"سليمان العيسى" شاعر أطفال سورية
دمشق
قد لا نبالغ عندما نصفه بالرمز، ولن نذهب بعيداً عندما ندعي أن ليس منا من لا يحفظ أبياتاً من ابداعاته، فإيقاع أشعاره المميز يدفعك إلى ترديد الأبيات التي تسمعها من المرة الأولى، وطهر الرسالة التي تحملها كلماته تعود بنا إلى الطفل البسيط الذي يسكن أعماقنا؛ إنه الشاعر "سليمان العيسى" الذي تقول عنه زوجته الدكتورة والأديبة "ملكة الأبيض":
«لقد جمعنا القدر، ومنذ اللقاء الأول؛ شعرت باحترام كبير له وللفكر التي يحمله ولمثابرته ونضاله في سبيل تحقيق ما يؤمن به، هذا ما جعلني ارتبط به، وأسير معه في نفس الطريق.
عملت في مجال أدبه تابعته وصنفته وصححته وساعدته في بعض الأحيان في بعض المجالات.
الشاعر "سليمان العيسى" وزوجته الدكتورة "ملكة"
"سليمان العيسى" من الأشخاص النادرين الذين كتبوا الشعر وكتبوا النثر وأجاد في الطرفين فشعره فيه الكثير من سلاسة وبساطة النثر، ونثره فيه الكثير من الروح الشعرية والخيال الذي يتسم به الشعر، كتب للصغار والكبار، واستطاع بكل كتاباته أن يوجد أسلوبا جديدا».
الدكتور "حيدر يازجي" رئيس اتحاد الفنانين التشكيليين في سورية، صديق الشاعر قال: «الأستاذ "سليمان العيسى" هو مربي أجيال، ونحن نذكر عندما كنا أطفالا صغارا؛ كيف كنا نحفظ أشعاره وكنت عندما يريد إلقاء أي قصيدة بأية مناسبة؛ أحد الذين يتراكضون لأخذ مكان لسماع قصائده.
الدكتور "حيدر يازجي" أمام لوحة رسمها للشاعر الكبير
"سليمان العيسى" هو شاعر الشباب في فترة من الفترات، عندما كان الفكر والنهضة القومية متقدين، وكان كل منا يبحث عن كلمة؛ كان هو نبعاً غزيراً لهذه المواقف البطولية والنضالية؛ صاغها بأسلوب شعري مقرب من كل ذلك الجيل، عشقنا أفكاره لأنها كانت تتماشى وتتماهى مع الوحدة العربية التي كنا نناضل من أجلها.
لقد كان "سليمان العيسى" رمز لنا- أيام دراستنا في المراحل الإعداية والثانوية- وقد شاءت الظروف أن التقي به فيما بعد، وأن ارتبط به بصداقة- اعتز بها- وطلبت منه أن ارسمه بلوحة تخلد هذا الإنسان وتجمع قدر الإمكان تاريخه النضالي الكبير؛ لذلك كانت هذه اللوحة وهو "يحمل الكتاب الذي هو رمز لما كتبه ويده تفكر ورأسه يفكر ونظرته للأمام فيها كل التفاؤل"، إن شاعرنا غال علينا كثيرا لذلك أقل ما يمكن عمله أن نخلده بلوحة إبداعية مع إنه خالد بآثاره الكبيرة».
أثناء إجراء اللقاء
"eSyria" زار الشاعر "سليمان العيسى" في منزله بتاريخ "26/5/2011"، حيث بدأ بالقول: «بدأت أنظم الشعر وأنا في التاسعة أو العاشرة من عمري وأذكر أول قصيدة كتبتها كانت عن الفلاحين البسطاء في قريتنا النعيرية في أنطاكية قلت فيها:
ألا يا أيها الفقراء موتوا / لكم في جنة الفردوس قوت
لقد بنيت لكم ثم البيوت / وكوثركم بها يجري شهيا.
شاركت بقصائدي القومية في المظاهرات والنضال القومي الذي خاضه أبناء اللواء ضد الاغتصاب وأنا في الصف الخامس والسادس الإبتدائي.
كما شاركت بعشرات المظاهرات وألقيت الحجارة خلالها على الفرنسيين وأذكر أنني كنت بالمرحلة الثانوية عندما أصدرت منشورا ضد الفرنسيين زمن الانتداب الفرنسي، وأثناء توزيعه قبضوا علينا وسجنت فترة من الزمن».
وعن علاقته بالوطن يتابع الشاعر "سليمان" القول: «الوطن يعني كل شيء، أنا خلية في جسد عربي تبحث عن ملايين الخلايا من أخواتها، بها يتحرك الجسد وتبعث فيها الحياة، الوطن هوية الإنسان، الوطن هو الإنسان»
وعن كتاباته للأطفال يقول: «توجهت بعد نكسة حزيران لكتابة الشعر للأطفال لأني شعرت بخيبة كبيرة من جيل الكبار وأحسست بأن الخطأ كان في تربيتهم وهم صغار ولم يحصلوا على الثقافة التي يجب أن يتزودوا بها ليستطيعوا مكافحة ومواجهة الصعوبات التي مرت بهم، أردت أن أعوض عليهم وأعطيهم ما فات الكبار في وطننا أوجدت لهم عالما كاملا من خلال ما كتبته لهم شعرا ونثرا ومسرحيا وغيرها».
ويؤكد شاعرنا دور اللغة العربية في تكوين هوية وتنمية هوية الفرد عن طريق أنواع السرد والخبرات اللغوية التي تقدم له؛ مؤكدا أنه يريد للشباب أن يعيشوا كل ما يعنيه لهم وطنهم عن طريق هذه الخبرات اللغوية.
وعن الدور الذي يلعبه اتحاد الكتاب العرب في ظل الثورة التكنولوجية يقول "العيسى": «يلعب الاتحاد دورا في الحفاظ على الكتاب في ظل هذه الثورة من خلال ما ينشره عبر مجلاته الموقف الأدبي، الآداب الأجنبية، التراث، وكلها تحاول وصل حاضرنا بماضينا وتطوير تراثنا، وكل هذه المجلات تنشر الكترونيا ليتمكن الجميع من الاطلاع عليها وهكذا يحاول اتحاد الكتب العرب أن يعرف العالم بإبداعاتنا».
شاعرنا الكبير عرف نفسه بالقول: «أنا حلم عربي، لست شاعرا ولا كاتبا ولا أديبا، أنا أعيش هذا الحلم بكل آلامي وآمالي، رغم كل المصاعب التي مرت بنا يظل هذا الحلم أقوى من كل النكبات ومن كل ما مر بي أنا شخصيا من آلام.
حلمي أوسع وأهم من كل الأمور التي تجري حولنا، ونحن الآن في طور انبعاث نسميه انبعاثنا الحي، وأنا واثق انه لن ينتهي هذا القرن حتى يكون لدينا اتحاد عربي أقوى من الاتحاد الأوروبي، أنا قانع أننا قادمون؛ العرب بكل طاقاتهم قادمون».
"سليمان العيسى" عرف الشعر قائلاً: «هو كائن غريب جدا لا يستطيع أحد تعريفه؛ فهو يستعصي على التعريف وكلما استعصى على التعريف يكون أعمق وأنضج وأجمل، فالشعر لا تعريف له عندي؛ أي تعريف جميل ينطبق عليه، الشعر هو الحياة».
وعن حياته الاجتماعية يقول: «معن وغيلان وبادية، هم أولادي كتبت لهم قصائد كثيرة فهم كغيرهم من الأطفال، أما زوجتي الدكتورة "ملكة الأبيض" فهي رفيقة درب ورفيقة عمر وكفاح ورفيقة كل شيء في الحياة، وأنا مدين لها بنصف إنتاجي».
(*) الجدير بالذكر أن الشاعر "سليمان العيسى" من مواليد "النعيرية" بأنطاكية 1921، وأحد مؤسسي اتحاد الكتاب العرب في سورية 1969، انتخب عضوا في مجمع اللغة العربية بدمشق 1990، حصل على جائزة "لوتس" للشعر من اتحاد كتاب آسيا وأفريقيا 1982، حصل على جائزة الإبداع الشعري، مؤسسة البابطين عام 2000، يحسن الفرنسية والإنكليزية إلى جانب لغته العربية، ويلم بالتركية.
شارك مع زوجته الدكتورة ملكة أبيض في ترجمة عدد من الآثار الأدبية، أهمها آثار الكتاب الجزائريين الذين كتبوا بالفرنسية، شارك مع زوجته وعدد من زملائه في ترجمة قصص ومسرحيات من روائع الأدب العالمي للأطفال.
(**) من بعض أعماله الشعرية :
الأعمال الشعرية في أربعة أجزاء، الثمالات بأجزائها الثلاثة، همسات ريشة متعبة، السفر الجميل، حب وبطولة.
ومن بعض كتاباته للأطفال: فرح للأطفال، أغاني النهار، الأناشيد وغيرها.
ترجم له العديد من الكتابات إلى الانكليزية والفرنسية.
(***) أهم ما كتب عنه: مع سليمان العيسى، سليمان العيسى ثمانون عاما من الحلم والأمل، وقفات مع سليمان العيسى إضافة لرسالة دكتوراه مقدمة لجامعة نابولي.
- سمر وعر
دمشق
قد لا نبالغ عندما نصفه بالرمز، ولن نذهب بعيداً عندما ندعي أن ليس منا من لا يحفظ أبياتاً من ابداعاته، فإيقاع أشعاره المميز يدفعك إلى ترديد الأبيات التي تسمعها من المرة الأولى، وطهر الرسالة التي تحملها كلماته تعود بنا إلى الطفل البسيط الذي يسكن أعماقنا؛ إنه الشاعر "سليمان العيسى" الذي تقول عنه زوجته الدكتورة والأديبة "ملكة الأبيض":
«لقد جمعنا القدر، ومنذ اللقاء الأول؛ شعرت باحترام كبير له وللفكر التي يحمله ولمثابرته ونضاله في سبيل تحقيق ما يؤمن به، هذا ما جعلني ارتبط به، وأسير معه في نفس الطريق.
الوطن يعني كل شيء، أنا خلية في جسد عربي تبحث عن ملايين الخلايا من أخواتها، بها يتحرك الجسد وتبعث فيها الحياة، الوطن هوية الإنسان، الوطن هو الإنسان
عملت في مجال أدبه تابعته وصنفته وصححته وساعدته في بعض الأحيان في بعض المجالات.
الشاعر "سليمان العيسى" وزوجته الدكتورة "ملكة"
"سليمان العيسى" من الأشخاص النادرين الذين كتبوا الشعر وكتبوا النثر وأجاد في الطرفين فشعره فيه الكثير من سلاسة وبساطة النثر، ونثره فيه الكثير من الروح الشعرية والخيال الذي يتسم به الشعر، كتب للصغار والكبار، واستطاع بكل كتاباته أن يوجد أسلوبا جديدا».
الدكتور "حيدر يازجي" رئيس اتحاد الفنانين التشكيليين في سورية، صديق الشاعر قال: «الأستاذ "سليمان العيسى" هو مربي أجيال، ونحن نذكر عندما كنا أطفالا صغارا؛ كيف كنا نحفظ أشعاره وكنت عندما يريد إلقاء أي قصيدة بأية مناسبة؛ أحد الذين يتراكضون لأخذ مكان لسماع قصائده.
الدكتور "حيدر يازجي" أمام لوحة رسمها للشاعر الكبير
"سليمان العيسى" هو شاعر الشباب في فترة من الفترات، عندما كان الفكر والنهضة القومية متقدين، وكان كل منا يبحث عن كلمة؛ كان هو نبعاً غزيراً لهذه المواقف البطولية والنضالية؛ صاغها بأسلوب شعري مقرب من كل ذلك الجيل، عشقنا أفكاره لأنها كانت تتماشى وتتماهى مع الوحدة العربية التي كنا نناضل من أجلها.
لقد كان "سليمان العيسى" رمز لنا- أيام دراستنا في المراحل الإعداية والثانوية- وقد شاءت الظروف أن التقي به فيما بعد، وأن ارتبط به بصداقة- اعتز بها- وطلبت منه أن ارسمه بلوحة تخلد هذا الإنسان وتجمع قدر الإمكان تاريخه النضالي الكبير؛ لذلك كانت هذه اللوحة وهو "يحمل الكتاب الذي هو رمز لما كتبه ويده تفكر ورأسه يفكر ونظرته للأمام فيها كل التفاؤل"، إن شاعرنا غال علينا كثيرا لذلك أقل ما يمكن عمله أن نخلده بلوحة إبداعية مع إنه خالد بآثاره الكبيرة».
أثناء إجراء اللقاء
"eSyria" زار الشاعر "سليمان العيسى" في منزله بتاريخ "26/5/2011"، حيث بدأ بالقول: «بدأت أنظم الشعر وأنا في التاسعة أو العاشرة من عمري وأذكر أول قصيدة كتبتها كانت عن الفلاحين البسطاء في قريتنا النعيرية في أنطاكية قلت فيها:
ألا يا أيها الفقراء موتوا / لكم في جنة الفردوس قوت
لقد بنيت لكم ثم البيوت / وكوثركم بها يجري شهيا.
شاركت بقصائدي القومية في المظاهرات والنضال القومي الذي خاضه أبناء اللواء ضد الاغتصاب وأنا في الصف الخامس والسادس الإبتدائي.
كما شاركت بعشرات المظاهرات وألقيت الحجارة خلالها على الفرنسيين وأذكر أنني كنت بالمرحلة الثانوية عندما أصدرت منشورا ضد الفرنسيين زمن الانتداب الفرنسي، وأثناء توزيعه قبضوا علينا وسجنت فترة من الزمن».
وعن علاقته بالوطن يتابع الشاعر "سليمان" القول: «الوطن يعني كل شيء، أنا خلية في جسد عربي تبحث عن ملايين الخلايا من أخواتها، بها يتحرك الجسد وتبعث فيها الحياة، الوطن هوية الإنسان، الوطن هو الإنسان»
وعن كتاباته للأطفال يقول: «توجهت بعد نكسة حزيران لكتابة الشعر للأطفال لأني شعرت بخيبة كبيرة من جيل الكبار وأحسست بأن الخطأ كان في تربيتهم وهم صغار ولم يحصلوا على الثقافة التي يجب أن يتزودوا بها ليستطيعوا مكافحة ومواجهة الصعوبات التي مرت بهم، أردت أن أعوض عليهم وأعطيهم ما فات الكبار في وطننا أوجدت لهم عالما كاملا من خلال ما كتبته لهم شعرا ونثرا ومسرحيا وغيرها».
ويؤكد شاعرنا دور اللغة العربية في تكوين هوية وتنمية هوية الفرد عن طريق أنواع السرد والخبرات اللغوية التي تقدم له؛ مؤكدا أنه يريد للشباب أن يعيشوا كل ما يعنيه لهم وطنهم عن طريق هذه الخبرات اللغوية.
وعن الدور الذي يلعبه اتحاد الكتاب العرب في ظل الثورة التكنولوجية يقول "العيسى": «يلعب الاتحاد دورا في الحفاظ على الكتاب في ظل هذه الثورة من خلال ما ينشره عبر مجلاته الموقف الأدبي، الآداب الأجنبية، التراث، وكلها تحاول وصل حاضرنا بماضينا وتطوير تراثنا، وكل هذه المجلات تنشر الكترونيا ليتمكن الجميع من الاطلاع عليها وهكذا يحاول اتحاد الكتب العرب أن يعرف العالم بإبداعاتنا».
شاعرنا الكبير عرف نفسه بالقول: «أنا حلم عربي، لست شاعرا ولا كاتبا ولا أديبا، أنا أعيش هذا الحلم بكل آلامي وآمالي، رغم كل المصاعب التي مرت بنا يظل هذا الحلم أقوى من كل النكبات ومن كل ما مر بي أنا شخصيا من آلام.
حلمي أوسع وأهم من كل الأمور التي تجري حولنا، ونحن الآن في طور انبعاث نسميه انبعاثنا الحي، وأنا واثق انه لن ينتهي هذا القرن حتى يكون لدينا اتحاد عربي أقوى من الاتحاد الأوروبي، أنا قانع أننا قادمون؛ العرب بكل طاقاتهم قادمون».
"سليمان العيسى" عرف الشعر قائلاً: «هو كائن غريب جدا لا يستطيع أحد تعريفه؛ فهو يستعصي على التعريف وكلما استعصى على التعريف يكون أعمق وأنضج وأجمل، فالشعر لا تعريف له عندي؛ أي تعريف جميل ينطبق عليه، الشعر هو الحياة».
وعن حياته الاجتماعية يقول: «معن وغيلان وبادية، هم أولادي كتبت لهم قصائد كثيرة فهم كغيرهم من الأطفال، أما زوجتي الدكتورة "ملكة الأبيض" فهي رفيقة درب ورفيقة عمر وكفاح ورفيقة كل شيء في الحياة، وأنا مدين لها بنصف إنتاجي».
(*) الجدير بالذكر أن الشاعر "سليمان العيسى" من مواليد "النعيرية" بأنطاكية 1921، وأحد مؤسسي اتحاد الكتاب العرب في سورية 1969، انتخب عضوا في مجمع اللغة العربية بدمشق 1990، حصل على جائزة "لوتس" للشعر من اتحاد كتاب آسيا وأفريقيا 1982، حصل على جائزة الإبداع الشعري، مؤسسة البابطين عام 2000، يحسن الفرنسية والإنكليزية إلى جانب لغته العربية، ويلم بالتركية.
شارك مع زوجته الدكتورة ملكة أبيض في ترجمة عدد من الآثار الأدبية، أهمها آثار الكتاب الجزائريين الذين كتبوا بالفرنسية، شارك مع زوجته وعدد من زملائه في ترجمة قصص ومسرحيات من روائع الأدب العالمي للأطفال.
(**) من بعض أعماله الشعرية :
الأعمال الشعرية في أربعة أجزاء، الثمالات بأجزائها الثلاثة، همسات ريشة متعبة، السفر الجميل، حب وبطولة.
ومن بعض كتاباته للأطفال: فرح للأطفال، أغاني النهار، الأناشيد وغيرها.
ترجم له العديد من الكتابات إلى الانكليزية والفرنسية.
(***) أهم ما كتب عنه: مع سليمان العيسى، سليمان العيسى ثمانون عاما من الحلم والأمل، وقفات مع سليمان العيسى إضافة لرسالة دكتوراه مقدمة لجامعة نابولي.