Mohammed Dunia
٢٧ سبتمبر ·
عقابيل تعاطي المخدرات ( 3 من 3 )
تنظر بعض المجتمعات إلى المشروبات الكحولية نظرة تراثية ولا تعتبرها سامة، رغم أن التقارير الطبية الحديثة تؤكد أنها من المخدرات الخطرة والسامة للأعصاب، وتبعيتها النفسية والبدنية قوية جداً. مع ذلك لا يقارنونها بالهيرويين والكوكايين والحشيش.
لأسباب أخلاقية، يستحيل إجراء دراسات حول تأثير المخدرات على الإنسان. لا يمكن تجريع شخص سليم مادة يمكن أن تجعله يتعلق بها ويدمن عليها. إذن، فالدراسات هي إما وبائية، أي مرتكزة إلى الإحصائيات، وإما تجرى على الحيوان بهدف ملاحظة سلوكه واستجابات دماغه للمخدر. وقد أشارت تقارير لوزارة الصحة الفرنسية إلى أن التبغ هو المادة الأخطر على الجهاز دوبامينيّ الفِعْل ( جهاز أو منظومة المتعة أو " المكافأة " في الدماغ )، وتلك مفارقة. ولكن إذا كان التبغ يُحدث تبعية وإدماناً مؤكداً فإنه ليس المخدر الأخطر على الصعيد الاجتماعي والعاطفي. إن خطورة مخدر ما تحدد وفقاً للمضاعفات البدنية والنفسانية والاضطرابات الاجتماعية الحاصلة، وليست جميع هذه المضاعفات مرتبطة مباشرة بالتأثيرات البيولوجية – العصبية. من جانب آخر، يجب أن نعرف أن هذه التأثيرات تتبدل أو تتحور وفقاً لكمية المخدر المستهلكة، وقدرة الشخص على التحمل، والظروف البيئية. إن التأكيد بأن الكحول خطرة كخطورة الكوكايين والهيرويين هو حكم مبالغ فيه، وأن نقول أنه لا توجد تبعية وإدمان خطير مع الحشيش فذاك قول فيه خطأ كبير: أكدت الرابطة الأمريكية للطب النفسي بأن الحشيش يسبب متلازمة التبعية. إن نشقة واحدة من الحشيش تعادل قدحين من مشروب الوسكي: تحدث هذه الجرعة غبطة وانبساطاً وإزالة للتثبيط.. يسبب هذا المخدر، الذي يؤثر بقوة على الكثير من المستقبلات الحسية، هبوط التيقظ وازدياد وقت الأفعال الانعكاسية في الوقت نفسه. إن أخذ نشقة على سبيل الفضول لا يمر بلا تأثير، لكنها ليست مأساوية؛ أما تكرار هذا الفعل فإنه يصبح خطيراً، إذ يُحدث لدى الشخص نوعاً من الاختراق، وشيئاً فشيئاً يتولد لديه انطباع بأنه لم يعد يستطيع أن يبتهج أو ينفرج إذا لم يتناول جرعته السامة. إن ما هو مهم بالنسبة للأطباء هو طريقة تناول المخدر وليس المخدر نفسه. الحشيش هو مادة لم تحث الثقافة الحديثة على استخدامها باعتدال أو على سبيل العلاج. هدف هذه المادة اليوم هو الحصول على " ثمل حشيشي "، ولم يكن لها أبداً أي دور اجتماعي. إن متناوليها يريدون أن يكونوا ثملين، على نحو متكرر، ومن هنا تبعيتهم.
لهذا الاعتياد الكثير من الآثار الضارة، منها 1- التبعية النفسية . 2- متلازمة انعدام التشويق العام: عدم الاهتمام المدرسي، والعاطفي، والثقافي، وضحالة الفكر- اضطرابات معرفية، وذاكرة ضعيفة، وصعوبات تركيز، وانتباه مشتت، واضطراب الرؤية. 3- مضاعفات نفسانية مع حالات قلق وكرب متكررة وتفاقم مفاجئ في حالات الفُصام بالنسبة لمن لديهم استعداد لذلك. 4- الانتقال إلى مخدرات أخرى عند شعور الشخص بأنه أقل غبطة.
بعد آخر جرعة، يبقى الحشيش وقتاً طويلاً في البدن ( حتى شهر). من هنا، فإن متلازمة الحرمان، لدى المتعاطي المنتظم، "تتعالج ذاتياً ". وبهذا الصدد يشار إلى أن نقطة المقارنة الوحيدة بين التبغ والحشيش هي أن من يبدأون بتدخين هذا أو ذاك يطورون تبعيةً إزاء المخدر بنسبة 50% على الأقل في غضون خمس سنوات.
إن الثمل الشامل الذي يتعرض له الكحوليون هو خطر على الكحولي نفسه أولاً وعلى المحيط ثانياً: ينعدم التثبيط لديه، ويفقد حسه الأخلاقي، ويمكن أن ينتقل إلى الأفعال العدوانية والعنيفة. كما أن اضطرابات التيقُّظ لديه مستمرة: 16% من حوادث المرور مرتبطة بالكحول. وتسبب جرعات الكحول، عند تكرارها، تلفاً في الكبد ومضاعفات نفسانية. ويتعرض متناولو الكوكايين للخطر بالطريقة نفسها. لهذا وضع الخبراء هذين المخدرين في الفئة نفسها. يحدث الكوكايين اغتباطاً، وتسارعاً في الفكر، وأفكار " القدرة على فعل كل شيء " ( مثل الكحول )، وزوال التثبيط، والسلوكيات المخاطرة. ويمكن أن يكون الأشخاص الواقعين تحت تأثير الكوكايين عدوانيين وعنيفين. وتجب الإشارة إلى أن الكوكايين ينطوي على إمكان التبعية له، ولو أنها غير واضحة، كما هو الحال مع الحشيش، نظراً لغياب التبعية البدنية الظاهرة، فتبعية الكوكايين هي نفسية بشكل خاص. ويمكن أن يدخل الشخص الذي يعاني من تبعية هذا المخدر في حالة من الاكتئاب وأن تظهر لديه مضاعفات دُوار .
#
المصدر" باري ماتش " الفرنسية
ترجمة محمد الدنيا