سترسل ناسا ووكالات الفضاء الأخرى قريبًا وللمرة الأولى منذ خمسين عامًا روادَ فضاءٍ إلى ما وراء المدار الأرضي المنخفض. وعلى عكس زمن رحلة أبولو، ستتألف هذه المهمات من رواد فضاء سيقضون أوقات طويلة على القمر وسيسافرون إلى المريخ ذهابًا وإيابًا بالإضافة إلى العمليات ما بينهما.
هناك أيضًا مشروع تسويق LEO ومحطة Cis-Lunar ما يمكّن ملايين الناس من العيش في الفضاء الخارجي في المستوطنات خارج الأرض، وبدوره يمثل العديد من التحديات ومنها أن المرضى والمصابين القاطنين هناك لن يحصلوا على علاج من أطباء مختصين لإنقاذ حياتهم.
ولحلٍّ هذه المشكلة، طوّر البروفيسور شين فاريتور وزملاؤه في جامعة نبراسكا روبوتًا مساعدًا مصغرًا في جسم حيّ سُمّي «MIRA».
سيطلق مساعد الروبوت المصغر المخصص للجراحة «RAS» عام 2024 إلى محطة الفضاء الدولية «ISS» لمهمة اختبار لتطوير قدرته على إنجاز الإجراءات الطبية في الفضاء.
درس فاريتور علم تصميم الروبوت وهو بروفيسور قسم الهندسة في جامعة نبراسكا، وعمل مع مركز كيندي للفضاء التابع لوكالة ناسا ومركز غودارد لرحلات الفضاء وفي الدفع النفاث التابع لناسا لدعم برنامج استكشاف المريخ MER.
ويتضمن ذلك مساعدة وتجميع معلومات من مركبتي كيوريوسيتي وبرسيرفرنس روفر، لتحديد مخطط حركتهم، وابتكار آلية تُستخدم فيها الشمس لتحديد اتجاه سير المركبة.
أنشأ فاريتور وديمتري أولينيكوف -بروفيسور الجراحة السابق في المركز الطبي في جامعة نبراسكا- شركة Virtual Incision الجديدة.
فاز فاريتور بجائزة الابتكار والتسويق للملكية الفكرية في كليته في أبريل سنة 2022، وعمل هو وأولينيكوف وزملاؤهم منذ قرابة العشرين عامًا على تطوير الروبوت MIRA الذي كلّف ما يقارب 100 مليون دولار أمريكي من رأس المال الاستثماري.
منحت ناسا حديثًا جائزة قدرها 100,000 دولارًا لصالح شركة Virtual Incision من خلال برنامج وزارة الطاقة الأمريكية DoE لتحفيز التنافس البحثي EPSCoR وذلك لمساعدة المهندسين وعلماء الروبوت في NIC في تجهيزه للاختبار.
مقارنةً مع روبوت الجراحة التقليدي، فإن الروبوت MIRA تقدم ميزتين إضافيتين:
أُولاهما، تُمكّن الطبيب من إجراء الجراحة دون التوغل كثيرًا في الجسم، إذ تدخل الأدوات الطبية ضمن شقوق صغيرة كما في جراحة البطن واستئصال القولون.
وثانيهما، تدعم هذه التكنولوجيا خاصية التطبيب عن بعد، فتُمكّن الجراحين من إتمام العمليات عن بعد وتزويد الخدمات الطبية إلى مواقع بعيدة عن المنشآت الطبية.
تُطبّق التقنية هذه على الأرض حيث تقدم المساعدة عن بعد في الأماكن التي لا تتوفر فيها الخدمات الطبية.
وقد أضافت تقنية MIRA خاصية إجراء عمليات جراحية بشكل مستقل، يعني ذلك إمكانية تلقي رواد الفضاء الخدمات الطبية وهم على سطح القمر أو المريخ دون الحاجة لطبيب.
صرح جون مورفي المدير التنفيذي لشركة Virtual Incision في بيان صحفي حديث له: «صُممت منصتنا الروبوت MIRA لتوصيل الطاقة للروبوت في أي غرفة عمليات على سطح الكوكب».
وأضاف: «العمل مع وكالة ناسا في محطة الفضاء الخارجي سيختبر استطاعة MIRA على توفر العمليات الجراحية حتى في أماكن بعيدة للغاية».
سيعمل فاريتور مع المهندسة راشيل واغنار لتحضير MIRA لإجراء العمليات على متن محطة الفضاء الدولية، وتعمل راشيل مع فايتور في Virtual Incision منذ عام 2018 عندما كانت طالبة جامعية بعد نيلها البكالوريوس في الهندسة الميكانيكية.
أجرى الروبوت MIRA أول عملية جراحية ناجحة عن بعد في أغسطس 2021، جزءًا من دراسة سريرية.
نفذ الطبيب مايكل جوبست الإجراءات في مركز بريان الطبي في لينكولن نبراسكا، وهي استئصال للنصف الأيمن من القولون، فاستُئصل نصف القولون وذلك بواسطة شق واحد فقط.
قال الطبيب جوبست: «إنّ الروبوت MIRA منصة اختراق للجراحة العامة ويسعدني استخدامها بصفتي أول جراح في العالم».
وأضاف: «جرت العملية بشكلٍ جيد ويتعافى المريض، وأنا مبتهج لوضع بصمتي والحصول على مساعدة الروبوت في العمليات الجراحية التي لها أثر فعال على المرضى».
في تجربة أخرى، شغّل رائد الفضاء المتقاعد كلايتون اندرسون نظام الروبوت MIRA من مركز جونسون سبيس موجهًا النظام لأداء مهام مشابهة للعمليات الجراحية في المركز الطبي في جامعة نبراسكا وذلك عن بعد 1450 كيلومترًا.
سيجري الروبوت MIRA العمل الجراحي دون مساعدة مراقب حتى خلال التجربة في وكالة الفضاء الخارجية، وسيقوم الروبوت بقص الأربطة المطاطية المشدودة «محاكاة الجلد» ودفع الحلقات المعدنية على السلك «محاكاة العمليات الحساسة».
قالت واغنر في آخر إصدارات نبراسكا: «إن هذه المحاكاة شديدة الأهمية بسبب المعلومات التي سنحصل عليها ضمن الاختبار».
وسيكون هذا الاختبار أكثر اختبار مستقل لعمل الروبوت الجراحي على الإطلاق ويهدف إلى الحفاظ على عرض النطاق الترددي لاتصال المحطة وتقليل دور رواد الفضاء في التجربة.
هدف المهمة ليس إظهار استقلالية الروبوت التي ما تزال محدودة إنما ضبط عمليات الروبوت عند انعدام الجاذبية، وتساعد هذه الاختبارات في التأكد من صحة التقنية للبعثات المستقبلية طويلة الأمد داخل وخارج LEO.
يقول فايتور: «لناسا خطط وطموحات للسفر طويل الأمد إلى الفضاء، ومن المهم اختبار قدرة التقنية التي ربما تكون مفيدة للمهمات الفضائية الطويلة».
كلما ابتعدنا أكثر عن الأرض احتجنا اكتفاءً ذاتيًا أكبر على القمر والمريخ وغيرهما لأن مهمات إعادة التزويد باتت غير عملية كما أن سفر المرضى والأطباء إلى تلك المناطق في الفضاء غير عملي أيضًا.
يعني ذلك أن رواد الفضاء سيحتاجون إلى الرعاية الطبية وزراعة طعامهم واستخدام الموارد المحلية لتلبية متطلباتهم واعتمادهم على نظام الدعم الحيوي وتوليد الكهرباء محليًا.
المصدر:.ibelieveinsci