الرسم بالنباتات.. تجربة جديدة تحت الضوء في السويداء
السويداء
كان في السنة الثانية في الجامعة عندما أطلق تجربته الأولى في الرسم بالنباتات، وقد تباينت ردود الفعل حولها بين مؤيد ومشجع لهذه التجربة الجديدة، وبين معارض لها ومشكك باستمرارها لما يزيد عن خمس سنوات فقط.
وإلى اليوم مر ما يقارب الخمسة عشر سنة، وما تزال لوحاته تحتفظ بألقها ونضارتها، ومن هنا جاء التحدي.
الإصغاء لبوح النباتات.. وإعادة إحياء النباتات.. والاستفادة من البقايا النباتية.. هي عناوين صغيرة لمشروع كبير يقوم به المهندس الزراعي "هشام أبو فاعور" ضمن إطار فني يمتزج فيه الإبداع بفلسفة الطبيعة، وللإضاءة على هذه التجربة المميزة موقع eSuweda التقى الأستاذ "هشام" وسجل الحوار التالي:
المهندس "هشام أبو فاعور"
*الصدفة وحدها هي من وضعت كلية الزراعة بين كليتي العمارة والفنون الجميلة والتي كانت حلمك للدراسة، لكنك لم تشعر بالندم، بدليل أنك استثمرت دراستك للاتجاه للفن، فكيف كانت البداية؟
**«صحيح أن حلمي كان بدراسة الفنون الجميلة ولكنه القدر، وأشعر أنني محظوظ بدراسة الهندسة الزراعية، لأنها فتحت أمامي مجالاً واسعاً للقيام بشيء جديد لم يسبقني أحد إليه، ثم إنني ابن فلاح ووالدي يعمل في الأرض، فقد ولدت في مدينة "صلخد" عام 1975 وعشت طفولتي فيها، ومنذ الصغر أساعد والدي في الزراعة، ومنذ سبعة عشر عاماً أحرث الأرض على الجرار وأهتم بها إلى جانب دراستي، حيث جاءت دراستي للزراعة بمثابة صقل للخبرة وزيادة للمعارف.
......
في العام الأول من دراستي في الجامعة وأحد مواد الدراسة كانت التصنيف النباتي، وأثناء عملي بجمع النباتات انتابني شعور كبير بأن هذه النباتات على اختلاف أنواعها تتحدث بشكل ما، فكل نبتة تعطيك إيحاء يختلف عن نبتة أخرى، رتبت النباتات التي جمعتها بطريقة فنية وحصلت على أعلى العلامات، في العام الثاني شاركت في معرض أقيم بالكلية بجناح خاص لأعمالي في عام 1997 .. وكانت البداية.
ما شجعني على الاستمرار هو ردود أفعال الناس والتشجيع من الأصدقاء، لأقيم معرضي الثاني في المدينة الجامعية في عام 1998 مع صديقي رسام الكاريكاتير "محمد البغدادي"».
يتحدث عن احدى لوحاته
*منذ البداية جمعت عدداً كبيراً من النباتات وجففتها بطريقة صحيحة، أي أن المادة الأولية أصبحت متوافرة لديك، ما هي المواد الأخرى التي تحتاجها اللوحات وكم من الوقت تستغرق لإنجاز اللوحة الواحدة؟
**في البداية حاولت ايجاد تباين بين لونين هما الأبيض والأسود، اخترت إطار اللوحة أبيض والخلفية سوداء أو أحد الألوان الغامقة وهي من القماش، استخدمت الكرتون المقوى ووضعت عليه القماش والذي يسمى بالجوخ، ثم أبدأ بتثبيت النباتات المجففة لدي سابقاً بواسطة اللاصق، العمل يحتاج لصبر وأنا أقوم به بتأني وهدوء لأن أي خطأ بسيط في وضع اللاصق قد يشوه منظر اللوحة، ثم الفكرة وما تتطلبه من نباتات مناسبة وعملية البحث عنها هذه الأمور مجتمعة قد تستغرق عاماً كما عدد من اللوحات لدي، ويأتي في النهاية الزجاج والذي يحافظ على جمال اللوحة فترة طويلة.
كنت حريصاً على إظهار أكثر من فكرة في اللوحة الواحدة، بحيث إذا أدرنا اللوحة في الجهات الأربع، تعطينا أربع أفكار جديدة.. ومسألة الألوان حاولت الابتعاد عنها كلياً واكتفيت باللون الطبيعي للنبات».
*في عدد من معارضك.. وضعت عناوين للوحات، وفي معارض أخرى بقيت اللوحات بدون عنوان، فما الذي أردت إيصاله للناس؟ وكم عدد المعارض التي أقمتها إلى الآن؟
**في المعارض الأولى كنت أرغب بإيصال الفكرة كما أراها أنا للجمهور، كانت التجربة في بدايتها والأفكار لا تزال جديدة، ولكن بعد عدة معارض وجدت استيعاباً كبيراً للأعمال، ومن حق الشخص الذي يشاهد اللوحة أن يرسم الانطباع الذي يريده لها، فابتعدت عن عنونة اللوحات.
أما عن عدد المعارض فهي ست معارض، معرضين خلال دراستي والثالث كان في المركز الثقافي العربي في مدينة "صلخد" وقد شاركتني فيه شقيقتي بلوحات تصوير ضوئي في عام 2003 وفي نفس العام شاركت بمعرض في المركز الثقافي في "السويداء"، ثم في المركز الثقافي الروسي "بدمشق" عام 2005 والمعرض الأخير كان ضمن مؤتمر البيئة الأول الذي أقيم في المركز الثقافي في "السويداء" هذا العام».
*تهتم كثيراً بتنوع النباتات التي تجمعها وتنوع مصدرها وبشكل خاص في فصل الربيع، بعد فترة من زمن التجفيف تفقد الكثير من النباتات لونها وتصبح قريبة من التلف، هل تحاول الاستفادة منها، أم تتخلص منها وتجفف غيرها؟
**«لدي نباتات مجففة منذ أكثر من خمسة عشر عاماً، وأنا لا أحاول التخلص من أي منها حتى لو أصبح قريباً من التلف، بل احتفظ بالأجزاء الصحيحة للاستفادة منها بلوحات فسيفساء النباتات، والتي سأبدأ بها قريباً، لدي هاجس في عملي وهو صرف هذه التجربة لخدمة الجانب الروحي والنفسي».
الفنان "سامر بلان" تحدث عن لوحات الأستاذ "هشام" قائلاً: «استطاع الفنان أن يجعل الطبيعة تنطق.. بلوحات مميزة، هي بسيطة بشكلها ولكنها تحمل في أعماقها الكثير لتقوله لنا.
جميلة الموضوعات التي يطرحها وجميل هذا التمازج بين الفلسفة والفن في لوحة واحدة، دراسته في كلية الهندسة الزراعية ساعدته كثيراً في معرفة التعامل الصحيح مع النباتات، وهو فنان ومهتم بالجانب الروحي والفلسفي واستطاع ايجاد التوافق بين الجانبين».
بقي أن نذكر أن الأستاذ "هشام" يعمل في دائرة زراعة "صلخد" شعبة الوقاية، ومن خلال عمله يساهم في في الدورات التي تقيمها مديريات الزراعة لتأهيل المرأة الريفية بتعليم الفتيات المشاركات في الدورات الرسم بالنباتات والاستفادة من البقايا النباتية في صنع أشياء جميلة.
- ولاء عربي
السويداء
كان في السنة الثانية في الجامعة عندما أطلق تجربته الأولى في الرسم بالنباتات، وقد تباينت ردود الفعل حولها بين مؤيد ومشجع لهذه التجربة الجديدة، وبين معارض لها ومشكك باستمرارها لما يزيد عن خمس سنوات فقط.
وإلى اليوم مر ما يقارب الخمسة عشر سنة، وما تزال لوحاته تحتفظ بألقها ونضارتها، ومن هنا جاء التحدي.
لدي نباتات مجففة منذ أكثر من خمسة عشر عاماً، وأنا لا أحاول التخلص من أي منها حتى لو أصبح قريباً من التلف، بل احتفظ بالأجزاء الصحيحة للاستفادة منها بلوحات فسيفساء النباتات، والتي سأبدأ بها قريباً، لدي هاجس في عملي وهو صرف هذه التجربة لخدمة الجانب الروحي والنفسي
الإصغاء لبوح النباتات.. وإعادة إحياء النباتات.. والاستفادة من البقايا النباتية.. هي عناوين صغيرة لمشروع كبير يقوم به المهندس الزراعي "هشام أبو فاعور" ضمن إطار فني يمتزج فيه الإبداع بفلسفة الطبيعة، وللإضاءة على هذه التجربة المميزة موقع eSuweda التقى الأستاذ "هشام" وسجل الحوار التالي:
المهندس "هشام أبو فاعور"
*الصدفة وحدها هي من وضعت كلية الزراعة بين كليتي العمارة والفنون الجميلة والتي كانت حلمك للدراسة، لكنك لم تشعر بالندم، بدليل أنك استثمرت دراستك للاتجاه للفن، فكيف كانت البداية؟
**«صحيح أن حلمي كان بدراسة الفنون الجميلة ولكنه القدر، وأشعر أنني محظوظ بدراسة الهندسة الزراعية، لأنها فتحت أمامي مجالاً واسعاً للقيام بشيء جديد لم يسبقني أحد إليه، ثم إنني ابن فلاح ووالدي يعمل في الأرض، فقد ولدت في مدينة "صلخد" عام 1975 وعشت طفولتي فيها، ومنذ الصغر أساعد والدي في الزراعة، ومنذ سبعة عشر عاماً أحرث الأرض على الجرار وأهتم بها إلى جانب دراستي، حيث جاءت دراستي للزراعة بمثابة صقل للخبرة وزيادة للمعارف.
......
في العام الأول من دراستي في الجامعة وأحد مواد الدراسة كانت التصنيف النباتي، وأثناء عملي بجمع النباتات انتابني شعور كبير بأن هذه النباتات على اختلاف أنواعها تتحدث بشكل ما، فكل نبتة تعطيك إيحاء يختلف عن نبتة أخرى، رتبت النباتات التي جمعتها بطريقة فنية وحصلت على أعلى العلامات، في العام الثاني شاركت في معرض أقيم بالكلية بجناح خاص لأعمالي في عام 1997 .. وكانت البداية.
ما شجعني على الاستمرار هو ردود أفعال الناس والتشجيع من الأصدقاء، لأقيم معرضي الثاني في المدينة الجامعية في عام 1998 مع صديقي رسام الكاريكاتير "محمد البغدادي"».
يتحدث عن احدى لوحاته
*منذ البداية جمعت عدداً كبيراً من النباتات وجففتها بطريقة صحيحة، أي أن المادة الأولية أصبحت متوافرة لديك، ما هي المواد الأخرى التي تحتاجها اللوحات وكم من الوقت تستغرق لإنجاز اللوحة الواحدة؟
**في البداية حاولت ايجاد تباين بين لونين هما الأبيض والأسود، اخترت إطار اللوحة أبيض والخلفية سوداء أو أحد الألوان الغامقة وهي من القماش، استخدمت الكرتون المقوى ووضعت عليه القماش والذي يسمى بالجوخ، ثم أبدأ بتثبيت النباتات المجففة لدي سابقاً بواسطة اللاصق، العمل يحتاج لصبر وأنا أقوم به بتأني وهدوء لأن أي خطأ بسيط في وضع اللاصق قد يشوه منظر اللوحة، ثم الفكرة وما تتطلبه من نباتات مناسبة وعملية البحث عنها هذه الأمور مجتمعة قد تستغرق عاماً كما عدد من اللوحات لدي، ويأتي في النهاية الزجاج والذي يحافظ على جمال اللوحة فترة طويلة.
كنت حريصاً على إظهار أكثر من فكرة في اللوحة الواحدة، بحيث إذا أدرنا اللوحة في الجهات الأربع، تعطينا أربع أفكار جديدة.. ومسألة الألوان حاولت الابتعاد عنها كلياً واكتفيت باللون الطبيعي للنبات».
*في عدد من معارضك.. وضعت عناوين للوحات، وفي معارض أخرى بقيت اللوحات بدون عنوان، فما الذي أردت إيصاله للناس؟ وكم عدد المعارض التي أقمتها إلى الآن؟
**في المعارض الأولى كنت أرغب بإيصال الفكرة كما أراها أنا للجمهور، كانت التجربة في بدايتها والأفكار لا تزال جديدة، ولكن بعد عدة معارض وجدت استيعاباً كبيراً للأعمال، ومن حق الشخص الذي يشاهد اللوحة أن يرسم الانطباع الذي يريده لها، فابتعدت عن عنونة اللوحات.
أما عن عدد المعارض فهي ست معارض، معرضين خلال دراستي والثالث كان في المركز الثقافي العربي في مدينة "صلخد" وقد شاركتني فيه شقيقتي بلوحات تصوير ضوئي في عام 2003 وفي نفس العام شاركت بمعرض في المركز الثقافي في "السويداء"، ثم في المركز الثقافي الروسي "بدمشق" عام 2005 والمعرض الأخير كان ضمن مؤتمر البيئة الأول الذي أقيم في المركز الثقافي في "السويداء" هذا العام».
*تهتم كثيراً بتنوع النباتات التي تجمعها وتنوع مصدرها وبشكل خاص في فصل الربيع، بعد فترة من زمن التجفيف تفقد الكثير من النباتات لونها وتصبح قريبة من التلف، هل تحاول الاستفادة منها، أم تتخلص منها وتجفف غيرها؟
**«لدي نباتات مجففة منذ أكثر من خمسة عشر عاماً، وأنا لا أحاول التخلص من أي منها حتى لو أصبح قريباً من التلف، بل احتفظ بالأجزاء الصحيحة للاستفادة منها بلوحات فسيفساء النباتات، والتي سأبدأ بها قريباً، لدي هاجس في عملي وهو صرف هذه التجربة لخدمة الجانب الروحي والنفسي».
الفنان "سامر بلان" تحدث عن لوحات الأستاذ "هشام" قائلاً: «استطاع الفنان أن يجعل الطبيعة تنطق.. بلوحات مميزة، هي بسيطة بشكلها ولكنها تحمل في أعماقها الكثير لتقوله لنا.
جميلة الموضوعات التي يطرحها وجميل هذا التمازج بين الفلسفة والفن في لوحة واحدة، دراسته في كلية الهندسة الزراعية ساعدته كثيراً في معرفة التعامل الصحيح مع النباتات، وهو فنان ومهتم بالجانب الروحي والفلسفي واستطاع ايجاد التوافق بين الجانبين».
بقي أن نذكر أن الأستاذ "هشام" يعمل في دائرة زراعة "صلخد" شعبة الوقاية، ومن خلال عمله يساهم في في الدورات التي تقيمها مديريات الزراعة لتأهيل المرأة الريفية بتعليم الفتيات المشاركات في الدورات الرسم بالنباتات والاستفادة من البقايا النباتية في صنع أشياء جميلة.