأهول ناجح على سطح القمر، تليها «لونا 16»، وأطلقها الاتحاد السوفييتي في 12 سبتمبر 1970، حيث بعد محاولات فاشلة عدة تمكن الاتحاد السوفييتي من تنفيذ مهمة عودة عينة القمر، حيث هبط الروبوت على القمر، ونجح بجمع عينات من الغبار والصخور، وتمكن من العودة إلى الأرض بنجاح.
وتعد مهمة «أبولو 12»، التي أطلقتها الولايات المتحدة في 14 نوفمبر 1969 ثاني هبوط مأهول ناجح على سطح القمر، تليها «لونا 16»، وأطلقها الاتحاد السوفييتي في 12 سبتمبر 1970، حيث بعد محاولات فاشلة عدة تمكن الاتحاد السوفييتي من تنفيذ مهمة عودة عينة القمر، حيث هبط الروبوت على القمر، ونجح بجمع عينات من الغبار والصخور، وتمكن من العودة إلى الأرض بنجاح.
وتضمنت المهمات أيضاً «أبولو 14»، وأطلقتها الولايات المتحدة في 31 يوليو 1971، حيث بعد حادثة أبولو 13، هبط رواد الفضاء الأمريكيون بنجاح على القمر مرة أخرى، خلال هذه المهمة، وتلتها «لونا 18»، التي أطلقها الاتحاد السوفييتي في 2 سبتمبر 1971، وفقد الاتصال بالمركبة الفضائية، بعد اصطدامها بالسطح، ثم «أبولو 16»، وأطلقتها الولايات المتحدة في 16 أبريل 1972، وهبطت في 21 أبريل.
وجاءت «مركبة لونا 21 / لوناخود 2»، وأطلقها الاتحاد السوفييتي في 8 يناير 1973، واستغرقت هذه المهمة أربعة أشهر، والتقطت أكثر من 80 ألف صورة، وكانت العربة الجوالة تعمل بألواح شمسية ذات مصدر حراري مشع يحافظ عليها دافئة خلال ليالي البرد القارس، ثم تلتها «لونا 24»، وأطلقها الاتحاد السوفييتي في 9 أغسطس 1976، وتعتبر لونا 24 مهمة ناجحة، من حيث إعادة عينات من القمر، والتي جمعت 170 جراماً من الغبار والصخور القمرية.
مهمات آسيوية
كما تم إطلاق مهمة «أبولو 15» من الولايات المتحدة، في 26 يوليو، وهبطت في 30 يوليو 1971، وأمضى رواد الفضاء 67 ساعة على السطح، وجمعوا 77 كيلو جراماً من العينات، ثم «لونا 20»، أطلقها الاتحاد السوفييتي في 21 فبراير 1972، وهي مهمة أخرى ناجحة لإعادة عينة القمر من الاتحاد السوفييتي، ثم «أبولو 17».
وأطلقت من الولايات المتحدة في 7 ديسمبر، وهبطت في 11 ديسمبر 1972، وقاد رواد الفضاء مركبة فضائية على سطح القمر مرة أخرى، وجمعوا 1190 كيلو جرماً من العينات في 75 ساعة، كما تم إطلاق مهمة «لونا 23» من الاتحاد السوفييتي في 28 أكتوبر 1974، وتعرضت المركبة الفضائية لأضرار أثناء الهبوط، وفشلت المهمة.
وتأتي مهمة «تشانج آه-3»، التي أطلقتها الصين في 1 ديسمبر 2013، وبها أصبحت الصين ثالث دولة تهبط على سطح القمر، من خلال مركبتها «يوتو».
والتي نجحت بإرسال صور، وتعد «تشانج آه-4»، التي أطلقتها الصين في 3 يناير 2019، أول مهمة نحو القمر تهبط على الجانب البعيد من القمر، فضلاً عن مهمة «شاندرايان 2»، وأطلقتها الهند في 22 يوليو 2019، حيث تحطمت مركبة الهبوط Vikram على السطح، بعد أن فقدت السيطرة على مسافة 500 متر فقط من محاولة الهبوط الناعم.