اللعبه السردية فى كتابات " سمير الفيل "
جبل النرجس نموذجا سمير الفيل
#إيهاب_الورداني
——————
* مدخل / عالم
يحتل "سمير الفيل " بمشواره الأدبي مكانة ومقاما ضمن تطور المسار الثقافي العام إذ انه يمثل منذ ما يقارب الأربعين عاما وجها مشرقا للثقافة بحضوره المشع وكتاباته الشعرية والسردية والنقدية التي حازت أكثر من جائزة .
كما أنه أسهم بفاعليه في كل التجمعات الأدبية التي حضرها مشاركا أو مناقشا أو زائرا لها .. ولا أكون مبالغا إذا قلت انه يمثل واحدا من وجهين أراهما الآن _ بعد طويل المشوار _ للأديب الواعي ، المثقف ، الراضي ،المتمرد ، دون غضاضة أو غصة .. فالعلاقة بين الوعي والرضا والتمرد علاقة اتساق . هي أشبه بعلاقة الماضي بالحاضر . فلكي تكون جديدا في إبداعك لابد وان تكون متصلا أو ملما بتراثك .. ولكي تكون إنسانا عموما لابد وان تعي معنى الإنسانية في تكاملها وتراتبها وتكونها ..
أى ما يمكن تسميته بالعلاقة الجدلية بين المبدع وواقعه..
هذه العلاقة الحركية تفرضها وتتخذها الذات المبدعة مسلكا فى سعيها للارتباط بوجودها والتعبير عن كنهها في تمردها ورضاها ..
ومن ثم يمكننا القول أن نسميها الشخصية الاجتماعية اى التي لا تحيا منفردة أو وجودها مرتبط بوجود ما حولها.. وكلما ازداد وعى هذه الشخصية / المبدعة بأزمتها كلما كان عليها الاختيار بين الانسحاب من واقعها أو تقوقعها أو المصالحة مع واقعها ومجابهته برفضه والسعي لتغييره..
هذا الإدراك للواقع المتغير لابد وان يصاحبه طموح ناهض لتقليب تربة الواقع والبحث عن هوية التجانس والاتساق داخل البني الاجتماعية وكذلك التطهر.. وهذا فى يقينى ما يقوم به " سمير الفيل" فى كتاباته تأريخا اجتماعيا لواقع معين في مكان معين وموقفا منه وشاهدا عليه ..
هل فلح فى ذلك ؟
هذا ما سنحاول الاجابة عليه فى تتبعنا للعبة السردية داخل فضاء قصصه العشر لمجموعته "جبل النرجس"
* مدخل / ولوج
تتألف جبل النرجس من عشر قصص هى حصاد ثلاث سنوات 2009 عدد 6 قصص 2010 عدد3 قصص 2011 عدد 1 قصة واحدة.
وهو مايعكس صفة القصدية والتركيز كما يلاحظ القارئ لقصص المجموعة أنها تجنح إلى التقاليد السردية المألوفة وتتبع منطقها الجمالى باهتمامها بالشخصيات والأحداث والمكان والترابط والتتابع كما تقوم على جماليات التجاور والتوازى فى لقطاتها وصورها السردية وكأنها تعلى من قيمة الذات الانسانية فى قهرها وانسحاقها وانهيارها وفى تمسكها وحقها فى الحياة.
وهذا لا يعنى أنها تقدم الحياة كملهاة أو تسال وإنما يقوم الراوى فيها بنكأ الجراح وكشف المستور.. وربما يصدم أحيانا فى اختياراته وانتقاءاته لشخوصه وأحداثه .. واتكاءاته على بعض نتف من سيرته.. حيث يتماهى السارد الضمنى مع السارد المؤلف أو تتوحد شخصية الكاتب مع شخصية الراوى فى بعض القصص أو قل كل القصص التى اعتمدت ضمير "الانا الساردة ".. وفى ظنى هذا كله مقصود ومتعمد لإيمان الكاتب "سمير الفيل" بآدمية الإنسان وعلاقته بالجماعة التى حوله ومحاولة تخليصه من ربق القهر والتفسخ الذى تعيش فيه الشخوص والأمكنة أو عقد مصالحة معه ..
* الكتابة الواعية
يطرح "سمير الفيل" فى قصصه إشكالية العلاقة بين الكاتب وعمله .. بين الأدب والواقع .. فتأتى تدخلات السارد المتناثرة وما يعانيه أثناء سرده ككسر الإيهام في هدم الحائط الرابع فى الوقت الذى تنحو فيه الى الإيهام بالواقع سعيا نحو التجديد فى جعل القارئ متيقظا .. متأملا.. متسائلا..مشاركا دوما .. وذلك يدخل ضمن إطار جماليات التلقى الجديدة فى تماهى التجربة المعيشة أو المحكى عنها مع تجربة الكتابة أو تداخل ألازمنه أو كأنها كتابة عن الكتابة أو سرد نرجسي يدرك نرجسيته ويعييها اقرأ معى مثلا صـ 5 فى عين حلوان ( لو أخرجنا الولد الصغير من الصورة ستكون الفرصة أعظم لسبك قصة معقولة حول سبع شخصيات تضمها صوره قديمة ) هنا الاستهلال يشير الى أننا أمام كاتب يكتب او يمتهن الكتابة بالمعنى الابداعى . ثم اقرأ ( الولد يواجهنى ولا يريد أن يخرج من المشهد حتى يجعل الحبكه ممكنة ) ثم اقرأ( لن يرتاح لى بال حتى انتهى من الحديث عن سلوى ) ثم اقرأ ( البنت السادسة التى بقيت ولم أحدثكم عنها ) وهلم جرا .
هذا التأكيد من الراوى الكاتب على فعل الكتابة يؤكد حضور الكتابة فى الوعى وفى المنتج فى آن .. ويشير لنا بوضوح الى هوية الكاتب وثقافته .. ومن ثم تمثل ظاهرة أسلوبية فى قصص المجموعة ..
اقرأ مثلا آخر صـ 111 حكايتى مع الجارية ( تذكرت ماكتبته يوما عن جنيات طيبات يأخذن بايدى البشر ) ثم اقرأ ( ما عملك ؟ كاتب قصة قصيرة . هل هى مهنة مربحه؟ دخلها يكفينى ) .
فكرة التداخل النصى هنا التى يتعمد فيها السارد كسر الخطية التتابعية مخاطبا المتلقى أو محاورا شخصياته قائمة على قصدية الكاتب ووعيه بأدواته السردية وتقربنا كذلك إلى منطقة السرد السيرى ذاتى وتشير الى تشظى الذات الكاتبة الى مجموعة من الذوات ( الذات الكاتبة _ الذات الراوية _ الذات المروى عنها _ الذات الناقدة) وغيرها وكأنها تضع الذات الناقدة وذائقتها موضع نقاش ناهيك عن نبرة التهكم والسخرية البادية للعيان
* الشخصية
تلجأ قصص "سمير الفيل" الى الشخصية الاجتماعية التى تبرز قدراتها ومعالمها الانسانية وتؤدى دورها من مفهوم وظيفتها داخل النص باعتبارها الفاعل والمحرك للعملية السردية
كما يتحدد الإطار العام للقصص بعلائق الشخوص بالزمن من خلال استحضاره أو العيش فيه .. ومن ثم تضعنا وجها لوجه أمام معرفه وتعرف بالعالم وكأنما تتموضع فى صلبها _ صلب القصص _ سؤال الوجود
كما ان ثمة تباين وتماثل بين شخصيات المجموعة .. فكل شخصية لها حياتها الخاصة لكنها تتماثل مع الشخصيا ت الأخرى فى كونها مقهورة وكونها محكومة بالحياة أو كتب لها الحياة رغم مرارتها
انظر مثلا: خلاف دبل فى قصة حرنكش والاستهلال الذى بدأ به الكاتب قصته ( هناك دائما شخص يخيف الجميع بمنظره وتصرفاته العصبية انه خلاف دبل الذى يعمل فى تجارة الموبيليات شخص مغامر ومتقلب المزاج عفى وفى صدغه علامة ) ثم كيف عاد الكاتب الى ماضيه عندما كان فى طور الصبا وتكتل عليه جماعه من المنحرفين ثم كيف لزم المسجد ثم تزوج بهنومة ثم أنجب خلاف دبل طفلا بعلامة سوداء فى صدغه : اسطرة الواقع فى حرنكش لا تبعدنا عن حى المدبح أو الجبانه أو المدافن .. وخلاف دبل يشبه الى حد ما عوض فى قصة البلكونه ويشبه شهنده صاحبة المقعدة فى نفس القصة والمحمدى بن العياشى فى قصة زوجة العياشى وهانى الطاعون عوضه فى قصة معطف المطر.. وهكذا
* الملامح السردية
تأتى مجموعة "جبل النرجس" لتضيف أو تجدد رؤية "سمير الفيل " فى مسيرته القصصية كما أنها تشكل امتدادا لمنجزه السردى ومن ثم تتقاسم بعض الملامح السردية مع ما سبقها باعتبارها من نفس المعين : الذات والعالم .
والقارئ للمجموعه سيلاحظ ثلاث محاور أساسية ارتكنت عليها قصص المجموعة .
المحور الاول: الموت.
ويشتمل على قصص زوجة العياشى _ الطريق الى المقبرة _ أن تعذب الكلب .
المحور الثانى : تفسخ العلاقات .
ويشتمل على قصص البلكونة _ جبل النرجس _ معطف المطر.
المحور الثالث : أسطرة الواقع
ويشتمل على قصص حرنكش_ حكايتى معى الجارية .
وتبقى قصتان هما عين حلوان وهندسه تراوحان بين المحاور الثلاثة .
وهذا لا يعنى حدية كل محور وإنما توصيف يسهم معنا فى استخلاص الملامح ولا ينطوى كذلك على حكم قيمة فاذا ما نظرنا الى كل قصة على حدة سنجد آن .
* عين حلوان
تقوم بنيتها على تماهى المؤلف والسارد والشخصية الرئيسية لذلك يطالعنا الراوى العليم المحيط بكل شئ .. لكنها رؤية تدريجية تتكشف رويدا رويدا .. وكأن السارد فيها يكتشف العالم مع المتلقى فى الوقت الذى يتكىء فيه على تذكر ما كان فى رحلة الى عين حلوان عام 1972 وزمن كتابة القصه عام 2009 .. وكأنه يطل معنا وبنا على عالم بأكمله ..
ثم سنلاحظ أن القصة تبدأ بالولد الصغير ممدوح وتنتهى به وما بينهما استثمار خزين السيرة الذاتية للمؤلف اقرأ معى مثلا ( وزارة الحربية أجلت دخولنا الجيش لوجود عجز فادح فى أعداد المعلمين ) " نعرف عن الكاتب أنه معلم ".. وكذلك الخلاف حول بريشت وبرخت ومجموعة المثقفين اليساريين " نعرف عن الكاتب ارتباطه بهؤلاء "
وكذلك اقرأ (لما انخرطت فى صفوف الجيش وحبست فى معسكر الأساس 45 يوما )
" فترة الجيش أحد المنابع الثرية فى قصص "سمير الفيل "بل فى إبداعه " ( رجال وشظايا _ وميض تلك الجبهه .. وغيرها ). ومن ثم نحن مع نص حداثى يتكىء على التقاليد السردية ويتجاوزها إلى وعى بالواقع وكأن العالم عنده يكمن فيما يجرى ويقع لشخوصه.
* هندسه
تقوم بنيتها على الرصد الخارجى وتوظيف عين الكاميرا بين المكان (لجنة الامتحان فى المدرسة ) وبين الشخصيات ويضطلع السارد فيها بوظيفته الو صفية فهو يقدم لنا المشاهد دون أن يعلن عن حضوره وكأننا كمتلقين نراقب مشهدا حقيقيا للجنة حقيقية لا وجود للراوى فيها .. وتنبنى كذلك على المفارقات حيث تتحول فيها الشخصيات الى حروف.. وتجهيل الأسماء إشارة إلى عموميتها وهذا يعنى انسحاقها وتهميشها نتيجة القمع والقهر الواقعين عليها .. ومن ثم تشابهها فى كل زمان ومكان.. لذا تتجسد معاناتها للمتلقى .. اقرأ معى استهلاله ( جاءت أوراق الأسئلة وتم توزيعها على الطلاب والطالبات مر الملاحظون على الممتحنين فى مقاعدهم فيما كان الملاحظ س يتأمل الغيطان الفسيحة بلونها الأخضر الزاهي من خلف شباك بلا ألواح زجاجية .. جاء عصفور صغير من فصيلة السنونو وقف على عصا بارزة أعلى البناية ..)
الانتقال من المغلق (حجرة الامتحان) إلى المفتوح( الفضاء الخارجى ) يمثل شكلا من أشكال القهر إذا ما تبيناه ..
اقرأ معى : (قبل أن يصعد رئيس اللجنة بكرشه المتهدل وسيجارته المشتعلة فى الأسفل لافته تحرم التدخين فى دور العلم ( التناقض الصارخ ) مشى فى الطرقة خارقا القوانين واللوائح ونهر ملاحظا وجده ممسكا بكوب شاى : ماذا يا أستاذ أهى فوضى ؟
انسل المدرس وقذف الكوب بما تبقى فيه عبر النافذة وكانت قطة تتمطى فوق سقف حجرة مناهل المعرفة ) من الذى أعطى لرئيس اللجنة أن يدخن فى حين وجود لافتة تحرم التدخين ؟. من الذى أعطاه الحق ليمشى فى الطرقة خارقا القوانين؟ من الذى جعله ينهر الملاحظ فى حين كانت قطة فى الفضاء الخارجى تتمطى فوق سقف حجرة مناهل المعرفة .
انها سطوة المناخ .. سطوة المجتمع .. سطوة الخنوع التى تحول البشر إلى لا بشر.
* البلكونة
تقوم بنيتها على اكتشاف اللا شعور ومحاورته أو تصوير عوالم الذات الداخلية والخارجية و ربط الانا الفردية بالجماعية فهى تداعى للذكريات والخواطر نتيجة حصار الذات وغربتها أو توهم الذات بحصارها وغربتها فيدفعها للتطهر.. هى اقرب إذن إلى قصص تيار الوعى التى تعتمد على الرؤى والأحلام والكوابيس لكشف الواقع وزيفه .
* حرنكش
تقوم بنيتها على اسطرة الواقع أو الغرائبية أو تجاوز الواقعية الى خلق عوالم غرائبية مرتبطة بها .. كشخصية خلاف دبل .
* جبل النرجس
تقوم بنيتها على كسر الإيهام الواقعى حين يتوجه السارد بالخطاب إلى القارئ مباشرة فيتحول القارئ الى متلق مشارك أو متفاعل فى السرد .
اقرا معى : ( قررت أن أورث ابنى مهنتى .. حتى يقول :لستم بغرباء فمحلى واسع أو يقول: انتم تعرفوننى أحب الملبس الجيد ..وهكذا ) .
* زوجة العياشى
تقوم بنيتها على التشكيل بالموروث الشعبى .. لكى نشاهد عفن الواقع مع زوجة العياشى اقرأ استهلاله (زوجة العياشى فجرت .نشرت لباسها الأحمر على حبل غسيل مشدود بين المندرة وبين باب الفرن فى الحارة )
ومن عاداتنا كمصريين أو فلاحين أن نوارى ملابسنا الداخلية خلف الملابس الطويلة عند نشرها .. فما بالنا اذا ماقامت زوجة بنشر لباسها على الشارع فى حارة ستيته واللباس كما نعرف هو ما يغطى عورة المرأة وكشفه هو كشف لعورتها .
ثم تابع المفردات المستخدمة فى نقل الصورة والإحساس : تسهيه _ سنجة عشرة _ الخبطة _ النباهه _ يرمى سلامه_ تدعك عينيها _ يشخر _يجبها البر _ منكوشة_جهزت البنت نفسها ورشت العتبة .. الخ
* الطريق الى المقبرة
تقوم بنيتها على التقطيع أو رص الوحدات البنائية حول فكرة واحدة وتلعب العناوين الجانبية مقام النقلات
كما تقوم أيضا على بنية التوليد التى تنوع فى اللحن الواحد للموت .
* حكايتى مع الجارية
تتشارك فى بنيتها مع "حرنكش" اى اسطرة الواقع أو تعالق ماهو واقعى وما هو تخييلى .
* معطف المطر
تقوم بنيتها على تجاور وتوازى المشهد القصصى المتتابع .. اى ان كل مشهد يقوم مقام الوحدة الصغرى التى ما إن تنضم الى أخرى وأخرى يكتمل العالم .
* ان تعذب الكلب
تقوم بنيتها على الاستدارة والتصاعد فبدأت بالكلب وانتهت به من خلال عين طفل موزع بين حب الكلاب وكراهيتها ودارت حوله .
* الزمان والمكان
يعد الزمان أحد المكونات الأساسية لاى نص قصصي فلا قص دون زمن حتى لو كان هذا الزمن لحظة مفتتة .. والقارئ لقصص "جبل النرجس " سيلاحظ تحولات الزمن فى كل قصة .. فالقصة تبدأ فى زمن وتحكى عن زمن وكتبت فى زمن وأحيانا تعود إلى نفس الزمن التي بدأت به القصة لتوحي لنا بالاستمرار أو الدائرية كما في قصة عين حلوان _ هندسة _ حرنكش_ زوجة العياشى _ حكايتي مع الجارية..
كما أن حضور بعض الشخصيات وموت بعضها والعلاقات القائمة بينهم هى أيضا إشارة للزمن وما يحدث وحدث فيه .
أما المكان في" جبل النرجس" فهو يراوح في مدينة دمياط وحاراتها وشوارعها حتى لو بعد فهو في نفس البيئة كرأس البر أو عودة إليها كما في رحلة عين حلوان
نحن نرى ونتعرف مثلا على : حارة ستيته ومنزل العياشى والفرن الذي يعمل فيه سحلول كما نعاين شارع البدرى ومقهى شاهين والشهابية وحى المدبح والجبانة وقرية العدليه وكأننا نقبض على الحياة في هذا المكان أو كأننا نبحث عن هويتنا فى هذا المكان أو لا وجود لحياتنا أو هويتنا إلا هنا في هذا المكان .. حتى حين تتذكر الشخصيات ماضيها يكون ذلك عبر وعيها بماضي المكان وكأن المكان هو العالم بأكمله
* العنوان
يشكل العنوان فى" جبل النرجس" أحد أبعاد الرؤية التي تقوم عليها المجموعة حيث يفتح أعيننا ووعينا من خلال استيعاب المنظور الجمعي للشخصيات .. صحيح انه يحمل اسم قصه من القصص العشر لكنه بمثابة البؤرة الجامعة للقصص
فجبل النرجس هو أحد الأماكن المعروفة على المتوسط فى مدينة كفر الشيخ وأحد مصايفها المشهورة بمنطقة النرجس.. لكن هل المكان له دخل ؟
بمعنى تشابه مدن المتوسط في بيئتها أم أن الأمر يخص استراتيجية الوعي في جبل النرجس ؟؟..
لنر :
يتكون العنوان من دالين .. الأول جبل وهو المكان المرتفع والثانى نرجس وهو نبات موطنه الأصلي أواسط أسيا وحوض المتوسط .. ومعروف عن نبات النرجس انه يقتل اى نبات آخر ينمو بجواره ..والنرجسية في المعجم الوسيط: إعجاب المرء بذاته أو حبه لذاته.. ومن ثم لو أضفنا الدالين إلى بعضهما أصبح الناتج جبل القاتلين أو الذاتيين رغم مافى النرجس من رائحة جميلة أو توجد نباتاته في مكان جميل حيث البحر .. أو رغم جمال المكان حيث طبيعته الجغرافية تسهم الذاتية في تفسخ وانهيار القيم بين شخصياته أو القائمين فيه المقهورين أو المهمشين أو يكون هو جبل التطهر مع إشارة الكاتب صـ 73 (جبل النرجس لن يعصمنا من جشع الدنيا ) وفى الوعي الجمعي أن الجبل مع ابن النبى نوح لم يعصمه من الغرق.. وبالتالي لا عصمة لنا من الغرق طالما جشع الدنيا وأطماع أنفسنا المريضة تملكوا منا
في ظني إن استراتيجية الوعي وموقف الكاتب كانت وراء الاختيار في تسمية العنوان من حيث الرؤية والكشف
* دلالات اللعبة السردية في" جبل النرجس "
* كشف وتجسيد عالم المقهورين والمهمشين من خلال التماهى بين الواقعي والمتخيل .
* هجاء الزمن العربي في تداخل وتحاور الأزمنة للشخوص .
* استفحال أزمة تفسخ العلاقات وبالتالي استفحال الإحباط والقتل والخوف والهلوسات .
* الموروث هو القوام الثقافي لأي مجتمع به وعليه يعيش .
* إعادة ترتيب العالم من خلال نقل القارئ من عالم القص إلى العالم المعيش .
* الارتباط بالمنجز السردي الانسانى كأنك تقرأ لتشيخوف أو إدريس أو يحيى الطاهر أو غيرهم من العظماء في الرؤية والوعي وما وراء الكتابة .
جبل النرجس نموذجا سمير الفيل
#إيهاب_الورداني
——————
* مدخل / عالم
يحتل "سمير الفيل " بمشواره الأدبي مكانة ومقاما ضمن تطور المسار الثقافي العام إذ انه يمثل منذ ما يقارب الأربعين عاما وجها مشرقا للثقافة بحضوره المشع وكتاباته الشعرية والسردية والنقدية التي حازت أكثر من جائزة .
كما أنه أسهم بفاعليه في كل التجمعات الأدبية التي حضرها مشاركا أو مناقشا أو زائرا لها .. ولا أكون مبالغا إذا قلت انه يمثل واحدا من وجهين أراهما الآن _ بعد طويل المشوار _ للأديب الواعي ، المثقف ، الراضي ،المتمرد ، دون غضاضة أو غصة .. فالعلاقة بين الوعي والرضا والتمرد علاقة اتساق . هي أشبه بعلاقة الماضي بالحاضر . فلكي تكون جديدا في إبداعك لابد وان تكون متصلا أو ملما بتراثك .. ولكي تكون إنسانا عموما لابد وان تعي معنى الإنسانية في تكاملها وتراتبها وتكونها ..
أى ما يمكن تسميته بالعلاقة الجدلية بين المبدع وواقعه..
هذه العلاقة الحركية تفرضها وتتخذها الذات المبدعة مسلكا فى سعيها للارتباط بوجودها والتعبير عن كنهها في تمردها ورضاها ..
ومن ثم يمكننا القول أن نسميها الشخصية الاجتماعية اى التي لا تحيا منفردة أو وجودها مرتبط بوجود ما حولها.. وكلما ازداد وعى هذه الشخصية / المبدعة بأزمتها كلما كان عليها الاختيار بين الانسحاب من واقعها أو تقوقعها أو المصالحة مع واقعها ومجابهته برفضه والسعي لتغييره..
هذا الإدراك للواقع المتغير لابد وان يصاحبه طموح ناهض لتقليب تربة الواقع والبحث عن هوية التجانس والاتساق داخل البني الاجتماعية وكذلك التطهر.. وهذا فى يقينى ما يقوم به " سمير الفيل" فى كتاباته تأريخا اجتماعيا لواقع معين في مكان معين وموقفا منه وشاهدا عليه ..
هل فلح فى ذلك ؟
هذا ما سنحاول الاجابة عليه فى تتبعنا للعبة السردية داخل فضاء قصصه العشر لمجموعته "جبل النرجس"
* مدخل / ولوج
تتألف جبل النرجس من عشر قصص هى حصاد ثلاث سنوات 2009 عدد 6 قصص 2010 عدد3 قصص 2011 عدد 1 قصة واحدة.
وهو مايعكس صفة القصدية والتركيز كما يلاحظ القارئ لقصص المجموعة أنها تجنح إلى التقاليد السردية المألوفة وتتبع منطقها الجمالى باهتمامها بالشخصيات والأحداث والمكان والترابط والتتابع كما تقوم على جماليات التجاور والتوازى فى لقطاتها وصورها السردية وكأنها تعلى من قيمة الذات الانسانية فى قهرها وانسحاقها وانهيارها وفى تمسكها وحقها فى الحياة.
وهذا لا يعنى أنها تقدم الحياة كملهاة أو تسال وإنما يقوم الراوى فيها بنكأ الجراح وكشف المستور.. وربما يصدم أحيانا فى اختياراته وانتقاءاته لشخوصه وأحداثه .. واتكاءاته على بعض نتف من سيرته.. حيث يتماهى السارد الضمنى مع السارد المؤلف أو تتوحد شخصية الكاتب مع شخصية الراوى فى بعض القصص أو قل كل القصص التى اعتمدت ضمير "الانا الساردة ".. وفى ظنى هذا كله مقصود ومتعمد لإيمان الكاتب "سمير الفيل" بآدمية الإنسان وعلاقته بالجماعة التى حوله ومحاولة تخليصه من ربق القهر والتفسخ الذى تعيش فيه الشخوص والأمكنة أو عقد مصالحة معه ..
* الكتابة الواعية
يطرح "سمير الفيل" فى قصصه إشكالية العلاقة بين الكاتب وعمله .. بين الأدب والواقع .. فتأتى تدخلات السارد المتناثرة وما يعانيه أثناء سرده ككسر الإيهام في هدم الحائط الرابع فى الوقت الذى تنحو فيه الى الإيهام بالواقع سعيا نحو التجديد فى جعل القارئ متيقظا .. متأملا.. متسائلا..مشاركا دوما .. وذلك يدخل ضمن إطار جماليات التلقى الجديدة فى تماهى التجربة المعيشة أو المحكى عنها مع تجربة الكتابة أو تداخل ألازمنه أو كأنها كتابة عن الكتابة أو سرد نرجسي يدرك نرجسيته ويعييها اقرأ معى مثلا صـ 5 فى عين حلوان ( لو أخرجنا الولد الصغير من الصورة ستكون الفرصة أعظم لسبك قصة معقولة حول سبع شخصيات تضمها صوره قديمة ) هنا الاستهلال يشير الى أننا أمام كاتب يكتب او يمتهن الكتابة بالمعنى الابداعى . ثم اقرأ ( الولد يواجهنى ولا يريد أن يخرج من المشهد حتى يجعل الحبكه ممكنة ) ثم اقرأ( لن يرتاح لى بال حتى انتهى من الحديث عن سلوى ) ثم اقرأ ( البنت السادسة التى بقيت ولم أحدثكم عنها ) وهلم جرا .
هذا التأكيد من الراوى الكاتب على فعل الكتابة يؤكد حضور الكتابة فى الوعى وفى المنتج فى آن .. ويشير لنا بوضوح الى هوية الكاتب وثقافته .. ومن ثم تمثل ظاهرة أسلوبية فى قصص المجموعة ..
اقرأ مثلا آخر صـ 111 حكايتى مع الجارية ( تذكرت ماكتبته يوما عن جنيات طيبات يأخذن بايدى البشر ) ثم اقرأ ( ما عملك ؟ كاتب قصة قصيرة . هل هى مهنة مربحه؟ دخلها يكفينى ) .
فكرة التداخل النصى هنا التى يتعمد فيها السارد كسر الخطية التتابعية مخاطبا المتلقى أو محاورا شخصياته قائمة على قصدية الكاتب ووعيه بأدواته السردية وتقربنا كذلك إلى منطقة السرد السيرى ذاتى وتشير الى تشظى الذات الكاتبة الى مجموعة من الذوات ( الذات الكاتبة _ الذات الراوية _ الذات المروى عنها _ الذات الناقدة) وغيرها وكأنها تضع الذات الناقدة وذائقتها موضع نقاش ناهيك عن نبرة التهكم والسخرية البادية للعيان
* الشخصية
تلجأ قصص "سمير الفيل" الى الشخصية الاجتماعية التى تبرز قدراتها ومعالمها الانسانية وتؤدى دورها من مفهوم وظيفتها داخل النص باعتبارها الفاعل والمحرك للعملية السردية
كما يتحدد الإطار العام للقصص بعلائق الشخوص بالزمن من خلال استحضاره أو العيش فيه .. ومن ثم تضعنا وجها لوجه أمام معرفه وتعرف بالعالم وكأنما تتموضع فى صلبها _ صلب القصص _ سؤال الوجود
كما ان ثمة تباين وتماثل بين شخصيات المجموعة .. فكل شخصية لها حياتها الخاصة لكنها تتماثل مع الشخصيا ت الأخرى فى كونها مقهورة وكونها محكومة بالحياة أو كتب لها الحياة رغم مرارتها
انظر مثلا: خلاف دبل فى قصة حرنكش والاستهلال الذى بدأ به الكاتب قصته ( هناك دائما شخص يخيف الجميع بمنظره وتصرفاته العصبية انه خلاف دبل الذى يعمل فى تجارة الموبيليات شخص مغامر ومتقلب المزاج عفى وفى صدغه علامة ) ثم كيف عاد الكاتب الى ماضيه عندما كان فى طور الصبا وتكتل عليه جماعه من المنحرفين ثم كيف لزم المسجد ثم تزوج بهنومة ثم أنجب خلاف دبل طفلا بعلامة سوداء فى صدغه : اسطرة الواقع فى حرنكش لا تبعدنا عن حى المدبح أو الجبانه أو المدافن .. وخلاف دبل يشبه الى حد ما عوض فى قصة البلكونه ويشبه شهنده صاحبة المقعدة فى نفس القصة والمحمدى بن العياشى فى قصة زوجة العياشى وهانى الطاعون عوضه فى قصة معطف المطر.. وهكذا
* الملامح السردية
تأتى مجموعة "جبل النرجس" لتضيف أو تجدد رؤية "سمير الفيل " فى مسيرته القصصية كما أنها تشكل امتدادا لمنجزه السردى ومن ثم تتقاسم بعض الملامح السردية مع ما سبقها باعتبارها من نفس المعين : الذات والعالم .
والقارئ للمجموعه سيلاحظ ثلاث محاور أساسية ارتكنت عليها قصص المجموعة .
المحور الاول: الموت.
ويشتمل على قصص زوجة العياشى _ الطريق الى المقبرة _ أن تعذب الكلب .
المحور الثانى : تفسخ العلاقات .
ويشتمل على قصص البلكونة _ جبل النرجس _ معطف المطر.
المحور الثالث : أسطرة الواقع
ويشتمل على قصص حرنكش_ حكايتى معى الجارية .
وتبقى قصتان هما عين حلوان وهندسه تراوحان بين المحاور الثلاثة .
وهذا لا يعنى حدية كل محور وإنما توصيف يسهم معنا فى استخلاص الملامح ولا ينطوى كذلك على حكم قيمة فاذا ما نظرنا الى كل قصة على حدة سنجد آن .
* عين حلوان
تقوم بنيتها على تماهى المؤلف والسارد والشخصية الرئيسية لذلك يطالعنا الراوى العليم المحيط بكل شئ .. لكنها رؤية تدريجية تتكشف رويدا رويدا .. وكأن السارد فيها يكتشف العالم مع المتلقى فى الوقت الذى يتكىء فيه على تذكر ما كان فى رحلة الى عين حلوان عام 1972 وزمن كتابة القصه عام 2009 .. وكأنه يطل معنا وبنا على عالم بأكمله ..
ثم سنلاحظ أن القصة تبدأ بالولد الصغير ممدوح وتنتهى به وما بينهما استثمار خزين السيرة الذاتية للمؤلف اقرأ معى مثلا ( وزارة الحربية أجلت دخولنا الجيش لوجود عجز فادح فى أعداد المعلمين ) " نعرف عن الكاتب أنه معلم ".. وكذلك الخلاف حول بريشت وبرخت ومجموعة المثقفين اليساريين " نعرف عن الكاتب ارتباطه بهؤلاء "
وكذلك اقرأ (لما انخرطت فى صفوف الجيش وحبست فى معسكر الأساس 45 يوما )
" فترة الجيش أحد المنابع الثرية فى قصص "سمير الفيل "بل فى إبداعه " ( رجال وشظايا _ وميض تلك الجبهه .. وغيرها ). ومن ثم نحن مع نص حداثى يتكىء على التقاليد السردية ويتجاوزها إلى وعى بالواقع وكأن العالم عنده يكمن فيما يجرى ويقع لشخوصه.
* هندسه
تقوم بنيتها على الرصد الخارجى وتوظيف عين الكاميرا بين المكان (لجنة الامتحان فى المدرسة ) وبين الشخصيات ويضطلع السارد فيها بوظيفته الو صفية فهو يقدم لنا المشاهد دون أن يعلن عن حضوره وكأننا كمتلقين نراقب مشهدا حقيقيا للجنة حقيقية لا وجود للراوى فيها .. وتنبنى كذلك على المفارقات حيث تتحول فيها الشخصيات الى حروف.. وتجهيل الأسماء إشارة إلى عموميتها وهذا يعنى انسحاقها وتهميشها نتيجة القمع والقهر الواقعين عليها .. ومن ثم تشابهها فى كل زمان ومكان.. لذا تتجسد معاناتها للمتلقى .. اقرأ معى استهلاله ( جاءت أوراق الأسئلة وتم توزيعها على الطلاب والطالبات مر الملاحظون على الممتحنين فى مقاعدهم فيما كان الملاحظ س يتأمل الغيطان الفسيحة بلونها الأخضر الزاهي من خلف شباك بلا ألواح زجاجية .. جاء عصفور صغير من فصيلة السنونو وقف على عصا بارزة أعلى البناية ..)
الانتقال من المغلق (حجرة الامتحان) إلى المفتوح( الفضاء الخارجى ) يمثل شكلا من أشكال القهر إذا ما تبيناه ..
اقرأ معى : (قبل أن يصعد رئيس اللجنة بكرشه المتهدل وسيجارته المشتعلة فى الأسفل لافته تحرم التدخين فى دور العلم ( التناقض الصارخ ) مشى فى الطرقة خارقا القوانين واللوائح ونهر ملاحظا وجده ممسكا بكوب شاى : ماذا يا أستاذ أهى فوضى ؟
انسل المدرس وقذف الكوب بما تبقى فيه عبر النافذة وكانت قطة تتمطى فوق سقف حجرة مناهل المعرفة ) من الذى أعطى لرئيس اللجنة أن يدخن فى حين وجود لافتة تحرم التدخين ؟. من الذى أعطاه الحق ليمشى فى الطرقة خارقا القوانين؟ من الذى جعله ينهر الملاحظ فى حين كانت قطة فى الفضاء الخارجى تتمطى فوق سقف حجرة مناهل المعرفة .
انها سطوة المناخ .. سطوة المجتمع .. سطوة الخنوع التى تحول البشر إلى لا بشر.
* البلكونة
تقوم بنيتها على اكتشاف اللا شعور ومحاورته أو تصوير عوالم الذات الداخلية والخارجية و ربط الانا الفردية بالجماعية فهى تداعى للذكريات والخواطر نتيجة حصار الذات وغربتها أو توهم الذات بحصارها وغربتها فيدفعها للتطهر.. هى اقرب إذن إلى قصص تيار الوعى التى تعتمد على الرؤى والأحلام والكوابيس لكشف الواقع وزيفه .
* حرنكش
تقوم بنيتها على اسطرة الواقع أو الغرائبية أو تجاوز الواقعية الى خلق عوالم غرائبية مرتبطة بها .. كشخصية خلاف دبل .
* جبل النرجس
تقوم بنيتها على كسر الإيهام الواقعى حين يتوجه السارد بالخطاب إلى القارئ مباشرة فيتحول القارئ الى متلق مشارك أو متفاعل فى السرد .
اقرا معى : ( قررت أن أورث ابنى مهنتى .. حتى يقول :لستم بغرباء فمحلى واسع أو يقول: انتم تعرفوننى أحب الملبس الجيد ..وهكذا ) .
* زوجة العياشى
تقوم بنيتها على التشكيل بالموروث الشعبى .. لكى نشاهد عفن الواقع مع زوجة العياشى اقرأ استهلاله (زوجة العياشى فجرت .نشرت لباسها الأحمر على حبل غسيل مشدود بين المندرة وبين باب الفرن فى الحارة )
ومن عاداتنا كمصريين أو فلاحين أن نوارى ملابسنا الداخلية خلف الملابس الطويلة عند نشرها .. فما بالنا اذا ماقامت زوجة بنشر لباسها على الشارع فى حارة ستيته واللباس كما نعرف هو ما يغطى عورة المرأة وكشفه هو كشف لعورتها .
ثم تابع المفردات المستخدمة فى نقل الصورة والإحساس : تسهيه _ سنجة عشرة _ الخبطة _ النباهه _ يرمى سلامه_ تدعك عينيها _ يشخر _يجبها البر _ منكوشة_جهزت البنت نفسها ورشت العتبة .. الخ
* الطريق الى المقبرة
تقوم بنيتها على التقطيع أو رص الوحدات البنائية حول فكرة واحدة وتلعب العناوين الجانبية مقام النقلات
كما تقوم أيضا على بنية التوليد التى تنوع فى اللحن الواحد للموت .
* حكايتى مع الجارية
تتشارك فى بنيتها مع "حرنكش" اى اسطرة الواقع أو تعالق ماهو واقعى وما هو تخييلى .
* معطف المطر
تقوم بنيتها على تجاور وتوازى المشهد القصصى المتتابع .. اى ان كل مشهد يقوم مقام الوحدة الصغرى التى ما إن تنضم الى أخرى وأخرى يكتمل العالم .
* ان تعذب الكلب
تقوم بنيتها على الاستدارة والتصاعد فبدأت بالكلب وانتهت به من خلال عين طفل موزع بين حب الكلاب وكراهيتها ودارت حوله .
* الزمان والمكان
يعد الزمان أحد المكونات الأساسية لاى نص قصصي فلا قص دون زمن حتى لو كان هذا الزمن لحظة مفتتة .. والقارئ لقصص "جبل النرجس " سيلاحظ تحولات الزمن فى كل قصة .. فالقصة تبدأ فى زمن وتحكى عن زمن وكتبت فى زمن وأحيانا تعود إلى نفس الزمن التي بدأت به القصة لتوحي لنا بالاستمرار أو الدائرية كما في قصة عين حلوان _ هندسة _ حرنكش_ زوجة العياشى _ حكايتي مع الجارية..
كما أن حضور بعض الشخصيات وموت بعضها والعلاقات القائمة بينهم هى أيضا إشارة للزمن وما يحدث وحدث فيه .
أما المكان في" جبل النرجس" فهو يراوح في مدينة دمياط وحاراتها وشوارعها حتى لو بعد فهو في نفس البيئة كرأس البر أو عودة إليها كما في رحلة عين حلوان
نحن نرى ونتعرف مثلا على : حارة ستيته ومنزل العياشى والفرن الذي يعمل فيه سحلول كما نعاين شارع البدرى ومقهى شاهين والشهابية وحى المدبح والجبانة وقرية العدليه وكأننا نقبض على الحياة في هذا المكان أو كأننا نبحث عن هويتنا فى هذا المكان أو لا وجود لحياتنا أو هويتنا إلا هنا في هذا المكان .. حتى حين تتذكر الشخصيات ماضيها يكون ذلك عبر وعيها بماضي المكان وكأن المكان هو العالم بأكمله
* العنوان
يشكل العنوان فى" جبل النرجس" أحد أبعاد الرؤية التي تقوم عليها المجموعة حيث يفتح أعيننا ووعينا من خلال استيعاب المنظور الجمعي للشخصيات .. صحيح انه يحمل اسم قصه من القصص العشر لكنه بمثابة البؤرة الجامعة للقصص
فجبل النرجس هو أحد الأماكن المعروفة على المتوسط فى مدينة كفر الشيخ وأحد مصايفها المشهورة بمنطقة النرجس.. لكن هل المكان له دخل ؟
بمعنى تشابه مدن المتوسط في بيئتها أم أن الأمر يخص استراتيجية الوعي في جبل النرجس ؟؟..
لنر :
يتكون العنوان من دالين .. الأول جبل وهو المكان المرتفع والثانى نرجس وهو نبات موطنه الأصلي أواسط أسيا وحوض المتوسط .. ومعروف عن نبات النرجس انه يقتل اى نبات آخر ينمو بجواره ..والنرجسية في المعجم الوسيط: إعجاب المرء بذاته أو حبه لذاته.. ومن ثم لو أضفنا الدالين إلى بعضهما أصبح الناتج جبل القاتلين أو الذاتيين رغم مافى النرجس من رائحة جميلة أو توجد نباتاته في مكان جميل حيث البحر .. أو رغم جمال المكان حيث طبيعته الجغرافية تسهم الذاتية في تفسخ وانهيار القيم بين شخصياته أو القائمين فيه المقهورين أو المهمشين أو يكون هو جبل التطهر مع إشارة الكاتب صـ 73 (جبل النرجس لن يعصمنا من جشع الدنيا ) وفى الوعي الجمعي أن الجبل مع ابن النبى نوح لم يعصمه من الغرق.. وبالتالي لا عصمة لنا من الغرق طالما جشع الدنيا وأطماع أنفسنا المريضة تملكوا منا
في ظني إن استراتيجية الوعي وموقف الكاتب كانت وراء الاختيار في تسمية العنوان من حيث الرؤية والكشف
* دلالات اللعبة السردية في" جبل النرجس "
* كشف وتجسيد عالم المقهورين والمهمشين من خلال التماهى بين الواقعي والمتخيل .
* هجاء الزمن العربي في تداخل وتحاور الأزمنة للشخوص .
* استفحال أزمة تفسخ العلاقات وبالتالي استفحال الإحباط والقتل والخوف والهلوسات .
* الموروث هو القوام الثقافي لأي مجتمع به وعليه يعيش .
* إعادة ترتيب العالم من خلال نقل القارئ من عالم القص إلى العالم المعيش .
* الارتباط بالمنجز السردي الانسانى كأنك تقرأ لتشيخوف أو إدريس أو يحيى الطاهر أو غيرهم من العظماء في الرؤية والوعي وما وراء الكتابة .