حسام مطر عشق الخط العربي فأبدع

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حسام مطر عشق الخط العربي فأبدع

    "حسام مطر"..عاشق الخط العربي
    • جاسم العيادة/ تصوير حازم المحمد


    الرقّة
    «رحلتي مع الخط العربي بدأت وأنا في سن الخامسة، عندما كنت أراقب خالي ـ رحمه الله ـ وهو يخط الحروف العربية الأنيقة، التي شغفت بها حبَّاً, ولطالما حاولت العبث بأدواته مقلداً إياه، واليوم وعلى الرغم من مرور أكثر من ربع قرن على ذلك الزمان، قضيته يوماً بيومٍ وأنا أتعلم هذا الفن النبيل، إلا أنني كلما اكتشفت سراً من أسراره، أجدني مذهولاً أكثر من ذي قبل بعظمته وسحره».

    بهذه الكلمات المعبرة، يستهل الخطاط الرقي "حسام مطر" حديثه لموقع eRaqqa وهو الذي مثل سورية في العديد من المسابقات الدولية لفن الخط العربي. وبسؤاله عن بداياته مع فن الخط، تحدث قائلاً: «في الصف الثالث الابتدائي، أهداني أحد أصدقاء أخي الكبير كرَّاس الأستاذ الخطاط المرحوم "هاشم البغدادي", وقلماً من الحبر ذو ستة رؤوس وقلماً من القصب ودواة من الحبر الصيني, وكانت من أثمن الهدايا التي تلقيتها في حياتي، كما لقيت في تلك الفترة، اهتماماً كبيراً من إدارة المدرسة ومعلمة الصف, حيث كنت أخطُّ وظائفي ودروسي, كما كانت تبدو في الكتاب، بقلم الرصاص الذي كنت أبريه بشفرة المبراة.
    في الحقيقة لدي العديد من الهوايات التي تأخذ حيزاً من اهتمامي، فكما ذكرت لكم، بدأت موهبة الرسم مع الخط والتصميم الغرافيكي، وفن "الإيبرو" (الرسم على الماء) وتعني كلمة "إيبرو" الورق المرمري, بالإضافة إلى اهتمامي بالموسيقى وهندسة الصوت, وفي النهاية كل هذه الهوايات تصب في مصب واحد، وهو الفن، ولكن أنانية الخط تحرمني دائماً من ممارسة بقية الفنون فسرعان ما يتملكني الملل وأعود للكتابة، فأجمل ما في فن الخط أنك في كل يوم تكتشف شيئاً جديداً, فالحرف العربي طيِّع لين تستطيع من خلاله تجسيد وخلق حالات إبداعية لامتناهية

    ثم بدأت أحاول وأتمرن على كرَّاس قواعد الخط العربي للمرحوم "هاشم البغدادي", حتى شغفني هذا الفن حبَّاً، وبالتدريج نسيت الرسم وابتعدت عنه شيئاً فشيئاً.


    من أعمال الخطاط حسام مطر

    ثم لازمت الخطاط "طلال الحسيني" مدة طويلة بقصد التعلم, إلا أن مشاغله كانت كثيرة، فلم يتسنَّ لي أخذ الدروس بالشكل التقليدي، والذي يتمثل بكتابة الحروف بشكل منفصل ثم متصل ثم كتابة المركَّبات, ولكن نشأت بيننا صداقة وعلاقة متينة ماتزال قائمة إلى الآن.

    وكان شغلي الشاغل هو إتقان هذا الفن، وكلما تمرنت أكثر، وجدت أنني ما أزال في بداية الطريق, كتبت وكتبت، ولم يجد الكلل أو الملل طريقاً إلى نفسي، فها قد مضى أكثر من ربع قرن، ولم أشبع رغبتي من هذا الفن الساحر.


    مع الأستاذ عبيدة البنكي عن يمين الصورة يليه الأستاذ داود بكتاش أيام منح الإجازة في استانبول

    وفي عام/1996/م، سافرت إلى "دمشق" وهناك التقيت المرحوم الأستاذ الخطاط "محمد قنوع"، وكان آنذاك يشغل منصب رئيس جمعية الخطاطين، والذي بدوره ـ رحمه الله ـ كان قد عرفني بالأستاذ "عمر القاضي"، الذي درس الخط عند الأستاذ المرحوم "هاشم البغدادي" مدة لا تقل عن سبع سنوات, وبدأت أخذ الدروس عنده، ولم تستمر التلمذة لمدة طويلة لأنني رجعت إلى "الرقة"، وبدأت التعلم بشكل شخصي، حيث ابتدعت طريقة جديدة لتعلم الخط، قوامها أن أكون التلميذ والأستاذ في آن واحد, حيث أنني أكتب التمرين ثم أعيده بعد أيام، وأصحح ما كتبت، فوجدت الفائدة والمتعة بهذه الطريقة، وكان لدي حباً وشغفاً بالسفر إلى "إستانبول" لأنهل من علوم أساتذتها وخطاطيها، ولكن ظروف الحياة لم تسمح لي بذلك، لأنني كنت أعمل بمجال الخط والإعلان، حيث أنني درست هندسة التصميم الغرافيكي التي ترافقت مع موهبة الخط والرسم, وأصبحت عملي الذي أقتات منه.

    وفي عام/2003/م، كانت أول مسابقة أشترك بها وهي مسابقة "عبد الحميد الكاتب" الذي أسسناها في محافظة "الرقة" أنا ومجموعة من الخطاطين، وذلك تحت رعاية مديرية الثقافة بـ"الرقة"، وقد اشتركت بخط الثلث، وأحرزت الجائزة الأولى، ثم اشتركت في العام التالي وأحرزت الجائزة الثانية، ثم في العام التالي وأحرزت الجائزة الأولى، وفي هذه الأثناء أعلن عن مسابقة فن الخط التي يقيمها مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية بـ"استانبول" والمعروف باسم (آرسيكا) وهو تابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي, وبدأت أحضر للمسابقة فتركت العمل بمجال الإعلان والتصميم، وعدت من جديد إلى فن الخط لا يشغلني عنه أي شيء آخر, وقد وفقني الله في المسابقة وأحرزت جائزة في خط "الثلث الجلي".


    مع المحرر جاسم العيادة أثناء إجراء الحوار

    وقد التقيت عقب نتائج مسابقة "عبد الحميدالكاتب" بأستاذي "عبيدة البنكي" خطاط مصحف قطر الأميري عام/2005/م، والذي درس الخط في "إستانبول" عند فضيلة الشيخ "حسن جلبي" ونال منه الإجازة بفن الخط, وبدأت بالدروس بالشكل الصحيح واستمريت بدروسي أكثر من سنتين، وقد مَنَّ الله علي بإتمام رحلة التعلم ونيل الإجازة من أستاذي "عبيدة البنكي" بخطي الثلث والنسخ، وقد صادق عليها الأستاذ "داود بكتاش" وهو أيضاً من تلاميذ الشيخ "حسن جلبي" وذلك ضمن حفل خاص أقامه مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية بـ"استانبول", وكان الفضل الكبير لأستاذي "عبيدة النبكي" بتعلمي وإتقاني لفن الخط والسفر إلى "استانبول" ونيل العلوم منها ومن آثار خطاطيها العظام, وأستطيع القول أنني قد تعلمت أسرار الخط وأدواته من أستاذي "البنكي" الذي يعتبر أحد أعلام الخط العربي في العالم، وكانت إجازتي هي الحالة الأولى من نوعها، وذلك بأن يجيز خطاطٌ عربيٌّ منسوبٌ خطاطاً عربياً في "استانبول"، وبرعاية الخطاطين الأتراك ومصادقتهم».

    وعن رأيه بتجربة الخطاطين الرقيين، ودخولهم حيز المنافسة الدولية في السنوات الأخيرة، يقول "المطر": «لقد أصبحت محافظة "الرقة" منارة لفن الخط العربي، فلها الباع الطويل في هذا المجال، بفضل خطاطيها الذين تميزوا بعلمهم ومقدرتهم, وهذا ما تشهد به الجوائز العديدة التي أحرزوها في العديد من المسابقات الدولية، وهم الذين أنشؤوا مسابقة نافست المسابقات الدولية لفن الخط على مستوى العالم, رغم إمكانياتها المتواضعة من ناحية الجوائز.

    فالجوائز في "استانبول" و"دبي" و"طهران" لا تقل عن سبعة آلاف دولار, بينما في مسابقة "عبد الحميد الكاتب" الرقيَّة، فهي لا تتجاوز خمسمائة دولار، ورغم هذا فقد وصلتنا أعمال من كبار الخطاطين في العالم، وأصبحت محافظة "الرقة" تمتلك ما لا يقل عن ألف قطعة أصلية، تعتبر ثروة في فن الخط.

    وإنني أتطلع إلى غدٍ مشرقٍ لفن الخط، وإذا لاقى اهتماماً أكبر ستكون "الرقة" عاصمة لفن الخط كما كانت "استانبول" في عهد الدولة العثمانية, علماً أن هناك دول عربية كثيرة تولي اهتماماً كبيراً بفن الخط، لعلَّ دولة الإمارات العربية المتحدة أهمها، وذلك من خلال معارضها ومسابقاتها التي أعطت دافعاً كبيراً للخطاطين للتعلم ودخول المنافسات الدولية.

    وهناك أمر مهم أود الإشارة إليه، وهو أن التقنية أفسدت وكان لها أثر سلبي على فن الخط، فقد لجأ الكثيرون إلى استخدام الحاسب بشكل غير شرعي، وذلك من خلال سرقة حروف الخطاطين الأوائل ونسبها لأنفسهم، فاختلطت الأمور على بعض الحكام في عدة مسابقات، وظهرت أسماء في هذا المجال لا وجود لها على الخارطة، وبتوقيت زمني لا يمكن فيه لأي متعلم أن يتقن الخطوط البسيطة, فما بالك بالخطوط الأخرى التي تحتاج لسنوات طويلة من المِران والمثابرة، وهذه مشكلة نعاني منها كثيراً، ونحاول دائماً مناقشتها مع الحكام من أجل تلافيها, فلو استمر الوضع على هذا الحال، فسوف نعيش في زمن الإستنساخ وعلى الخط السلام».

    ويحدثنا "المطر" عن الهوايات الأخرى التي يمارسها، حيث يقول: «في الحقيقة لدي العديد من الهوايات التي تأخذ حيزاً من اهتمامي، فكما ذكرت لكم، بدأت موهبة الرسم مع الخط والتصميم الغرافيكي، وفن "الإيبرو" (الرسم على الماء) وتعني كلمة "إيبرو" الورق المرمري, بالإضافة إلى اهتمامي بالموسيقى وهندسة الصوت, وفي النهاية كل هذه الهوايات تصب في مصب واحد، وهو الفن، ولكن أنانية الخط تحرمني دائماً من ممارسة بقية الفنون فسرعان ما يتملكني الملل وأعود للكتابة، فأجمل ما في فن الخط أنك في كل يوم تكتشف شيئاً جديداً, فالحرف العربي طيِّع لين تستطيع من خلاله تجسيد وخلق حالات إبداعية لامتناهية».

    ومن الجدير ذكره أن الخطاط "حسام علي المطر" من مواليد "الرقة" عام/1977/م, وله العديد من المعارض الجماعية، وأهمها: معرض وزارة الثقافة، وذلك منذ عام/1997/م، إلى عام/2009/م, ومعرض "إبراهيم الرفاعي" عام/2005/م، في "حلب", كما شارك في ملتقى الخطاطين الأول عام/2004/م، الذي أقيم في "دمشق", وملتقى الخطاطين الثاني عام/2005/م، في "طرابلس", وملتقى الخط العربي، بمناسبة اختيار "دمشق" عاصمة للثقافة العربية عام/2008/م.
يعمل...
X