"ستّ سنوات".. ولادة فنية من رحم المأساة
- منال حسن غانم
دمشق
بطريقة فنية مبدعة، وبتقنيات مختلفة، ومن مواد طبيعية رائحتها تشبّعت بالوجع، تجسّد الوجع السوري على يد الفنان التشكيلي "نزار صابور" من خلال معرضه "ست سنوات"، الذي ولد مع بداية الحرب الموجعة على بلدنا، فكانت لوحاته شاهداً حيّاً على المآسي التي حملتها.
«في زمن الحرب ماذا علينا أن نفعل؟ ست سنوات نعيشها؛ كيف يمكن للفنّ أن يكون شاهداً على العصر؟ كيف له أن يكون ذاكرتنا اليومية، وليس متعة عابرة؟ ولأنه طريقي للدفاع عن الحياة ضد الموت؛ أقمت معرضي بعنوان: "ست سنوات"، وهو عمر الأزمة السورية، طارحاً تساؤلات وإجابات».
في زمن الحرب ماذا علينا أن نفعل؟ ست سنوات نعيشها؛ كيف يمكن للفنّ أن يكون شاهداً على العصر؟ كيف له أن يكون ذاكرتنا اليومية، وليس متعة عابرة؟ ولأنه طريقي للدفاع عن الحياة ضد الموت؛ أقمت معرضي بعنوان: "ست سنوات"، وهو عمر الأزمة السورية، طارحاً تساؤلات وإجابات
هذا كان بداية الحديث للفنان التشكيلي "نزار صابور" الأستاذ في كلية الفنون التشكيلية، الذي التقته مدونة وطن "eSyria" فحدّثنا قائلاً: «لإحساسي بالواجب تجاه الفن السوري والفنانين الشباب، أقمت معرضي "ست سنوات"، وتضمّن 120 عملاً فنياً تشكيلياً.
لوحة من مجموعة النعوات
حتى أهرب من هذا الواقع المرير للحرب لجأت إلى مرسمي في "اللاذقية"، وبسبب الحزن الطاغي فكرت بعمل مجموعة لوحات لـ"النعوات"، وتخص مكونات الشعب السوري؛ ولأقول إن كل نفس ذائقة الموت، وأردت أن أعبر عن موضوع يومي وملحّ؛ فعملت مجموعة "أشلاء سورية"؛ لأظهر مدى التشظي للجسد البشري، والأماكن والطبيعة بطريقة تعبيرية غير مباشرة، ليستمر كعمل فني مع الزمن، بعدها شعرت بالاكتئاب؛ فهذه البيئة لا أعرفها، وذكريات الطفولة وأحلام العائلات السورية التي تكسرت على صخرة الحرب اللعينة تحيط بي، إلى أن قرأت عبارة "ميخائيل نعيمة" التي تقول: "أيها المارّ كالظل، يا أخي ما أجمل الحياة!" وأعجبتني جداً؛ فأعادتني إلى العمل، وعملت لوحة تحاكي هذه المقولة. مجموعة "الحصار" عملت عليها من 2011 إلى 2015، ورمزت إليها بالدائرة؛ فالعناصر الموجودة ضمنها محاصرة من الداخل والخارج».
ويتابع: «مجموعتي التالية ألبستها ثوب كتاب خشبي، وكل كتاب يحوي سبع صفحات له موضوع وشكل فنّي مناسب، ثم مجموعة "معلولا"؛ فهذه المدينة يعود عمرها إلى آلاف السنين، ولم تمسّ بسوء حتى في ظلّ الظلام العثماني إلا في عام 2014، قدّمتها قاتمة مستخدماً المادة الطبيعية "العرجون"، ولأول مرة ترسم بهذا الشكل؛ فمعظم الفنانين رسموا "معلولا" المشرقة المضيئة.
من مجموعة أيقونات صحن الزيتون
وأطلقت مجموعة "الصمت" التي تخصّ المحلّلين السوريين، ومجموعة "أيقونات صحن الزيتون" الذي له قدسيته؛ فهو موجود على طاولة كل السوريين بمختلف بيئاتهم وأطيافهم ومستواهم الاجتماعي، وكذلك مجموعة "أيقونة سورية"، حيث أصبح القديس شخصاً آخر واستغنى عن الوقار، وأتساءل فيها هل أصبح القتل باسم الربّ ممكناً؟»
الفنان التشكيلي "عمران يونس" أثناء زيارته للمعرض، قال: «من أكثر الفنانين تنوّعاً في الأعمال والمشاريع الجدية الفنية، وجميعها تحوي أسلوباً خاصاً به وهو الخلق، ولنقرأ لوحاته علينا أن نراها ككلّ، لا كأجزاء؛ فاللوحة نفسها هي الجسد وما بداخلها الروح؛ وهذا واضح في معرضه "ست سنوات"؛ حيث يبحث عن خلق رؤية بصرية مختلفة لما هو سائد في مجموعاته حتى بتعبيرات المواد وطاقاتها على الإنتاج، وبذلك يعتمد كل ما هو محلي من زخارف وخطوط ونعوات نشاهدها يومياً في تشكيل منتجه الفني، وبالمضامين لتجيب عن أسئلته. ينبذ التسجيل والمباشرة؛ ففي مجموعة الكتب الخشبية يصوغ الكتابة نفسها بعالم بصري صرف أحياناً بالمعنى، وأحياناً بصورة الكتابة، وفي مجموعة "أيقونات سورية" يعيد ترتيب المشهد القديم برؤية معاصرة جديدة؛ فالأيقونة وما بداخلها من حكايات القديسين يعيد إنتاجها اليوم لتصبح حكايات لآلامنا».
الفنان التشكيلي عمران يونس