"حسين حدّاد" يوثّق "دمشق الجسد"
دمشق
من بين الكثير من الصور التي نشاهدها كلّ يوم، هناك صورة واحدة قد نتوقف عندها أكثر من غيرها، ذلك أننا نشعر بأن هذه الصورة تمتلك القدرة الكامنة على التأثير، والسبب في ذلك يكمن في أن المصوّر الذي التقطها أعطاها بعداً أكبر مما نراه.
والحقيقة أن المصوّر والذي يفترض به شدة الملاحظة، يعمل على تحديد المشهد المطلوب، وعزل بقية العناصر، أو دمجها بغية خلق التكوين الذي يبحث عنه، هذا التكوين المأخوذ من الحياة التي نعيشها، ليقدّم لنا مادة منّا، والجميل في الأمر أننا أحياناً لا نفهمها على الرغم من بعدها الإنساني الكبير.
مدونة وطن eSyria التقت المصوّر الضوئي "حسين حداد" والذي أطلق مشروعاً فنياً أدبياً لتوثيق "دمشق"، أطلق عليه اسم "دمشق الجسد"، وكان لنا معه هذا الحوار:
المصور الضوئي "حسين حداد"
** عندما نتحدث عن التصوير الفوتوغرافي فإننا نتحدث عن الرسم بالضوء، حوار بين الأجسام ومصادر الضوء المختلفة، تتمثل في ترجمة معانٍ وتساؤلات إنسانية، تُرى من خلال تمازج الضوء مع العتمة والذاكرة، وهنا تبرز أهميّة حسّ المراقبة والترقُّب لدى الفنّان؛ فالصورة ليست عبارة عن أشياء نراها وفقط، بل هي إظهار اللامرئي في الموجود، من مفردات تتفاعل مع التفكير البصري، وظلاله التي تعطي قيمة لرؤى متداخلة وخصوصية فراغ.
من موقع دمشق الجسد* ما علاقتك مع الصورة؟
تصوير "حسين حداد"
** الصورة هويتي ومزاجي، وتفاعلي مع الواقع، ولا أستطيع امتلاك نفسي دون استنباط رغباتها، أستطيع القول: إن اللوحة هي مقياس يحدّد مدى ارتفاعي عن الأرض.
** إنّ قراءة الصور تعتمد على خلفية المتلقي، وذاكرته وجاذبيته، ومنها سيكتشف ما يمكن أن يتخيل من خلالها، فهي تخلق حالة تَدَاعِ لدى القارئ ليكتشف ذاته من خلال التكوين.
** الحركة هي التي تشعرني بخصوصية المكان، لكون الصورة مخلوقاً حيّاً متوحداً بذاته، لا يوجد شيء ساكن في الطبيعة- على الأقل بالنسبة لي- فقد يكون الشكل ثابتاً أحياناً، لكن هنا تبرز مهمّة المصوّر في البحث عن الباطن.
** من خلال تجربتي، أنا أبحث عن الضوء في الظلال نفسها؛ في الموجود واللاموجود، بين الغائب والحاضر نحدّد الفروق، يعتمد المصور الضوئي على الموجود "المرئي" الملموس، ليستحضر الخيال والمشاعر والأحاسيس، يمكن للرسّام رسم لوحة لتكوين ما شاهده في الماضي بكل تفاصيله، ومفرداته، باسترجاعه من الذاكرة، بينما لا يمكن التقاط صورة فوتوغرافية لذلك التكوين، مهما وجد في الذاكرة لكن يمكن ربط حالته الحسية بتكوين آخر والتقاطه.
** الضوء هو من يغريني، الأشياء في العتمة تظل في خيالي، الزمن هو مجموعة تكوينات مختلفة، ولكل زمنٍ حكاية، صورة وجُمَل، تشكّل مفرداتها بنفسها، من هنا لا يمكن الحديث عن الزمن كحالة مجرّدة، فالحالة تفرض نفسها على العدسة وتعطيها زمنها، من هنا أيضاً يمكن أن ألخِّص مفهوم الزمن بأنه الضوء.
** لكلّ فنّان حالته وتجربته التي هي مدرسته الخاصة، وأنا أميل إلى الشخص الأكثر تفرداً بتجربته، قرب الفنّان وبعده وتفاعله مع الضوء، "الصدق مع العدسة" هو المدرسة الخاصة لكلّ فنّان، وعموماً وعلى الرغم من أهمية التصوير الضوئي كنوع من الفنون البصرية، لم يلق الاهتمام الكافي في التدريس الأكاديمي في سورية على الأقل، حتى في كلية الفنون الجميلة، وهو ما يحزُّ في النفس حقيقةً.
** "دمشق الجسد" هو مشروع توثيقي، فنّي وأدبي، إذ كان لا بد من خيط أبيض يتسلل من الغرف المعتمة، حيث الرؤى تنتصر في الظلام و ينمو بالحلم حقيقة لمشهد حرّ، ما يهمّني في
"دمشق"- بعيداً عن الكلمات المفخّمة- هي زمانها، فكلّنا نحبّ "دمشق"، لذلك أوثّق الزمن والحالة التي نعيشها، والتي بطبيعتها تفرز توازناً جديداً، خاصةً أنَّ "دمشق" ليست بأهلها فقط، بل بكل زوَّارها الّذين يمرّون فيها كلّ يوم، فالكلّ مختلف عن الكلّ، والكلّ لديه رؤى مختلفة.
** أنا أعتبر نفسي حيادياً، والقصد من مشروعي توثيقي، وحتى ينجح مشروعي لا يمكن أبداً إلا أن أكون حيادياًً، والقارئ إن استقرأ النقد من اللوحة فسيكون هذا إسقاطاً لتجربته وذهنه بالدرجة الأولى، خارج المشروع أنا مع تبني حالة نقدية للتشوهات البصرية في هذه المدينة من خلال الصورة. وكنتيجة أنا لا أعتبر الصورة مكتملة المشهد دون حالة فكرية.
* كلمة أخيرة.
** "ألوان سورية" أو "دمشق الجسد" هو مشروع طموح يسعى نحو المتعة بالمشاركة وتنمية الواقع الفوتوغرافي وتطويره؛ إن التنوع الطبيعي الجغرافي الحضاري التاريخي والبشري في سورية يضعني أمام معادلة مستحيلة الحلّ، و كل الطرق تؤدي إلى العين، فلا تنسوا سرج رؤاكم بين البصر والبصيرة وفي التناقض بيان.
** "اللّص" يسرق من الأمكنة سِرًّها، بينما يضفي المصور على الأمكنة السرّ، والاثنان في الظلام يتدافعان.
الجدير بالذكر أن الفنان "حسين حدّاد" من مواليد عام 1981، يعمل كمخرج إعلاني "غرافيك" وله عدة مشاركات منها:
- حسّان الأخرس
دمشق
من بين الكثير من الصور التي نشاهدها كلّ يوم، هناك صورة واحدة قد نتوقف عندها أكثر من غيرها، ذلك أننا نشعر بأن هذه الصورة تمتلك القدرة الكامنة على التأثير، والسبب في ذلك يكمن في أن المصوّر الذي التقطها أعطاها بعداً أكبر مما نراه.
والحقيقة أن المصوّر والذي يفترض به شدة الملاحظة، يعمل على تحديد المشهد المطلوب، وعزل بقية العناصر، أو دمجها بغية خلق التكوين الذي يبحث عنه، هذا التكوين المأخوذ من الحياة التي نعيشها، ليقدّم لنا مادة منّا، والجميل في الأمر أننا أحياناً لا نفهمها على الرغم من بعدها الإنساني الكبير.
مدونة وطن eSyria التقت المصوّر الضوئي "حسين حداد" والذي أطلق مشروعاً فنياً أدبياً لتوثيق "دمشق"، أطلق عليه اسم "دمشق الجسد"، وكان لنا معه هذا الحوار:
المصور الضوئي "حسين حداد"
- هل مهمّة المصوّر الضوئي أن ينقل الصورة من المستوى البصري الحسّي إلى المستوى الفكري؟
** عندما نتحدث عن التصوير الفوتوغرافي فإننا نتحدث عن الرسم بالضوء، حوار بين الأجسام ومصادر الضوء المختلفة، تتمثل في ترجمة معانٍ وتساؤلات إنسانية، تُرى من خلال تمازج الضوء مع العتمة والذاكرة، وهنا تبرز أهميّة حسّ المراقبة والترقُّب لدى الفنّان؛ فالصورة ليست عبارة عن أشياء نراها وفقط، بل هي إظهار اللامرئي في الموجود، من مفردات تتفاعل مع التفكير البصري، وظلاله التي تعطي قيمة لرؤى متداخلة وخصوصية فراغ.
من موقع دمشق الجسد* ما علاقتك مع الصورة؟
تصوير "حسين حداد"
** الصورة هويتي ومزاجي، وتفاعلي مع الواقع، ولا أستطيع امتلاك نفسي دون استنباط رغباتها، أستطيع القول: إن اللوحة هي مقياس يحدّد مدى ارتفاعي عن الأرض.
- هل يقصد الفنّان عموماً خلق حالة "تعددية القراءة" لدى المتلقي؟
** إنّ قراءة الصور تعتمد على خلفية المتلقي، وذاكرته وجاذبيته، ومنها سيكتشف ما يمكن أن يتخيل من خلالها، فهي تخلق حالة تَدَاعِ لدى القارئ ليكتشف ذاته من خلال التكوين.
- ما دور "الحركة" في المشهد الذي تختاره للتصوير؟
** الحركة هي التي تشعرني بخصوصية المكان، لكون الصورة مخلوقاً حيّاً متوحداً بذاته، لا يوجد شيء ساكن في الطبيعة- على الأقل بالنسبة لي- فقد يكون الشكل ثابتاً أحياناً، لكن هنا تبرز مهمّة المصوّر في البحث عن الباطن.
- كيف تحدّد الفرق بين الرسّام وبين المصوّر الضوئي وكلاهما يعمل وفق مادة أولية واحدة هي الصورة والمشهد الحياتي؟
** من خلال تجربتي، أنا أبحث عن الضوء في الظلال نفسها؛ في الموجود واللاموجود، بين الغائب والحاضر نحدّد الفروق، يعتمد المصور الضوئي على الموجود "المرئي" الملموس، ليستحضر الخيال والمشاعر والأحاسيس، يمكن للرسّام رسم لوحة لتكوين ما شاهده في الماضي بكل تفاصيله، ومفرداته، باسترجاعه من الذاكرة، بينما لا يمكن التقاط صورة فوتوغرافية لذلك التكوين، مهما وجد في الذاكرة لكن يمكن ربط حالته الحسية بتكوين آخر والتقاطه.
- سألناك عن دور "الحركة"، ماذا بشأن "الزمن"؟
** الضوء هو من يغريني، الأشياء في العتمة تظل في خيالي، الزمن هو مجموعة تكوينات مختلفة، ولكل زمنٍ حكاية، صورة وجُمَل، تشكّل مفرداتها بنفسها، من هنا لا يمكن الحديث عن الزمن كحالة مجرّدة، فالحالة تفرض نفسها على العدسة وتعطيها زمنها، من هنا أيضاً يمكن أن ألخِّص مفهوم الزمن بأنه الضوء.
- هل من مدرسة "تصوير ضوئي" تعتقد أنك تقاربها، أو تتبناها؟
** لكلّ فنّان حالته وتجربته التي هي مدرسته الخاصة، وأنا أميل إلى الشخص الأكثر تفرداً بتجربته، قرب الفنّان وبعده وتفاعله مع الضوء، "الصدق مع العدسة" هو المدرسة الخاصة لكلّ فنّان، وعموماً وعلى الرغم من أهمية التصوير الضوئي كنوع من الفنون البصرية، لم يلق الاهتمام الكافي في التدريس الأكاديمي في سورية على الأقل، حتى في كلية الفنون الجميلة، وهو ما يحزُّ في النفس حقيقةً.
- أطلقت مشروع "دمشق الجسد" عبر موقع إلكتروني، ماذا أردت أن تقول من خلاله؟
** "دمشق الجسد" هو مشروع توثيقي، فنّي وأدبي، إذ كان لا بد من خيط أبيض يتسلل من الغرف المعتمة، حيث الرؤى تنتصر في الظلام و ينمو بالحلم حقيقة لمشهد حرّ، ما يهمّني في
"دمشق"- بعيداً عن الكلمات المفخّمة- هي زمانها، فكلّنا نحبّ "دمشق"، لذلك أوثّق الزمن والحالة التي نعيشها، والتي بطبيعتها تفرز توازناً جديداً، خاصةً أنَّ "دمشق" ليست بأهلها فقط، بل بكل زوَّارها الّذين يمرّون فيها كلّ يوم، فالكلّ مختلف عن الكلّ، والكلّ لديه رؤى مختلفة.
- هل يمكن القول إن المشروع يحمل صيغة نقدية؟
** أنا أعتبر نفسي حيادياً، والقصد من مشروعي توثيقي، وحتى ينجح مشروعي لا يمكن أبداً إلا أن أكون حيادياًً، والقارئ إن استقرأ النقد من اللوحة فسيكون هذا إسقاطاً لتجربته وذهنه بالدرجة الأولى، خارج المشروع أنا مع تبني حالة نقدية للتشوهات البصرية في هذه المدينة من خلال الصورة. وكنتيجة أنا لا أعتبر الصورة مكتملة المشهد دون حالة فكرية.
* كلمة أخيرة.
** "ألوان سورية" أو "دمشق الجسد" هو مشروع طموح يسعى نحو المتعة بالمشاركة وتنمية الواقع الفوتوغرافي وتطويره؛ إن التنوع الطبيعي الجغرافي الحضاري التاريخي والبشري في سورية يضعني أمام معادلة مستحيلة الحلّ، و كل الطرق تؤدي إلى العين، فلا تنسوا سرج رؤاكم بين البصر والبصيرة وفي التناقض بيان.
- حفزت عندي تساؤلا، ما الفارق بين "المصور الضوئي" و"اللّص"؟
** "اللّص" يسرق من الأمكنة سِرًّها، بينما يضفي المصور على الأمكنة السرّ، والاثنان في الظلام يتدافعان.
الجدير بالذكر أن الفنان "حسين حدّاد" من مواليد عام 1981، يعمل كمخرج إعلاني "غرافيك" وله عدة مشاركات منها:
- معرض جماعي في المركز الثقافي العربي "أبو رمانة" عام 2008.
- مشاركة في مهرجان حلب الدولي للتصوير الضوئي 2009.
- معرض ثنائي مع الدكتور "أحمد حسن" في قلعة دمشق ضمن حملة "لنغسل التعب عن بردى".